انتصرت المقاومة... انتصر لبنان

2007-09-03

كتب شارل أيوب / جريدة الديار 31 ـ 7 ـ 2006

ضاع العالم، لم يعد اللوبي الصهيوني يعرف ما يريد، وضاعت واشنطن، ولم تعد تستطيع ‏الدفاع عن إسرائيل، وإسرائيل التي فشلت في تحقيق انجازات عسكرية لجأت إلى الوحشية فقتلت ‏النساء والأطفال والأولاد وأطلقت طائراتها الحربية من صنع أميركي لتقتل الشعب البريء من ‏المدنيين في جنوب لبنان.‏

مجزرة جديدة في قانا كما عام 1996، وكأن إسرائيل تريد الانتقام من قانا، التي زارها ‏السيد المسيح، والتي صمد فيها الأطفال ولم يرحلوا واستشهدوا جراء الوحشية والهمجية ‏الإسرائيلية.‏

انتصرت المقاومة وصمدت، وصدت الجيش الإسرائيلي، وجعلته يدفع ثمن عدوانه ثمناً غاليا، ‏والنتائج واضحة:‏

‏1ـ سقوط حكومة السنيورة معنوياً لأنها أعطت الغطاء للعدوان الإسرائيلي لأنه تبرأ من عملية ‏المقاومة وأعطى الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بعدوانها.‏

‏2ـ لا يفيد ان يلتحق الرئيس السنيورة وأكثرية 14 شباط بالمعركة بعدما أعطوا الضوء ‏الأخضر لإسرائيل عبر استنكارهم لعملية المقاومة وتبرّئهم منها، لأنهم ليسوا مسؤولين عنها.‏

‏3ـ البيان السعودي هو بيان العار ضد لبنان وضد المقاومة.‏

‏4ـ البيان الأردني ـ المصري الذي أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بعدوانها.‏

‏5ـ صمت الحكومات العربية التي أطلقت العنان لإسرائيل كي تقوم بعدوانها على لبنان.‏

‏6ـ موقف الدول الغربية وخاصة أميركا بإطلاق يد إسرائيل في عدوانها على لبنان، وقولها إنها ‏تعطي الضوء الأخضر لإسرائيل كي تستمر في عدوانها، وهو ما ظهر في مؤتمر روما.‏

‏7ـ بدا صمود المقاومة وكأنه الأساس الذي قام بتغيير الصورة على الأرض، ولولا صمود ‏المقاومة لما تطلع العالم الى ما ترتكبه إسرائيل في لبنان من مجازر.‏

‏8 ـ بدا الشعب اللبناني يتململ ضد حكومة السنيورة ويريد إسقاطها رغم محاولة بعض قوى ‏‏8 آذار حماية الحكومة نتيجة التغيير في موقف الرئيس السنيورة الذي أطلقه بعد مجزرة قانا.‏

‏9ـ أصبح واضحاً أن مجلس الأمن الدولي سيصدر قراراً بوقف إطلاق النار، وباتت إسرائيل في وضع ‏الهزيمة، وباتت المقاومة في موقع المنتصر.‏

‏10ـ ظهر المخطط الإسرائيلي الكبير إذ انتقل من الحديث عن أسر جنديين إسرائيليين إلى تدمير ‏لبنان كله والذي كان أولمرت ينتظر أي لحظة لكي ينفذ عدوانه على لبنان.‏

موقع إنباء الأخباري 1/8/2006م

**************

بين هزيمة العدوان وانتصار المقاومة

2007-09-03

منير شفيق / كاتب فلسطيني

مع دخول الأسبوع الثالث أصبح من الواضح أن حرب العدوان الإسرائيلية على لبنان انتقلت من هدف إنزال الهزيمة بحزب الله وفرض الشروط على لبنان الى هدف عدم السماح لحزب الله بالخروج منتصراً من تلك الحرب. لأن انتصاره حسب مجموعة من التعليقات الإسرائيلية يعني انتصاراً لحماس وحركة الجهاد والتيار الإسلامي ولكل معارضي السياسات الأميركية في المنطقة. وهناك من حمل همّ القوى "المعتدلة" في فلسطين وغير فلسطين في ما يمكن ان تقول في حالة انتصار حزب الله وحماس "انظر آفي بوسيسخروف في هارتس، وغيره". هذا التحول كانت له بوادره منذ الأسبوع الأول حين فشلت استراتيجية تهديم البنى التحتية وتهجير مئات الألوف وسقوط مئات الشهداء والجرحى من الناس العاديين "نصفهم من الأطفال".

فقد تبين ان الجيش الإسرائيلي لا يملك أية معلومات عن مواقع صواريخ حزب الله او قواته او تحركات قياديه وكوادره. ولم يستطع ان يسكت الصواريخ التي ضربت في صفد وعكا وحيفا وعشرات المستوطنات، اذ استمرت بالتصاعد يوماً بعد يوم. والأهم ان هدف استهداف المدنيين والبنى التحتية لم ينجح في نقل المعركة الى الداخل اللبناني ضد حزب الله.

على ان الحسم في فشل استراتيجية العدوان جاء من خلال معركتي مارون الراس وبنت جبيل، حيث اصطدم الهجوم البري بمقاومة ذكية، شجاعة، أعدت خطتها الدفاعية جيداً. وتمتعت بالقدرة على امتلاك زمام المبادرة. وكانت مواجهتها الحاسمة مع أفضل قوة ضاربة في الجيش الإسرائيلي (قوات جولاني) الأمر الذي انتهى بإنزال خسارة فادحة بها فرضت على قيادة الجيش التوقف لمراجعة قرار الهجوم البري بعد ان فشل الاعتماد على كثافة النيران في ان يأتي بالنتائج السياسية المطلوبة او بالنتائج العسكرية ضد قوات حزب الله. اما على المستوى السياسي الدولي العربي الرسمي (عموماً) فقد اختلف المناخ بين ما كان عليه في اليومين الاوليين لبدء العدوان وما أصبح عليه الآن. لقد تصدع اتفاق مجموعة الثماني الذي عبر عنه بيان بطرسبورغ. وانتقل الموقف عربياً وأوروبياً الى المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً مع التفاوت بين استنكار العدوان واعتباره قد "أفرط" في استخدام القوة (المواقف الأوروبية)، وهو ما جعل كوندا ليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية في حالة عزلة داخل مؤتمر روما في موضوع الوقف الفوري لإطلاق النار.

"الوقف الفوري لإطلاق النار".. يعني سقوط كل الأهداف التي وضعها العدوان الإسرائيلي لحربــه ليس على لبنان فحسب وانما أيضا على قطاع غزة. ولهذا انطلقت الاقتراحات الداعية لإرسال قوات دولية متعددة الجنسية الى لبنان لوقف إطلاق النار واستعادة سيطرة الدولـــة وإبعاد حزب الله من الحدود. وبعضهم طالب بوضعها على الحدود اللبنانيـــــة - السورية كذلك.

تبنت قمة بوش - بلير في 28 يوليو/ تموز الجاري العاجلة والطارئة، والمعبرة عن المرحلة الجديدة: انقاذ العدوان من الفشل الذريع، ومنع خروج حزب الله منتصراً، الاقتراح القاضي بإرسال قوات دولية بعد ان كانت الإدارة الأميركية ترفضه لتعطي الجيش الإسرائيلي الوقت الكافي من اجل تحقيق انجازات على الأرض. وبهذا يكون عملياً، قد تكرس فشل العدوان من الناحية العسكرية والسياسية.

هذا يعني ان أميركا، وبأقدار متفاوتة مع "المجتمع الدولي" المزعوم (لأنه ليس أكثر من بضع دول)، تقدموا الصفوف الآن لإجهاض انتصار حزب الله من خلال مد "جسر جوي" عسكرية (القوات الدولية) وسياسي (أهداف القوات الدولية) ليتكرر ما حدث في انتصار حرب تشرين في مد الجسر الجوي الأميركي والانتقال الى العملية السياسية لإنقاذ الدولة العبرية من الهزيمة السياسية بعد أن تلقت الضربة العسكرية القاسية.

ولهذا فإن من الضروري للموقفين اللبناني والعربي عدم السماح باحتلال لبنان من خلال بدعة إرسال قوات دولية تحت مظلة هيئة الأمم. فقد لاحت فرصة كسر انف الغطرسة الإسرائيلية وإحداث تغيير في ميزان القوى لمصلحة الأمة عموماً بل لمصلحة حتى المتهافتين على "الحلول السلمية" وقد أحبطتهم الغطرسة الإسرائيلية دائماً.

فالثمن الذي دفعه لبنان من دمه وآلام شعبه وخسائره المادية، والانجاز العسكري الهائل الذي حققته المقاومة الإسلامية في الميدان، يجب ان يحقق نصراً، ويؤمن ردعاً حقيقياً للتهديد الإسرائيلي، كما ان فشل الجيش الإسرائيلي في المعركة وما ارتكب من جرائم عدوان وإبادة وحرب لا يستحقان أن يكسبا بالسياسة أي كسب حتى لو امتدت الحرب بضعة أيام أخرى.

هذا ومن دون الإشارة الى أهمية تحقيــق النصــر في لبنـــان على المعركة الدائرة في فلسطين، بل مستقبل قضية فلسطين.

الوقت 31/7/2006م

**************

حزب الله لبنان وميزان السياسة الإيرانية

2007-09-03

محمد عبدالله محمد

من مدينة مشهد المقدسة مركز محافظة خراسان تطغى أجواء الأزمة اللبنانية بشكل فاقع على صورة المدينة الغارقة في الرضا الرباني.

.. في الحرم الرضوي الشريف تسمع (بلا خطأ) الأصوات الممشوقة وهي تبتهل بشكل مزمن ناحية السماء لنصرة "المجاهدين في حزب الله" والترحّم على الشهداء... في الشوارع تشاهد الكثير ممن يعتمرون قبعات صفراء ممهورة بشعار حزب الله تعبيراً عن دعمهم لنضاله ضد العجرفة الصهيونية. الصحف الإيرانية بمختلف أطيافها ولغاتها، تمنولت لأن تضع صورة الأمين العام لحزب الله لبنان السيد حسن نصرالله على صفحاتها الأولى تحاذيها أو تتوسطها عناوين حرب قائمة، كذلك الحال بالنسبة إلى الحجاج العرب الموجودين في كل شبر من المدينة فهم يتهامسون كالنحل، كل ينقل لمصادفه ما تناهى إلى سمعه من أخبار.

رسمياً، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله السيدعلي خامنئي قال منذ اليوم الثاني للمواجهات إن المسلمين يشعرون بالفخر جراء الخطوة الباسلة والعظيمة لحزب الله، واصفاً دعوة الرئيس الأميركي إلى نزع سلاح الحزب بأنها لن تتحقق أبداً. رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، ورؤساء السلطات الثلاث وقادة الحرس الثوري ومراجع التقليد في مدينة قم المقدسة صرحوا بأحاديث مماثلة، هذا حال الجمهورية الإسلامية. إقليمياً، السوريون (وحلفاؤهم في لبنان) واليمنيون والجزائريون ونخب قومية ويسارية وإسلامية كانت لها مواقف متقاربة بشأن الأزمة. في المقابل، كان سعد الحريري ووليد جنبلاط وصفير يؤكدون أن عدم عقلانية البعض في إشارة إلى حزب الله أدت إلى خراب البلد. دول الخليج باستثناء قطر ومصر والأردن حمّلوا حزب الله وإن ضمناً المسئولية عما جرى، إذاً نحن أمام اصطفاف سياسي إقليمي ودولي واضح أخذ في الضغط بشكل كبير على زوايا حادة لملفات غائبة حاضرة في المنطقة، يبدو في طليعتها تسوية العلاقة مع إيران الراسية على سواحل صراع أزلي مع الولايات المتحدة التي بدورها تريد تجيير الكل لمشروع الشرق الأوسط الكبير، وكذلك بدأ الكلام يدور حول مصير العلاقات العربية مع دمشق التي مازالت تتمنع من الموقف تجاه مستقبل الصراع القائم في المنطقة. لكن الكثير من القيادات السياسية حتى بعض الأنظمة بدأت تتحدث عن دور هذا الصراع في إلهاء الغرب أو الضغط عليه بغية تليين مواقفه أو إجباره على تسوية القضية النووية الإيرانية بما يؤمن لطهران حاجياتها الاستراتيجية والأمنية، وبالتالي الحديث عن طبيعة العلاقة القائمة بين طهران وحزب الله.

إيران وحزب الله

بدأت العلاقة بين شخوص دينية لبنانية تتشكل منذ أن ظهرت خلايا الثورة الخمينية في ستينات القرن الماضي ضد نظام الشاه محمد رضا بهلوي، وخلال عقد السبعينات نشطت تلك العلاقة عندما سهلت تلك الشخصيات عملية وصول العناصر الثورية الإيرانية للتدريب في مراكز منظمة التحرير الفلسطينية القائمة آنذاك في لبنان، وبعد انتصار الثورة في العام 1979 بدأت اللحمة بين الجانبين تستوي بشكل أكثر تماسكاً بعد القبول الإرادي لمجاميع دينية لبنانية بأصل الطرح الفكري والعقائدي الذي كان يطلقه الإمام الخميني من إيران كنظرية ولاية الفقيه والمفهوم الجديد للصراع، الأمر الذي أفضى إلى حدوث تشظ عمودي داخل أطر حركة أمل التي لم تستطع مجاراة النَفَس الديني الراديكالي المتعاظم، فظهرت على يسارها حركة أمل الإسلامية، كما ظهرت حركة المستضعفين، إلى أن أعلن في العام 1982 عن قيام حزب الله المسلِّم تماماً لقيادة الولي الفقيه، وقد أسست العلاقة العضوية بين إيران والحزب مشهداً جديداً من العلاقة بين الدولة اللبنانية والجمهورية الإسلامية، فلعبت طهران دوراً محورياً لإتمام مشروع اتفاق الطائف في العام 1987 وفي إعمار المناطق المدمرة وإعادة تشييد محطات الكهرباء بعد عملية "عناقيد الغضب" في العام 1996، فنشطت المنظمات الخيرية الإيرانية كمؤسسة المستضعفين، الشهيد والإسكان لدعم عوائل الشهداء والمتضررين في لبنان وافتتحت لها فروعاً في البقاع والضاحية الجنوبية وفي العاصمة (بيروت)، كما أن منظمة الجهاد الزراعي الإيرانية نفذت أكثر من 130 مشروعاً زراعياً طيلة الأعوام الخمسة والعشرين الماضية، وخلال الخطاب الثاني للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال الأزمة الحالية وجّه حديثاً تطمينياً إلى اللبنانيين بألا يخشوا على ممتلكاتهم التي دمرها العدوان الصهيوني على لبنان لأن حزب الله لديه أصدقاء يعطونه مالاً نقياً طاهراً (على حد تعبيره) "من دون شروط سياسية" في تلميح واضح للدعم الإيراني السخي للحزب.

السياسة الإيرانية في لبنان

ينظر الإيرانيون إلى مسألة توسيع المبضع الديني للثورة بشكل أساسي ومحوري، لتتجاوز بذلك الحدود الجغرافية لإيران، وبالتالي فإن قياس السياسة الخارجية الإيرانية يجب أن يقرأ من خلال ذلك المتغير المهم، ومن خلال ما تخضع إليه العلاقة بين الشعوب ومستواها من تقويم وفق مقاييس هي في النهاية تنسيق وتعاون وائتلاف واتحاد وتناغم خارج الحدود، وإذا ما رجعنا إلى تأسيسات السياسة الخارجية لإيران منذ قيام الثورة يتضح أن مسألة الائتلاف تشكل السقف الأدنى لتحقيق الأهداف، وبالتالي فإن مسألة تجسير علاقات من نوع خاص سواء مع سورية في الشرق أم فنزويلا في الغرب، أم مع كيانات سياسية في المنطقة كحزب الله في لبنان و"حماس" والجهاد في فلسطين والمجلس الأعلى في العراق والوحدة في أفغانستان ونقوي وترابي في باكستان، يلتقي في النهاية الخط العام للهدف الاستراتيجي غير المؤطر بقومية محددة بقدر خضوعه إلى أكثر من متغير إقليمي وإلى منفعة متبادلة ضمن فضاء المصالح والتماهي الآيدلوجي، وبالتالي فهو غير خاضع أي المتغير إلى فرض أية أولوية خاصة من خلال بروز قوة إقليمية في ذلك التحالف. وبما أن إيران محاطة بحدود مشتركة مع 15 دولة، فإنه مازالت توجهات غالبيتها مضطربة سياسياً، مع وجود تباين ايديولوجي وعقائدي معها فقد دفعها ذلك إلى أن تقفز إلى ما وراء الحدود لتطويع ما يحدها من علاقات جليدية، ومنها في منطقة الهلال الخصيب.

في موضوع حزب الله، وباعتباره داخلاً في نظام التحالف المذكور، فلا يمكن لإيران إلا أن تكون المصدر الرئيسي له من حيث المال والسلاح والدعم السياسي والغطاء الإقليمي لنشاطه، وهو ما يفسره تصريح وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي عندما صرح من دمشق بعد يوم واحد من الأزمة إن طهران تقبل بعملية تبادل للأسرى بين حزب الله والكيان الصهيوني من خلال الوسيط الألماني، وهو ذات الطلب الذي ينادي به حزب الله، بالإضافة إلى ما قاله السفير الإيراني في بيروت محمد رضا شيباني علانية لرئيس الوزراء اللبناني السنيورة إن إيران تدعم الحكومة اللبنانية، إلا أنها تعتبر أن المقاومة تدافع عن لبنان في وجه التصعيد الإسرائيلي ولو لم ترد لكانت "إسرائيل" صعدت أكثر، كما أنه وعد بمساعدات مالية لإعادة إعمار ما تهدم. وبالتالي فإن غطاءً سياسياً إيرانياً قد بدأ منذ اللحظة الأولى، وهي الترجمة الحقيقية للتحالف والائتلاف والتناغم القائم. إذاً الإيرانيون في مسعاهم إلى تدعيم موقف الحزب سيرفضون إبعاد حزب الله عن الحدود الى شمال نهر الليطاني ونزع سلاحه ونشر قوات دولية بعد زيادة عددها في المنطقة الممتدة بين الليطاني والحدود الدولية، ثم إن الأكيد أيضاً على الأقل لحد الآن أن الإيرانيين سيرفضون مشروع كوفي عنان الأخير و(اللاورقة) الفرنسية المقدمة والمتضمنة نزع سلاح وتفكيك الميليشيات في لبنان واحترام الخط الأزرق كاملاً واحترام سيادة وسلامة أراضي "إسرائيل"، ويمكن أن تراهن طهران ودمشق ومن أمامهما حزب الله في معطيات الأزمة الحالية، على الخلاف الذي بدأ يظهر بين أولمرت ووزيرة خارجيته ليفني، ممتداً إلى أوساط سياسية في العمق الصهيوني باعتبار أن استهداف البنى التحتية العسكرية للحزب ومحاولات اغتيال قادته أشبه ما يكون بعملية "صيد في الظلام" كذلك الرهان قد ينتقل إلى التعويل على عامل الوقت الذي يرى فيه حزب الله وداعموه عنصراً آخر يضغط باتجاه إرغام الكيان الصهيوني على القبول بسقف مطالب آخر كلما تنامت مشكلات مع المجتمع الدولي وازداد ضغط الرأي العام الداخلي عليه وتعاظم ضغط الشارع العربي أيضاً على الأنظمة"المعتدلة" بحسب النعوت الصهيونية.

لكن السيناريوهات التي ستفرض نفسها خلال المرحلة المقبلة، والتي يجب أن يتحملها الجميع هي إما اتفاق على وقف إطلاق النار يشمل إعادة الجنود الأسرى في مقابل إطلاق الكيان الصهيوني لمئات الأسرى اللبنانيين والعرب وبالتالي خروج حزب الله منتصراً، وإما الغوص في المستنقع اللبناني من جديد ومواصلة الحرب ضد حزب الله بعد أن يتمسك الأخير بشروطه، وإما قبول حزب الله بالإملاءات الإسرائيلية بعد أن يصفي الكيان الصهيوني أمينه العام جسدياً في عملية استخباراتية خاصة، ومن ثم تنشر قوات من الناتو في منطقة عازلة، وتنزع أسلحة الميليشيات وينتشر الجيش اللبناني على الحدود. وأمام تلك الافتراضات تبقى جميع الخيارات مفتوحة لتقديم أو تأخير استحقاقات طارئة.

 الوسط 24/7/2006م 

**************

بن جبرين "تُكفى" لا تدعُ لنصرة حزب الله

2007-09-03

عباس بوصفوان

بداية أرجو أن يسمح لي القارئ الكريم أن أورد مقدمة مطولة نسبياً قبل الشروع في صلب المقالة، فقد شاءت الأقدار ضمن تداعيات الحرب الصهيونية الوحشية القائمة لليوم العاشر على التوالي ضد الشعب اللبناني الأعزل أن تأتي فتوى الشيخ السلفي السعودي البارز عبد الله بن جبرين حاثا فيها أتباعه بعدم جواز نصرة حزب الله أو الانضواء تحت إمرتهم أو الدعاء لهم بالنصر، بل ذهب بعيدا في ذلك حين نصح إخواننا أهل السنة "أن يتبرؤا منهم وأن يخذلوا من ينظموا إليهم"، بل الأعجب من ذلك ما نقلته صحيفة يدعوت احرونوت الإسرائيلية نقلا عن محطة فوكس نيوز حول تنفس الشيخ بن جبرين الصعداء كونه استطاع أن يبوح بمثل هذه الفتوى بعد ثلاث سنين من الصمت! وهو الذي لم يصمت يوما منذ فتواه الشهيرة بتكفير جميع الشيعة أوائل الثمانينات.

