ياصريع العبرات

سيد الشهداء (عليه السلام) من منظار حفيده الإمام الخميني (قدس سره)

مجالس عزاء سيد الشهداء (عليه السلام)، أساس حفظ مدرسة سيد الشهداء, وأولئك الذين يمنعون الناس عن إقامة مجالس العزاء لا يعرفون شيئا عن هذه المدرسة ولا يدركون أن هذه المجالس هي التي حفظت مدرسة سيد الشهداء (عليه السلام) الى يومنا هذا, ولا ريب أن هذه المجالس والمآتم والتعزية والمصائب حفظت الإسلام طوال ألف وأربعمائة سنة. (صحيفة نور ج 8 ص 70). إن مجالس العزاء إعلام ضد الظلم وضد الظالمين وبيان المظالم وتوضيحها لابد أن تبقى الى الأبد … وعندما يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) "أنا من حسين" يعني أن الحسين هو الذي سوف يحافظ على الإسلام والدين ولا شك أن هذه التضحيات التي قدمها الإمام الحسين (عليه السلام) وأصحابه هي التي أبقت على الإسلام الى يومنا هذا وبقى علينا محافظة الإسلام كما ينبغي. (صحيفة نور ج 8 ص 75). لا تعترضوا على البكاء, فالبكاء أمر سياسي عاطفي اجتماعي, إن لم يكن بكاء فلا بأس بالتباكي, فما معنى التباكي إذن؟ هل يحتاج الحسين عليه السلام لكي نبكي عليه ؟! فلماذا أصرّ الأئمة عليهم السلام على إقامة المجالس وعلى البكاء بالذات. إن هذا البكاء والإجتماعات تحفظ  كيان المذهب .. وان رمز انتصارنا على الأعداء، يكمن في مجالس العزاء و في البكاء و في اللطميات والرثاء, فلا بدّ من إقامة المجالس والمآتم على مستوى البلاد وفي جميع الأنحاء. أقيموا المجالس وابكوا جميعاً على الحسين.. وعلى جميع المسلمين في كافة الدول الإسلامية أن يقيموا مجالس العزاء وبالأحرى يومي التاسوعاء والعاشوراء. (صحيفة نور ج10 ص 217). إجتماع الناس تحت هذه الراية الإلهية (راية الإمام الحسين) يوجب الوحدة والتكاتف, لاحظوا أن القوى الكبرى إذا أرادت أن تجمع الناس لموضوع ما وفي مكان معين, فإنها تدعوهم طوال مدة ـ ولربما كان شهراً أو أكثر ـ عبر جميع وسائل الإعلام, لكي يحضر مثلا خمسون أو مائة ألف شخص (على أكثر تقدير) ويستمعوا الى خطاب هام, ولكنكم لو تلاحظوا مجالس سيد الشهداء (عليه السلام) تروا أن الناس يجتمعون عفويا وبدون سابق إنذار أو إعلام بل وبكل شوق ولهفة فيها ليستمعوا الى الخطباء ولا تحتاج هذه الاجتماعات إلى كثير من الدعوة والإعلام, يكفي أن يعلم المؤمنون بوجود مجلس حسيني ليحضروه ويستمعوا حديثا للحسين (عليه السلام). أحد الأئمة المعصومين (عليهم السلام) (وكما أتذكر الإمام الباقر (سلام الله عليه) ) كان يدعو خطيبا ليقرأ عزاء الحسين ويرثيه في منى, هل كان الإمام الباقر (عليه السلام) يحتاج الى مثل هذا الأمر وهل يفيده شخصيا في شيء ؟ طبعا لا, ولكن لهذا الرثاء وهذا المجلس أهمية سياسية فهناك في منى وعندما يجتمع آلاف الناس من شتى بقاع الأرض, إذا يأتي أحدهم ويرتقي المنبر ويعلن مظالم أهل البيت وسبب استشهاد سيد الشهداء (عليه السلام) وجرائم مخالفيه وأعدائه؛ إن ذكر هذه المظالم تخلق حركة ونهضة عالمية, على مستوى العالم, فلا تحتقروا هذه المجالس. (صحيفة نور ج 16 ص 208). لا تنحصر فوائد مجالس العزاء في البكاء على سيد الشهداء (عليه السلام), واكتساب الأجر والثواب جراء ذلك، بل المهم، الجانب السياسي من المآتم، حيث خطط له أئمتنا (عليهم السلام) منذ صدر الإسلام وإلى الأبد، ولا يمكن لأي شيء أن يؤثر في هذا المجال تأثيرا واقعيا مثل عزاء سيد الشهداء… ولا شك أن مجالس العزاء هي التي حافظت على كيان الثورة الإسلامية بالرغم من المخططات الاستعمارية التي تخطط لها القوى الكبرى وتهاجمها من كل صوب. (صحيفة نور ج 21 ص 208).

