ملف خاص حول حكم الإمام الخميني بحق المرتد رشدي

تمهيد

 

الحكم الذي يحمل عنصر الحياة

 

لم يشهد القرن المعاصر حكماً بصلابة الحكم الذي أصدره الإمام الخميني (أعلى الله كلمته) بإهدار دم سلمان رشدي. وإن كان قد شهد نظيراً له فهو أيضاً من هذا الفقيه الفذ. أمّا جذور هذه الصلابة فينبغي البحث عنها في صلابة شخصية الإمام نفسه الذي لا يحفظ هذا القرن، لا بل وحتى القرون السالفة المتمادية، في ذكراها شخصاً يُضاهي شخصه.

حكم الإسلام الذي خطّه القلم المقتدر للإمام الخميني، نفخ روحاً جديدة في جسد العالم الإسلامي.

كان حكم إعدام سلمان رشدي ـ في الواقع ـ حكماً بإعدام الغرب أيضاً؛ ذاك الغرب الذي انبرى هذه المرّة ـ كما هو حاله على الدوام ـ وبين جوانحه اللهف ومئات الأماني، رافعاً عجل السامري من أجل مجابهة الإسلام. إلاّ أن موسى العصر استعان بالقدرة التي غرسها الله فيه على إبطال السحر، وأبطل هذه المرّة أيضاً سحرهم. وببطلان هذا السحر تبطل كل أنواع السحر، ويرد كيد كل ذي كيد، فيما لو صان أنصار الإمام الواعون حرمة هذا الانجاز العظيم وحافظوا على حبر قلمه المبارك من الجفاف.

والآن ونحن على مشارف نهاية عام 1417 للهجرة تكون قد مرت الذكرى الثامنة لصدور حكم الإمام (ره)، الذي غدا وكأنه مطرقة هوت على رأس الاستكبار الغربي، وأفشل الخطط الشيطانية لزعماء الاستكبار. وإنما تحقق هذا بفضل الرهبة التي ألقاها الخلف الصالح للخميني العزيز ووارث هذا العبد الصالح، قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى الخامنئي في قلوب واضعي تلك الخطة البغيضة، وأفشل ما كانوا به يتآمرون.

ومع هذا فإنَّ الحفاظ على طراوة حكم الإمام لا يتاح من خلال مسايرة وإحياء ذكراها السنوية وكفى، بل من الضروري المثابرة على سقي هذه الغرسة النامية. وعصا موسى لا يكفي إلقاؤها مرة سنوياً على سحر السحرة، بل لابدّ وأن تكون في كيد السحرة كل شهر وكل يوم حتى تطبيق حكم الله وكبت فرعون الاستكبار.

ومع أنّ الاستكبار العالمي عموماً والمحافل الصهيونية خاصة، قد سعت مرات عديدة منذ صدور حكم الإعدام وحتى الآن لتحويل قضية رشدي إلى حربة ضد الإسلام والثورة الإسلامية، لكنهم أدركوا بمرارة، أن لا مناص أمامهم سوى الإذعان بالهزيمة والخزي.

كان ولازال سعي الغرب في هذا المضمار محاولة اختبار لقدرة الإسلام. وأي تراجع في هذا المجال إنما يعد بمنزلة تراجع الإسلام والمسلمين، ومن المؤكد انه سيحفّز أعداء الإسلام على اتخاذ خطوات جديدة على طريق تحقير وإهانة الإسلام والمسلمين.

ولهذا السبب بالذات يصرّ العالم الإسلامي اليوم على مواقفه المعلنة في هذا الصدد. وهذا يعني أنّ حكم ارتداد رشدي ـ إضافة إلى جانبه الشرعي ـ يحظى من الوجهة السياسية بأهمية كبيرة بالنسبة للعالم الإسلامي، وغدا ذا بُعد يمس كرامة المليار ونصف مسلم في العالم.

إنّ حكم قتل رشدي وإن كان يستهدف حياة شخص قذر واحد، إلاّ أنه يبعث روحاً جديدة في العالم الإسلامي، ويعلّم المسلمين ضرورة الصلابة والعزم على طريق تنفيذ أحكام الإسلام التي بإمكانها إحياء مجد وعظمة الإسلام وردع أعداء الإنسانية عن تكرار أمثال هذه التجارب الوقحة، إن شاء الله.