هنا، يبدو من نافلة القول الإشارة لما تمثله مسألة الدعاء في الثقافة الدينية من ثقل روحي وفعالية غيبية ينظر لها دينيا كعامل تأثير باتجاه تغيير الأمور على أرض الواقع. على الضفة الأخرى أيضا وبعيدا عن البعد الديني يمكن القول أن الدعاء يعتبر بحد ذاته موقفا شخصيا، سواء كان سلبا أو إيجابا، بمعنى أن الدعاء يدخل الداعي تلقائيا في دائرة التعاطف والتأييد للمدعو له، فيما قد يدخل الدعاء صاحبه في خانة الجفاء النفسي أو ربما العداء الفعلي بأشكاله المادية ضد المدعو عليه.

ولذلك ومن منطلق ثقافة دينية مرة أخرى نجد أن إحدى علامات المحبة للإخوان المؤمنين هي خصهم بدعواتنا بالتوفيق والنجاح في الظروف العادية، أما في ظروف الحرب فالدعاء أولا وأخيرا بالنصر المؤزر والغلبة على الأعداء، ولهذا وحده وجدنا كيف التقط الشيخ بن جبرين هذا الخيط الخفي والمتمثل في احتمالية ميل بعض "المخدوعين" للدعاء لحزب الله أو ربما نصرتهم أو التعاطف معهم، ليري فضيلته أن من المناسب أن يأتي على أي تعاطف مع الشيعة لدى الأتباع وليستأصله من "لغاليغه" وأن يمحو -بنظره- أي إمكانية ميل روحي تجاه هذا الحزب "الرافضي".

وبالعودة للفتوى التي بدا فيها الشيخ بن جبرين وأتباعه كمن امتلك النسخة الأصلية والوحيدة لمفاتيح السماء، فلم تعد تصعد دعوة واحدة للسماء السابعة إلا بإذنهم، أقول كنت سأكون أول من "يخاف" تلك الفتوى فيما لو ثبت ولو لمرة واحدة أن الشيخ وأتباعه قد استجيبت لهم دعوة واحدة في يوم من الأيام ضمن أي أزمة سياسية أو عسكرية تعرضت لها الأمة عبر سنين طويلة.

فلا يخفى كم قدم أخواننا السلفيون من الدعم الروحي والمادي من المال والرجال.. والدعاء بالنصرة في جميع المساجد السعودية لحركة طالبان وإمارة أمير المؤمنين الملا عمر، فلم تحصد إمارة طالبان من ذلك الدعاء إلا الزوال من الوجود في أيام معدودة حتى غدت أثرا بعد عين، والجميع يعلم كم ألقى السلفيون بثقلهم الروحي والمادي لدعم الحرب في الشيشان فلم تكن النتيجة بأحسن من سابقتها، فقد مُسحت جمهورية الشيشان الإسلامية المنتصرة حديثا بقيادة "المجاهدين"، مسحت من على الخريطة لتعود البلاد تحت قبضة الدبابات والجيش الروسي. وما نرجوه هنا أن يكونوا قد نسوا كذبة انتصارهم على قوات الاتحاد السوفيتي في أفغانستان وهم الذين لم يكونوا فيها أكثر من مخلب قط لدى وكالة المخابرات الأمريكية.

كما لا ننسى ما حصل للصومال التي نالتها بركات الدعاء والدموع والبكاء في ذات المساجد السعودية حتى تمزقت وتشرد أهلها في الآفاق شذرا مذرا، ناهيك عن التذكير بحال العراق أو الجزائر أو البوسنة والهرسك، أما القضية الفلسطينية فهي أوضح من أن يشار لها، فقد أدت نتائج الدعاء بالنصرة مفعولها جيدا حتى لم تحصد جميع تلك البلاد من دعاء "الفرقة الناجية" سوى المزيد من المعاناة والآلام والعذابات وعشرات الآلاف من الجثث المقطوعة الأطراف.

من هنا لم أخفي "ارتياحي" حين أمر الشيخ أتباعه بعدم النصرة أو الدعاء لحزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان، أقول ذلك حتى مع ما كشفته تلك الفتوى من حد مخجل من الفرقة بين أبناء هذه الأمة المنكوبة ببعض أبنائها، وأقول ذلك حتى مع شفقتي البالغة على الشيخ لما انطوت عليه فتواه من تطابق وتكامل مع الموقف الإسرائيلي في الرغبة بهزيمة حزب الله، إلا إني مع ذلك أستطيع هنا أن أرفع للشيخ أمنيات جميع الشيعة بأن يتمسك بفتواه تلك، وأن يأمر أتباعه بالامتناع حتى عن مجرد التعاطف معهم في أي قضية، حتى لا ينتهي مصير الشيعة إلى ما انتهت إليه إمارة طالبان والشيشان وفلسطين والصومال وجميع من تلقوا مثل تلك الدعوات والنصرة.

ودعوني أصدقكم القول، بأن العجب العجاب أن جميع من دُعي عليهم في المساجد السعودية بالفناء والدمار وقطع النسل وشل الأطراف وأن يصيبهم الله بجميع الأمراض المعروفة في القاموس الطبي وغير المعروفة في مراكز الأبحاث الطبية، لم يزدد هؤلاء إلا قوة وتوسعا وانتصارا سياسيا وعسكريا ودونكم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وإسرائيل!

من هنا أكرر على كل تكفيري، بأن أكبر معروف يسديه للمقاومة الإسلامية في لبنان، هو أن يسمع كلام الشيخ ويكف لسانه عن الدعاء لأبطال حزب الله بالنصر، خوفا من أن تلقى المقاومة لا سمح الله مصير من نالوا بركات ذات الدعوات "المخلصة" فكان مصيرهم أن ذهبوا مع الريح إما في الكهوف أو السجون أو تحولوا إلى قنابل بشرية تستبيح الأبرياء العزل في دور العبادة والأسواق ووسائل النقل والمجمعات السكنية في الرياض وبغداد والدار البيضاء وأقاصي الأرض.

من هنا أقول "تُكفى" يا شيخ وفر دعائك ونصرتك للمقاومة الشيعية في لبنان فهي في غنا عن ذلك، فيكفيها أن تحظى بدعوة خالصة من عجوز جنوبية ثكلى أو شيخا بقاعيا جريحا أو طفلا بريئا طاهر القلب، فيرفعوا أيديهم جميعا نحو السماء وليستمدوا من العزيز المقتدر العون والنصر للمجاهدين الصابرين المقاومين للغزاة، فذلك خير ألف ألف مرة وأبقى.. فهذه هي سهام الليل الحقيقية التي يجب أن يخاف منها كل ظالم متجبر أو مستحل للدماء التي حرم الله إلا بالحق.

الراصد الأخباري 31/7/2006م

**************

العدوان الصهيوني على لبنان... رؤية إيرانية

2007-09-03

محمد عبد الله محمد

من خضم الأحداث وما يتأسس عليها من مواقف، بدأ الحديث عن مساع أميركية حثيثة عبر استشارة حلفائها في المنطقة وتحديداً السعودية ومصر والأردن، لإخراج سورية من المحور الإيراني، تمهيداً لوقف دعمها لحزب الله، في مقابل وعود أو ضمانات خطية بعدد من النقاط بينها إطلاق جهود دولية للمفاوضات السورية الصهيونية بشأن الجولان، ووقف مساعي عزل سورية بما في ذلك توقيع اتفاق الشراكة السورية ­ الأوروبية، وخصوصاً أن الإدارة الأميركية تقرأ ما يحدث في لبنان من زاوية أزمتها مع إيران، لأن أحد أهداف المعركة المحتدمة في لبنان هو "تحجيم" الدور الإيراني هناك، وهو ما صرح به أحد مرافقي كوندليزا رايس في زيارتها للمنطقة قبل أسبوع.

وإذا نجحت واشنطن في هذا المسعى فإن وضعاً صعباً سيواجهه حزب الله وستواجهه المنظمات الفلسطينية التي سترى نفسها مضطرة لمغادرة دمشق كـجبهة متقدمة لها والتوجه للإقامة في طهران التي تحتضن الآن مكاتب تمثيلية لهذه المنظمات. الإيرانيون بدورهم ربما أدركوا هذا الأمر منذ بداية الأزمة فسارعوا للإعلان عن أنهم سيدعمون سورية بقوة عند تعرضها لهجوم صهيوني، الأمر الذي دفع بتل أبيب لأن تبعث برسالة تطمينية إلى دمشق (عبر وسطاء) بأن الهجوم لن يطول الأراضي السورية.

طهران ومنذ بداية الأزمة حاولت أن تضع نفسها موضع الدولاب الإقليمي لما يجري، فقامت بعدة خطوات دبلوماسية وإعلامية متلاحقة، حاولت أن تبدي بعضها من العاصمة السورية، وذلك لتأكيد وحدة الموقف أولاً بينها وبين سورية، وثانياً لإظهار نفسها كبلد قريب من خطوط التماس يجب أن يحسب له حساب، فتصريحات متقي ولاريجاني كلها تعكس ذلك بجلاء. في الأيام القليلة الماضية سعت القيادة الإيرانية للظهور كطرف محوري رداً على عدم دعوة الغرب لها لحضور مؤتمر روما الأخير، بعدما كانت في السابق طرفاً مهماً في إتمام اتفاق الطائف الخاص بلبنان ومؤتمر بون الخاص بأفغانستان ومن ثم مؤتمر طوكيو لدعم حكومة كرزاي وقبله مؤتمر صلاح الدين للمعارضة العراقية. لذلك فإن تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد عند لقائه بالرئيس الطاجيكستاني رحمانوف في دوشنبه واتصاله بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورسالة هاشمي رفسنجاني للعاهل السعودي، ومحادثات رئيس البرلمان حداد عادل مع نظيريه اللبناني والجزائري نبيه بري وعمار السعداني، وكذلك الزيارة التي قام بها أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي لمكتب حزب الله لبنان في طهران، كلها تشكل رسائل إقليمية ودولية عن مدى الحضور الإيراني في الأزمة اللبنانية. باعتقادي فإن المساعي الإيرانية تجاه ما يجري تسير لتحقيق عدة أمور آنية واستراتيجية يمكن التعرض لها بالآتي:

1­ يشكل حزب الله كحركة سياسية وعسكرية أهم حليف عقائدي وثوري لطهران في المنطقة، وهي بالتالي ليست في وارد التنازل عن وضعيته كجزء "قوي" ضمن موزاييك التوليفة السياسية في لبنان أولاً، ثم كطرف إقليمي مزعج للكيان الصهيوني وطليعي للحركات الإسلامية في المنطقة، لذلك فإنها ستسعى ما أمكن لأن لا يخرج الحزب من المعركة الحالية بخسائر عسكرية وسياسية موجعة، كما أنها ستمنع تجاه مقترح مستشار الأمن القومي الأميركي اليوت ابرامز والقاضي بأن تكون القوات الدولية التي سترسل إلى الجنوب اللبناني مؤهلة لأي مواجهة عسكرية مع حزب الله، أو إبعاده عن أماكن نفوذه في الجنوب إلى ما بعد الليطاني أو غيرها من المشروعات. بالإضافة إلى مساعيها لدى تركيا ودمشق للحؤول دون تطعيم تلك القوات التي تريد الأمم المتحدة إرسالها بضغط أميركي بقوات مصرية وتركية بعمق 20 كيلومتراً من الحدود. إن الحفاظ على قوة حزب الله تعني أمراً مصيرياً بالنسبة إلى طهران في المنطقة، مع التأكيد هنا أن الإيرانيين استطاعوا ومنذ تأسيس الحزب على الحفاظ على قوته الأمنية والعسكرية والسياسية، إلى الحد الذي دفع بالخبير في الشئون الاستراتيجية رون برغمان من صحيفة "يديعوت احرونوت" الصهيونية إلى القول: "إنه يجب الإقرار أنه منذ العام 1986 وحتى اليوم، أخفقت الاستخبارات الإسرائيلية في اختراق حزب الله، على رغم أن الحديث هو عن تنظيم صغير ينشط في مساحة صغيرة، وأن ثمة قائمة طويلة من الإخفاقات الاستخبارية في اختراق حزب الله حظرت الرقابة العسكرية نشرها كاملة".

كما كتب المعلق في "يديعوت أحرونوت" اليكس فيشمان أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية فشلت في جمع أبسط المعلومات عن حزب الله ومواقعه التي تقع تحت أنفنا، وأن مستوى المعلومات التي في حوزة الاستخبارات العسكرية عن الحزب، فقير بل بائس، وأن هذه الاستخبارات لا تملك معلومات حتى عن الوسائل القتالية ومنظومات الاتصال وتحصينات ومخابئ الحزب، من كان يصدق أن منظمة عصابات من مئات معدودة من المقاتلين النظاميين، يمكنها أن تشل دولة صاحبة الجيش الذي نجح في ستة أيام في القضاء على ثلاث دول عربية، إنه جيش كبير لكنه غبي،

2­ ستكثف طهران من العمل اللوجستي من قبلها تجاه حزب الله في هذه المرحلة، وهو ما بدأ عملياً بعد اتضاح قيام المقاومة الإسلامية باستخدام صواريخ خيبر واحد التي هي في الأصل أسلحة صينية طوارت في إيران وأعيد تسميتها بزلزال (،1،2،3،4 5) وأيضاً تزويده بالقذائف ذات الحشوة المزدوجة التي باتت قادرة على تدمير دبابات الميركابا الصهيونية، وإذا ما أرادت تل أبيب أن تقيم خطاً متغيراً يتوقف على المحددات على الأرض كما صراح بذلك عمير بيريتس فإن ذلك يعني أن طهران وحزب الله سيتقاسمان لعبة جديدة، وهي تكتيك تجنب الحسم العسكري المباشر (كسب أو احتفاظ بأراض) في المعركة الدائرة الآن عبر جر القوات الصهيونية إلى حرب استنزاف مرهقة.

وفي الوقت نفسه تدفع طهران بالتساوق مع ذلك التكتيك لإيجاد حسم سياسي عبر أطراف أوربية شرق أوسطية لا يخرج حزب الله خاسراً، مع ملاحظة أن السقف الموضوع من قبل تل أبيب سيضعف شيئاً فشيئاً إذا ما استطاعت خطة عدم الحسم العسكري في الوصول إلى نقطة العودة الصهيونية عن العدوان المتوقفة أصلاً على أمرين رئيسيين، هما عدد الجنود القتلى في الجبهات، ومدى قدرة الجبهة الداخلية الصهيونية على الصمود في وجه القصف المتواصل من قبل حزب الله للعمق الصهيوني واستفحال الأوضاع الاقتصادية للسكان التي تشكل الشرائح الفقيرة ثلثها، بعدما بدأ الحديث عن أضرار بلغت ملياري دولار عدا نفقات الحرب المباشرة والخسائر التي تكبدتها آلة الحرب الإسرائيلية. بل إن خبيراً اقتصادياً توقع أن الاقتصاد الإسرائيلي خسر حتى نهاية الأسبوع الماضي واحداً في المئة من الإنتاج، وأن يتوقف النمو الاقتصادي هذا العام عند 4,5 في المئة وليس 5,5 في المئة، كما كان متوقعاً.

وإذا كان السؤال الذي لايزال مطروحاً: ماذا بالنسبة إلى الموقف من دمشق وطهران باعتبارهما مؤثرتين في الساحة وفي حزب الله؟ فإن الإجابة ربما تأتي من بانوروما اللقاء بين نبيه بري ووزيرة الخارجية الأميركية في بيروت عندما سأل بري الوزيرة عن الموقف منهما وهل يمكن لواشنطن تجاهلهما، فجاء ردها: "اننا لا نتحدث معهما وأنتم كحلفاء لهما في وسعكم التحدث إليهما"، وفهم أن خلاصة الموقف الأميركي، هو أن واشنطن لا تتحدث معهما مباشرة لكن هذا لا يمنع من خلال الإشارات التي التقطها بعض من قابل رايس موافقة الإدارة الأميركية ضمناً على ترك الأمر لجهات عربية وأوروبية وروسية تتولى التواصل حالياً مع السوريين والإيرانيين، وهو أيضاً متوقف على أوضاع الجبهة.

الأوضاع تبدو خطيرة جداً، وخصوصاً أن اثنتين وعشرين دولة عربية لم يعد دورها أكثر من منظمات خيرية تبعث بمساعدات هنا وهناك، تاركة مقاتلي حزب الله يخوضون معركة شرسة مع أقوى آلة عسكرية في المنطقة، بل إن المسعى إلى إبعاد إيران عن لبنان لن يتحقق مع وجود فراغ عسكري عربي فاضح في الأزمة الحالية.

الوسط 31/7/2006م

**************

خطورة المرحلة الراهنة في العدوان على لبنان

2007-09-03

سيد عباس هاشم

تكمن الخطورة في هذه المرحلة من الصراع في توجه إسرائيل الجديد، إذ قررت كما يبدو إنهاء مرحلة معادلة توازن الرعب التي وجدت بانسحابها من لبنان في 25 أيار سنة 2000م حتى يبقى الرعب في يدها وحدها، وهذا يعني أن الوضع حاليا مع حزب الله هو الكون أو العدم. وفي سبيل اجتثاث الحزب، لا شيء محّرم أمام إسرائيل، وفي خضم هذا الصراع لا مكان لمفهوم الإرهاب الذي يعني كما في تعريف الأمم المتحدة استهداف الأبرياء، وما تراه إسرائيل من ابتزاز حزب الله المستمر لها شيء لا يمكن السكوت عنه واستمراره.

ولقد عوّلت إسرائيل سابقا على انقلاب عربي رسمي سرعان ما يحصل وعلى انقلاب الداخل اللبناني على حزب الله الذي أصبح في منتهى الصعوبة، وذلك عندما جرّبت سنة 1996 بعملياتها التي أطلقت عليها عناقيد الغضب، وانطلق الملأ آنذاك يرددون نفس ما ردده بعض الرسميين العرب هذه الأيام، من أن حزب الله يغامر في مواجهة القوة الرابعة في العالم، وأخذوا يطرحون المقارنات آنذاك بين ما يمتلكه الحزب من كاتيوشا وكلاشنكوف وما تمتلكه إسرائيل من دبابات وطائرات حربية أمريكية الصنع..الخ.الآن نسمع نفس النغمة الفاقدة للانسجام، ويضيف لها البعض متسائلا: كيف يدمّر البلد من أجل أسير أو أسيرين لبنانيين في سجون الاحتلال، ونسي هؤلاء أن الذي يقوم بتدمير لبنان قد فعلها من قبل دون الحاجة لمثل هذه الذريعة، ونسي هذا النفر البعد المبدئي والأخلاقي، فالذي يقيس المسألة بنفر أو نفرين، سيتمر قياسه قائم على نفس المنوال، ليصل إلى ألف وألفين والقرية والقريتين، فكلهم لا يستحقون التضحية بالبنان من أجلهم، بينما مبدئية حزب الله التي يفتقدها الصهاينة وحتى بعض الأحزاب اللبنانية، تلك المبدئية قائمة على أن يموت نصف الشعب في المواجهة مع الصهاينة إذا كان في ذلك تحقيق العزة والكرامة لينعم بها النصف الآخر، فيستديم الأمن وتتحقق التنمية على أساس متين ووثيق.

وفي الوقت الذي تقف أغلبية اللبنانيين مع المقاومة، وبدل أن يعلن اللبنانيون أنهم قد تعبوا إذ أنهم المستهدفون مباشرة، يتعب عنهم المسئولون العرب، وتعلن التعب عنهم دولة عربية تصدر تصريحا رسميا يحمل حزب الله المسئولية، مع أنها لم تقدّم رسميا ولا شهيدا واحدا في سبيل نصرة القضية الفلسطينية أو لبنان، وربما تعني أنها تعبت من تقديم فتات أموالها لإعادة الاعمار، مع أنها لم تقدم إلى لبنان أو فلسطين في خلال خمسين عاما نصف أو ربع ما قدّمته لأفغانستان في خلال خمسة عشر عاما والبالغ – كما قال السياسي اللبناني نجاح واكيم ـ عشرين مليار دولار.

ما يسمى بالمجتمع الدولي كعادته يتفهم الدافع الذي يدفع إسرائيل لدك المدن وقتل المدنيين عمدا، والكل يتذكر مجزرة قانا في جنوب لبنان سنة 1996 التي حدثت في مبنى تابع للأمم المتحدة، إذا لجأ المدنيون لهذا المبنى، فتعمد الطيران الحربي الإسرائيلي قصف المبنى وقتل ما لا يقل عن 100 من اللبنانيين، وأما ردّة فعل الأمم المتحدة التي ينبغي أن تكون الممثل الحقيقي لما يسمى بالمجتمع الدولي، هو أن طالبت إسرائيل بتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمبنى وقيمتها مليون دولار كما يقول السيد نبيه بري زعيم حركة أمل.

طبعا هناك من بكى على استثماراته في لبنان، وتأسف على جهود التنمية، أما من زار الضاحية الجنوبية وقرى الجنوب المهددة دائما وأبداً بالغزو الإسرائيلي، ورأى الحال المتردي دائما وأبدا ومنذ أكثر من 30 عاما، فسيتفهم نظرة الجنوبيين ووقوفهم بصلابة مع حزب الله وتبنيهم لرؤيته، إذ لا مكان لشيء اسمه تنمية وبناء حقيقي دون أمن، ولا أمن مع وجود الكيان الصهيوني يتهدد البلد بسبب أي حادثة مهما كانت بسيطة لتحطيم البنية التحتية، إلا بخلق توازن يردع الصهاينة من فعل ذلك.

