نظرة الإمام الخميني(قدس سره) لنهضة عاشوراء

«السلام على الحسين بن علي الذي نهض مع قلة الناصر ليقوّض أسس الخلافة الظالمة الغاصبة دون أن تحمله قلة العدد والعدّة على مداهنة الظالم، وجعل من كربلاء مذبحاً له ولأولاده وأصحابه القليلين، وأوصل صرخته الخالدة (هيهات منّا الذلّة) لمسامع طلاب الحق في العالم كلّه». الإمام الخميني(ره)

ما نقدمه للقارئ الكريم عبارة عن كلمات قالها رجل عظيم المنزلة كان المثل الأعلى في التأسّي بسيّد الشهداء(ع)، رجل حمل مشعل الشهادة في ليل مظلم حالك، ناشراً ألوية الثورة ومزيلاً وصمة عار الخنوع والذلة عن الجبين الناصع لروّاد التشيع الحسيني الدامي، ومعلّماً مستضعفي الأرض ومحروميها من جديد شعار «انتصار الدم على السيف» في عصر سادته قوى حكمت الشعوب بالحديد والنار. فليحي ذكره خالداً في الضمائر إلى الأبد. فهو الذي يشهد بحقيقة «إنّ كل ما لدينا من محرم وعاشوراء».

نأمل أن يصون عشاق المنهج الحسيني وسالكو طريق الخميني، فخر السبق والتصدي لطليعة النهضة والاقتداء بسيد الأحرار، وأن يرابطوا ويقاوموا دفاعاً عن الثورة الإسلامية بالحفاظ على حضورهم المبارك في قلعة الولاية الحصينة. 

أهمية مجالس العزاء:

إنّ من جملة النقاط التي يؤكد عليها الإمام(ره) كثيراً هو قضية مجالس العزاء وإقامتها بأسلوب مناسب:

ـ «ما ورد في الروايات مِن أن مَنْ بكى أو تباكى أو تظاهر بالحزن فإنّ أجره الجنة، إنما يفسر بكون هذا الشخص يساهم في صيانة نهضة الإمام الحسين(ع)».

ـ «لقد حفظت هذه المآتم شعبنا وصانته».

ـ «لقد ظهرت الآن فئة تقول: لنترك المجالس وقراءة المراثي، إنّهم يجهلون أبعاد ومرامي المجالس الحسينية».

ـ « (كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء) منهج يعني أنّ علينا أن نستمر في الثورة والقيام والنهوض امتداداً لتلك النهضة في كل مكان وفي كل يوم».

ـ «هذه المواكب التي تجوب الشوارع للعزاء إنّما تواجه الظلم وتتحدّى الظالمين، وهو ما ينبغي المحافظة عليه، إنّها شعائرنا الدينية التي ينبغي أن تصان، وهي شعائر سياسية يلزم التمسك بها». 

علل وأسباب نهضة عاشوراء:

التصدي لانحراف الدين

ـ «في صدر الإسلام وبعد رحلة النبي الخاتم(ص) ـ مرسي أسس العدالة والحرية ـ أوشك الإسلام أن ينمحي ويتلاشى بسبب انحرافات بني أمية وكاد يُسحق تحت أقدام الظالمين ويبتلعه الجبابرة، فهبّ سيد الشهداء(ع) لتفجير نهضة عاشوراء العظيمة».

ـ «عندما رأى سيد الشهداء(ع) أنّ هؤلاء يلوّثون بأعمالهم سمعة الإسلام ويشوّهون صورته باسم خلافة الرسول... رأى من واجبه أن ينهض ويثور حتى لو أدى الأمر إلى مقتله، المهم هو إزالة ما تركه معاوية وابنه من آثار على الإسلام».

محاربة العودة إلى حياة الأشراف

«لقد كاد الدين الإسلامي يندثر ويتلاشى نتيجة انحرافات حثالات الجاهلية وخططهم الهادفة لإحياء الشعور الوطني والقومي برفعهم شعار (لا خبر جاء ولا وحي نزل)، فقد عملوا على تحويل حكومة العدل الإسلامي إلى حكم ملكي إمبراطوري وعزل الإسلام والوحي وانزوائهما، حتى نهض فجأة رجل عظيم تغذّى من عصارة الوحي الإلهي وتربّى في أحضان سيد الرسل محمد المصطفى(ص) وسيد الأولياء علي المرتضى(ع) وترعرع في أحضان الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء ى، فانتفض ثائراً ليصنع ـ ومن خلال تضحيته الفذّة ونهضته الإلهية ـ أكبر ملحمة جهادية في التاريخ».

المنع من هدم الدين

ـ «لقد هدف بنو أمية للقضاء على الإسلام».

ـ «لقد رأى سيد الشهداء(ع) أنّ معاوية وابنه ـ لعنة الله عليهما ـ يعملان على هدم الدين وتقويض أركانه، وتشويه الإسلام وطمس معالمه... لقد كانا خطيبين يتحركان ضد رسول الله(ص) باسم خلافة رسول الله(ص). يرفعان عقيرتهما بنداء (لا إله إلاّ الله) لكنهما يقفان بوجه الإلوهية، لقد كانت ممارساتهما وأعمالهما شيطانية في حين أنهما كانا يدّعيان أنهما خلفاء رسول الله(ص)».

