أورد الكاتب "سامي البحيري" مقالا تناول في فشل العلمانية السياسية والليبرالية بالتقرب من الطبقة الفقيرة للشعوب على غرار الاسلاميين، مسلطا الضوء على تجربة الإمام الخميني (رض) ومقاومته للعنف والإرهاب.

وتحدث البحيري في المقال انه في يوم أول فبراير عام ١٩٧٩ شاهد العالم كله هبوط الإمام الخميني من طائرة اير فرانس في مطار طهران، بعد أن أمضى ١٤ سنة في المنفى في فرنسا.

وأوضح انه وبعد نهاية عصر الاستعمار الأوروبي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي تولى الحكم الحكام الوطنيون من أهل تلك البلاد(العالم الإسلامي) كان أبرزهم جمال عبد الناصر في مصر وكان معظم هؤلاء الحكام علمانيين بمفهوم فصل الدين عن الدولة، واتجه معظمهم إلى اليسار ميلا للاتحاد السوفيتي ليس اقتناعا بالمبادئ اليسارية والاشتراكية ولكن نكاية بالغرب الاستعماري، وكان لدى هؤلاء الحكام الوطنيون فرصة ذهبية للنهوض ببلادهم بعد سنوات الاستعمار، وكان لديهم فرصة ذهبية للبناء على ما تم بناؤه من بنية تحتية ممتازة تم بناؤها في سنوات الاستعمار، ولكن بدلا من ذلك اخذوا في هدم القديم وفشلوا في بناء الجديد.

ودخل هؤلاء الزعماء في حروب ومعارك وهمية خارجية وداخلية وبدلا من التركيز على رفع مستوى التعليم والتنمية الاقتصادية اخذوا يحاربون أعداء الداخل والخارج ويتوهمون المؤامرات الأجنبية وكأنهم يحاربون طواحين الهواء، وفي تلك الأثناء ومع الفشل الداخلي والخارجي المتزايد فقد الناس إيمانهم بالقومية والوطنية والعلمانية والاشتراكية واتجهوا إلى الموروث الوحيد والثابت لديهم وهو الدين.

وبيّن الكاتب انه في إيران، حاول الشاه التوجه بإيران نحو الغرب بشكل متسارع ولكنه نسى أهم المبادئ التي بنى الغرب عليها حضارته ألا وهي مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، وملأ سجون إيران بمعارضيه وسمح للفساد بان يستشري في البلاد وزادت الهوة بين الأغنياء والفقراء، لذلك اتجه الفقراء إلى رجال الدين في إيران.

وأضاف من المفارقة أن عبد الناصر فشل لعدائه غير المبرر للغرب وشاه إيران فشل لارتمائه غير المبرر في أحضان الغرب (والذي تخلى عنه عندما كان يبحث عن منفى يأويه هو وأسرته) ولكن غير العجيب والمنطقي أن رجال الدين هم من احتلوا فراغ عبد الناصر وشاه إيران فظهر الشيخ الشعراوي في مصر بعد عبد الناصر وكنت اعتبره بمثابة (خميني مصر) بما كان له من شعبية في أوساط كل مسلمي مصر وظهر الإمام الخميني في إيران.

وأشار إلى نشأة أول جمهورية إسلامية في العصر الحديث في دولة من أهم دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي كان حدثا تاريخيا ليس في إيران وحدها ولكن في العالم الإسلامي كله:

واعتبر هذا الحدث أولا: أعطى دفعة قوية للإسلاميين لان العالم كله قد رأى كيف استطاعوا الإسلاميين والمنظمون تنظيما ممتازا أن يتغلبوا على واحد من اعتى الأنظمة السياسية في العالم الإسلامي وكيف استطاع تحييد الجيش الإيراني والذي كان يعتبر من أقوى جيوش المنطقة، وأصبح حكم الإسلام واقعا مما أعطي جماعات الإسلام السياسي في مصر وباكستان وشمال إفريقيا من إمكانية تكرار ذلك في بلاد أخرى.

ثانيا: فوز الإسلاميين في إيران أثار خوف حكام الخليج الفارسي وغيرهم من تكرار هذا في بلادهم، وبدلا من البدء في عمل إصلاحات داخلية حقيقية، اتجهوا إلى تقوية الجماعات الدينية المتشددة الداخلية.

ثالثا: انكشفت وانكمشت الاتجاهات الليبرالية والعلمانية واليسارية وأصبحت في موقع الدفاع عن النفس، ليس هذا فحسب بل ورأينا الكثير منهم اخذوا في القفز إلى قطار الإسلاميين لأنهم عرفوا بحسهم النفاقي انه الحصان الرابح.

رابعا: زاد العداء بين الغرب والإسلام بصفة عامة، وبين إيران وأميركا بصفة خاصة وأطلق الإمام الخميني لقب الشيطان الأعظم على أميركا وأطلق جورج بوش الابن رئيس أميركا السابق على إيران أنها جزء من "محور الشر" في العالم. وأصبح الصراع بين محور الشر والشيطان الأعظم!!

وتساءل البحيري عن كيفية الاستفادة من تجربة نجاح الإمام الخميني في مقاومة التطرّف والإرهاب؟ كيف يمكن أن يتعلم العلمانيون العرب والمسلمون في الوصول إلى قلوب شعوبهم وخاصة الطبقات الفقيرة منهم كما فعل رجال الدين بإيران في الأحياء الفقيرة والقرى الفقيرة في إيران وكما فعل الإخوان المسلمون في إحياء القاهرة والإسكندرية الفقيرة والقرى الفقيرة في باقي مصر، وكيف قدموا لهم خدمات دينية واجتماعية وتعليمية بينما فشل العلمانيون في كل شيء باستثناء ظهورهم في برامج التوك شو والفيس بوك وتويتر بينما فشلوا في الاحتكاك بعامة الشعب، فهل يستطيع العلمانيون أن يتعلموا من الإمام الخميني وأنصاره؟ أشك في ذلك!

المصدر : وكالة أنباء فارس