نص حكم الإمام الخميني «قدّس الله سرّه»

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

﴿إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ﴾

 

أعلن للمسلمين الغيارى في كافة أنحاء العالم أن مؤلف كتاب «الآيات الشيطانية»... الذي ألّف وطُبع ونُشر ضد الإسلام والرسول الأعظم (ص) والقرآن الكريم، وكذلك من نشره وهو مطّلع على مضمونه، يحكم عليهم بالإعدام...

أطلب من المسلمين الغيارى أن ينفّذوا حكم الإعدام بهؤلاء سريعاً حيث وجدوهم، كي لا يتجرأ أحد على إهانة المقدسات الإسلامية. ومن يُقتل في هذا السبيل فهو شهيد إن شاء الله تعالى... هذا وإن من يعثر على مؤلف هذا الكتاب، ولا يستطيع تنفيذ حكم الإعدام بحقه يجب عليه أن يطلع الآخرين على مكان تواجده لكي ينال جزاء عمله.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

روح الله الموسوي الخميني

25/11/1989م

 

من هو سلمان رشدي؟؟؟؟

الشخص الذي يُعرف اليوم باسم المرتد سلمان رشدي هو كاتب من أصل هندي ويحمل الجنسية البريطانية ويعتبر مواطناً بريطانياً. وهو مزيج من تأثيرات تربوية متنوعة من جهة، ومن تأثيرات ثقافية وبيئية شرقية وغربية من جهة أخرى.

ولد في عائلة مسلمة من أصل هندي بمدينة بومباي، وأبواه كما يصفهما هو «ومع أنّ أبواي كانا مسلمين، إلاّ أنّهما ما كانا متمسكين بأصول الدين».

تربى في عائلة مرفّهة، وكانت مربيته مسيحية، تلقّى منها الكثير من التعاليم المسيحية.

أنهى دراسته الابتدائية في مدرسة بريطانية في بومباي. والحديث الذي أفضى به لمجلة «دير اشبيغل» بتاريخ 11 مارس 1992 حول أسرته ينم عن حقيقة ما ذكرناه:

«كانت أسرتي تنتمي إلى الإسلام، ولكن ما كان في دارنا شيء من معالم الدين، بل كانوا يصطحبونني في السنة مرة واحدة فقط إلى المسجد لأجل العبادة؛ على غرار شعائر رأس السنة عند المسيحيين. كانت لي مربية مسيحية، وكنت أزيّن معها شجرة الميلاد واقرأ التراتيل. بومباي مدينة متعددة الأديان، وكان أكثر أصدقائي من غير المسلمين. ما كنّا نأكل لحم الخنزير لندرته هناك. ولم يكن والدي منصاعاً لحكم القرآن بحرمة تناول الخمور. ولحسن الحظ استطيع القول إنّ أبواي كانا مسلمين فاسقين، وأنا مدين لهما لتربيتي على هذا النمط الشائع في العالم!».

وعلى هذا المنوال وُضعت أولى لبنات مروقه عن الدين وتبلورت سمات شخصيته الفعلية على يد والديه ومربيته المسيحية. ومن بعد ذلك كان لوجوده في مدرسة بريطانية في بومباي ـ وكان تدريس الإنجيل (القديم والجديد) في هذه المدارس إجبارياً ـ أضف إلى ذلك البيئة الهندية التي هي مزيج من مختلف الأقوام والأديان، كان لكل ذلك دور كبير في صياغة شخصيّته. وقد لمس في هذه المدرسة مبدأين اجتماعيين مهمّين، أي «قضية الانتماء الأجنبي» و «قضية التعصب العنصري»، وهما المبدءان اللذان ناضل كثيراً في مابعد ـ حسب قوله ـ من أجل القضاء عليهما، وكانا هما الموضوع الأساسي لكثير من قصصه:

«في ذلك العهد كان للتعلم في مدرسة بريطانية، قيمة خاصة عند الهنود، وقد تضاءلت هذه القيمة في الوقت الحاضر. اكتشفت هناك أمرين، الأول: التجرد من العنصرية، والثاني: تجسيد الشخصية الأجنبية. وهذه من التجارب التي يحتفظ بها المرء في ذاته».

وفي نهاية المطاف وطأت قدمه الأرض البريطانية وهو على هذا النمط من التفكير. وبعد سنوات من العيش في المجتمع الغربي المتفسّخ، تحوّل حسب ادعائه إلى كاتب «يساري».