منتديات البحرين 25/7/2006م

**************

الخروج من العصر الصهيوني.. إلى عصر الكرامة

2007-09-03

ليلى الجبالي /  كاتبة وصحافية مصرية

اليوم التاسع عشر من بداية الحرب العدوانية الصهيونية على لبنان.. أي بداية الخروج من العصر الصهيوني الأميركي إلى عصر الكرامة على يد قوات حزب الله، ترى كم وصل عدد الشهداء اللبنانيين حتى الساعة؟ وكم روت دماء أطفال لبنان ملائكة الحياة الأرض العربية وارتفع بكاء المواليد إلى السماء؟ وكم دكت الآلة العسكرية الصهيونية من البيوت ودمرت البنية التحتية وشردت عشرات الألوف من العائلات الأبرياء؟ وكم حرقت وتركت الحياة ركاماً مصحوبة باللعنات والكراهية الأزلية من القلوب؟ كنا نتابع مجريات الحرب بالعقول والأفئدة والتضامن غير المحدود. وعلى رأس كل ما سبق الصمود البطولي لشعب بلد الأرز السامق والجمال والحب والحياة. نتابعه شاكرين أنه جعلنا نعيش زمن سيد المقاومة والأمين على شرف الأمة والعروبة والإسلام "سماحة السيد حسن نصرالله" نصره الله.

وعلى الجانب الآخر، نهتز فرحاً وفخاراً مع كل قتيل صهيوني في ذل وانكسار. نزغرد فرحاً مع مشهد الإسرائيليين وهم يهرعون فزعاً ورعباً إلى المخابئ احتماء من صواريخ ما بعد حيفا (خيبر) كما وعد الصادق الواثق الأمين (حسن نصرالله).. نتابع "الوعد الحق" أمام أمطار الغزو الدموي النازي، إنها الصواريخ التي تدك الغرور الإسرائيلي وتصل إلى أحشائها في حيفا، وعكا، وطبرية وما بعد العصفولة بصواريخ "خيبر".. على رغم ما تملكه من ترسانة عسكرية أميركية تواصل بها القصف الوحشي على جنوب لبنان لتهدم الحياة الإنسانية.

ومع ذلك، فإن "الوعد الصادق" من سيد المقاومة بأن النصر آت، هو وعد حق.. نراه كل يوم مع دماء الشهداء وملاحم المقاومة وصمود شعب الكرامة والشرف الغريّ.

وعندما يتساءل بعضهم: ولماذا هذا اليقين؟

نقول: لأن التاريخ أثبت أن القوة العسكرية لا تهزم قوة الدم والاستشهاد والإيمان. فقد كانت هذه المنطقة في عهد عبدالناصر، منطقة عربية، فإذا بها تتحول بعد رحيله إلى منطقة صهيونية - أميركية الهوية بعد اتفاقية "كامب ديفيد" الاستسلامية. اتفاقية سلمت 99% من أوراقها في عهد "السادات" إلى الولايات المتحدة، (أي واقعيا) إلى عدد العرب والمسلمين منذ تسلمت أميركا المنطقة من الإمبراطوريتين الاستعماريتين "البريطانية والفرنسية" بعد العدوان الثلاثي على مصر باشتراك إسرائيل. ولولا ذلك الرهان على الولايات المتحدة، ما استطاعت الإدارة الأميركية وحلفاؤها الغربيون وعلى رأسهم الحكومة الانجليزية، أن تحتل العراق بغطاء وتواطؤ عربي رسمي. وما حققت إشعال الفتنة الطائفية بين "الشيعة والسنة" والاثنين مسلمين.. وما نجحت في تمزيق الأمة بدعم من العروش والأنظمة المصنوعة وتكريس الدكتاتوريات بالفساد والاستبداد وقوانين الطوارئ الأبدية.. وما كان من الممكن أن تقبل هذه الأنظمة الحاكمة أن تعيش أكثر من خمسين عاماً غارقة في العصر الصهيوني الأميركي الذي حوّلت فيه شعوبها إلى قطيع وسط الذئاب، يلفظها العار من كل الأركان.. أو تقبل الانصياع إلى هذه الـ "كوندا" وزيرة الخارجية الأميركية وهي تجوب الدول تعطي الإملاءات وتعلن الشروط، بل بكل وقاحة الهيمنة الأميركية الاستعمارية، تقول إن "مشروع الشرق الأوسط الكبير" قد بدأ تنفيذه. لا أدري لماذا تشبه عندي "جولدا مائير" بكل "القبح" و"العنصرية".

ما علينا، فهذه المعربدة والمتغطرسة، الاستعمارية العولمية المعروفة جعلت البعض يطرحون سؤالاً: وأين تاريخ هذه الأمة وحضاراتها وتراثها؟ أين ثورات التحرير والاستقلال؟ أين ثورة (1936 - 1939) الفلسطينية، بعد حركة عز الدين القسام في العام ,1935 أو ثورة المليون شهيد في الجزائر، أو ثورة 1919 المصرية، أو ثورة يوليو بزعامة "جمال عبدالناصر"، وأين ذهبت دماء شهداء حرب (67) و(73) على أرض سيناء؟ ومئات الأسرى المصريين في سجون إسرائيل مع الذل والتعذيب؟ الخ من جرائم العدو الصهيوني.. هل يمكن أن يذهب كل تاريخ البطولات، والدماء من أجل حرية الأوطان، أدراج رياح خونة الأوطان، وحلفاء الصهاينة والأميركان أعداء العرب والإسلام؟

كلا وألف كلا: وسواء انتهت الحرب العدوانية ضد شعب لبنان بانتصار المقاومة على الآلة العسكرية الصهيونية، بانتصار نهائي أو جزئي تكبدها فيه مزيداً من الخسائر في قواتها ومدنها ومعنويات مستوطنيها فإن هذه الحرب قد قدمت وحدة عربية لبنانية، التحمت فيها كل الطوائف اللبنانية، ذات الاختلافات المذهبية والطائفية، اجتمعت فيها بنسبة "80%" على الوقوف وقفة رجل واحد مع حزب الله ضد العدوان، وأظهرت للعالم كله صمود هذا الشعب العظيم. كما أظهرت تضامن شعوب العالم العربي والإسلامي، بل أيضاً الأوروبيين المعادين لإسرائيل ومع الشعب اللبناني في معظم عواصم الغرب. هذا وكلما تذكرنا وصف الرئيس المصري مبارك للسفاح الصهيوني شارون "بأنه رجل سلام" شعرنا بالعار "وأي عار". هل هناك مقارنة بينه وبين سيد المقاومة؟ هل هناك مقارنة بين موقف النظام المصري، وما تقوم به حركة حماس في فلسطين، وحزب الله في لبنان؟ ان ذكر دور مصر للنظام، مجرد رمز لكل الأنظمة العربية، لأنها قلب الأمة العربية ورائدتها سواء كانت في ظل حكومة وطنية أو حكومة تابعة راكعة في ذلة وخنوع.

أما أولئك الذين حاولوا إدانة حزب الله بحجة أنه السبب فيما حل من دمار ودماء في الجنوب، فما عليهم إلا ان يخلعوا عيونهم الزجاجية ويتذكروا أن هذه القوات هي التي حررت جنوب لبنان العام 2000 من الاحتلال الصهيوني، وأن يتخلوا عن دورهم خدماً للأنظمة التي تقوم بغطاء سياسة الإدارة الأميركية الصهيونية، والتي لن تحجب المذابح المتصلة للصهاينة منذ العام 1948 في "دير ياسين، كفر قاسم، قانا، صبرا وشاتيلا، جنين، بحر البقر، وكل المجاز المتواصلة في فلسطين المحتلة ولبنان والعراق وأفغانستان، ودارفور، ومستمرة في وحشية غير مسبوقة".

وياليت كل من سمع خطاب سيد المقاومين (حسن نصرالله) يوم السبت الماضي، يدرك أن هذا المعلم المؤمن الفذ، يؤكد (ان النصر آت.. آت) في الزمن الجديد، زمن المقاومة والشرف الغري بعد انتهاء العصر الصهيوني بالغ الوحشية والنازية وقرين إمبراطورية الشر الأميركية....

الوقت 31/7/2006م

**************

فليصمت المتخاذلون المثبطون ولتسعهم جحورهم

2007-09-03

ناصر الفضالة

في الوقت الذي يتمادى فيه أجناد بني صهيون في التنكيل والذبح في أبناء الشعبين الفلسطيني، واللبناني، بالمجازر المتعاقبة تحت سمع وبصر العالم بأسره، هذا العالم الذي يرقب أشكال وفنون الإرهاب من دون أن يحرك ساكنا، وكما يبدو فان الجميع قد أعطوا ضمائرهم إجازة مفتوحة لا يقطعها أو ينغص سباتها، سوى اسر أو جرح بعض الجنود الصهاينة، حينها فقط ترى الجمع يهب مستنكرا ومنددا ومتوعدا ومناديا بوجوب وقف هذا الإرهاب، و"المغامرة"، والتهور، وإطلاق سراح أبناء شعب الله المختار.

في الوقت نفسه الذي يواجه فيه الشعبان حربا توراتية مفتوحة لا يرقبون فيها لمؤمن إلا ولا ذمة ولا لطفل أو امرأة أو شيخ عاجز وفي ظل المتآمرين الصامتين الذين يمارسون أصناف النفاق الدولي..لا يجد الذين تركوا وحدهم وتقطعت بهم الأسباب مع بني أمتهم العرب والمسلمين، وبقية البشر، لا يجدون بدا من تصعيد مقاومتهم والدفع بكامل الجهد والوسع تصديا لآلة الحرب الهمجية لعباد العجل الذين أثبتت التجارب أنهم لا يفهمون سوى لغة واحدة هي لغة القوة والمقارعة بالحديد والنار.. هي نفسها اللغة التي أخرجتهم خزايا من الجنوب اللبناني ومن غزة، وستخرجهم منهما بإذن الواحد الجبار صاغرين مرة أخرى بشجاعة وصمود المجاهدين الأبرار. ولعل من أغرب الآراء التي نقرؤها ونسمعها في خضم المعاناة والجور الدولي بصمته المخزي تجاه ما يحدث، تلك الأصوات التي يريد أصحابها للشعبين الفلسطيني واللبناني وحدهما أن يموتا، ولا يريدون لهما أن يمارسا حق الدفاع عن النفس حين يقتلان وينكل بهما، ذلك الحق الذي أقرته الشرائع السماوية والأرضية كافة بما فيها ميثاق الأمم المتحدة. تلك المطالبات السقيمة التي تدندن بما تسميه لغة الواقعية السياسية، ليست في الحقيقة سوى تعبيرات تصدر عن مفهوم متهالك يقوم على أساس الاستسلام الكامل للعدو الصهيوني، والخضوع أمام جبروت قوته الباغية، والانحناء والاستجداء منه لأجل كسب عطفه وعدالته المندثرة خلف تعاليم الحقد والعدوان. وان كانت لدينا نصيحة نسديها لفاقدي العزيمة والإرادة من الذين انحرفت لديهم بوصلة الانحياز لتؤشر قبل البيت الأغبر، ونحو ديمقراطية عباد العجل الصهيوني.. نقول لهؤلاء الذين يعبرون عن خورهم وجبنهم على شاشات الفضائيات باتهام المقاومة الشريفة بالمغامرة والتهور، ومن خلال التصريحات الرسمية المتخاذلة المثبطة لأبناء الأمة: كفاكم رعونة واتركوا كلماتكم التي تنم عن الجبن المتوغل في الأعماق.. واصمتوا عن هذا الجهل أجدى لكم، بدلا من فضح دواخلكم السقيمة التي تنم عن افتقار شديد إلى القراءة السياسية الصحيحة لمجريات الأمور والأحداث. يكفينا على مدى عمر القضية الفلسطينية ما ابتلينا به من مزايدين ومتاجرين في قضية وآلام وجراح أهلنا في فلسطين.. ويكفينا نماذج من وجوه كالحة عرفت وانكشفت للجميع من الذين لا يهمهم سوى السعي الحثيث من اجل إرضاء أعداء الأمة، أومن اجل التمتع ببعض الامتيازات والمصالح الخاصة لدى الأعداء على حساب الحصار والذبح والقنص والتنكيل بحق أهلنا في ارض الصمود والتحدي الذين يعانون أشكال المهانة والعنت والحرمان والإرهاب كافة.. ولكن رغم كل ذلك يبقى الشعب متماسكا صامدا، بعد تخلي أولي القربى، فهؤلاء بكل الفخر هم الموصوفون بأنهم على الحق ظاهرون لعدوهم قاهرون..لا يضيرهم من خالفهم، هم الذين يعيشون على ارض بيت المقدس، واكناف بيت المقدس "بلاد الشام" ولن يتحقق النصر أو الخلاص إلا على أيدي أولئك الذين يسترخصون الدماء من اجل العزة والكرامة والشرف فهم: يستعذبون مناياهم كأنهم لا يخرجون من الدنيا إذا قتلوا.

أخبار الخليج 18/7/2006م

**************

نصر الله.. قائد تاريخي ورأس حربة في مقاتلة إسرائيل

2007-09-03

يتولى القائد التاريخي لحزب الله حسن نصر الله منذ 14 عاما منصب الأمانة العامة لهذه المنظمة اللبنانية الشيعية المرتبطة بإيران والتي شكلت رأس الحربة في مقاتلة إسرائيل في جنوب لبنان منذ العام.1985 وعرض نصرالله الأربعاء تبادل الجنديين الإسرائيليين الذي تمكن الحزب من اختطافهما في اليوم نفسه في عملية على الحدود اللبنانية الإسرائيلية مع أسرى معتقلين في سجون الدولة العبرية، وقال "لا نريد التصعيد في الجنوب ولا نريد أخذ لبنان الى حرب، ولكن إذا أراد العدو التصعيد فنحن جاهزون للمواجهة الى أبعد ما يمكن".

وقال هذا الزعيم الشديد الجاذبية في مؤتمر صحافي في الضاحية الجنوبية لبيروت ان الجنديين الأسيرين "لن يعودا إلا بوسيلة واحدة هي التفاوض غير المباشر والتبادل".

وقد تمكن نصرالله (46 عاما) الخطيب اللامع الذي يجمع بسهولة في حديثه بين الجدية والدعابة من فرض نفسه على مر السنين كقائد عسكري محنك ومفاوض بارع. ويكن له أتباعه ولاء يصل الى حد التبجيل.

وكان نصرالله تمكن في كانون الثاني/يناير 2004 من تسجيل نجاح هام تمثل بتنظيم عملية أشرف عليها شخصيا تمثلت في تبادل جثث ثلاثة جنود إسرائيليين مقابل الإفراج عن نحو 400 أسير لبناني وعربي معتقلين في السجون الإسرائيلية، إضافة الى استعادة جثث لبنانيين وعرب سقطوا في مواجهات مع الإسرائيليين بعد وساطة طويلة قامت بها ألمانيا.

بدأ نصرالله نشاطه في ميليشيا حركة أمل، بيد انه انضم الى حزب الله الذي أنشأه الحرس الثوري الإيراني (الباسدران) عام 1982 وتدرج في صفوفه ليصبح أمينه العام سنة ,1992 بعد قيام إسرائيل باغتيال أمينه العام السابق الشيخ عباس الموسوي في العام عينه. وشكلت عملية "تصفية الحساب" التي شنها الجيش الإسرائيلي على حزب الله في تموز/يوليو 1993 التجربة الأولى لنصر الله كأمين عام للمنظمة الشيعية المدعومة بالمال والعتاد من طهران والتي لم تتمكن العملية الإسرائيلية من تفكيكها، بل عززت موقعها كرأس حربة للمقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان.

ونجح حزب الله في نسج علاقات قوية مع العاصمة السورية، وهي علاقات ترسخت بعد ان فشل الإسرائيليون مجددا في عملية "عناقيد الغضب" في نيسان عام 1996 في التخلص من مقاومة الحزب العسكرية.

ومع خروجه منتصرا من "عناقيد الغضب"، تحول نصرالله الى "رمز المقاومة"، وذاع صيته في العالم العربي، لاسيما بعد مقتل نجله هادي أثناء معركة مع الإسرائيليين على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ليلتحق بالقافلة الطويلة للشهداء الذين سقطوا في المواجهات مع "العدو الإسرائيلي".

واشرف نصرالله لاحقا على عمليات تبادل، غير تلك التي نظمها الحزب في يناير/ كانون الثاني ,2004 استعاد في إحداها جثة نجله هادي. وتوج نصر الله سلسلة انتصاراته مع طرد الدولة العبرية من جنوب لبنان في مايو/ أيار العام 2000 بعد احتلال دام 22 عاما للجنوب اللبناني.

وإذا كان نصر الله تمكن خلال حقبة الاحتلال الإســرائـيلي من إحــاطة دور حــزبه المقاوم بما يشبه الإجـماع الوطني اللبـناني عليه، إلا ان الأمور تغيرت بعد طرد إسرائيل إذ ارتفعت أصـوات عدة تطالبه بنزع سـلاحه وتسليمه الى الدولة اللبنـانيـة.

 الوقت 19/7/2006م 

**************

قوات الصفوة الإسرائيلية.. والأسطورة التى تحولت الى قصص للأطفال

2007-09-03

لم يكن مصدر الشعور الصدمة والذهول، والحرج الذي أصاب دوائر صنع القرار في الدولة العبرية، والرأي العام الإسرائيلي في أعقاب معركة " بنت جبيل " البطولية التي خاضها حزب الله وأسفرت عن قتل وجرح ثلاثين من جنود الاحتلال؛ يرجع الى مجرد سقوط هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى؛ بل في حقيقة أن هيئة أركان الجيش قد أوهمت حكومة ايهود أولمرت بأن التفوق النوعي والكمي للقوات الإسرائيلية سيضمن سيطرة جيش الاحتلال على بلدة " بنت جبيل "، بدون ثمن يذكر، كما يقول أمنون أبراموفيتش، كبير المعلقين في القناة الثانية للتلفزة الإسرائيلية. وحقيقة، فأن نظرة بسيطة على حجم ونوعية القوات الإسرائيلية الخاصة التي خاضت معركة " بنت جبيل "، بشكل مباشر، أو شكلت إسناد لها، تؤكد أن موازين القوى في هذه المعركة كانت مائلة بشكل جارف لصالح جيش الاحتلال. فمقابل بضع عشرات من مقاتلي حزب الله، وقف أكثر من 1000 جندي إسرائيلي كانوا متواجدين في البلدة ومحيطها عند بدء المعركة، وهم ينتمون الى ما توصف بأنها " الوحدات المختارة "، و" ألوية الصفوة " في جيش الاحتلال، الى جانب منظومة جوية واستخبارية متكاملة. وقد تشكلت القوات الإسرائيلية البرية التي كانت تعمل في المنطقة على النحو الآتي:

1 ـ لواء الصفوة " جولاني ": يعتبر هذا اللواء أفضل ألوية المشاة المقاتلة في جيش الاحتلال. وعادة ما يشعر الإسرائيليون الذين خدموا في صفوف هذا اللواء بالفخر بسبب ما يسمونه " تراث البطولة "، الذي خلفه هذا اللواء. ودائماً ما تقوم هيئة أركان الجيش بتكليف هذا اللواء بالعمليات الخاصة خلف خطوط " العدو ". وينسب لعناصر هذا اللواء احتلال هضبة الجولان في حرب العام 67. ومعظم رؤساء هيئة أركان الجيش سبق لهم أن خدموا في هذا اللواء وقادوه في فترة من فترات حياتهم العسكرية، ومن هؤلاء رؤساء الأركان السابقين: شاؤول موفاز، وموشيه يعلون، وموشيه ليفي، وامنون ليبكين شاحاك، وغيرهم،في نفس الوقت، فأن معظم الجنرلات الحاليين الذين يشكلون هيئة أركان الجيش سبق لهم أن قادوا هذا اللواء وخدموا تحت لوائه. وأن كان هذا اللواء هو أفضل ألوية المشاة، فأنه مكون من عدة كتائب، وقد شاركت في معركة " بنت جبيل "، أفضل كتيبة في هذا اللواء، ألا وهي كتيبة " 51 ". وكسائر ألوية المشاة، يحتفظ هذا اللواء بوحدات خاصة تعمل في صفوفه، وتتخصص هذه الوحدات في عمليات التسلل والمباغتة والاقتحام المفاجئ، ويملك لواء " جولاني "، وحدة " ماجلان "، التي تشكلت قبيل المواجهة الأخيرة في لبنان، ووحدة " ايجوز "، أي " النواة "، وقد قتل عشرة من جنود هاتين الوحدتين قبل معركة " بنت جبيل ".

2 ـ لواء المظليين: يعتبر لواء المظليين المعروف ب " هتنسنحنيم "، الذي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ارئيل شارون من اشهر قادته، من أفضل ألوية المشاة المتخصصة في العمل خلف حدود " العدو ". وقد اكتسب اللواء شهرة خاصة في حرب العام 67، حيث أن هذا اللواء في تلك الحرب احتل الضفة الغربية بقيادة ماتي غور، الذي تولى فيما بعد رئاسة هيئة أركان الجيش، وأصبح فيما بعد وزيراً عن حزب العمل، وانتحر قبل عقد من الزمان بعد أن أصابته بمرض السرطان. وينقسم هذا اللواء الى " كتائب "، وتتبع له وحدتين خاصتين، هما: الوحدة" 101 "، و" السرية الخاصة ". قد نفذت الوحدة " 101 " بقيادة شارون مجزة قبية في العام 1954. وفقدت هذه الوحدة عدد من جنودها في المعارك الأخيرة في لبنان.

