شجاعة الإمام الخميني (قده)

2007-08-21

حسن نعيم

تأتي الذكرى السنوية لوفاة الإمام الخميني، في هذه الظروف الحالكة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية لتضعنا إزاء قراءات جديدة لشخصية الإمام الخميني وفكرة الثورة واهتماماته الدينية التي يغلب عليها الهم الجمعي، وبكل ما يتعلق بنا كجماعة بشرية لها ملامحها وفكرها وتاريخها وتراثها وعقائدها وأحلامها سواء المحققة أو الهاربة.

تكتسب القراءات الجديدة لتجربة الإمام الخميني في الظروف الراهنة أهميتها من تشابه وتساوق مسوّغات الإحباط بين المرحلة التي سبقت انتصار الثورة الإسلامية في إيران وبين ما تعيشه أمتنا اليوم من شعور بالإحباط والمهانة جرّاء الاحتلال الأميركي المباشر للعراق والجرائم الصهيونية المتكررة في فلسطين.

لقد قيض لهذه الأمة رجل كالإمام الخميني (قده) استطاع بما حباه الله من طاقات أن ينتشل الشعب الإيراني المسلم من أعماق مأساته الى أعلى درجات الإحساس بالذات والامتلاء بالكرامة الإنسانية.

لقد أيقظ الإمام الخميني (قده) مشروع الجهاد ضد الاستكبار والطواغيت من سباته العميق ومعه تعرفنا الى الوجه الأصيل للاسلام، الإسلام المقاوم والمدافع عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، الإسلام الذي يرفض الذل والمهانة من أي جهة جاءت وفي أي زي تزيت.

لقد عرفنا الإمام الخميني الوجه المشرق للاسلام بعدما أراده الكثيرون مجرد طقوس وعبادات شكلية يؤديها الدراويش والعجزة في زوايا المساجد ويتساجل حول تفاصيل تفاصيلها السذج والبسطاء في التكايا والأمسيّات.

قدم الإمام الخميني (قده) خطاباً شمولياً تعبوياً جماهيرياً، تفاعل معه العلماء والمثقفون كما العمال والفلاحون وطلاب المدارس والمعاهد، خطاب متماسك حمل تماسكه من تماسك صاحبه وثقافته الواسعة وشجاعته التي لا تعرف حدوداً "لم يدخل الخوف في قلبي قط"، كان الإمام الخميني (قده) يقول، ولسائل أن يسأل عن سر هذه الشخصية التي لا يعرف الخوف إليها طريقه، أليست من طينة البشر، ولنا نحن الذين أدمنّا قراءة الكلمات القصّار للامام الخميني (قده) "تحركوا بقلبٍ مطمئن وثقوا بأن القدرة العليا التي هي الله معكم"، أو "لا تخافوا أية قوة في العالم، فما دام الله معكم فكل شيء معكم".

هنا السر إذاً في هذه الكلمات التي تختزن نظرة الإمام الى الكون والوجود والمآل، والى الأحداث المنقادة في نهاية المطاف الى مشيئته جل وعلا.

وهذا ما يتضح جلياً في إجابة الإمام عن سؤال أحد الصحافيين "إنك تريد إقامة دولة وليس لك دولة تدعمك ولا حزب ولا قوة عسكرية" فأجابه الإمام "أنا مكلف بالجهاد كما أنا مكلف بالصلاة أما النصر فأمره الى الله".