 

قال في حديث له مع مجلة «شتيرن» بتاريخ 29 اكتوبر 1992:

 

«إنّي أكثر فهماً في الوقت الحاضر مما كنت عليه قبل فبراير عام 1989. في الأصل كاتب يساري أعارض المعتقدات الموروثة والسائدة، وأكتب بلا وجل ضد الكثير من القضايا. منذ دخولي بريطانيا أخذت أساند حزب العمال، ولكنني أدركت أنهم ـ إلاّ أفراداً قلائل ـ يبغون جرّي إلى هاوية السقوط، بينما أنقذ حياتي حزب المحافظين الذي حاربته سنوات طويلة».

ولا بأس أن تعلموا بأنه انقلب رأساً على عقب في كتاب الآيات الشيطانية وكان يسمّي مارغريت تاتشر باسم مارغريت تورتشر (أي الجلاد).

وعلى كل حال فان الكاتب اليساري ـ كما يقال ـ بلغ خلال حياته في بريطانيا مرحلة الزندقة والفسق المطلق، وأصبح في ختام المطاف ينكر وجود الله. وقد صرّح باعتقاده هذا جهاراً في حواره مع مجلة «شتيرن» في 29 أكتوبر 1992 تحت عنوان «لست بطلاً»، وجاء في ذلك الحوار:

مجلة شتيرن: حاولتَ مرّة إظهار نفسك وكأنك تنتهج منهجاً يتماشى والتيار المتطرف وآمنت بالله الواحد الأحد، وبرسوله محمد؟

رشدي: صدر مني هذا العمل في فترة من الشك والتردد. فقد أردت الإيحاء للمسلمين عبر إشارة درامية بأنني لم أكن عدوّاً لهم على الإطلاق. لكنني لم أكن في هذا المجال أخدع إلاّ نفسي. ولهذا انطلق صوتي ثانية فقلت: لا، إنني لم أؤمن، أنا لست شخصاً متديّناً، ولو سألني أحد: هل الله موجود؟ سأقول : لا.

ثم يبادر هذا الكاتب وبمثل هذا النمط من التفكير والمعتقدات إلى تدوين كتاب تحت عنوان «الآيات الشيطانية»، ويدّعي انه ليس كتاباً دينياً، بل هو «كتاب يحمل تضاداً وشكّاً مبدئياً». نيوزويك 12 فبراير 1992.

تحاول المجلات الغربية إظهار سلمان رشدي وكأنه شخصية مشهورة في الوسط الأدبي في أوربا من حيث مقدرته على كتابة القصة الحديثة وأسلوبه الكتابي. وهذا ما يمكن أن نستشفّه من خلال الرأي الذي عرضته مجلة نيوزويك، عند لقائها مع سلمان رشدي في أول حوار له بعد سنة من العيش في الخفاء.

«كان سلمان رشدي الذي يبلغ اثنين وأربعين عاماً من العمر أحد أفضل الكتاب من أبناء جيله! حتّى قبل أن يصبح كتاب الآيات الشيطانية أكثر الكتب مبيعاً؛ فكتابه الذي صدر تحت عنوان «أطفال منتصف الليل» وهو قصّة خيالية حول استقلال وانفصال جزء من أرض الهند، حاز على جائزة «بوكر» البريطانية. وكانت روايته الثالثة تحت عنوان «الحياء» حافلة بالسخرية اللاذعة بشأن الباكستان. أضف إلى أنه وبعض الأصدقاء من أمثال هارولد بينتر، وانطوني فريزر، وفي ولدون، يعتبرون من الشخصيات المعروفة على الساحة الاجتماعية ـ الأدبية في بريطانيا».

وعلى كل حال فهو وان كان يتميز بأسلوبه الكتابي الخاص، ولكنه يمزج في قصصه الخيال بالسخرية وبالرموز والكنايات بحيث يصعب على القارئ العادي وعامة الناس استيعاب مضمونه. ولعل أفضل وصف لأسلوبه الكتابي الذي بلوره في كتابه الآيات الشيطانية، جاء على لسان «جان كيسي» مراسل صحيفة «صاندي تلغراف» في مقالة تحت عنوان «اليوم الذي دافعت فيه عن سلمان رشدي في العاصمة الإيرانية» في قوله: «لقد قرأت كتاب الآيات الشيطانية، وأعتقد أن هذا الكتاب لا يمكن قراءته عملياً».

سلمان رشدي عدة مؤلفات منها «أطفال منتصف الليل» الذي فاز بالجائزة الأولى في لندن حيث تحدث فيه عن الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية في الهند، وكانت أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند في ذلك الحين، قد اتخذت إجراءات قضائية ضد هذا الكتاب فحصلت على اعتذار عام من المؤلف ودار النشر بالإضافة إلى تحملها نفقات القضية، وقد حصلت غاندي على الحق في حذف ما تراه غير مقبول في الطبعات الجديدة.

