عاشوراء الحسين في فكر الإمام الـخميني (قدس سره)
لقد قرأ الإمام الخميني (قدس سره) ثورة عاشوراء بعين حسينية وهي قراءة تختلف نتائجها ومعطياتها عن بعض القراءات الثورية، ذلك لأنّ الإمام الخميني (قدس سره) قد استخدم قراءته هذه في برمجة تحركاته الثورية وبما يناسب متطلبات الأمة لمواجهة كل المستجدات، حيث أدرك أن انطلاقته لا تتم إلا في إطار حسيني ودون ذلك لم تستطع الأمة من إعادة ذاتها وبرمجة إصلاحاتها. ولقد فهم الإمام الخميني (قدس سره) أنه من خلال معطيات ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) تتبلور جميع الرؤى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولكل العصور، ومن خلالها تنفتح آفاق الجهاد والكفاح لمواجهة أشرس هجمات الأعداء، فكان يقرأها قراءة تطبيقية، وكان يعي أن الأمة متى ما ذابت في ثورة الحسين (عليه السلام)، كانت حسينية، في فكرها، في تحركها، وفي نظراتها المستقبلية. ثم انتهج نهجاً آخر في تسليط الأضواء على ثورة عاشوراء ليترشّح من خلالها على الأمة عطاءات فكر الحسين (عليه السلام). لقد كانت مفاهيم عاشوراء تفتح على الإمام الخميني (قدس سره) بصيرة إسلامية خالصة، ليعرف الإسلام بصيغته المحمدية الأصيلة وأيضاً لقد أدرك الإمام الخميني (قدس سره) الباطن السياسي العميق للظاهر الديني الذي دفع الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء، كما أدرك أن عظم التضحيات يدفع الأمور إلى الذروة وأن الهدف المنشود لا يقاس بحجم الدماء أو الشهداء، ما دامت النهضة وجوباً في سبيل الإسلام وشهادة في فضح السلطة السياسية والدينية التي أو شكت القضاء على الدين بسبب الفساد الشخصي والاجتماعي الذي مارسه هؤلاء. ولا يمكن أن نفهم هذا الـتأكيد على عاشوراء واستلهام دروسها من جانب الإمام الخميني (قدس سره) إلا من خلال إدراكه لهذا الترابط العميق بين ظاهرها الديني وباطنها السياسي، بين النهضة في سبيل الإسلام، والنهضة في سبيل فضح السلطة وكشف زيفها، وهو لهذا يقول: (سيد الشهداء هو سر بقاء الإسلام)، ويقول أيضاً: (ولولا نهضة سيد الشهداء (عليه السلام) لما استطعنا تحقيق النصر في ثورتنا هذه)، ويشدد الإمام الخميني (قدس سره) في معظم المناسبات التي التقى فيها العلماء والمبلّغين والمفكرين والأساتذة من داخل إيران وخارجها على أهمية عاشوراء والمجالس الحسينية ودورها في تحقيق الثورة ضدّ الشاه وفي ثبات الشباب الإيراني أثناء الحرب واندفاعه للتضحية والدفاع عن الإسلام. ومن منطلق الفكر السياسي للإمام الخميني (قدس سره) بالنسبة إلى نهضة عاشوراء وأخذ الإمام يحث العلماء والمبلغين أن يقوموا بدورهم الرّسالي في موسم محرم وصفر وكان يقول: (محرم وصفر هما اللذان حفظا الإسلام)، وينبغي لنا إحياء محرّم وصفر بذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام) فبذكر مصائبهم بقي هذا الدين حياً حتى الآن، وكان يقول: (كل ما عندنا هو من محرم وصفر). وفي إحدى جلساته ومحاضراته خاطب المبلغين والخطباء بقوله: (إن على المبلغين الأعزاء والعلماء الخطباء أن يبيّنوا للناس – خلال الاجتماعات والمجالس التي تعقد في شهري محرم وصفر – القضايا المعاصرة، أن يبيّنوا لهم القضايا السياسية والاجتماعية ويبيّنوا لهم تكليفهم في مثل هذا الوقت الذي نعاني فيه من كل هؤلاء الأعداء، وعليهم أن يفهّموا الناس أننا ما زلنا في منتصف الطريق وأن علينا الاستمرار في المسيرة حتى النهاية إن شاء الله).
تعليقات الزوار