أهداف نهضة عاشوراء:

1 ـ إصلاح المجتمع:

ـ «لقد بعث الأنبياء لإصلاح المجتمع.. وعلى هذا الأساس نهض سيد الشهداء(ع) وضحّى بنفسه وأصحابه وأنصاره، فالفرد يُفدى في سبيل المجتمع، فإذا اقتضت مصلحة المجتمع وتوقف إصلاح المجتمع على تضحيته وجبت التضحية، إنّ العدالة ينبغي أن تحقّق بين الناس (ليقوم الناس بالقسط)».

2 ـ إقامة حكومة العدل:

ـ «إنّ حياة سيد الشهداء(ع) وحياة الإمام المهدي صاحب الزمان(ع) وجميع الأنبياء من آدم(ع) حتى الرسول الخاتم(ص) كانت تدور حول محور إرساء وإقامة حكومة العدل في مقابل الظلم».

3 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

ـ «.. فهو [سيد الشهداء(ع)] يريد إقامة المعروف ومحو المنكر، فجميع الانحرافات منشؤها من المنكر، وما عـدا خـط التـوحـيد المسـتقيم فـكل مـا فـي العـالم منكـرات، ويجـب أن تزول».

ـ «لقد ضحّى سيد الشهداء(ع) بكل حياته مـن أجل إزالـة المنكر ومحوه، كما سعى بجد للإطاحة بحكومة الجور وإزالتها ونشر المعروف والنهي عن المنكر».

آثار ونتائج نهضة أبي عبد الله(ع):

1 ـ حفظ الإسلام

ـ «لو لم تكن عاشوراء ولولا تضحيات آل الرسول لتمكّن طواغيت العصـر مـن تضـييع آثـار بعـثة النبي الأكرم(ص) وجهوده الشاقّة».

ـ «لقد أثمرت شهادة سيد المظلومين واتباع القرآن في عاشوراء خلود الإسلام وكتبت الحياة الأبدية للقرآن الكريم».

ـ «لقد حفر اليزيديون في يوم عاشوراء قبورهم بأيديهم الآثمة وتسبّبوا هم بهلاك أنفسهم ومحق نظام حكمهم الظالم المتعسّف».

ـ «لو لم تكن نهضة الحسين(ع)، لأظهر يزيد وأتباعه الإسلام أمام الناس بشكل مشوّه».

ـ «إنّ شهادة سيد الشهداء(ع) أحيت الدين».

ـ «إنّ سيد الشهداء(ع) هو الذي صان الإسلام وحفظه حتى وصل إلينا نحن الجالسين هنا».

نهضة عاشوراء، قدوة الأحرار:

ـ «لقد علّم سيد الشهداء(ع) الجميع ماذا ينبغي عليهم عمله في مقابل الظلم والحكومات الجائرة».

ـ «لقد علّمنا سيد الشهداء(ع) بنهضته ما ينبغي لنا عمله في ساحة الحرب وخلفها، وماذا يجب أن يعمله أولئك الذين يخوضون غمار الكفاح المسلح وما هي واجبات المبلغين خلف جبهات القتال وكيف يؤدون ذلك».

ـ «هكذا ينبغي أيضاً أن تكون بقية البلدان، وينبغي أن يحصل هذا الرفض للظلم في كل يوم، وعلى شعبنا أن يجسّد ذلك في كل يوم ويشعر بأنّه يوم عاشوراء، وينبغي لنا أن نقف بوجه الظلم ونعتبر أنّ هذه أيضاً أرض كربلاء، وعلينا أن نعيد فيها دور كربلاء».

فلسفة العزاء والمآتم الحسينية:

ـ «لا يخفاكم بأنّ تعاليم الأئمة(ع) تؤكد على أهمية وتعظيم هذه الملحمة التاريخية الإسلامية، كما أنّ صبّ اللعن على ظالمي آل البيت(ع) يمثّل توجيهاً لهتافات الشعوب المزمجرة لتصبّ على الطواغيت والظلمة على مرّ التاريخ وإلى الأبد».

ـ «إنّ قيمة مجالس العزاء لم تدرك إلاّ قليلاً، ولربما أنّها لم تدرك تماماً من قبل البعض».

ـ «إنّهم لا يدركون أنّ هذه التعزية والمراثي تصنع الإنسان وتبني شخصيته، ولا يعون أنها تبليغ ضد الظالم وضد الطاغوت وما يجب أن يجري فيها هو تبيان الذي لحق بالمظلوم، وإنّها ينبغي أن تبقى هكذا حتى النهاية».

ـ «إنّ دماء سيد الشهداء(ع) هي التي جعلت دماء الشعوب المسلمة تغلي، ومواكب العزاء الحسيني العزيزة هي التي تحرك الناس وتهيّجهم وتعدّهم لحفظ الأهداف والمقاصد الإسلامية، وينبغي عدم التماهل أو التساهل في ذلك».

ـ «أحيوا عاشوراء فبإحيائه يصان بلدكم من كل سوء».

ـ «تكليف السادة (الخطباء) يقتضي أن يقرأوا المراثي، وتكليف الناس يقتضي أن يخرجوا في المواكب الرائعة ومواكب اللطم، وطبعاً ينبغي أن يجتنبوا الأعمال غير الصحيحة والمخالفات، ولكن لتخرج المواكب ولتلطم الصدور، وليفعلوا ما كانوا يفعلونه سابقاً. وليعقدوا اجتماعاتهم، فهذه الاجتماعات هي التي حفظتنا، وهذا الانسجام والتلاحم هو الذي صاننا».