أما الكتاب الثاني فهو «الخجل» و «الحرام» الذي تحدث فيه عن الباكستان في ... زعاماتها وثقافتها ودينها وهذا الكتاب ممنوع من باكستان وقد رشح للفوز بالجائزة الأولى في لندن إلا أنه لم يحصل على المرتبة الأولى.

والآن يأتي كتاب «الآيات الشيطانية» ليوجه فيه الحرب على الإسلام وقيم المسلمين بل حتى قيم الإنسان بشكل عام، ويبدو ان المؤلف مصمم على الفوز بالجائزة الأولى فهو مستعد لأي عمل في سبيل هذا، وقد مُنع هذا الكتاب في بعض البلاد والمأمول أن يسري هذا المنع في بقية البلاد الإسلامية والبلاد المتعاطفة معها بإذن الله.

وقد وجه المؤلف رسالة غاضبة ـ بسبب منع الكتاب في الهند ـ إلى راجيف غاندي رئيس حكومة الهند، أورد فيها عدداً من النقاط التي يظهر فيها بشكل فاضح لا يحتاج معه لتعليق:

«إنّ الكتاب ليس عن الإسلام، ولكنه عن الهجرة والانسلاخ وانقسام الذات والحب والموت ولندن وبومباي»... «وإنه عالج قضية نبي ليس اسمه محمداً...»... «إن أحداث الرواية تجري في الرؤيا أحاول أن أقدم وجهة نظري حول ظاهرة الوحي ومولد دين عالمي كبير».

 

قصة الكتاب

تضم رواية «آيات شيطانية» ثلاث شخصيات رئيسية هي: ممثل هندي يدعى جبريل فاريشتا ـ فاريشتا تعني ملاكاً للغة الأردية ـ ومنفي هندي يدعى صلاح الدين شمشه ـ شمشه يعني المتملق باللغة الهندوسية ـ وماهوند نسبة إلى محمد، وهو نبي من مدينة صحراوية تدعى جاهلية.

تبدأ الرواية في السماء، فجبريل وصلاح الدين هما من ركاب طائرة مخطوفة، ما لبثت أن انفجرت، وكانا الوحيدين اللذين نجيا من الكارثة. ويصف رشدي سقوط هاتين الشخصيتين معلقتين ببعضهما البعض وهما تنشدان أناشيد متعارضة، فيصبح جبريل الملاك جبرائيل ويصبح شمشا الشيطان... ومع مواجهتهما للمواقف الصراعية المتعددة، تضيع هويتهما وتتداخل ببعضها البعض.

في فقرة أخرى من هذا الكتاب يتحدث رشدي عن وصول هذين الشخصين إلى مدينة صحراوية رملية تدعى «جاهلية» وعن دخولهما إلى بيت للدعارة فيها يطلق عليه «الحجاب»، ويروي الكتاب: «الحجاب أهو اسم لأشهر بيت للدعارة في مدينة جاهلية» ثم يصف البيت وصف قصور الجنة كما ترد في القرآن، كقصر تجري من تحته الأنهار فيه أعناب ونخيل ... ويتبين من مجريات الرواية ان ذاك البيت ملك لاثنتي عشرة امرأة «عاهرة» طلبن من «ماهوند» أن يتزوجهن وأصبحن زوجاته وأصبح هو بطل وتسمى إحداهن عائشة والأخرى أم سلمة..

ويواصل رشدي في فقرة أخرى: الأسباب منطقية، لم يكن من اللائق أن يقف الرجال أي «الزبائن» بالصف على طول الشارع «انتظاراً لدورهم»... لهذا فهم كانوا يدورون حول نبع الحب الواقع في قلب بيت الدعارة، كما يدور الحجاج لأسباب أخرى حول الحجر الأسود... القديم...

ويحكي سلمان رشدي في أحد الفصول أن ماهوند أو بعل كان يتعرض لنفس الحالات الروحية والنفسية التي مر بها الرسول محمد عند نزول الوحي «فالشعر الذي يراوده في هذه الحالة هو من أعذب ما كتب» ذلك انه من وقت لآخر خاصة عندما يكون عند عائشة، كان يشعر بالارتخاء والانحلال يجتاحه، فيشعر بالثقل وبأن عليه أن ينام، وكان يقول لها ـ أي لعائشة ـ «غريب أشعر وكأنني واقف إلى جانب نفسي، فيمكنني عندئذ أن آمر ذاك الذي إلى جانبي أن يتحدث، ثم أنهض وأكتب الآيات...