3 ـ لواء مدرعات مكون من دبابات " ميركفاة "، التي توصف بأنها الدبابة الأكثر تحصناً في العالم.

4 ـ وحدات استخبارية: وحدة " 504 "، المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية، وقد أعلن حزب الله أنه قتل 4 من عناصر هذه الوحدة.

5 ـ سرب من مروحيات " الأباتشي "، الأمريكية الصنع، التي توصف بأنها أفضل المروحيات في العالم. وقد تكبد جيش الاحتلال كل هذه الخسائر على الرغم من تغطية " الأباتشي "، المباشرة.

6 ـ منظومة من طائرة الاستطلاع بدون طيار، التي تقوم بجمع المعلومات الاستخبارية عن حزب الله، والتي تنقل بشكل مباشر صور لتجمعات مقاتلي حزب الله لجنود الاحتلال قبل وإثناء العمليات الحربية.

7 ـ الى جانب ذلك منظومة تسليحية تعتمد على أفضل ما أنتجته التقنيات المتقدمة، وتجهيزات للرؤية الليلية، وبنية اتصالات فائقة الدقة.

كل ذلك جعل وقع الهزيمة في " بنت جبيل " مدوي بشكل خاص.

موقع إنباء الأخباري 31/7/2006م

**************

حزب الله.. قراءة في خلفيات أسطورة الصمود وملحمة النصر المبين (1)

2007-09-03

 

(1)

محمد كاظم الشهابي

"إن الهزيمة تقع حين لا يصل المحاربون إلى الهدف الذي من أجله خاضوا القتال. والنصر يكون للذين يقاتلون لمنع عدوهم من تحقيق أهدافه". من رسالة رجل حقيقي إلى بوش وأولمرت وغلمانهم في بيروت. "هبت رياح جديدة لأشرعة "حزب الله" لتحقيق النصر بعد الاشتباكات البرية الأخيرة".

"اذا نجح "حزب الله" بجر الجيش لاشتباكات على الحدود فسينهي الهجوم مرفوع الرأس". وردت العبارتان السابقتان في سياق حوار نقله تلفزيون العدو الصهيوني، ظهيرة الخميس 20 يوليو الجاري "خلاف حاد داخل القيادة العسكرية الاسرائيلية حول جدوى الدخول البري إلى لبنان". تلفزيون العدو مساء الخميس 21 يوليو الجاري. تنويه: "ندين بالعرفان والامتنان لصديقنا الباحث المتخصص في الشئون الصهيونية الأستاذ خضر عواركة، الذي أتحفنا بدراسة قيمة استفدنا منها كثيرا في إعداد سلسلة المداخلات هذه" كلا.. أيها المرجفون والانهزاميون والخونة.. كلا أيها العملاء والمتخاذلون.. ليس في الأمر أدنى درجة من المبالغة، أو النشوة بمعطيات اللحظة الراهنة، هذه قراءة علمية واقعية متعمقة جدا، سنتطرق فيها لكل عناصر القوة لدى أمريكا واسرائيل، وأول ما سنأخذه في الاعتبار (التفوق) في ميزان الالة العسكرية الأمريكية الصهيونية، ولكن.. لا شك أن حرب الكمائن والصواريخ التي يخوضها رجال "حزب الله" تحت المراقبة الفائقة الدقة والقاتلة لسلاح الجو الأمريكي ـ الإسرائيلي المعزز بطائرات الأواكس، وطائرات التجسس الإسرائيلية، واليو ـ تو الأمريكية، والأقمار الصناعية المتطورة لكل من أمريكا ـ فرنسا ـ بريطانيا، وضاربي المندل من سلاطين العرب، إضافة إلى اثنين وعشرين جهاز مخابرات دوليا، وعشرة أجهزة عربية على الأقل، وثلاثة اجهزة لبنانية، واحد منها يعمل بتعاون واشراف الـ (F.B.I) المباشر. كل هؤلاء يتعاونون في مهمة واحدة، هي رصد النشاط العسكري للمقاومة الاسلامية على الأرض اللبنانية.. هذا الجهد التجسسي الرهيب ليس وليد الساعة، بل بدأ منذ العام 1993م بشكل منظم، وتولت تنسيق قنوات التواصل بين هذه الأجهزة في بيروت محطة المخابرات الأمريكية في عوكر، وبحسب معلومات مؤكدة تناقلتها الألسن في بيروت، كان رئيس مجلس النواب "نبيه بري" قد ناقش هذا الموضوع مع عدد من الرؤساء والملوك العرب في جولاته العربية الأخيرة، بناء على طلب خاص من سماحة "السيد نصرالله"، وقد أصر الجميع على حصرية عمل هذا الجهاز المشترك في ميدان محاربة منظمة القاعدة! نضيف، كل هذه المعطيات معززة بسلاح الطيران الصهيوني الذي يعتبر الأول في العالم، من حيث حجم تجهيزاته الالكترونية، وقدرته على تحديد الهدف وضربه، بالتعاون مع طائرات التجسس التي لا يكاد سرب منها يترك أجواء المعركة، إلا ليعود سرب آخر، وهذا ما يجعل من أي مجنون يفكر بمقاومة إسرائيل مغامرا من النوع النادر الذي يبعث من جديد حنق أساطير أبي لهب وأبي جهل. أما على الأرض فدبابات الميركافا المزودة برادار مضاد للأفراد، ومدفع ينطلق ذاتيا تبعا للحرارة الصادرة عن اي أجسام متحركة على بعد أميال، ومدفعية موجهة بالشاشات والكمبيوتر، وبالاضافة إلى كل هذه الترسانة من آلة الدمار، هناك سلاح المشاة، الموضوع في خدمة نخبة النخبة منهم، طائرات نقل عمودية مزودة بمحركات كاتمة للصوت، وهم يحملون أسماء أسطورية كـ "دوفي دوف" و"جفعاتي" و"اللواء 101" إلى آخر القائمة. ويكفي للدلالة على (التفوق) الأمني العسكري الإسرائيلي، أن أمريكا وبريطانيا طلبتا تدريبا إسرائيليا لجنودهما الذين يخوضون حرب الشوارع في العراق، كما أن معظم جيوش عملاء أمريكا، ومنها بعض دول المنطقة ترسل ضباط النخبة في جيوشها لمتابعة دورات عسكرية في تل أبيب. لكنها إرادة الله القاهر الجبار، وإرادة الصمود لدى رجال "حزب الله".. انه الإيمان المطلق بالنصر، "ان الله ينصر من ينصره"، ايمان أساسه الأخذ بأسباب العلم، والعمل الجاد والدؤوب، والصبر والسهر، والثقة بالنفس، وبقائد تاريخي عظيم. وللحديث صلة.

أخبار الخليج 22/7/2006م

 **************

حزب الله.. قراءة في خلفيات أسطورة الصمود وملحمة النصر المبين (2)

2007-09-03

 

(2)

محمد كاظم الشهابي

"في لقائه مع قناة الجزيرة، مساء الخميس الماضي، وعدنا سيد المقاومة بمزيد من المفاجآت، وبرأيي أن كل من تابع اللقاء، وكل إطلالات هذا الرجل الأسطوري في مستوى ثباته وهدوئه، وحنكته السياسية، وبعد نظره، سيبقى مذهولا لعظمة هذا الرجل.. الذي يشكل وجوده في عالمنا العربي، وفي هذا الزمن الأمريكي أكبر المفاجآت!!".

في مداخلة الأمس تحدثنا عن "التفوق" التقني والعددي للعدو الصهيوني، ونضيف إليه أيضا، عنصر الدعم الدبلوماسي الدولي، هذا واقع لا مراء ولا جدال فيه، ولكن في مقابل ذلك، هناك حقائق دامغة، وعناصر قوة أثبتت بالتجربة الميدانية تفوقها على العدو الامريكي ـ الصهيوني، ومنها: أولا: يقر معهد "جافي" وهو إحدى المؤسسات التابعة لـ "مركز الأمن القومي الإستراتيجي الإسرائيلي"، ومعهد "جافي" متخصص بمتابعة التوازنات العسكرية في المنطقة، يقر معهد "جافي" أنه لا يمتلك أي معلومات مؤكدة عن تسليح "حزب الله"، لا نوعا ولا كما، إلا بمقدار ما يحصي من إصابات وضربات، نتيجة لهذه الأسلحة من بين الصهاينة! قبل سنوات سجل هذا المركز المتخصص الذي يستقي معلوماته من مصادر عدة، بينها بالتأكيد أجهزة إسرائيل الأمنية، أن لـ "حزب الله" مخزونا من الصواريخ ربما يصل إلى اثني عشر ألف صاروخ كاتيوشا، ثم رفع العدد في العام 2004م إلى ثلاثة عشر ألف صاروخ، والرقم بالطبع غير دقيق وقديم جدا، وبحسب مصادر أهمها عملاء لبنانيون يبدو أنهم يعتمدون على تقنية شم رائحة الصواريخ عن بعد. ثانيا: حسب المصدر السابق فان كل ما يمتلكه "حزب الله" من قوة إسناد ناري، لا تزيد على بضع عشرات من المدافع المضادة للطائرات، ومدافع الهاون، وبعض راجمات ذات الأربعين فوهة، ومدفعية مباشرة من عيار (75 ملم)، و(106 ملم)، وعدد غير معروف من صواريخ "لاو"، و"تاو" المعدلة، و"دراجون" وصاروخ "صقار" الإيراني ذي التوجيه الذاتي، الذي دمر دبابات الميركافا أربعة. ثالثا: أما عن المقاتلين، فهم بحسب المركز الإسرائيلي خمسمائة ضابط، مدربون تدريبا عاليا جدا، يعادل تدريبات رتب الأركان في الجيوش العادية، وهم متمرسون لسنوات طويلة في أعمال المقاومة، يعاونهم ويسندهم عشرون ألفا من الاختصاصيين في الأسلحة المتعددة، وعلى رأسها العبوات المتطورة، وهم بمعظمهم من سكان القرى الجنوبية الذين لا يمكن تمييزهم عن بقية المواطنين. هذه بإيجاز شديد أهم المعلومات الإستراتيجية التي تمتلكها اسرائيل عن "حزب الله".. ولكن لنقرأ ما يقوله أحد ضباط الجيش اللبناني من "آل حاطوم"، وهو ممن شارك في معارك التصدي لعدوان العام 1993م إلى جانب رجاله، قال عن المقاومين وقتالهم: "مخازنهم في التلال والوديان، صواريخهم تنطلق من بطون الجبال، آلياتهم أشباح تظهر لتصلي العدو نارا ثم سرعان ما تختفي!! وكأنها طير حط من السماء ثم عاد إليها، بعد صلية متمرسة ودقيقة".. هذه وجهة نظر عسكري متخصص. وكون "الحديدة حامية"، كما يقال باللهجة اللبنانية، فلا شك أن انجاز "حزب الله" النوعي في عملية ضرب البارجة قبل أسبوع، التي قيل في تجهيزاتها الكثير الكثير، ما يؤكد حقيقة دامغة، وهي أن العدو الأمريكي الصهيوني، ورغم ما يملكه من ترسانة تجسس عملاقة، مكونة من أقمار صناعية للتجسس الدقيق، وطائرات "أواكس" للمراقبة على مدار الساعة، وشبكات تجسس تستخدم أكثر التقنيات تعقيدا وتقدما، فإنه لا أحد يعرف ما لدى "حزب الله" من سلاح إلا حزب الله نفسه! من وجهة نظر شخصية، لا يمكن الجزم بأن السوريين والإيرانيين فقط، هما المصدران المفترضان لحصول "حزب الله" على التكنولوجيا المتقدمة التي بها تحارب المقاومة، (بحسب التوصيف اللبناني لهم ـ كما جاء في البيان الوزاري). جيش الستين مليار دولار العبري، لا يقاتله اتباع نصرالله بالدعوات والصلوات، بل بإعداد بالغ الدقة، وصبر يفوق القدرة الإنسانية، مدفوعين بعصبية دينية تمجد الموت أيما تمجيد، ويفضلون الاستشهاد قاهرين أعزاء، على الحياة مقهورين أذلاء. وللحديث صلة.

أخبار الخليج 23/7/2006م

 **************

حزب الله.. قراءة في خلفيات أسطورة الصمود وملحمة النصر المبين (3)

2007-09-03

 

(3)

محمد كاظم الشهابي

أما عن المهارات الفردية، والقدرات القتالية لكوادر المقاومة في "حزب الله"، فيقول الجنرال "رافي رومبرغ" قائد وحدة مظليي "الدوف دوف" الشهيرة، والذي شارك في الهجوم على قرية "عين التينة" في منطقة البقاع الغربي، وكان يتمركز فيها 15 عنصرا من "حزب الله":

"لقد دكت المدفعية المنطقة، وهدمت الطائرات البيوت بالكامل، وواصلنا تطهير المنطقة بحزام ناري لساعات طويلة، حتى اعتقدنا أنهم قتلوا تحت المنازل المهدمة.. وحين تقدم مشاتنا على متن المدرعات لسحب جثثهم، خرجوا من بين الصخور التي حمتهم، وهاجمونا بالصواريخ المضادة للدروع والقنابل اليدوية.. لقد التحموا وجها لوجه مع جنودنا.. قتلنا منهم (...) فجنودنا الافضل، ولكن ليس من دون دفع ثمن باهظ.. لقد خسرنا الكثير من رجالنا في المعركة". (نقلا عن موقع فريكي الاسرائيلي 1997م). إن كثيرا من المتابعين يعتقدون أن "حزب الله" يتعلم أساليب الحرب من الإيرانيين، وهو كلام فيه شيء من الصحة، ولكن ليس دقيقا، فرغم التعاون بين الطرفين، والتسهيلات الايرانية المهمة في مجال التدريب المتقدم، خصوصا البحري والجوي، غير المتوافر للحزب في لبنان، فإن المعلم الأول لـ "حزب الله" في مجال الاستراتيجيات الحربية العسكرية والنفسية هو الجيش الإسرائيلي نفسه!! المقاتلون الذين واجهوا إسرائيل في "خلدة" عام 82 راكموا خبرة استفاد منها الجيل الثاني، الذي قاتل لتحرير الأرض، ودحر المحتل حتى الشريط الحدودي في عام 85، ذاك الشريط الذي بقي تحت السيطرة الإسرائيلية لخمس عشرة سنة لاحقة، انفرد خلالها "حزب الله" بالعمل المقاوم لطبيعة المجتمع الجنوبي المتحول بقوة باتجاه التدين، ولسبب آخر، وهو اقتناع العديد من المقاومين بأن دحر إسرائيل من منطقة الشريط يعادل دحره من تل أبيب، وبسبب ندرة الجنود الإسرائيليين على الأرض، حينما كان جيش العميل "لحد" يعمل بمثابة كيس الرمل الذي يحتمي به جيش العبريين، مع اكتفاء الإسرائيليين بدعم عملائهم بالطيران والمدفعية. هذه السنوات الطويلة من العمل المقاوم بحسب التوصيف اللبناني، والإرهابي بحسب جورج بوش، كرست مشاعر العداوة والحقد بين جيش المحتل، والمقاومين من "حزب الله"، الذين خبروا كل خطط عدوهم، وأساليبه، وأسلحته التي كانت تطور وفقا لإيقاع التطور التكنولوجي الأمريكي والأوروبي، والتي تعلم أعضاء الحزب المتحمسون والمتعلمون كيف يبطلون مفاعيلها، (أكثرهم خريجو وطلاب جامعات أو مهنيات تقنية) من خلال تطويرهم لأساليب عمل تتناسب مع حاجات الأرض والطبيعة التي يعرفون أدق تفاصيلها، كما لا يعرفها المحتل، مع فارق مهم جدا، وهو أن البحر الذي يسبحون فيه موال لهم بشكل متعصب، وقد زاد خلال هذه الأيام إلى درجة الجنون الهستيري في الرغبة في القتال انتقاما من إسرائيل، ودفاعا عن الحزب وقائده، الذي أسر القلوب بكاريزما استثنائية. أضف إلى ذلك أن الخوف الطبيعي في الانسان العادي يتغلب عليه صاحب الهدف ويستبسل من أجله، فكيف بمن عرفوا بتدينهم ووطنيتهم، والارتباط العاطفي الشديد بقادتهم وبفكرة الاستشهاد الكربلائي، ومثلهم الأعلى الامام "الحسين بن علي عليه السلام"؟ إن هؤلاء كلما شعروا بالحصار الدولي، وبقلة الناصر، كما يحدث الآن نتيجة تصريحات الخذلان الرسمية العربية، رغبوا أكثر في الاستشهاد والاستبسال والاخلاص لقائدهم، الذي جسد حقيقة الصامد المستضعف، والمحاصر المستهدف، في آخر ظهور له، فأشعل في رجاله الأشداء الأوفياء كل الحماس والإصرار على النصر. وللحديث صلة.

 أخبار الخليج 24/7/2006م 

 **************

مصريون يحلمون بسفينة ومسيرة مليونية و"كاريزما" نصرالله تفوق الخيال

2007-09-03

بعد أسبوع من الحرب الإسرائيلية على لبنان، يطل السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله بكاريزما تخطف قلوب المصريين متجاوزا رصيده الشعبي بين النشطاء السياسيين من قوميين وإسلاميين ويساريين، كما يحلم مصريون بكسر الحصار بمسيرة مليونية في القاهرة وبسفينة إلى بيروت " تضامن، المسيرة" لتحدي حصار الداخل، وقد شوهد آلاف من جنود الأمن ومئات العربات أمس الثلاثاء مستنفرين في قلب القاهرة بعدما سرت شائعة عن محاولة للتظاهر في ميدان التحرير، وحول النقابات التي عرفت على مدى الأيام القليلة الماضية تجمعات لا تتجاوز مئات المحتجين المحاصرين بأطواق أمنية صارمة.

أما السفينة فقد أصبحت فكرة يبحثها نشطاء عايشوا عام 1982 إبحار "سفينة التضامن " من بورسعيد إلى بيروت تحديا لحصار المقاومة الفلسطينية.

وتيرة الغضب في تصاعد من دون ترجمتها مظاهرة كبيرة تجوب شوارع القاهرة او سفينة تقصد لبنان. وهيئات كاتحاد الكتاب والاتحاد العام للنقابات الفنية ونقابة الممثلين انضمت إلى نقابات الصحافيين والمحامين والأطباء والصيادلة فضلا عن الأحزاب السياسية في المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي وبقطع العلاقات مع تل أبيب، فيما ارتفع سقف المطالب الغاضبة إلى طرد السفير الأميركي، وحتى جريدة " الوفد " الليبرالية خرجت بالأمس بعنوان " بوش يذبح لبنان ".

وكان محتجون أمام نقابات مهنية قد اخترعوا شعارا جديدا:"اشطب اشطب بالأستيكة.. مش عايزين سفير أميركا".

كما تنادى نحو مئة مفكر ومثقف وسياسي بارز إلى بيان تضامن مع المقاومة اللبنانية وحزب الله.

الصحف المصرية وبخاصة القومية لا تزال منقسمة بين مناصري المقاومة وبين مبرري الحرب الإسرائيلية بزعم ان حزب الله ينفذ أجندة أميركية ضارة بلبنان وبالمنطقة. لكنها أصبحت تنشر هذه الأيام "لغة خشنة" ضد إسرائيل تتحدى نصوص المعاهدة المصرية الإسـرائيلية الموقعة منذ 27 عاما وأيضا عقوبـات الحـبس والغرامة في قوانين النشر.

وأصبح من الشائع أن تطالع في جريدة كـ "الأهرام" في وصف إسرائيل وعقيدتها الصهيونية ألفاظ "النازية" و"العنصرية" و"مجرمي الحرب" حتى في "الأهرام".

الحرب الإسرائيلية تطل خلف أبواب كثيرة على رغم بعد المسافة.الحرب تفسر لدى متعاملين في البورصة المصرية انخفاضا جديدا في الأسهم جرى يوم الأربعاء الماضي.

والحرب اعتبرها خبراء في سوق الذهب بحلول نهاية الأسبوع خلف ارتفاع أسعاره في السوق المصرية. والحرب في السياحة توقعات بموسم صعب على ضوء انتقال زخم حركة السياحة الإقليمية إلى جنوب أوروبا والمغرب العربي.

المصريون كبقية الشعوب العربية مشدودون هذه الأيام إلى الفضائيات الإخبارية، يتابعون أخبار لبنان لحظة بلحظة. والخدمة الإخبارية للتليفزيون المصري التابع لوزارة الإعلام تخسر كالعادة. لكن المشرفين على خريطة برامج التليفزيون اضطروا بعد أسبوع من الحرب مراعاة للمشاعر الغاضبة والحزينة لإعلان استبدال أفلام وأغنيات المصورة(الفيديو كليب) بأخرى أكثر وقارا ومراعاة لمزاج الناس.

كاريزما " حسن نصر الله " الصاعدة بين المصريين دفعت نقاد سينمائيين إلى القول بان الرجل تحول إلى " نجم شباك " ينافس عادل إمام ونور الشريف واحمد زكي أبطال فيلمي "عمارة يعقوبيان " و"حليم"، وبعدما لا حظوا تراجع الإقبال على مشاهدة الفيلميين الجديدين في دور السينما المصرية وانصراف الجمهور إلى أخبار الفضائيات.