إن المغزى من أوامر أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في إحياء هذه الشعائر التاريخية الإسلامية وكل اللعن على أعداء وظالمي أهل البيت تتمثل في صراخ الشعوب ضد الحكام الظالمين على مر التاريخ والى الأبد وتعلمون أن اللعن على مظالم بني أمية (لعنهم الله) والتبري منهم بالرغم من انقراضهم ودخولهم النار، هذا اللعن والتبري صراخ مستمر على جميع المستبدين والظالمين في العالم ولابد من إحياء هذا الصراخ المحطم للظلم والمبيد للاستبداد ولابد في المراثي وفي مديح أئمة الحق عليهم السلام من ذكر تلك المظالم وظلم كل الظالمين في كل عصر ومصر ولابد من الاستمرار في تذكر هذه المظالم لكي تعتبر الأمم وتحيا الشعوب المستضعفة … وعلينا جميعا أن نعلم بأن ما توجب الوحدة بين المسلمين, هي هذه المجالس والمآثر السياسية التي تصون الأمة الإسلامية وتحفظ أتباع أهل البيت عليهم السلام). (صحيفة نور ج 10 ص 31). في العهود المتقدمة كانت تقام مجالس العزاء بأمر الإمام الصادق (عليه السلام) وبوصية أئمة الهدى (سلام الله عليهم), وعلينا اليوم أن نجدّ في إقامة مثل هذه المآتم.(صحيفة نور ج 10 ص 31). الآن وفي شهر محرم الحرام حيث يتسلح جنود الإسلام وعلماء الدين والخطباء والوعاظ وشيعة سيد الشهداء (عليه السلام), يتسلحون بالسلاح الإلهي، لا بد أن يستفيدوا من هذه المناسبة أكثر الاستفادة وعليهم أن يتوكلوا على القدرة الإلهية ليقطعوا البقية الباقية من شجرة الظلم والخيانة، ذلك لأن شهر محرم شهر تحطيم القوات اليزيدية وتهديم الخدع الشيطانية, وإن مجالس إحياء سيد المظلومين وإمام الأحرار، إنما هي مجالس غلبة جنود العقل على الجهل وجنود العدل على الظلم والأمانة على الخيانة والحكومة الإسلامية على حكومة الطاغوت, فإلى الأمام انشروا الفكر الحسيني, وارفعوا أعلام عاشورا الدموية لتكون دليلا على حلول يوم انتقام المظلوم من الظالم.(صحيفة نور ج 3 ص 266). هذا البكاء وهذه المآثر والمآتم هي التي حافظت على مدرسة الحسين ونهضته, ولو لا سيد الشهداء لما كان لهذه النهضة أثراً, واليوم سيد الشهداء حاضر في كل مكان " كل أرض كربلاء " وأينما تولوا فانه محضر سيد الشهداء, جميع المجالس والمنابر وحتى محراب العبادة بقاؤها بوجود سيد الشهداء (عليه السلام). ولو لا سيد الشهداء لأنسى يزيد وأبوه وأجداده الاسلام وهدموه وأفنوه من الوجود, لقد كان معاوية ويزيد يريدان إزالة الحكم الاسلامي واستبداله بنظام طاغوتي, بل وإحياء الفكر الجاهلي من جديد ولو لا وجود سيد الشهداء لكان إسلامنا اليوم إسلاما طاغوتيا وليس إسلاما حسينيا, ولقد أنقذ الإمام الحسين الإسلام، فعلينا أن لا نسكت أمام هذه العظمة وهذا الشموخ, علينا أن نخطب ونعتلي المنابر كل يوم ليحفظ هذه المدرسة وهذه النهضة التي رهن لوجود الحسين حركة وبقاءً. (صحيفة نور ج 8 ص 70).