كما يتطرق الكتاب إلى سلمان الفارسي الذي ينعته «بالناسخ» الذي يشوه ما يمليه عليه ماهوند من دون أن يشعر هذا الأخير بذلك، ويروي سلمان رشدي عن سلمان الفارسي في كتابه الروائي: «عندما كان ماهوند يملي عليّ آية ما يوصف فيها الله بالسميع العليم، كنت أكتب العليم الحكيم، والمشكلة ان ماهوند ما كان ليكتشف التزوير الحاصل، وكنت بالتالي أكتب الكتاب وأعيد كتابته مشوهاً بذلك كلام الله بكلامي الفاني» فالرسول كما يورد لاحقاً في الكتاب «لا وقت لديه للتشكيك والتأكد فهو ليس ملاكاً».

يستنتج من هذا الكتاب الذي يؤكد صاحبه رغم وقاحته وبذاءته على كونه «مجرد كتاب خيالي» انه نسف عصمة الرسول (ص) بل وأهانه بأبشع الصور «وقد نقلت جريدة اللموند أنه في رواية يصفه أيضاً بالشاذ الجنسي» وكما أنه حقر زوجاته عبر تصويرهن كالعاهرات وأهان الملك جبريل إذ ألبسه شخصية الممثل المجنون؛ وتعرض أيضاً إلى صحابة الرسول (ص) إذ أنه وصفهم بالكسالى حينا و«الأوباش» حيناً آخر، وألمح أيضاً إلى كون النبي ابراهيم (ع) مجرد لقيط.. هذا بالإضافة إلى ما نستوحيه من الرواية حيث يصبح بيت النبوة بيتاً للدعارة وتُشبّه الكعبة الشريفة «بنبع الحب» الشهوي، وتصور مكة المكرمة بمدينة الجاهلية.

إن كتاب «الآيات الشيطانية» الذي يضم (547) صفحة كان قد رشح للفوز بالجائزة... الأدبية في لندن، حيث تناقلت الصحف أخبار هذا الكتاب وقد مُدح في عدد من الأوساط الأدبية الغربية، فهذه صحيفة الصندي تايمز اللندنية تقول عنه: «قطعة فنية رائعة في شكل رواية ، تعتبر أكثر طموحاً من أي عمل آخر كتب في هذه الأيام».

كل هذا الإطراء والكتاب في حقيقته تهجم بشع وبذيء لأبعد الحدود على كثير من القيم الإسلامية والإنسانية عامة، فالكتاب ممتلئ بالاستهزاء بالخالق ـ تعالى عما يقولون علواً كبيرا ـ وبكلام فاحش يأبى الإنسان حتى عن نقله للآخرين، في حق الرسول (ص) وزوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين، وكثير من صحابته الكرام رضي الله عليهم أجمعين ... وفيما يلي ترجمة لبعض الفقرات الصغيرة من ذلك الكتاب:

ـ «مدينة لرجال الأعمال تسمى «جاهلية» ـ يقصد بها مكة ـ في هذه المدينة رجل الأعمال الذي تحول إلى نبي واسمه «ماهوند» يقوم بتأسيس أكبر الأديان في العالم، هناك صوت يهمس في اذنه: أي نوع من الفكر أنت؟ إنسان أم جرذ؟ »ص 95.

ـ «البطريرك إبراهيم قدم لهذا الوادي مع زوجته هاجر وابنهما اسماعيل، هل في هذه المنطقة الموحشة يهمل زوجته، سألته: هل يمكن أن تكون هذه رغبة الإله: نعم هي رغبة الإله. ثم يذهب ابن الزنى»ص 95.

ـ «هناك حامل الماء خالد، وآخر عربيد من فارس باسمه الغريب سلمان وحتى يكتمل هذا الثالوث في الغثاء هناك العبد بلال، الذي حرره ماهوند وهو وحش شديد السواد» ص 101.