 الوقت 19/7/2006م 

**************

ليس الآنسة كوندي, بل السيد حسن هو من سيشّكل الشرق الوسط الجديد

2007-09-03

منتظر الفضيل*: هذه ليست ابدا حرب من أجل اسرى يهود تجري محاولة استردادهم. هذه حرب من أجل صناعة التاريخ. تاريخ الشرق الاوسط يصاغ من جديد الآن امام انظارنا. لننتبه جميعا ان ما نشهده ونعيشه في هذه المرحلة هو صراع حضارات بكل ما في الكلمة من معنى وهو ما بشر به وسعى اليه مفكرو الغرب وما توقعوه من «نهاية التاريخ» بعد الانتصار على المعسكر الشيوعي وجاء المحافظون الجدد في الولايات المتحدة الامريكية ليطبقوه على ارض الواقع. لم يجد هؤلاء افضل من شرقنا الاوسط لممارسة تجاربهم عليه فهم يعرفون ادق تفاصيل التفاصيل فيه وهم من رسم خارطة كل بلد فيه وهم من حدد حدود دوله وهم من يعرف ما فيه من خيرات ومكاسب وهم من غرس فيه الكيان الصهيوني وهم من ثبت هذا الكيان ليكون حيا ينبض بالحياة من خلال المساعدات الغير منقطعة بكل انواعها العسكرية والاقتصادية والسياسية.

تبادر لهم ان الوقت ملائم ليقطفوا الآن ثمار ما زرعوه في هذا الشرق بعد الحرب العالمية الثانية ويهيمنوا مباشرة على المنطقة بأسرها بعد ان ضمنوا ولاء وسكوت معظم الانظمة وقبولهم بعقد معاهدات استسلام لإسرائيل ولم يتبقى لديهم إلا بعض النتوءات هنا وهناك مثل ليبيا والسودان وايران وسوريا وحزب الله. زعيم ليبيا انهى بنفسه عنترياته واقر انه خارج حلبة الصراع بعد معارك دانكشوتيه وبعدما رأى مصير صدام العراق وبينما السودان الآن بين المطرقة والسندان بقضية دارفور فسوريا وايران لم تخرجا بعد من مرحلة مناوشات الغرب وضغوطهم السياسية. لم يبقى إذا إلا حزب الله ومشاكساته في تلك البقعة الصغيرة والبلد الغير مسلح.

وجاء القرار الامريكي ان تُعطى اسرائيل مهمة التعامل مع حزب الله ومُهد لذلك بإخراج الجيش السوري من لبنان وبلبلة جبهته الداخلية وخلق محاور بين الطوائف اللبنانية بحجة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1559 ونزع سلاح المقاومة والتلويح بشبح الحرب الاهلية- الطائفية للامعان في عزل حزب الله عن الدعم الشعبي اللبناني الذي كان يتمتع به بعد تحرير الجنوب. كان الاعتقاد ان اسرائيل في حاجة لمدة كم يوم فقط ليقوم جيشها بما يشبه نزهة برية ينهي خلالها اسطورة حزب الله في الجنوب اللبناني ويصفي حسابات الماضي معه كما انهى هذا الجيش معارك سابقة مع جيوش دول عربية في معارك لم تستغرق اكثر من ايام ان لم نقل ساعات معدودة لتحسم.

اعد الجنرالات اليهود خططهم وزود الجيش الاسرائيلي بكل ما يلزمه من مخزون قنابل ذكية واسلحة وعتاد حربي حديث وحدد الوقت للإقدام على تنفيذ هذه الخطة ودعمت حكومته بوعود بتوفير كل ما تحتاجه من مواقف سياسية داعمة في اروقة الامم المتحدة ومجلس أمنها. واستعد حلفاء امريكا في المنطقة العربية بالموافقة على ضرب حزب الله وتعهدوا بإعطاء الغطاء السياسي والشرعي الديني لذلك واصبح الطريق ممهد وتم اخذ كل شيء في الحسبان ولم يعد امام نجاح هذه الخطة اية عوائق منظورة ابدا من وجهة نظرهم. وما ان بدأت الحرب - بعد خطف حزب الله لجنديين اسرائيليين- بالقصف الاسرائيلي المدمر لمدن وقرى وبلدات لبنان حتى انبرت الانسة كوندي وهي في كامل اناقتها وتجلياتها توزع الابتسامات وتبشر من وسط هذا الدمار الهائل بميلاد «الشرق الاوسط الجديد» وتمتنع وهي ايضا تضغط على حلفائها بعدم الموافقة على وقف اطلاق النار حتى يؤدي الجيش الاسرائيلي مهمته كاملة غير منقوصة.

برز سيد المقاومة ليعلنها حرب مفتوحة كما ارادت امريكا واسرائيل وقبل التحدي معتمدا على الله وحدة في مواجهة مجموعة من القوى العالمية الجبارة والاقليمية المناوئة. مع بدء القصف الاسرائيلي اصدرت البيانات والفتاوى التي تحمل حزب الله المسئولية وتثبط من عزيمة الامة عن نصرته ومع ذلك لم يفت ذلك في عضد قيادة حزب الله ومقاتليه. وفي خلال ايام معدودة وبدلا من ان ترى الانسة كوندي وحكومتها وباقي الحلفاء انهيار واستسلام حزب الله لإسرائيل, إذا بالسحر ينقلب على الساحر.

لم تجري الرياح بما تشتهي سفن الانسة كوندي والسيد اولمرت وحلفائهم في المنطقة.

 ماذا حدث؟

بكل بساطة قلب حزب الله الطاولة على رؤوسهم وكسب كل معاركة ضد اعداء من جهات خارجية وداخلية عدة بصمود اسطوري لمقاتليه المؤمنين الذين ابهروا العالم بقوتهم وأسلوبهم القتالي فضربوا عمق مدن اسرائيل ودمروا بوارج العدو ولم يصمد امامهم نخبة تشكيلات الجيش الاسرائيلي وافشلوا في معارك برية ضارية كل خطط العدو في اكتساح معاقلهم او الحصول على موطئ قدم في الارض اللبنانية الجنوبية. مرت الايام والاسابيع بدون تحقيق نصر اسرائيلي حاسم وانقلبت موازين حرب الارادات وأنتزع حزب الله المبادرة وحقق انتصارات على كل الاصعدة.

فبرغم الدمار الكبير الذي طال البنية التحتية والقصف الوحشي الذي ادى إلى قتل المدنين في مجازر روعت الضمير العالمي, إلا ان شعب لبنان البطل ازداد لحمة وتكاتف خلف المقاومة في وجه الطغيان والغطرسة الاسرائيلية وكسب حزب الله حرب الجبهات الداخلية.

كسب حزب الله كل المعارك الارضية في الالتحامات المباشرة بين المقاتلين وكبد اسرائيل خسائر كبيرة في قواتها لم تعرف مثلها في كل حروبها السابقة.

كسب حزب الله المعارك الاعلامية عبر قناته الفضائية وحرفية تعاملها مع الازمة وعدم تمكن اسرائيل من اسكاتها بل قامت وسائل اسرائيل الاعلامية بنقل مباشر لجميع خطابات سيد المقاومة واشبعتها تحليلا.

كسب حزب الله تعاطف ودعم جميع شعوب العالم العربي والاسلامي والكثير من شعوب العالم الاخرى بسبب مصداقية سيد المقاومة وفروسيته ومفاجأته فهو يفعل ما يقول ويمتنع عن البدء بقتل المدنين إلا اذا اضطرته آلة الحرب الاسرائيلية ويوقت مفاجأته لتعطي اكبر صدمة نفسية وعسكرية للعدو الاسرائيلي.

كسب حزب الله معركته ضد من حاول شق الصف الاسلامي الداخلي بخلق فتنة طائفية عبر فتاوى تكفر الحزب وتناشد قطاعات واسعة من الامة عدم دعمه او الدعاء له وادت تلك الفتاوى عكس ما اريد لها وانعكست بمزيد من دعم والتفاف الامة الاسلامية والعربية حول حزب الله وقيادته.

كسب حزب الله معركته ضد قيادات الدول العربية التي حاولت سحب البساط من تحت قدميه واعطت غطاء للعدوان الاسرائيلي لتسهيل مهمة القضاء عليه.

ولكن اكبر معركة كسبها حزب الله هي في احياء الامل في هذه الامة وبعث الروح فيها من جديد وتذكيرها بأنها لا زالت قادرة على الصمود والانتصار ومقاومة ما يخطط لها في مكاتب واروقة البنتاجون ووزارة الخارجية الامريكية.

النصر آت آت آت بمشيئة الله.

إن هذا الانتصار عند اكتماله بحول الله وقدرته هو هدية من السيد حسن نصر الله للأمة العربية والاسلامية وللبنان واهله الابطال. وكما رأينا كيف تعامل حزب الله وأمينة العام سيد المقاومة بشهامة الفرسان بعد تحريرهم للجنوب اللبناني وعزوفهم عن الانتقام - وكانوا قادرين- ممن قاتلهم من اللبنانيين وكما نراهم الآن في فروسيتهم اثناء القتال وتعاملهم مع اعدائهم, فإن شرقنا الاوسط سيكون في ايدي امينة بانتصار المقاومة الاسلامية.

وكما هي العادة بعد نهاية الحروب, فإن المنتصر هو من يرسم المستقبل ويضع شروطه. فإن السيد حسن نصر الله هو- وليس الانسة كوندي- من سيشكل الشرق الوسط الجديد.

كاتب سعودي «الأحساء - الهفوف»

11 / 7 / 1427هـ

**************

هكذا يخوض رجال «حزب الله» المواجهات من مارون الراس الى تخوم المزارع

2007-09-03

العدو يستخدم طائراته ومدفعيته وعلى الارض تتفجر دباباته وجنوده يختبئون ويتركون رفاقهم

المواجهات حصلت على مسافة خمسين متراً وجنود العدو يهربون ويخلفون العتاد

من لم يشاهد كيف تجري المواجهات البرية بين رجال المقاومة والعدو الصهيوني قد لا يشعر كثيراً ‏بعزة النصر ومن لم يرَ كيف يهرب الجنود الاسرائيليون من ارض المعركة تاركين خلفهم جرحاهم ‏وقتلاهم. لا يعرف كيف ان هذا العدو لا يمكن له مواجهة رجال اوفياء صابرين.‏

أولئك الذين يقاومون على خط النار في مارون الراس وعيترون تحديداً لا يهمهم ما تنشره ‏الصحف وما تتناقله وسائل الاعلام عن اتصالات ومواقف. لكنهم يأسفون كيف ان بعض الرسميين ‏اللبنانيين متواطئون بالجملة والمفرق، لكنهم في نهاية اسفهم يعرفون ان هذا الخط المتخاذل ‏المرتبط بالاميركي والاسرائيلي سوف يتهاوى في لبنان.‏

كيف تجري المعركة في مارون الراس ومحيط عيترون لمن يعرف المنطقة يعلم ان بين هاتين القريتين ‏مستوطنة افيفيم الصهيونية التي تقع تقريباً بينهما والفاصل بين القرى اللبنانية ‏والمستوطنة سهل وهضاب والعدو الصهيوني يتمركز بدباباته وآلياته خلف المستوطنة مختبئاً ‏وراء الهضاب، التي تقع في مرتفع بينها تلة تعرف بتلة «الراهب» حيث تتوجه دبابات ‏‏«الميركافا» من تلك التلة تحت تغطية مدفعية وجوية من الطائرات الحربية والهليكوبتر.‏

العدو يتقدم ولدى تقدمه ورغم هذا الدعم الناري الذي يغطيه تحصل المواجهات على بعد خمسين ‏او مئة متر فتدمر دباباته الواحدة تلوى الاخرى فتتراجع الدبابات الأخرى، فماذا يحصل؟ ‏الذي يحصل ان قوات العدو الاسرائيلي تقوم بمحاولات متكررة لسحب دباباتها المحترقة وجنودها ‏القتلى والجرحى لدرجة ان بعض الجرحى يصبحون قتلى لعدم قدرة العدو على سحبهم.‏

المعارك الجارية في مارون الراس وعيتا الشعب وعيترون ومروحين وعلى محاور أخرى هي مواجهات ‏حقيقية لو أمكن لوسائل الإعلام الحقيقية لجعلت العالم يشاهد أفظع الهزائم التي يُمنى بها ‏العدو الصهيوني.‏

رجال المقاومة الذين يقاتلون في خط النار لا يأبهون بالموت والعدو اختبرهم في ساحة المعركة ‏منذ عام 1982، وهذا ما تلاحظه اذ للعلم ان مجموعة من رجال حزب الله لا تتجاوز العشرة ‏مجاهدين في محيط عيترون اشتبكوا مع العدو الاسرائيلي وتقدمت هذه المجموعة مسافات قريبة من ‏السرّية الصهيونية المدرعة وهناك حصل الاشتباك على بعد خمسين متراً لا اكثر ولا اقل ودمروا ‏دبابتي ميركافا وسقط جنود الوحدة الاسرائيلية الخاصة «عوزي» بين قتيل وجريح في وضح ‏النهار، رغم التحليق الكثيف لطائرات العدو الحربية والهليكوبتر بل ورغم التمشيط المدفعي ‏الغزير مما يعني ان الكفاءة العسكرية العالية المعتمدة على عقيدة إيمانية صلبة والى ‏جانبها ان هؤلاء الرجال يدافعون عن ارضهم مع الاشارة الكاملة الى انك في النهاية تواجه ‏اسرائيل القوة العسكرية العاتية التي ترتكب المجازر ضد المدنيين بأسلحة اميركية وغربية ‏الصنع.‏

خط النار المشتعل مقاومة وجهاداً بسواعد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه يواجهون العدو ‏من مارون الراس الى تخوم مزارع شبعا المحتلة وعودا ونزولا الى الناقورة. الا ان تركيز ‏العدو على مارون وعيتا الشعب وعيترون هو محاولة لاستعادة هيبته المفقودة والتي تتمرغ ‏بأقدام رجال المقاومة.. وندخل اليوم الثاني عشر حيث هدد العدو بعمليات برية ليفرض ‏واقعاً سياسيا يستطيع من خلاله فرض شروطه المدعومة من الادارة الاميركية ومن بعض الانظمة ‏العربية الخليجية وغير الخليجية.‏

والقضية الثانية التي يبدو لا يفهمها حتى رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة الذي ‏يبكي ويتحدث الى زواره الغربيين بغير ما يصرح به. ان رجال المقاومة هم ابناء البلدات ‏الجنوبية وليسوا مستوردين من أي دولة أخرى والشهيد فؤاد عواضة الذي استشهد في ‏المواجهات هو من بلدة الخيام التي تبعد بضعة كيلومترت عن مارون الراس وكذلك غيره من ‏الشهداء فهم لبنانيون الأب والأم. وليسوا بحاجة لأن يذكرهم السنيورة على لسانه فرئيس ‏الحكومة الذي تحاشى ذكر «الضاحية الجنوبية» في رسالته التي وجهها للعالم بحضور سفراء الدول ‏الخمس من القصر الحكومي. لا تحتاج المقاومة لأن يلفظها من شفاهه وخير دلالة على ما يسير في ‏ركبه السنيورة ومحفله ما نقله عنه مندوب انان فيجاي نامبيار اول من امس في جلسة ‏الاستماع في مجلس الأمن.. ربما كلمات نامبيار واضحة في شأن موقف هذا المحفل. الا ان رجال ‏المقاومة يكتبون تاريخاً جديداً. وهو ما قاله سيدهم من ان المقاومة لن تسمح لاسرائيل ‏بتحقيق اهدافها السياسية في لبنان ومشروع بوش ورايس في الشرق الاوسط الجديد لن يمر عبر ‏مارون الراس وسيتهاوى كما تهاوت مشاريع اسرائيل واميركا عام 1982.‏

الاهالي الصامدون في مناطق المواجهة هم أمهات وأباء المقاومين والتعاطي يبقى قائما بين ‏الأباء والأمهات والأبناء. فهو يتمتع بتعاون كبير وتواصل وصمود ورغم المجازر والمآسي ورغم ‏التقصير الرسمي المتعمد في إيصال المساعدات الطبية والغذائية، فالذي يجري بات بالنسبة ‏لرجال المقاومة وشعبها قضية وجود وليست قضية اسيرين صهيونيين. فعندما تكون التغطية لهذا ‏المشروع اميركية عربية خليجية تحددا فإن الاهداف كبيرة جدا تتصل بالوجود والهيبة والحضور ‏السياسي في لبنان، ولهذا السبب فإن القوات الاسرائيلية المعتدية سوف تواجه بالتأكيد ‏رجالا لم تواجههم في حربها مع العرب، وهي تعرف هؤلاء الرجال وماذا فعلوا بجنودها، وقد لمست ‏الى هذا اليوم ان المجازر والقتل المتعمد والدمار الذي تلحقه لم تستطع ان تجعل شعب ‏المقاومة يتخلى عنها او عن «سيدها». وان الشعب خسر ما خسر وقادر على تقديم الشهداء ‏دفاعا عن وجوده وارضه.. هذا ما يفهمه المقاومون على خط النار والمواجهة.‏

اما خسائر العدو التي يتحدث عنها المقاومون في خطوط المواجهة فهي في الحقيقة كبيرة. والى ‏الآن العدو فقد اكثر من تسع دبابات ميركافا وهي المقاتلة التي يفتخر بها وفقد طائرة ‏هيلكوبتر اصابها رجال المقاومة اضافة الى تحطم طائرتين باصطدامهما كما يقول العدو وطائرة ‏حربية «اف 16» اضافة الى عتاد حربي واجهزة متطورة استولت عليها المقاومة من ارض ‏المعركة التي شهدت في بعض الساعات عمليات حصار لوحدات العدو المشاة.‏

رجال حزب الله.. رجال المقاومة يسطرون اروع الملاحم الكربلائية بوجه قتلة الانبياء ويقفون ‏في المواجهة مع نازية العصر التي يقودها بوش واولمرت.. لكن عندما تنطلق الصواريخ المضادة ‏للدروع يصرخون.. يا علي.. يا حسين... يا زهراء.. يا مهدي.‏

موقع إنباء الأخباري 24/7/2006م

**************

قناة "المنار" اللبنانية في قلب دائرة الاستهداف الصهيوني العسكري والاعلامي

2007-09-03

تحولت قناة "المنار" التابعة لحزب الله إلى هدف رئيس، ليس فقط للجيش الصهيوني، ولكن أيضا لقنوات التلفزة العبرية، التي بدأت منذ صباح اليوم الأحد (16/7) حملة محمومة ضد هذه القناة، مطالبة بإسكاتها على الفور وبشكل نهائي.

وأبدى مراسلو ومحللو القنوات الصهيونية، استغرابهم لاستمرار بث هذه القناة، رغم تدمير مقرها بالكامل، وقال أيهود يعاري كبير محللي القناة الثانية: "يجب إسقاط قناة المنار".

وأضاف يعاري: "هذه القناة تلعب دورا كبيرا في الحرب النفسية ضدنا، إنها تستخدم ما تبثه القنوات (الإسرائيلية) من أجل إضعاف معنوياتنا، يجب إسكات قناة المنار، ولا أعرف لماذا تستمر في البث حتى الآن".

وتجنب يعاري الإشارة إلى استفادة القنوات التلفزيونية الصهيونية أيضا من بث قناة "المنار"، ولم يكد ينتهي يعاري من حديثه، حتى نقلت القنوات التلفزيونية الصهيونية في بث مباشر عن قناة "المنار" بيانا يهدد فيه حزب الله بقصف المنشات البتروكيماوية في حيفا.

وأثار ذلك مزيدا من الحنق لدى المحللين الصهاينة، وخرج داني ياتوم رئيس الموساد السابق، الذي كان ضيفا على القناة العاشرة، عن طوره قائلاً: "اضربوا هذه القناة، اضربوا قناة نصر الله، اقصفوا الانتينات، والمقرات، ولا تكتفوا بقصف البنايات، اقصفوا تحت البنايات، تحت الأرض، أنهم يختبئون تحت البنايات المقصوفة".

وشعر ياتوم بسعادة عندما توقف بث قناة المنار فجأة، وأخذت القنوات التلفزيونية تبث صور آخر بث لقناة "المنار" قبل توقفه، ولكن نشوة هذه القنوات تبددت عندما عادت القناة للبث من جديد، وتبين أن توقفها عن البث كان بسبب ضرب مولدات كهربائية في بيروت.

وبدأت حكومة الكيان الآن لما يوصف بالحرب النفسية، وأخذت بالتضييق على وسائل الإعلام، وبث معلومات غير محددة المصدر لتروجها وكالات الأنباء، وهو ما حدث اليوم، عندما أعلن ايهود يعاري في القناة الثانية بأن السيد حسن نصر الله قد أصيب في القصف على الضاحية الجنوبية، ولم يستطع يعاري أن يجيب على أسئلة لمذيعي القناة عن مصادره مكتفيا بالقول "هناك مصادر تتحدث عن إصابة حسن نصر الله".

وأعلنت القناة أنها لا تستطيع أن تتبنى مثل هذا الخبر كحقيقة مؤكدة، ولكن مكتب وكالة الأنباء الفرنسية بالقدس المحتلة وقع في الفخ، وتعامل مع الخبر بشكل مختلف ونسب للقناة الثانية قولها بأن نصر الله أصيب، رغم أن القناة نفسها، وأمام الرأي العام الصهيوني رفضت تبني مثل هذا الخبر.