ـ «عاش المؤمنون بلا قانون ولكن في هذه السنين فإن ماهوند، أو هل بالأحرى أن يقول الواحد رئيس الملائكة جبريل؟ أم الأولى أن يقول الله (ALLAH) أصبح لديه وساوس القانون ظهر جبريل للنبي فوجد نفسه يطلق أحكاماً وأحكاماً، حتى وصل المؤمنون لحد لا يستطيعون معه تحمل أي وحي جديد إلا بعناء كبير، عندها قال سلمان: أحكام على كل شيء... اللعنة. إذا أخرج الإنسان ريحاً فليدر وجهه للرياح، حتى حدد أي اليدين يستعمل الواحد لتنظيف مؤخرته» ص 363.

ـ «وقد حدد جبريل رئيس الملائكة أسلوب دفن الإنسان، وكيف تقسّم ممتلكاته، حتى أن سلمان الفارسي أخذ يتساءل: ما أسلوب الإله هذا الذي يبدو تماماً كأنه رجل أعمال» ص366.

ـ «وأخيراً كان الذي أنهى علاقة سلمان بماهوند هي قضية النساء والآيات الشيطانية»...

 

أفضى سلمان مافي نفسه وهو مخمور: اسمع أنا لست ممن ينهمك في القيل والقال، ولكن ماهوند بعد وفات زوجته لم يكن ملاكاً، أنت تفهم ما أقصد، وهناك في يثرب التقى بتلك النسوة هناك حولوا نصف لحيته إلى بياض في مدة سنة. ص366.

ـ «قال الوحي للمؤمنين كم يأكلون، كم ينامون، وأي من الأوضاع الجنسية قد حرمت، حتى تعلموا ان اللواطة ووضع الجماع المباشر قد أقره من قبل رئيس الملائكة». ص 364.

ثم يتحدث الزنديق بإسهاب عن مومسات يسميهن بأسماء أمهات المؤمنين (رضي الله عنهن) ويصف حياتهن في بيوت الدعارة وإثارتهن لشهوات الرجال...

24 ساعة من حياة الجحيم التي يعيشها سلمان رشدي طوال هذه السنوات الثمانية لم ينم سلمان رشدي حتى ليلتين متتاليتين على سرير واحد خوفاً من الاغتيال، وهو في حالة تنقل دائم.

نشرت مجلة «لير» الفرنسية في أحد أعدادها مقالات تحت عنوان «حياة سلمان رشدي على مدى 24 ساعة» بقلم «كارتين ارغان» بمناسبة الذكرى السنوية لصدور فتوى الإمام الخميني بارتداد مؤلف كتاب «الآيات الشيطانية».

كتبت هذه المجلّة وصفاً تفصيلياً عن الحياة اليومية لرشدي الذي يعيش متخفياً في مكان مجهول في بريطانيا منذ 25 بهمن عام 1367، جاء فيه:

«ينهض سلمان رشدي من نومه الساعة التاسعة صباحاً كل يوم. ولم ينم خلال هذه السنوات الخمسة ولا حتّى ليلتين متتابعتين على سرير واحد، وكان يتنقل في الأشهر الخمسة الأولى من صدور الفتوى، بين 56 داراً».

وتضيف المجلة قائلة: «إنّ سلمان رشدي محروم من الورقة الانتخابية بسبب عدم وجود مكان محدد لإقامته في بريطانيا».

وواصلت هذه المجلة موضوعها بالقول: «يبدأ الكاتب الهندي الأصل يومه بشرب فنجان من القهوة ومطالعة صحف الاندبيندنت، والغارديان، والتايمز وبعد إلقاء نظرة على الأخبار الرياضية يجلس إلى منضدة الكتابة، ويبدء بكتابة الروايات حينما لا يكون لديه موضوع يكتبه للصحف، ولا برنامج لكتابة الرسائل.

يلتقي رشدي بأحد أصدقائه بين الفينة والأخرى، وفي كل مرة يحاط موضع اللقاء بتكتم كامل، ويُفتّش المكان مسبقاً بدقّة تامة من قبل الشخصين اللذين يتوليان حراسته ويلازمانه على الدوام».

ونقلاً عن هذه المجلة: «إن سلمان رشدي ذهب إلى السوق مرة واحدة منذ خمس سنوات لابتياع الملابس، وهو يعيش متخفياً بسبب شدّة الذعر والقلق. ولما اضطروا في أحد الأيام إلى نقله إلى أحد المستوصفات بسبب بروز ألم مفاجئ في أسنانه، واجهت شرطة الاسكتلانديارد مشكلة في هذا الصدد.