وحسب متابعين للشأن الإعلامي الصهيوني، فإن مراسلي وسائل الإعلام الصهيونية، وفي ظروف كالتي تشهدها جبهات القتال الآن، يروجون لأخبار من هنا وهناك مصدرها على الأغلب أجهزة الأمن والمخابرات، ليتم تداولها في وكالات الأنباء العالمية، ضمن حرب نفسية أصبحت الآن مفتوحة بين الكيان الصهيوني وحزب الله.

موقع إنباء الأخباري 19/7/2006م

**************

واخزياه.. عار يجب أن لا تحمله الأجيال

2007-09-03

عالية آل فريد: إنه لمن المؤسف مايراه العالم من أحداث دامية وإنتهاكات كبيرة وخطيرة بحق الشعب الأبي والصامد في فلسطين ولبنان، لاسيما تصاعد وتيرتها في هذا الشهر الكريم والذي يعد من الأشهر الحرم الذي كانت فيه الجاهلية تحرم القتل والقتال، وأنه ليعتصرنا الألم تلو الألم ونحن نتابع الأحداث المتوالية خلف شاشات التلفاز من إزهاق للأرواح البشرية وما لحق بها من دمار.

فآلة الحرب الإسرائيلية وأمام العالم أجمع تضرب كل شيئ دون تمييز ودون أن ترحم أحد مساجد، مدارس، معاهد، مؤسسات، كنائس، بشر وشجر، جسور وطرق، سيارات، شاحنات إضافة إلى التنكيل والتشريد والتهجير، وتهديم البيوت فوق رؤوس أهلها كلها جرائم كبرى وبشعة ضد كرامة الأمة الإنسانية..

أكثر من عشرون يوما ونحن نعاصر الوحشية الإسرائلية الهمجية بشن عشرات الغارات تلو الغارات الجوية التدميرية، وقتل المدنيين بصواريخ المدفعية البرية والبحرية التي ولدت ضحايا وأشلاء ومجازر آخرها ماحدث في مجزرة - قانا - التي أودت بحياة 55 نفسا أبية أغلبهم من النساء والأطفال قتلو في أحضان أمهاتهم ياترى من المسؤول عنها ومن يقف وراءها؟

إن مايجري من إعتداءات وجرائم تعد إنتهاكا صارخا للقانون الدولي وتجاوزا خارقا لمختلف الإتفاقيات والمواثيق العالمية، وإن كل الممارسات الصهونية والأمريكية جرائم إرهابية تتعارض مع كافة قيم ونظم حقوق الإنسان والشرعة الدولية، وفيها تناقضا تاما لكافة مبادئ الديمقرطية والأعراف الإنسانية وعجبي والله لماذا تستنكر أمريكا كره العالم لها؟ هل هذه هي الديمقراطية التي تنادي بها؟ وهل هذه الوسيلة التي تريد أن تستعيد بها ثقة العالم لتحسين صورتها وسمعتها؟

إن ماجرى اليوم كفيل بإعادة صحوة الضمير للأمة أولا بأن يدفعها ذلك للوحدة في الكلمة والموقف، وإلى لملمة شملها لتكون صفا واحدا كالبنيان المرصوص، وإنها لفترة زمنية مؤاتية لأن تعي المجتمعات والشعوب أهمية وحدتها في رأب الصدع وقطع الطريق أمام الأعداء فهم ضعفاء مهما تضخمت خرسانتهم التسليحية، وأمام دعاة الفرقة والتشرذم من المضللون ضحايا التغرير والضعف النفسي وأولئك المنخدعون أمام بريق الحضارة المادية أذيال الأ نظمة الحاكمة والعميلة، فالوحدة سلاح لايضاهيه شيئ وهي أكثر ما يخشاه العدو، وهاأنتم تنظرون كيف تجاوز اللبنانيون خلافاتهم وإلتحموا كتلة واحدة متضامنة في محنتهم ف أصبحو أقوى تماسكا وأكثر فاعلية.

فماذا ننتظر نحن أبناء الأمة؟ هل ننتظر أن تحوكنا المحن وتطحننا الحروب ولاتبقي لنا آلة الحرب أدنى ذرة من شرف أو عزة أوكرامة! وماذا بقي وحتى متى! وإلى متى نستشعر الذل والضعف والهوان في أنفسنا؟ أم نقول على الدنيا السلام..

إلى متى تدرك الأمة عدوها الحقيقي وإلى متى تعي خطر الصراع الذي تنهجه إسرائيل؟ أن معركة الصهيونية الحقيقية هي ليست لشعب وحده ودولة وحدها بل حربها الأساسية منذ قرون طويلة على الإسلام، لذلك تجد التلمودية اليهودية تحارب الإسلام بمختلف وسائلها وتشن غاراتها المستمرة للقضاء على الحركات الإسلامية والنيل من قياداتها ورموزها، وتضييق الخناق عليها والقضاء على مقوماتها وإمكانياتها وقواعدها الأساسية، وزج خيرة أبناءها في المعتقلات والسجون، فالحركات الإسلامية في فلسطين خير دليل حيث يقبع ما يقارب 15خمسة عشر ألف معتقل في السجون الإسرائلية، وكما كانت بالأمس في أفغانستان والعراق هاهي اليوم في لبنان وغدا في سوريا وبعدها الحبل على الجرًار.. الى أين تجر الويلات.. فهذه هي سياستها وهذا هو ديدنها الذي تدعمه وتباركه الأم الكبرى أمريكا، وبالتالي فهي تدرك جيدا أن الإسلام هو القوة الفعلية في وجهها وهو مصدر تهديدها المستقبلي لذا تسعى للقضاء عليه متوارثة ذلك جيلا عن جيل وهذا ما أثبته - الكاتب الأوربي - لورانس براون - عندما كتب «كنا نخوف من قبل بالخطر اليهودي والخطر الأصفر - اليابان وتزعمها على الصين - وبالخطر البلشفي، إلا أن هذا التخوف لم نجده كما تخيلناه، لأننا وجدنا اليهود أصدقاء لنا، وعلى هذا يكون كل مضطهد لهم عدونا الألد، ثم رأينا البلاشفة حلفاء لنا أثناء الحرب الثانية، أما الشعوب الصفر فإن هناك دولا ديمقراطية كبرى تتكفل بمقاومتها.. ولكن الخطر الحقيقي كامن في المسلمين وفي قدرتهم على التوسع والإخضاع وفي الحيوية المدهشة العنيفة التي يمتلكونها، ألا أنهم السد الوحيد في وجه الإستعمارالأوربي».

وإننا في الوقت الذي ندين فيه رأس الحربة ورأس الإجرام العالمي - أمريكا التي هي خلف كل مايجري مع حليفتها إسرائيل.. في الوقت ذاته أتعجب من زعماء الأمة ألم يتحرك ضميرهم؟ ألم يتهز وجدانهم وهم يرون صور المنكوبين والنازحين والضحايا من نساء وأطفال وسط حطام الركام؟ فإلى متى يستمر التخاذل وإلى متى هذا التراجع والإستسلام؟ وهل يكفي التنديد والشجب والإستنكار؟ أم هناك ماهو أكبر من ذلك.. هذا ما لا يعول عليه كثيرا، فالأقنعة قد كشفت أمام الشعوب التي كانت بالأمس مغيبة، وفضائح الأنظمة قدبانت والسياسات المهترئة قد هرمت، والشيوخ قد كهلت، ولم يعد التباهي بإمتلاك القوة الإقتصادية والسياسية والعسكرية مجديا إن لم يسخر لخدمة الأمة وخدمة أهدافها في لحظة الخطر، لكن كما يقول الشاعر: من يهن يسهل الهوان عليه.. مالجرح ميت بإيلام.

فالتعويل الكبير إذن على الشعوب الواعية وعلى الأجيال الجديدة القادمة فهي الفجر الصاعد لقيادة المستقبل نحو التحرير، وذلك لأنها شهدت بإم عينها المهازل الكبرى التي بليت بها الأمة العربية والإسلامية وأضعفت إرادتها وجعلتها فريسة سهلة بيد الطامعين والمستعمرين.

إن في ما يحدث خير عبرة للأجيال التي باتت ترى كل شيئ وتتعلم الدرس تلو الدرس في الصبر والوحدة والصمود، وفي التحدي والمقاومة وفي الشجاعة والصدق، وفي الإباء والعزة والكرامة، فلا خلاص من الظلم ولاخلاص من القهر ولاخلاص من الذل إلا بالخلاص من التبعية والذل، فعدو الأمة واحد، والشعوب جديرة اليوم بتحديد الإسلوب المناسب في التعبير عن رأيها، والإعلان عن رفضها وإستنكارها وإيصال صوتها وصرختها إلى العالم، وإستخدام إدارة الأزمة بإلأساليب الحضارية الراقية، فإن كانت المظاهرات وسيلة للتعبير في مكان ما فيمكن العمل على الحلول الأخرى بالإستنكار والتنديد، وتشكيل لجان الضغط للتأثير على الرأي العام العالمي، والتواصل الجاد لتحريك مختلف المؤسسات الدولية والجمعيات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني لإستنهاض دورها أمام ما يحوم من أحداث في أماكن أخرى، إضافة الى مختلف أنواع المساندة والدعم المادي والمعنوي.

درس عظيم في الصمود سجله لنا شعب لبنان ومقاومته الباسلة فقد عرض للأمة نماذجا حية للتضحية والفداء سطرها الجميع من النساء والرجال، من الشباب والشيوخ، حتى الأطفال الأبرياء، علمونا وعلموا أبنائنا أن المقاومة للإحتلال عز وشرف والدفاع عن الأرض والوطن كرامة، وأن الشهادة فخر وسعادة وإن الوقت مهما طال فالمؤمن لايلدغ من جحره مرتين، فإذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر فلنعد العدة بالإيمان الصادق وإلإلتزام العملي بالمبادئ والقيم، وبالعلم وبالحرفة والمهنة وبإنتاج الكفاءات والقدرات، وفي بناء القيادات المؤهلة والمتمكنة في السلم والحرب وبعد الحرب عندما يغيب العائل وتصبح الحاجة والعوز لتأمين وسائل الحياة وتحمل المسؤولية.

وللمقاومة وشعب المقاومة أقول هنيئا لكم هذا الصمود وهنيئا لكم هذا الشرف، فعدوكم عدونا جميعا، وليعلم العدو بأن حقده وفضائحة لم ولن تعد خافية على أحد، وليدركوا بأن حصون الإيمان لاتقهر، وقلاع الكرامة لاتذل، وينابيع الإيمان لاتنضب، فياأبطال الوغى فإننا إذ نعلن تضامننا معكم ذلك لأن بكم تتجدد عزيمتنا وبكم تستفيق هممنا، ونحوكم تعلوآمالنا، فنحن لم نعجز عن دعمكم ومواساتكم ومساعدتكم لكننا بكل صراحة نعلن عجزنا عن الأخذ بيد أناس صم بكم عمي لا يفقهون، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم غشاوة ولهم عذاب أليم.

شبكة راصد الاخبارية

**************

بالأمس اليزدي واليوم القرضاوي... وأحداث لبنان شاهد ودليل

2007-09-03

سيد عباس سيد هاشم

بغض النظر عن وجهة نظر كاتب السطور في ثورة 23 يوليو/ تموز 1952 والتي جاءت بالزعيم العربي الراحل جمال عبدالناصر إلى سدة الحكم عن طريق انقلاب عسكري أطاح بالملك فاروق، فإن عبدالناصر استطاع أن يوحد القلوب المتلهفة للحرية والكرامة بأطروحاته الثورية ومواقفه تجاه العدو الصهيوني، ابتداء بالعدوان الثلاثي سنة 1956 من قبل بريطانيا وفرنسا و"إسرائيل"، وذلك بعد ثلاثة أشهر من قرار عبدالناصر تأميم قناة السويس، ولم ينته بمصيبة النكسة في معركة سنة 1967 التي ما انقشع غبارها بعد 6 أيام إلا بهزيمة منكرة للجيوش العربية قبال الجيش الإسرائيلي.

جمال عبدالناصر مهما كان، إلا أنه محسوب على الطائفة السنية، وأما شاه إيران المعروف بموالاته للغرب فمحسوب على الطائفة الشيعية، غير أنه وفي تلك السنوات كما يحكي لنا الكبار، كانت المظاهرات تخرج من قلب العاصمة المنامة من مختلف الفئات وعلى رأسها المواطنون الشيعة تندد بالشاه (الشيعي) وتهتف بحياة ناصر (السني)، وكانت أجواء المنامة تصدح بتلك الشعارات من مثل "ناصر عالي... عالي والشاه تحت نعالي". وآثار وحدة الشارع في زمن جمال عبدالناصر وفترة زعامته مازالت حية نعيشها كل لحظة، ولكم أن تعرفوها من خلال انتشار بعض الأسماء التي لم يعتدها الشارع الشيعي سابقاً مثل اسم عبد الناصر، ويوجد الكثير ممن هم الآن على وشك الرحيل عن هذه الحياة، أسموا أبناءهم خالدا تيمنا بالنجل الأكبر لجمال عبدالناصر.

اليوم يعيد التاريخ نفسه، ليثبت الشارع العربي والإسلامي أن الموقف البطولي في زمن خنوع وذل النظام العربي، كفيل بإظهار المعدن الأصيل لهذا الشارع وإدراكه لأولويات معركته، لهذا خرجت الجماهير عن بكرة أبيها في كل مكان من البلاد الإسلامية والعربية تهتف بحياة السيد حسن نصرالله، متوجة إياه كأعظم زعيم في هذا الزمن العربي الرديء.لقد علت أصوات الأصالة لجماهير الأمة عالياً، فطمرت الأصوات النشاز، حتى لو كان صوت أكبر منصب ديني حكومي في أكبر بلد عربي، راح في سلوك ببغاوي يكرر بأن سماحة السيد حسن نصر الله رجل مصاب بجنون العظمة.

وبالأمس... الأوضاع الطائفية في العراق أغرت بريطانيا لغزو هذا البلد، فدخلت جيوشها ميناء الفاو في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني العام،1914 ولكنها تفاجأت ولم تتوقع أن يصدر كبار المراجع وعلى رأسهم المرجع الأعلى السيد كاظم اليزدي فتوى من داخل الحرم العلوي بالنجف، توجب على الشيعة القتال بجانب القوات العثمانية المحسوبة على الطائفة السنية ضد الغزو الإنجليزي، وتبعه على نفس المنوال الشيخ الميرزا محمد تقي الشيرازي الذي تولى المرجعية خلفاً لليزدي سنة 1919م، وقاد بنفسه ثورة العشرين التي دفعت الإنجليز للخروج من العراق فيما بعد.

واليوم يصدر كبار علماء السنة وفقهاؤهم بياناتهم وفتاواهم التي توجب دعم جهاد المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله (الشيعي) ضد الهجمة المتوحشة من قبل الصهاينة...بالأمس كان اليزدي والشيرازي وغيرهما من مراجع الشيعة واليوم الشيخ القرضاوي ومحمد مهدي عاكف وغيرهما من علماء وفقهاء السنة والجماعة.

ولقد مرت عقود كثيرة، والبعض من الجهات ذات النفس التكفيري المعروفة بالسلفية الجهادية التي تتقن جز الرؤوس ونحر الرقاب وقتل الأبرياء عن طريق تفخيخ أجساد الانتحاريين وتفجير السيارات الملغومة في الأسواق وبين المدنيين، هذه الجهات المعروفة لكل ذي لب أقامت بناءها على أساس التمايز الطائفي وبث الفرقة وزرع شوك الحقد والضغينة بين طوائف المسلمين ومذاهبهم، حتى خيل لنا أن لا أمل في إطفاء نار الفرقة التي أشعلها هؤلاء، وأنفقت على توهيجها بعض الجهات، فغرسوا في قلوب الأتباع بان خطر تلك الطائفة من المسلمين أشد من الصهاينة، وكانت هناك ردات فعل من قبل الطرف الآخر، يلعن حتى المجاهدين الشرفاء المحسوبين على الطائفة الأخرى، وهكذا داوليك، حتى تعملقت الروح الطائفية والحقد المتبادل.

غير أن الحوادث الجارية أثبتت مدى هشاشة هذا البناء الطائفي في قبال القضايا المصيرية للأمة، فهذا الشارع المسلم بسنيه وشيعيه، يخرج ليثبت للمرة المليون أنه موجود وأنه أصيل لا يمكن استهباله من قبل من خول نفسه للافتاء، وتكفلت هذه الحوادث بتمزيق الأقنعة المزيفة التي أجهد البعض أنفسهم ردحا من الزمن في تثبيتها، وفشل التكفيريون للمرة المليون في وأد أصالة الشارع الإسلامي وطمر وعيه ومعرفته لأولوياته أو حرفها.

بعض أقطاب التيار التكفيري لدينا، لم يستطع بلع غصته، وعجز عن كتم غيضه وهو يرى البناء الطائفي الكريه الذي أنفق فيه جل عمره وماله وهو يتهاوى فوق رأسه، فحسب أنه يحلم ولم يصدق أن هناك حقائق جديدة تتحرك في الشارع، فانبرى أحدهم ممن هو محسوب على هذا التيار مؤخرا، في مقالة متهافتة، أشعرت من قرأها وكأنه كسر بين أسنانه حبة من الفستق، فتفاجأ بنتانة ما بداخلها الذي تناثر في فمه، ليجبره على التقيؤ.ولم يكن هذا المقال وغيره من الخطب المنبرية المنفلتة لنفس التيار وفتاواهم الظالمة سوى نار قنديل تم إشعالها والشمس في رابعة النهار، فهي صغيرة لا تكاد تبين.

أخيراً، لم تكن هذه الحوادث الأولى ولا الأخيرة في تاريخنا، بل سبقتها حوادث كثيرة على نفس الشاكلة، ولكن المشكلة عدم التفكير الجدي في استثمار هذه الحالة الرائعة من التلاحم الشعبي لكي تصب في صالح أمتنا ووحدتنا، إذ لا ينبغي الاكتفاء المؤقت بإزاحة الجسم التكفيري والتعصب المذهبي من مكانه الذي سرقه، فقد يرجع بعد خفوت وهج الحوادث، ولكن لنتعلم كيف يمكن توظيف هذه الحوادث وهذه المصائب لعلاقات تتسم بالديمومة والاستمرار، وتقوية وشائج المودة والمحبة بين الشعب الواحد، وتأصيل الفكر الإسلامي المتسامح في نظرته للخلاف بين مختلف المذاهب الإسلامية.

منتديات البحرين 9/8/2006م

**************

فتاوى تفرق ولا تجمع

2007-09-03

محمد علي الهرفي *

من المعروف عند الجميع أن هناك فروقاً بين المذهب السني والمذهب الشيعي، وهذه الفروق ليست طارئة ولم تعرف إلا هذه الايام وتحدثت عنها كتب الفريقين على تفاوت فيما بينها في طبيعة هذا الحديث وكيفية إبراز هذه الاختلافات والاحتجاج لها.

وكان يجب أن يكون معروفاً عند المتابعين أن هناك تطورات كثيرة مر بها المذهب الشيعي على مدار مئات السنين وأن ما كتب عنه قديماً أصحابه أو سواهم ليس بالضرورة أنه الموجود حالياً والشواهد التي نراها الان كافية لاثبات صحة ما أقول. واستطيع أن أؤكد أن المذهب السني مر بالتطورات نفسها وأن السياسة آنذاك كانت لاعباً أساسياً فيما كتبه أصحاب كل مذهب عن الآخر.

كنت اعتقد أن هذه المعلومات حاضرة عند الاخوة الذين أفتوا قبل بضعة أيام بحرمة مساعدة حزب الله في الحرب الدائرة رحاها في لبنان سواء أكانت هذه المساعدة مادية أو معنوية بل ان بعضهم حرم الدعاء لهم وكأن الله سبحانه وتعالى لا يعرف متى يستجيب أو لا يستجيب،

وكنت اعتقد كذلك أن هؤلاء الذين تطوعوا باصدار هذه الفتوى يدركون أن للحرب أحكاماً خاصة تختلف عن أحكام وقت السلم وأن مثل هذه الفتوى لا تخدم حالياً الا الصهاينة وقد فرحوا بها فعلاً وترجموها عملياً إلى قتل جماعي بربري بحجة أن بعض العرب يرون أن حزب الله يستحق هذا العمل فلماذا لا يحققون لهم ما يرونه،

ليت هؤلاء نظروا إلى حاخامات الصهاينة الذين أصدروا فتوى دعوا فيها إلى قتل نساء وأطفال لبنان وفلسطين لأن مناسبة الحرب في عرفهم تستدعي هذا الاجرام كله فالصهاينة في حال حرب وهذه الحال في عرفهم يجب أن يفعل فيها كل محرم في عرف الآخرين.

أليس من المؤسف أن يكون علماء الصهاينة أكثر إدراكاً لمواقعهم من بعض علماء المسلمين.

أليس من المستغرب أن يفتون على هؤلاء الفضلاء من علماء بلادنا أن الحرب التي تدور رحاها في لبنان ليست حرباً بين الشيعة والصهاينة؟، لبنان يحترق كله بجميع طوائفه المسلمون يموتون سنة وشيعة ومثلهم الفلسطينيون في المخيمات وكذلك بقية الطوائف على اختلاف مناهجها واتجهاتها، ما يجري في لبنان ليس حرباً بين الشيعة والصهاينة بل وليس حرباً بين لبنان واليهود إنها أكبر من ذلك بكثير هذه هي البداية والله يعلم كيف ستكون النهاية.