يتناول سلمان رشدي طعامه بمفرده. والتدابير الأمنية المتخذة لحمايته تكلف مبلغ نصف مليون دولار سنوياً، يدفع رشدي ثلثه. وطالما بقي هذا الكاتب مرغماً على عدم السير في أي شارع، ولا مشاهدة أي فيلم سينمائي، ولا ارتياد أية مكتبة، يبقى حذاؤه جديداً وبراقاً على الدوام. وحالة السكون هذه تزيد من وزنه».

 

وواصلت هذه المجلة الفرنسية مقالتها بالقول:

«إنّ ليالي رشدي طويلة ولا أحد يعرف عنوانه، ولا حتى أصدقاؤه الكتّاب، ولا أمّه التي تعيش في الباكستان، ولا أخواته الثلاثة اللائي تعيش إحداهن في بريطانيا، ولا زوجته السابقة، ولا ابنه الوحيد البالغ من عمره 15 سنة، والجهة الوحيدة التي تعرف محل سكناه هي الشرطة.

منذ خمس سنوات أصبح رشدي يرتبط عن طريق الهاتف، وكان في ما مضى نادراً ما يستخدم الهاتف. وإن لم يتحدث مع أحد بالهاتف، ولم ينصت للمذياع، يقرأ كتابات «فيليب روت» و «نادين غورديمر» الفائزة بجائزة نوبل في الآداب، ويشاهد برامج التلفاز والصور المرئية. وقبل الذهاب إلى النوم يدوّن مذكراته اليومية بالتفصيل».  

آراء العلماء حول كتاب «الآيات الشيطانية»

 

ولي أمر المسلمين:

إنّ حكم الإمام بحق سلمان رشدي مبتنٍ على آيات إلهية، وهو محكم كتلك الآيات وغير قابل للخدش.

إن سلمان رشدي مجرم ويجب تنفيذ الحكم الإلهي فيه.

آية الله العظمى الكلبايكاني:

 

أحد الأمثلة البارزة لمؤامرات المستعمرين ضد الإسلام والقرآن، هو تأليف ونشر كتاب الآيات الشيطانية.

آية الله صانعي:

 

ليس بامكان أحد الدفاع عن أمثال سلمان رشدي؛ لان الدفاع عن أمثاله يُعتبر بحد ذاته ارتداداً عملياً وانتهاكاً لكل المقدسات، وهو مدعاة لاهدار الدم.

آية الله الموسوي الأردبيلي:

 

لم يكن فعل سلمان رشدي سبّاً وارتداداً عادياً، بل مؤامرة وخطّة، وتعكس في الواقع حلقة من سلسلة متواصلة أوجدها الاستكبار العالمي. وسلمان رشدي هذا مصداق للكافر الحربي أيضاً، بمعنى القيام ضد الإسلام.

آية الله اليزدي:

 

يُجمع العامة والخاصة على أنّ سب الرسول (ص) والاساءة إليه، حكمه القتل، ويجب أن يُقتل السابّ . ولهذا فليس ثمّة اختلاف نظري في هذا الأمر الذي يعد قاعدة للحكم.

آية الله جنّتي:

 

كتاب الآيات الشيطانية ليس رواية عادية كتبها مؤلف عادي، بل يجب النظر إليه كمؤامرة عالمية واسعة ضد الإسلام.

آية الله جوادي الآملي:

 

هذا الحكم ليس مجرد فتوى حتى يعرض بشأنه حديث البقاء على فتوى الميت، بل هو حكم قضائي، يكون وجوب تنفيذه على الوالي.

حجة الإسلام والمسلمين الشيخ الرفسنجاني:

 

كان كتاب الآيات الشيطانية افرازاً لمؤامرة عالمية أسوء من الحرب المعلنة.

الهجوم هو الجوهر السياسي لحكم الإمام

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ الخطوة التي أقدم عليها الإمام الخميني في مجال إصدار حكمه التاريخي بارتداد سلمان رشدي وإعدامه مع مالها من «صفة شرعية» هدفها تأدية الواجب الديني، كان لها ـ فضلاً عن ذلك ـ أبعاد أخرى جديرة بالاهتمام، وأحد تلك الأبعاد هو «الجوهر السياسي». فالحكم بارتداد سلمان رشدي وإهدار دمه يحمل بين طيّاته ماهيّةً هجومية من الوجهة السياسية.

 

ثمة فارق شاسع بين «الدفاع» و«الهجوم». فمع أن ظاهر هذه القضية يوحي بأنَّ الإمام الخميني، كان قد انبرى للدفاع عن الإسلام ـ بَعدما كتب سلمان رشدي كتاب «الآيات الشيطانية» الذي أساء فيه إلى المقدسات الإسلامية ـ وأصدر حكم ارتداده وإهدار دمه. لكن طبيعة الحكم الذي أصدره الإمام كان «هجومياً» خلافاً للتصور الظاهري.