وإذا أردتم أن تدركوا حجم هذه العملية استمعوا جيداً إلى ما قاله نائب رئيس الوزراء الصهيوني شيمون بيريز عن هذه الحرب يقول: إن الحرب الجارية على لبنان هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لـ "إسرائيل". فإذا كانت المسألة كذلك وهي كذلك أفليس من مصلحة المسلمين كلهم المساعدة في موت هذا الكيان الذي اغتصب بلاد المسلمين وأثخن فيهم قتلاً وتشريداً؟

واستمعوا أيضاً إلى ما قاله رئيس سابق للموساد وهو شبتاي شافيت متحدثاً مع صحيفة "دي فيليت" الألمانية قائلاً: ان هذه الحرب بين لبنان و"إسرائيل" هي حرب بين الحضارات وليست مجرد حرب بين "إسرائيل" وحزب الله على قطعة أرض جنوب لبنان. وقال: هذه حرب بين المجتمعات الغربية والإسلام الأصولي.

ولعلكم تدركون الآن أن الاسلام الاصولي ليس هو "إسلام الشيعة" وحدهم. انه إسلامكم أنتم واسلام الاخوة في فلسطين الذين يقاومون المحتل واسلام المقاومين في العراق وسواهم كل هؤلاء أصوليون يجب قتالهم أينما كانوا أيكون رئيس الموساد أكثر فهما لطبيعة الصراع منكم؟

أعرف أن المآسي التي تجري في العراق قد تكون سبباً قوياً في فتواكم كلنا يرفض ما يجري هناك وكلنا يعرف أن ما يجري يخدم المحتل في النهاية الذي يقتل المسلمين في العراق وهو الذي يقتلهم حالياً في لبنان، أليست طائراته تنقل على عجل كل أسلحة الدمار إلى الصهاينة ألم تقل وزيرة الخارجية انها تريد إعطاء الصهاينة فرصة كافية لتدمير لبنان على كل من فيه؟ ولكن ما يحدث في العراق مختلف عما يجري في لبنان وليت المسلمين جميعاً حكاماً ومحكومين يدركون ذلك.

حسناً... حارث الضاري الذي تحدث عن المآسي في العراق بين السنة والشيعة طالب الجميع بتقديم كل عون لحزب الله وكل لبنان لأن الحرب اليوم كما قلت شاملة لكل اللبنانيين مثله فعل معظم العلماء في العالمين العربي والاسلامي ولبنان بكل علمائه السنة وقفوا إلى جانب حزب الله لأنهم ادركوا ببساطة أن هذه الحرب على لبنان كله هل تكونون رحمكم الله أكثر فهماً بطبيعة الصراع ممن يكتوي بناره صباح مساء؟ الا يسعكم ما وسع غيركم من علماء الأمة هل نحن بحاجة إلى خلافات أكثر مما نحن فيه؟

سمراء أميركا لا تتحدث عن "حزب الله" بل لا تتحدث عن لبنان كله انها تريد ابتلاع العرب كلهم وتحويلهم الى عبيد يخدمون سادتهم الاميركان والصهاينة فشل مشروعها في العراق بسبب المقاومة فأرادت إعادة التجربة من خلال ما يجري في لبنان وها هي تبشرنا بشرق اوسط جديد تكون فيه الغلبة للصهاينة فهل من مصلحتنا أن نقبل بهذا الخزي الذي يراد بنا؟ أليست من المصلحة أن نكون يداً واحدة لكي ننجو جميعاً من استعباد محقق؟

الشيء الذي أثار دهشتي في هذه الفتوى أنني لم أسمع مثلها عندما هاجم الاميركان العراق مع أن صدام حسين "بعثي" أي في المصطلح الآخر وفي العراق شيعة وسنة وسواهم كما في لبنان في المسألة العراقية الجميع وقفوا ضد الاميركان وهذا موقف رائع فلماذا اختلف الوضع الآن؟ وما الفرق في الحالين؟

نواب سويديون يطالبون بقطع العلاقة مع "إسرائيل" بسبب جرائمها في لبنان ومدينة ترمسو النرويجية تقرر مقاطعة البضائع الاسرائيلية احتجاجاً على ما يجري في فلسطين ولبنان وفنزويلا تسحب سفيرها والدول العربية تغط في نوم عميق وكأن أميركا و"إسرائيل" آلهة عظام لا يجوز عصيانها. وللأسف يأتي التخذيل من أكثر من موقع أليس من العيب أن يكون أولئك الأغراب أكثر تفاعلاً مع قضايانا منا أصحاب الشأن؟،

كم كنت اتمنى ألا أسمع تلك الفتاوى الآن نحن بحاجة إلى كل كلمة تجمعنا وتوحد صفوفنا وتقوي جمعنا. "اسرائيل" وأميركا تستهدفاننا جميعاً فهل ندرك ذلك كله؟ هل نتحرك بحجم الحدث؟ ياليت.

* كاتب وأكاديمي من السعودية

الوسط 9/8/2006م

**************

القبر المفتوح

2007-09-03

محمد كاظم الشهابي

"إسرائيل سوف تمضي منتصرة إلى الهاوية". "ازايا برلين". بداية لا بد من التنويه بأن العنوان مقتبس من مقال لافت كتبه "الصادق المهدي" رئيس الوزراء السوداني الأسبق، ورسم من خلاله صورة لعثرات ونكبات السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بسبب مسلسل الحماقات المستمر للرئيس "بوش" وطغمة المحافظين الجدد في واشنطن.

ذكر "الصادق المهدي" في حوار أجراه قبل أسبوعين مع مديري استخبارات غربية سابقين حول عثرات السياسة الأمريكية في المنطقة، وسألهما بعد أن قدم عرضا بنتائج السياسات الأمريكية في المنطقة: ألا توافقانني على أن السياسات الأمريكية تحفر لنفسها قبرا مفتوحا في المنطقة، وتمكن الأجندات المضادة لها؟ وأن هذا الفشل المستمر دليل على وجود مساحة عمياء في أذهان أصحاب القرار؟ وعدد "الصادق المهدي" بعض الاخفاقات الامريكية، نقتبس منها بتصرف الملاحظات التالية: 1ـ تعاني القوات الأمريكية من حرب استنزاف حقيقية في أفغانستان تشبه الحالة في عهد الاحتلال السوفيتي، قال عنها الجنرال جون ابي زيد في العام 2003م: "إن المواجهات العسكرية في أفغانستان تماثل عدد وضراوة ما نواجه في العراق". 2ـ في العراق بدأت حرب الاستنزاف ضد الاحتلال الامريكي من يوم سقوط الطاغية، والآن يواجه العراق حربين، حربا ضد قوات التحالف، وحربا أهلية طائفية، والنظام الذي يحكم البلاد في هذه الظروف هو في الاجمال أقرب إلى إيران أبرز خصوم أمريكا في المنطقة، من أي نظام عراقي سابق!! 3ـ في فلسطين أدت سياسات إسرائيل العنصرية والنهج الانتقائي الأمريكي إلى القضاء على "خريطة الطريق"، وتقويض جماعة "أوسلو"، وفوز حركة حماس بسند شعبي واسع. 4ـ في إيران أدى الاستهداف إلى إضعاف الإصلاحيين وفتح الطريق لقيادة أكثر حماسة دينيا ووطنيا بسند شعبي كاسح. 5ـ وأخيرا كانت لبنان تمثل حالة نجاح فريدة للسياسة الأمريكية في المنطقة، ثم فار التنور وانقلبت الأوضاع. ويضيف "الصادق المهدي": بصرف النظر عن القشة التي قصمت ظهر البعير، فإن البعير كان يئن من حمولته الثقيلة، فهناك التحالف الوثيق بين الإدارة الأمريكية واليمين الإسرائيلي، وتصنيف مشترك لـ "حماس" و"حزب الله" أنهما منظمتان إرهابيتان، وتوصيف لإيران وسوريا بأنهما ترعيان الإرهاب.. سياسة أمريكية أحادية استباقية ضد أعدائها ولاسيما "محور الشر". كان الرئيس الأمريكي "بوش" الأب يقول: "الدرس المستفاد في الحرب ضد الإرهاب وفي أي أمر آخر هو نفي المفهوم الواهم بأن أمريكا يمكنها أن تنفرد بالعمل الدولي"، ولكن "بوش" الابن، الذي أحاط نفسه بالصقور قال: "في وقت ما في مواجهة الصعاب ربما أصبحنا وحيدين، هذا لا يزعجني، نحن أمريكا"!! هكذا بلغت الأحادية والاستباقية في السياسة الدولية الأمريكية حالة غير مسبوقة، وعبر رؤى المحافظين الجدد ونفوذ الأصولية المسيحية الإنجيلية بلغ التحالف الأمريكي مع اليمين الإسرائيلي حالة غير مسبوقة. استشهد "الصادق المهدي" بقول للشاعر الأمريكي ييتز: "عندما يمتلئ القلب بخيالات غير واقعية تزداد قسوته".. كثيرون في العالم تعاطفوا مع اليهود لما أصابهم من قسوة بسبب الخيالات غير الواقعية التي أصابت القلب النازي، وها هو العالم يتعاطف مع أهل لبنان لما يصيبهم من قسوة بسبب الخيالات غير الواقعية التي ملأت القلب الصهيوني. وأضاف: لقد اكتسبت السياسة الامريكية بغضا ورفضا في عقول وقلوب الشعوب العربية والإسلامية غير مسبوقين، لذلك دمرت أمريكا مصداقية حلفائها في المنطقة، وقدمت لأعدائها كافة خدمة لا تقدر بثمن، وبسبب الغطرسة والتحالف مع بارانويا اليمين الاسرائيلي فإن هذه البغضاء عمت حتى الشعوب الحليفة لها، قال أنطوني كنج أستاذ العلوم السياسية البريطاني متحدثا عن شعوب شرق المحيط الأطلسي: "لقد بلغ البغض لأمريكا في هذا الشاطئ من الأطلسي مبلغا غير مسبوق في التاريخ". إسرائيل في حالة بارانويا جماعية وصفها "آرنولد توينبي" بأنها عانت من البطش النازي ثم استنسخته ضد أهل فلسطين، وقالت "كاثلين كريستسون" المحللة السابقة في الاستخبارات الأمريكية: "إن واضعي ومنفذي السياسيات الإسرائيلية قد جعلوا من إسرائيل وحشا ضاريا"، وقالت: "إنهم بصورة نرجسية يتوهمون تفوقا عرقيا على سائر البشر بصورة تنتهي لا محالة إلى انهيار نفساني". أما ما فعلته إسرائيل تحت عنوان الحرب على "حزب الله"، وما أظهرته المقاومة من التصدي البطولي للعدوان الإسرائيلي بإقدام وكفاءة نادرين، فقد رفع روحه المعنوية إلى عنان السماء، واستقطب حوله كل الشعب اللبناني، بل الشعوب العربية والإسلامية كافة، متجاوزين كل الحدود السياسية والمذهبية. لقد ثبت مرة أخرى أن الإيمان وهمة الإنسان يصنعان المعجزات.. انه مظهر جديد لمشهد قديم "فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ"، الأمر المؤكد أن الجنون الإسرائيلي قد أكد أن القضية قضية وجود وليست فقط قضية حدود. خلص "الصادق المهدي" في نهاية مقاله "القبر المفتوح" إلى القول: النتائج السياسية والاستراتيجية للمواجهات الجارية واضحة لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، إنه مولد إرادة حرة قوية في المنطقة سوف تشكل مصيرها دون إملاءات خارجية.

أخبار الخليج 9/8/2006م

**************

رجال الله حكاية اشباح وعشاق شهادة.. هؤلاء هم الذين تمنّى الجنرال الاسرائيلي يوماً ان يقودهم

2007-09-03

‏ابتسام شديد

كعادتهم في حروبهم مع الجيش الاسرائيلي حقق رجال المقاومة تقدماً وتفوقاً نوعياً في القتال ‏فاجأ القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية التي راهنت على تفكك حزب الله تحت وطأة ‏المعركة التدميرية الشاملة التي شنتها القوات الاسرائيلية.. بقي حزب الله وصمد مقاتلوه ‏على الخطوط الامامية وسط حزامات النار والدمار وقصف الآلة العسكرية العملاقة في ظروف ‏انسانية وقتالية يصعب لأي جيش او لمقاتلين مهما بلغت تدريباتهم تحملها، وفي مدن وقرى خلت ‏من مقومات الحياة وغادرها سكانها. فمن هم هؤلاء المقاتلون وما هي اسرار صمودهم ‏الانسانية؟ هل هم فعلاً اشباح لا يمكن القضاء عليهم، ام انهم "عشاق شهادة" لا يخافون الموت، ‏وحدات كربلائية او مقاومون مؤمنون يعيشون حالات المقاومة؟

بالتأكيد فان رجال حزب الله ليسوا من الاشباح ولا عشاق موت ودمار. انما مقاتلون من ‏الدرجة الاولى يعشقون المقاومة ومشربون بايديولوجيا النصر. ربما هذا هو التوصيف الاقرب ‏الى الواقعية لمقاتلين خاضوا معارك قاسية وعنيفة على محاور مارون الراس، وعيتا الشعب، ‏والجبهات الجنوبية المفتوحة على مدى الايام الماضية ملحقين الخسائر والهزائم البشرية بالجيش ‏الاسرائيلي المتوغل في هذه الجبهات، وهؤلاء المقاتلون هم من الوحدات الخاصة او النخبة، ‏وهذه الوحدات لطالما روعت الاسرائيليين وارعبت الجيش النظامي الذي لا يُقهر ولذلك فان ‏الاسرائيليين اختاروا في هذه الحرب افضل الويتهم وفرقهم العسكرية اي لواء غولاني لمواجهة ‏القدرة القتالية المتفوقة لوحدات حزب الله الخاصة والمفارقة ان مقاتلي غولاني ظهروا في ‏اكثر من مرة مرهقين "ومنكوبين" حتى ان احد ضباطهم سُمعَ يقول في احدى المحطات عقب مواجهة مع ‏مقاتلي حزب الله ان "جنوده رأوا الجحيم".‏

تتمتع الوحدات الخاصة بقدرات قتالية عالية، يبرعون في حرب العصابات في الاختراق والتصدّي ‏وفي الانسحاب ثم الهجوم وهم قادرون على رد المعتدين بعد الاختراق ثم القتال وفق طريقة ‏الـChoc‏ اي ان مقاتل الوحدات الخاصة ينفذ اثناء دفاعه عن نفسه عملية هجوم. كما يتمتع ‏المقاتل بقدرة كبيرة على الصمود في موقعه لأسابيع طويلة وحتى اشهر في ظروف قتالية ‏وانسانية صعبة حتى تحقق الشهادة وهنا قد يصح توصيفهم بالاستشهاديين اي انهم يؤدون مهامهم ‏ولا يتخلون عن مواقعهم القتالية حتى لو اشتد القتال حولهم. ورجال حزب الله تدربوا على ‏تحمل الجوع والعطش والظروف المناخبة وضراوة القتال وتضارب الروايات حول معسكرات ‏تدريبهم بين القائلين بانهم تلقوا دروساً قتالية في ايران ومن يعتقد بتدربهم على فنون ‏القتال في مناطق نائية وبعيدة في البقاع او سوريا. والواضح انه لا يمكن معرفة واختراق ‏حياتهم العسكرية المحاطة بالسرية وكذلك يصعب معرفة كيفية انتظام الوحدات وطريقة عملها.‏

ميدانياً اكدت العمليات الجارية في جبهات الجنوب ان قوات حزب الله خفية لا يمكن رصدها من ‏قبل الاسرائيليين مهما تطورت صناعتهم وتقنياتهم الحربية وبخلاف الجيش النظامي الذي يسيّر ‏قوافله العسكرية ويمكن مشاهدة آلياته وقواته القتالية فان حزب الله ليس لديه القضايا ‏اللوجستية المكشوفة فسلاحه غير مرئي ومنصات اطلاق الصواريخ مخبأة اما في احراش الصنوبر او ‏بين اشجار الموز، ورجال حزب الله ايضاً "غير مرئيين" يظهرون فجأة امام العدو "من تحت الارض" ‏او من اي موقع، يعتقد الاسرائيلين انه بمنأى عن رجال المقاومة او في موقع تحت اشرافهم ‏وسيطرتهم. فعنصر المفاجأة حاهز دائماً والتخفي ولذلك يسمونهم بالاشباح لانهم لا يعرفون ‏كيفية تنقلهم وانتظامهم والتواصل فيما بينهم وهم يتحركون في الليل كالاشباح. اما في ‏النهار فسكون مخيف ولا يمكن الشعور بوجودهم الا عند وقوع الاشتباك.‏

مواكبة مقاتلي حزب الله عن قرب على الجبهات القتالية عملية معقدة ومستحيلة اولاً بسبب ‏ضراوة القتال الدائر في تلك المناطق ولأنه يصعب اختراق سرية العمليات العسكرية لحزب الله ‏الذي يحيط كل ما يتعلق بأمنه ومقاتليه بالسرية والانتظام الا ان تقاطع المعلومات من ‏المحللين العسكريين يمكن ان تقدم صورة واقعية عن الوحدات المقاتلة لدى الحزب، ويرى المحللون ‏ان حزب الله لم يستخدّم كل قواته في هذه المعركة، بل خاضتها فرقة النخبة او الوحدات الخاصة ‏وهم من اقوى واشرس المقاتلين على الاطلاق. وتتقن هذه الوحدات فن حرب العصابات ومن ‏تكتيكاتها محاولة جر الاسرائيلين الى الداخل بهدف شن عمليات عسكرية على الجنود بعد ‏ابتعادها من اراضيها وجعلها في مرمى نيران الحزب بخطوط الامدادات التي ستقيمها لقواتها.‏

وفق تقديرات المحللين فان عدد المقاتلين على الجبهات والخطوط الامامية في هذه الحرب لا يمكن ان ‏يتعدى الـ1500 او 2000 مقاتل على ابعد تقدير ولدى حزب الله اعداد كبيرة من المقاتلين ‏المدربين مثل النخبة والوحدات الخاصة ومن الاحتياط، اما الوحدات التي تقاتل اليوم فانها ‏تواجه جيشاً كبيراً يحشد احياناً في حدود الـ15 الف عنصر من لواء غولاني المدرب جيداً ايضاً، ‏مع الاشارة الى ان الجنود الاسرائيليين يجرون دورياً عمليات تبديل لمقاتليهم من اجل ‏اراحتهم، فيما مقاتلو الحزب صامدون في مواقعهم الامامية ولا يمكن تبديلهم بسهولة، لعدم ‏انكشافهم امام الجيش الاسرائيلي. ويعيش رجال المقاومة في الصفوف المتقدمة ظروفاً صعبة ‏تختلف عمن هم في المواقع الخلفية لعدم امكانية تنقلهم كونهم يخضعون لمراقبة الاجهزة ‏والرادارات وهذه الظروف اخضعتهم لتدابير خاصة في ما يتعلق بلباسهم وعتادهم وطرق ‏حياتهم. فاضافة الى سلاحهم يحملون في الجعبة العسكرية طعاماً خاصاً لا يحتل مساحة واسعة من ‏شوكولا وكاجو لتزويدهم بالطاقة اللازمة وحرصاً على عدم ترك آثار طعام في حال تنفيذ ‏العمليات والانسحاب الى الخطوط الخلفية. وثمة اجراءات خاصة لتأدية فروض الصلاة للمقاتل في ‏هذه المواقع. التواصل بين المقاتلين يتم وفق طرق عسكرية خاصة، ويتم احياناً استعمال ‏الموتورولا في مواقع ما بشيفرة معينة وكلام مضلل للاسرائيلين. لكن ما يدهش الاسرائيلين في ‏هذه المعركة هو سرعة المناورة وانتقال مقاتلي حزب الله من دون ان تشعر بهم الطائرات ‏التجسسية من ملاجئ الصواريخ الى مواقع اطلاقها التي تبعد في الاستراتيجية القتالية امتاراً ‏عن الملاجئ.‏

وبدون شك فان رجال المقاومة كما تبين المواجهات طورّوا امكاناتهم القتالية وقدراتهم ‏العسكرية وقد برزت للمرة الاولى قوة الترسانة العسكرية واصابتها الاهداف في الاراضي ‏الاسرائيلية واللافت ان الحزب يملك عدداً مهماً من الصواريخ المتطورة على غرار رعد 1- ورعد ‏‏2- وخيبر 1- والصواريخ القادرة على الوصول الى العمق الاسرائيلي. ولكن سلاح الحزب وان ‏لعبَ دوراً مهماً في المعركة الا انه لا يقارن بالقوة العسكرية الاسرائيلية وليس هو طبعاً ‏الذي جعل حزب الله يحرز تفوقاً على الاسرائيليين. ‏

فصمود رجال المقاومة في وجه الآلة العسكرية الخارقة مرده الى العقيدة الايمانية لهؤلاء ‏الرجال وعشقهم المقاومة. والسؤال ماذا يمكن لطائرات العدو ودباباته المتطورة ان تفعل ‏مع شاب اقصى همه ان يتمزق جسده بفعل رصاصهم وقذائفهم؟ يقول الشيخ حسن حمادة في "سر ‏الانتصار" شباب حزب الله يعشقون المقاومة ويعيشون حالة المقاومة ليس حباً بالقتال او ‏القتل ولا بالدم او بالموت بل لنزاهة المقاومة وطبيعتها ولما فيها من اخلاق ومبادئ.‏

وشباب حزب الله لا يتحدثون عن بطولاتهم ولا يتجبرون او يظلمون ولا يذكرون حتى انتمائهم الى ‏المقاومة. وابن حزب الله لا يقاتل كي يقتل او كي يموت بل لينتصر او ليستشهد من اجل رفع ‏اهدافه عالياً وتحقيقها. ويقول حمادة "ان الشهادة في سبيل الله كانت وستبقى سلاح حزب الله ‏الامضى، انه السلاح غير المادي وغير المسجل في الموسوعات العسكرية والذي لم يخرج من مخازن ‏مصانع الاسلحة الحربية. قوته التدميرية لا حدود لها وشظاياه تصيب قلوب الاعداء بالرعب ‏وتمزقها من الخوف، لا مسافة محددة لمداه ولا سلاح مضاداً له، انه سلاح طلب الحياة بالموت ‏ومواجهة السيف بالدم".‏

وبعد الشهادة تأتي الاسلحة الحربية التي يملكها مقاتلو حزب الله وقد شهدت تطوراً كبيراً. ‏ويمكن القول ان السلاح الثاني في ترسانة الحزب هو صاروخ الكاتيوشا الذي اثبت فعاليته ‏نظراً لطريقة استعماله السليمة من قبل الحزب. فهذا الصاروخ بالرغم من ان تاريخ تصنيعه ‏يعود الى الحرب العالمية الثانية وهو لا يوازي كقوة تفجيرية وتطور تكنولوجي اصغر صواريخ ‏ترسانة اسرائيل، يبقى سلاح الضعفاء والمحرومين وتبقى مهمته اساسية الى جانب الصواريخ ‏المتطورة التي دكت حيفا وكادت تصل الى تل ابيب من اجل حماية المدنيين اللبنانيين ومنع ‏اتخاذهم وسيلة للانتقام الاسرائيلي.‏

والسلاح الثالث لدى المقاومة الكمائن وهو من اساليبها الاولى زمنياً ومن ابرز اساليب ‏المواجهة المباشرة. ورابع سلاح الاغارات او حروب العصابات وتعني مهاجمة الهدف والانسحاب. ‏والسلاح الخامس العبوات الناسفة وهي استخدمت في نطاق واسع وبفعالية عالية وتعتبر سلاحاً ‏فتاكاً ضد عناصر وآليات الجيش الاسرائيلي. اضافة طبعاً الى الاسناد الناري واستعمال ‏القذائف والصواريخ ضد اهداف الجيش الاسرائيلي والسعي الى عمليات الاسر وهي من اكثر ‏الوسائل اذلالاً والماً للجيش الاسرائيلي. اضافة طبعاً الى الصواريخ المضادة للدروع ‏كالماليوكا والساغر والميلان التي تفتك بآليات الجيش الاسرائيلي المدرعة والصواريخ المتطورة ‏مثل رعد 1 و2 وخيبر 1 وما حققته هذه الصواريخ من اصابات مباشرة للاهداف في المواقع ‏العسكرية الاسرائيلية واصابتها البارجات في عمق البحر. ويبقى ان زلزال 1 وزلزال 2 ‏البعيدي المدى لم يتم استخدامهما بعد في هذه المعركة. ويمكن القول ان ترسانة الصواريخ ‏شكلت داعماً مهماً لمقاتلي حزب الله خصوصاً ان قواعد الصواريخ كانت قادرة على قذف اكثر من ‏مائة صاروخ في وقت واحد مع الاشارة الى انتظام عملية الاطلاق بعد تلقي الاوامر الشخصية من ‏السيد حسن نصرالله.‏

ويبقى ان سلاح الكاميرا وهو سلاح الدعاية الاعلامية السياسية الصادقة بالصورة الحقيقية لما ‏يجري على ارض المعركة دون تمويه. وقد نجح اعلام حزب الله في توظيفه لتأكيد معلوماته ‏واصاباته من جهة، والتأثير السلبي على معنويات الجيش الاسرائيلي. فالتصوير الحي لاحتراق ‏البارجة ساعر والاصابات المباشرة التي يحققها رجال المقاومة من جهة ولمجازر العدو تحقق ‏اهداف مثل اظهار نوعية المعركة التي يخوضها الجيش المحتل بضرب المدنيين اللبنانيين، والعملية ‏العسكرية لحزب الله.‏

خلاصة القول فان العقيدة الايمانية لمقاتلي حزب الله وعشق المقاومة مضامنان الى السلاح ‏المتطور والتنظيم بدون اخطاء كلها عوامل تجعل مقاتلي حزب الله يظهرون مفاجآت عسكرية ‏وقتالية فاقت توقعات المحللين العسكريين والاسرائيلين الذين كانوا وصفوا تصوراً بان حرب ‏القضاء على حزب الله لا تحتاج الى اكثر من اسبوعين. ويبقى السؤال هل يُصدق ان اكبر الدول ‏التي تمتلك استخبارات في العالم كله ان تجهل الطريق التي خططت ان تسير به وهل يعقل ان تجهل ‏اسرائيل التي سجلت انتصارات على اكبر الجيوش العربية قدرة هؤلاء القلة من المقاتلين من ‏حزب الله. نعم لقد ثبت لاسرائيل بعد ان دخلت في اتون لن تعرف كيف تخرج منه، انها فعلاً ‏تقاتل رجال الله الذين تمنى احد الجنرالات الاسرائيليين وبكل جرأة ان يقول كنت اتمنى لو كنت ‏قائداً لاحدى فرق حزب الله لانهم على قدر عال من الكفاءة القتالية والجرأة والتدريب.‏

صحيفة الديار اللبنانية 8/8/2006م ـ موقع إنباء الأخباري 9/8/2006م

**************

المغامرون الشرفاء والساقطون!!

2007-09-03

دكتور أحمد راسم النفيس

منذ اللحظة الأولى لبدء الأزمة الأخيرة انهالت السهام على حزب الله واصفة إقدامه على أسر الجنديين الإسرائيليين بالمغامرة التي جرت على العرب والمسلمين الويل والثبور وعظائم الأمور!.

ورغم أن المغامرات الوهمية بأدبها وقلة أدبها قد حلت محل أدب البطولات لتصبح مكونا أساسيا من مكونات حياتنا الثقافية بدءا من مغامرات جاليفر وسمير وسندباد ومغامرات رشدي أباظة العاطفية فضلا عن مغامرات سيلفستر ستالوني التي تنتهي دوما بانتصار البطل الأمريكي وخروجه من قلب النار سليما معافى وبه بعض الخدوش لزوم الواقعية بعد أن جندل الإرهابيين الأشرار وقام بتحرير الرهائن الأمريكيين والإسرائيليين الأطهار.

المعنى أن البعض يعشق المغامرات الوهمية ويرى في (أبطالها) رمزا للقوة الجنسية والجسدية في حين يرفض هؤلاء المغامرة الأخلاقية ويرفضون مبدأ التضحية بالذات والملذات ولا يمانعون في التضحية بالآخرين ولو كانوا من بني جلدتهم لتبقى السلطة كل السلطة والثروة كل الثروة لتلك الحفنة من البشر من أكلة الستيك البقري والجريل المشوي في واشنطن أثناء استمتاعهم برؤية الآنسة كوندي على نغمات صراخ من يفترض أنهم إخوانهم في الدين والعقيدة!!.

مغامرات ومغامرات

المغامرات اللاأخلاقية الفاشلة إذن هي جزء أصيل من حياتنا السياسية فالذين أرسلوا رسالة دعم وتأييد سرية لأولمرت أقدموا على مغامرة لأنهم يخشون من افتضاح أمرهم!! أما عن مغامرات هؤلاء الليلية والمالية فحدث ولا حرج!!.

المغامرون اللاأخلاقيون الفاشلون هم أولئك الذين راهنوا على انتصار إسرائيل على حزب الله (الشيعي الموالي لإيران) أو على مكاسبهم الرخيصة التي سيحصلون عليها مقابل تقديمهم التسهيلات للطائرات الأمريكية التي ستقوم بقصف إيران (لنزع سلاحها النووي) والفارق بين مغامرات هؤلاء و(مغامرات) حزب الله كالفارق بين مغامرات الضباع الذين يعتاشون دوما على بقايا الفريسة الأمريكية الإسرائيلية ومغامرات الأسود الذين يواجهون أعداءهم بشرف وكرامة ويقبلون مصيرهم الذي اختاروه وأعلنوه بدلا من أساليب التخفي واللعب على الحبلين!!.

المغامرون الاستشهاديون يضحون في سبيل الله الذي اشترى منهم (أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن اوفى بعهده من الله) ومن ثم فهم ليسوا مغفلين بل أناس واثقون بوعد الله ومن أوفى بعهده من الله؟؟!!.

كان وما زال في هذا العالم من يضحون من أجل كرامة أمتهم واعين لكلمات الإمام علي بن أبي طالب (قَدِ اسْتَطْعَمُوكُمُ الْقِتَالَ فَأَقِرُّوا عَلَى مَذَلَّة وَتَأْخِيرِ مَحَلَّة أَوْ رَوُّوا السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ، فَالمَوْتُ في حَيَاتِكُمْ مَقْهُورِينَ، وَالْحَيَاةُ في مَوْتِكُمْ قَاهِرِينَ).

الذين أحرجهم وأزعجهم اشتعال جذوة الجهاد الواعي في سبيل الله ليزيح من فوق صدر الأمة كابوس الجهاد التدميري الانتحاري ما فتئوا يبحثون عن مثالب وأخطاء لهؤلاء المجاهدين المضحين ولو اقتضى الأمر السخرية من السيد حسن نصر الله والتساؤل عن سبب اختفائه ولماذا لا يعلن عن مكانه حتى يتمكن الصهاينة من قصفه وكان من الأولى بهم أن يسألوا من أرسلوا رسائلهم السرية للسيد أولمرت عن سبب افتقادهم للشجاعة والجرأة لإعلان مواقفهم الحقيقية ولماذا لم يقم أي منهم بنفي تأييدهم للهمجية البربرية الإسرائيلية التي لا يكف هذا الأولمرت عن إعلانها بالنيابة عنهم؟!.

هل هذه هي الرجولة والكرامة أم أنها أخلاق الضباع العربية الأصيلة ولا فخر؟؟!!.

الجهاد ضد حزب الله

لقد كشفت إشادات السيد أولمرت المتواصلة بالدعم (العربي) الممنوح له في حربه على لبنان عن الوجه الحقيقي للمعركة التي يزعم هؤلاء أن حزب الله هو الذي افتعلها بأسر الجنديين خاصة كما أن هذا الدعم والتنسيق لا يمكن له أن يحدث في تلك السويعات الفاصلة بين عملية الأسر وبدء الهجوم الصهيوني بل هو ثمرة (حوار استراتيجي) (باستيك بقري ومن دون استيك) كما كشفت أن دموع التماسيح التي يذرفها القوم على الخراب الذي لحق بلبنان والدماء التي سالت كانت جزءا من الثمن (الأخلاقي) الذي رحب هؤلاء بدفعه من دماء اللبنانيين وليس من دمائهم بكل تأكيد ولو أنه أدلى بتصريحاته هذه منذ البدء لوفر علينا الجهد المبذول في نفي الأجندة الإيرانية التي روج لها مرتزقة الإعلام العربي منذ بدء الهجوم البربري الإسرائيلي على لبنان!!.

إنها إذا معركة أخلاقية تدور رحاها بين أولئك الذين يرغبون في محو قيم الإسلام السامية والرفيعة وأولها قيمة التضحية والاستشهاد في سبيل الله لتحل محلها منظومة القيم الانتهازية البراجماتية التي لا تقيم وزنا إلا لمصالحها الذاتية والتي لا تبالي بالتضحية بدماء وثروات الشعوب العربية والإسلامية من أجل تحقيق أهداف لم تعد خافية على أحد.

ليبرالية حسن نصر الله

من بين العجائب التي أظهرتها هذه الحرب هو ذلك الهجوم الذي اصطف فيه بعض الليبراليين مع إخوانهم الوهابيين على المقاومة الإسلامية!!.

أما الوهابيون فأمرهم مفهوم

وأما هؤلاء الليبراليين فلا بد لنا من وقفة معهم.

الليبرالية تعني من بين ما تعني الحرية الاقتصادية والفكرية والدينية ومن ثم فهي معنية بالتعايش بين المذاهب والأديان.

الليبرالية لا تعني التخلي عن الدين أو المذهب بل تعني الحوار والتعايش بين الأديان والمذاهب وبينها وبين من لا يؤمنون بالأديان ولا بالمذاهب.

من هنا فالليبرالية لا ينبغي أن تقع في فخ التناقض مع الدين ومن ثم التناقض مع مبدأ حرية الإيمان.

الديمقراطية اللبنانية قامت على التعايش بين الأديان والمذاهب وهي أقدم ديموقراطيات المنطقة وليس هناك ما يشير إلى أن المقاومة الإسلامية سعت لإلغاء الآخرين والقضاء على وجودهم والدليل على ذلك هو استطلاع الرأي الذي أجراه معهد لبناني مستقل ونقلته صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور يوم 28-7-2006 والذي أظهر أن 80% من مسيحيي لبنان و80% من الدروز و89% من سنة لبنان يؤيدون حزب الله.

الحقيقة الأخرى التي يتعين الانتباه إليها هي أن الحرية لا تتجزأ كما أن الحرية لا توهب بل تنتزع انتزاعا

وللحرية الحمراء باب * بكل يد مضرجة يدق

ليست هناك حرية ولا ليبرالية في بلدان ترتهن إرادتها بإرادة القوى الكبرى ويحكمها سفراء الدول الغربية كما أن أحدا لا يمكنه أن يزعم امتلاك الحرية في شرق أوسط كبير يهيمن عليه الكيان الصهيوني.

الأهم من هذا أن الحرية وحدها لا تكفي من دون عدالة أو ضمانة تحمي حقوق الفقراء والضعفاء وإلا أصبحت المسألة برمتها ليبرالية نخبوية يستمتع بها قلة متنفذة ومتنقلة بين السفارات ومراكز الأبحاث الغربية وأخرى تقبض على زمام السلطة والثروة وتمارس التسلط والاحتكار ولا بأس بعد ذلك بديكور ديموقراطي شكلي ينفس من خلاله المستضعفون عن مشاعر القهر والظلم المكبوتة في نفوسهم.

هذه هي الأجندة التي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تنفذها في لبنان خلال الفترة الماضية بالتعاون مع حلفائها العرب وعندما لم تنضج الطبخة الأمريكية عبر الوسائل السلمية لجأ القوم إلى القوة الحربية لتنفذ بالقوة ما عجزت عن تنفيذه بوسائل المكر والدهاء.

والشيء المؤكد أن ما يجري في لبنان يرتبط بذلك الصراع الذي تشنه تلك القوى لإبقاء أهل القاع في القاع وأهل القمة في القمة.

وإن غدا لناظره لقريب

نقلا عن جريدة القاهرة بتاريخ 8-8-2006.

**************

صوت حزب الله الذي لم تستطع إسرائيل إسكاته

2007-09-03

سامية المصري

حاولت الطائرات الحربية الاسرائيلية طوال المدة الفائتة ولمدة 25 يوما تدمير محطة حزب الله التلفزيونية "المنار"، وفي كل مرة كانوا يفشلون؛ وإلى حدٍ ما، أنتجت الشبكة الفضائية مزيجاً مؤثراً من الأخبار والدعاية من الاستديوهات المؤقتة. وكان بقاؤها المستمر قد مثّل إرباكاً للجيش الإسرائيلي الشهير، وأملاً متجدداً لدى المتعاطفين مع حزب الله.

ويتابع دانيال ماكغروري،مراسل صحيفة التايمز من بيروت، قُصِف مقر المحطة بطوابقه الخمسة في الضاحية الجنوبية من بيروت في الساعات الأولى من الحرب، ما تسبب في جرح خمسة موظفين. ولكن فريق العمل الذي كان يعمل تلك الليلة علم كيف يخلي المكان ويصل إلى استديو داعمٍ لهم، ولذلك توقفت المنار عن البث لمدة 10 دقائق فقط.

وفي الليالي الثلاث التالية عادت الطائرات وقصفت ركام المبنى بقنابل تزن 500 رطلاً بعدما تناقلت الإشاعات أن المنار تبث برامجها من مخبأ تحت الأرض.

ويُعتقد أن المحطة الآن تبث برامجها من شقق في بعض شوارع بيروت الأكثر عصرية، لكن مكان مذيعي أخبار المنار تشمله السرية والحماية كالتي يحظى بها المكان المخبأ للسيد حسن نصر الله قائد الحزب.

يقوم تقنيو القناة بتحريك أطباق أقمارهم الصناعية بسرعة تزيد عن سرعة مقاتلي حزب الله في تغيير قاذفات صواريخهم. والسؤال الذي يُطرح في إسرائيل هو لماذا لم يتمكن الجيش، بدعمٍ من جهاز المخابرات الهائل، من إسكات صوت حزب الله.

قال مدير العلاقات العامة في المنار إبراهيم فرحات: "كنا نعلم أن هذا اليوم آت، ولذلك اتخذنا التدابير الوقائية اللازمة في كل أنحاء لبنان."

وقال فرحات أنه ليس لديه أدنى فكرة عن عدد الاستديوهات التي ما تزال تعمل، وأنه لا يستطيع ولن يقول كيف نجحت المنار في تجنب التأثير على إشارتها الفضائية، لكنه أصر على "أننا نعتبر الاستمرار جزءاً من واجبنا، حتى لو كلفنا حياتنا."

كما قال أن عدة منشآت للمحطة كانت قد ضُرِبت، لكن الخدمة المعتادة تُستأنف دائماً بعد عدة ثوانٍ.

لا تستطيع إسرائيل تدمير القمر الدولي الذي تستخدمه المنار لأنها تشترك مع محطات غربية، وبالتالي عليها أن تجد وصلة طبق القمر الصناعي الخاص بالمنار الذي يُحمَل على شاحنات صغيرة أو أن تستهدف الاستديوهات السرية والموظفين.

وقال فرحات أنه قيل لموظفي المنار الـ 350 أنهم ليسوا بحاجة لأن يأتوا للعمل، لكنه أكد على أن أياً منهم لم يتغيّب. يتصل الموظفون ببعضهم من طريق الهواتف الخليوية التي لا يمكن تعقبها، وأسطول من السيارات التي تنقلهم إلى الاستديو.

رسالة المحطة صريحة وصامدة: المقاومة تنتصر، العدو يتألم.

إلى جانب الصور المتلاحقة لمقاتلي الحزب يهاجمون عبر الحقول ويحمّلون صواريخ الكاتيوشا، هناك صور لجنود إسرائيليين قتلى و"شهداء" حزب الله على أرض المعركة ترافقها موسيقى عسكرية مثيرة. وكل عدة دقائق تظهر صورة السيد نصر الله يعانقه المقاتلون أو صورته بينما يمسح على وجه أحد رجاله في الكفن. وتتكرر مقتطفات من حديثه تقريباً كل ساعة. كما يقف مذيع الأخبار الجوية أمام خريطة، مشيراً إلى الأماكن التي سقطت عليها قذائف حزب الله وإلى الأضرار الأخيرة التي لحقت بلبنان.

وبعد حصول المحطة على صور من التلفزيون الإسرائيلي، تزودها بتعليقات مهينة باللغة العبرية. فإيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يُصوّر على أنه مرتدياً العصابة النازية وله شارب كشارب هتلر، بينما تسيل الدماء من شفتي الرئيس بوش.

لكن المحطة لا تعتمد على الدعاية وحسب، فقد كانت المنار الأولى التي أعلنت اختطاف الجنديين الإسرائيليين في 12 يوليو بعد ساعةٍ من اختطافهما. وكانت الأولى التي أعلنت ضرب البارجة الإسرائيلية من قبل حزب الله، وأن الكوماندوز الإسرائيليين هاجموا بعلبك في الأسبوع الحالي. كما تعلن وبصورة مستمرة عن وفيات الجنود الإسرائيليين قبل أن تثبت إسرائيل ذلك.

كان خطاب السيد نصر الله الأخير ليلة الخميس قد صوره المصور الخاص، وأُعلِمت المنار خلال ساعة أن الشريط في طريقه إليها. وعندما ظهر على الشاشة رفع أصحاب المنازل أصوات أجهزتهم ليستمع إليه الناس في الشارع. لقد توقف غرب بيروت توقفاً شبه تام خلال الخطاب الذي استمر 40 دقيقة.

لكن فرحات أنكر أن المحطة تتلقى الأوامر من حزب الله. وقال: "إذا لم نصدق قصة أعطانا إياها حزب الله فإننا لا نعرضها." كانت المنار قد بدأت بثها في 1990، وتبلغ ميزانيتها السنوية 15 مليون دولار (8 مليون جنيه استرليني) وتدعي أن جمهورها يصل إلى 200 مليون في العالم الإسلامي.

لكن نجاحها يعتمد أيضاً على تصويرها مباريات كرة القدم والمسلسلات التلفزيونية العربية، وذلك لحشد التأييد لحزب الله.

وكانت الشركات الأميركية مثل بيبسي كولا وبروكتر وغامبل قد اعتادت أن تضع إعلاناتها في المحطة قبل أن تُدرج في القائمة السوداء التي وضعها البيت الأبيض باعتبارها القناة التلفزيونية الإرهابية الوحيدة في العالم. إن الضرر العظيم الذي أمكن لإسرائيل أن تسببه هو إعاقة برامجها بواسطة تركيب رسالتها على الشاشة.

لقد حوّلت الأسابيع الثلاثة الماضية مذيعي المنار إلى أبطال محليين. تقول فاطمة البري إحدى مذيعات القناة: "عندما أكون على الهواء أشعر وكأني أحارب العدو مع مقاتلي حزب الله، على الرغم من أننا نجلس على كراسينا في حين أنهم يحاربون في الميدان."

 الإثنين 7 أغسطس 2006م