إنّ حكم الارتداد إجراء يتخذه الفقيه كأداء للواجب، وقد لا يحمل مثل هذا الإجراء أية صفة هجومية ولا دفاعية. ولكن قد تكون الظروف السياسية بشكل يجعل اعلان مثل هذا الحكم الشرعي إضافة إلى ما يتضمنه من أداء للواجب الشرعي، خطوة سياسية ضرورية ترمي إلى أهداف مهمّة أخرى أيضاً. ففي السنوات الأخيرة من عقد الستينات [العقد الأول بعد الألف وأربعمائة حسب تاريخ الهجرة القمري] حيث كانت قد مرّت عشر سنوات على انتصار الثورة وقيام الحكومة الإسلامية، وأدركت أمريكا والصهيونية العالمية اللذان يمثّلان قاعدة وقمة هرم الاستكبار العالمي عدم جدوى المواجهة العسكرية في التصدي للثورة الإسلامية، انبروا لحياكة مؤامرات جديدة، كان الأهم والأكثر خطورة من بينها هو محاولة إنشاء تيار سياسي بصيغة ثقافية؛ بغية تشويه الوجه الناصع للإسلام.

استهدفت هذه المؤامرة إظهار الإسلام بوجه كريه، وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى تشويه صورة الثورة الإسلامية. وكان أول انجاز عملي منظم وواسع يمهّد لبلوغ هذا الهدف الخبيث على الصعيد العالمي، هو إصدار كتاب «الآيات الشيطانية».

وانطلاقاً من هذه الرؤية فقد كان هذا الأجراء ذا طبيعة سياسية، ويمثّل في الواقع حلقة أولى من مؤامرة واسعة ومترابطة كان يراد لها ـ لو قدّر لها النجاح ـ أن تستتبعها حلقات أخرى، تمهد لأمريكا والصهيونية الدنو من بلوغ مراميهما.

بيد أنّ الوعي الخارق الذي يتحلّى به الإمام الخميني قاده ـ بعد الاطلاع على صدور هذا الكتاب والوقوف على مضامينه ـ إلى استكناه هدف هذه المؤامرة بجميع أبعادها، واتخاذ الإجراء العملي لوأدِها في أسِّها.

إنّنا لو اعتبرنا صدور حكم ارتداد وإهدار دم سلمان رشدي كان لمجرد صدور كتاب الآيات الشيطانية، لأمكن النظر إليه على أنّه مجرد إجراء دفاعي. ولكن إذا اعتبرنا صدور هذا الكتاب بداية لسلسلة تآمرية متواصلة، وضعت من قبل أمريكا والصهيونية ـ وهذه هي الحقيقة ـ يجب القول في هذه الحالة: إنّ الخطوة التي أقدم عليها الإمام الخميني كانت هجوماً كاسحاً ومدبّراً قد قتل المؤامرة في مهدها.

صحيح أن سلمان رشدي لم يُقتل بعد، لكن الحقيقة هي أن حكم الإمام قد أخذ مفعوله؛ فلا حياة لرشدي، وإنّما الذي يعيشه من بعد صدور حكم الإمام موت بطيء، لا فرق بينه وبين الأموات. والأهم من هذا أن حكم الإمام استطاع ردع مؤامرة أمريكا والصهيونية، ومُني الاستكبار بالهزيمة في هذه المرة أيضاً.

الدرس المهم الذي يُستقى من هذه الخطوة التي أقدم عليها الإمام الخميني، هو أنّ «منطق الهجوم» هو الأسلوب الفاعل، ليس في مجابهة قضية سلمان رشدي فحسب؛ وإنّما في جميع سوح المواجهة مع أعداء الثورة والإسلام. الثورة الإسلامية انطلقت بمبدأ الهجوم، وشقّت طريقها بنفس هذا المنطق، وفي الوقت الحالي أيضاً ـ أي في مرحلة التصدي للمؤامرات ـ من الطبيعي أن يقودها انتهاج مبدأ الهجوم إلى النجاح في جميع الميادين. والموقف حيال سلمان رشدي لا يشذ عن هذه القاعدة، وتخليد الحكم التاريخي للإمام، وفاعلية هذا الحكم الإلهي لا يتيسّر بلوغه إلاّ عبر أسلوب الهجوم فقط.