الثقة بالنفس ورفض الانهزام النفسي

2007-08-20

اليقين أساس القدرة

لقد تيقنتم ـ خلال هذه المدة التي انتفضتم فيها وثرتم فيها ـ وأثبتم ذلك أيضاً للدول والشعوب المستضعفة بأنه يمكن الوقوف بوجه أمريكا الناهبة والاتحاد السوفيتي الناهب. إنكم ومنذ سنتين نهضتم نهضة الرجال ووقفتم بوجههم وقطعتم أيديهم جميعاً عن بلادكم، ورأيتم أنه يمكن تحقيق ذلك، وأنتم تستطيعون الصمود في الوقت الذي لا تملكون فيه قوة عسكرية مثلهم ولا اقتداراً صناعياً على شاكلتهم.

فعندما يكون شعب ما على يقين من موضوع معين بأنه قادر على إنجازه؛ فإنه سينجزه. واليقين على نوعين: يقين الضعف والعجز والخوار، ويقين القدرة والقوة والاستعداد. فلو أن شعباً كان متيقناً بأنه قادر على الوقوف بوجه القوى الكبرى، فإن هذا اليقين سيكون سبباً ليجد في نفسه القوة، ويقف أمام القوى الكبرى.

فهذا النصر الذي حققتموه إنما كان بسبب اعتقادكم ويقينكم بأنكم قادرون؛ لقد تيقنتم بأن أمريكا لا تستطيع أن تفرض عليكم أمراً، فهذا اليقين صنع تلك المعجزة العظيمة بأيديكم. في بلادنا صناعات كثيرة ازدهرت خلال هاتين السنتين… ولو وُجد عندكم اليقين بأننا قادرون بأنفسنا على امتلاك صناعة، وقادرون على الابتكار، فإن هذا اليقين بالقوة سيجعلكم أقوياء. فالأصل هو هذا اليقين الذي سلبوه منا. إنهم سلبونا كل شيء، حتى أفكارنا واعتقاداتنا كانت مرتبطة بهم. فلو ارتبطت أفكار شعب بقوة عظمى فإن جميع أمور ذلك الشعب سترتبط بتلك القوة أيضاً. فالمهم هو أن تحرر أفكاركم، من الارتباط بالقوى الكبرى. ولو تحررت أفكاركم ووُجد عندكم اليقين بأنكم قادرون على الصناعة والتصنيع لأصبحتم كذلك أيضاً. لو كانت أفكاركم ويقينكم بأنكم قادرون على الاستقلال وعدم الارتباط بالغير لأمكنكم ذلك.

لو تيقن مزارعونا بأنهم قادرون على الوصول بالزراعة إلى مرحلة التصدير وأن لا نرتبط بغيرنا، بل ليرتبطوا هم بنا ويحتاجوا الينا، لأمكننا أن نكون كذلك. لو أنكم أيها الصناعيون والمرتبطون بالجيش تيقنتم بقدرتكم على الصناعة والابتكار، وأنتم لديكم اليوم هذا الاعتقاد من خلال التجربة، لأمكنكم ذلك.

لقد حصلت أعمال عديدة ايجابية جداً في مجال الصناعة، وأنا آمل إن شاء الله انجاز أعمال أكبر منها حتى لا نمد أيدينا إلى الشرق أو الغرب ونقوم بأعمالنا بأنفسنا، ونتمكن من تحقيق الاستقلال التام وإدارة بلادنا دون الارتباط في أي أمر من الأمور بالآخرين. وأن نستيقن بأننا قادرون أيضاً مثل بقية الموجودات في العالم على القيام بأعمال. وإن شاء الله نتقدم من خلال هذا اليقين.

 

مواجهة إعلام المتغربين

من المسائل التي منعت المسلمين والمستضعفين في العالم من القيام بأية فعالية للخروج من قيد المستعمرين، والبقاء في حالة التخلف والركود هي الدعاية الواسعة للمتغربين والمتشرقين، إما بأمر القوى العظمى أو بسبب قصر نظرهم، حيث ملأت دعاياتهم البلدان الإسلامية والمستضعفة ولا تزال، وكانوا يقولون: إن العلم والتطور والتمدن يختص بجناحي الامبريالية والشيوعية وإنهم ـ والغربيون خاصة والأمريكان أخيراً ـ هم العنصر الأفضل، والآخرون هم العنصر الحقير والناقص، وإن ترقيهم كان بسبب عنصرهم الراقي، وتخلّفنا كان بسبب النقص العنصري. وبعبارة أخرى فإنهم أناس متكاملون بينما هؤلاء على طريق التكامل، وإنهم سوف يصلون بعد ملايين السنين إلى التكامل النسبي. فلا فائدة اذن من بذل الجهد للتطور، ويجب أن يكون الأحرار مرتبطين إما بالرأسمالية الغربية أو بالشيوعية الشرقية. وبأسلوب آخر فإننا لا نملك أي شيء من عندنا، ويجب أن يؤخذ كل شيء من القوى العظمى الشرقية أو الغربية كالعلم والتمدن والقانون والتطور. وأنتم تشاهدون يومنا الأسود هذا الذي هو بسبب هذا التفكير المفروض علينا، فإن بضاعتنا حتى ولو كانت ممتازة فإنها قليلة الابتياع بذنب انها من عندنا. ولو وضعوا اسم الغرب على تلك البضاعة لكثر عدد الطالبين لها. يجب أن تكتب الحروف الأجنبية واللاتينية في حاشية الأقمشة الإيرانية حتى يمكن بيعها! ويجب على المرضى الذين يمكن معالجتهم بشكل جيد داخل البلاد السفر إلى خارجه من أجل العلاج! لقد كان هذا الاعتقاد موجوداً في الوقت الذي كان بعض العلماء والكتاب غير المسلمين قد أثبتوا من خلال الشواهد الحية أن التمدن والعلم قد انتقلا من الإسلام إلى أوربا، وان المسلمين كانوا من السباقين في هذه الأمور.

 

الشعوب مشعل في طريق المثقفين

يا مسلمي العالم المؤمنون بحقيقة الإسلام! انهضوا واجتمعوا تحت لواء التوحيد وفي ظل التعاليم الإسلامية، واقطعوا أيدي الخونة من القوى العظمى عن بلدانكم وعن ذخائركم العظيمة، وأعيدوا مجد الإسلام، وكفوا عن الاختلافات والأهواء النفسانية، فانكم تملكون كل شيء. استعينوا بالثقافة الاسلامية وناضلوا ضد الغرب والمتغربين، وقفوا على أرجلكم، وهبوا ضد المثقفين المتغربين والمستشرقين، واستعيدوا هويتكم، إذ ان المثقفين العملاء انزلوا المصائب على رؤوس شعوبهم ودولهم، وسوف تستمر الحالة التي أنتم عليها ما لم تتحدوا وتستعينوا بالإسلام الأصيل. واليوم يجب أن تكون الشعوب مشاعل في طريق مثقفيهم، وان ينقذوهم من الانهزام النفسي والذل أمام الشرق والغرب؛ فاليوم هو يوم حركة الشعوب، وهي التي كانت تهدي المهتدين حتى الآن.

اعلموا ان قدرتكم المعنوية غالبة على جميع القوى ويمكن لعددكم البالغ قرابة المليارد انسان مع ذخائر لا نهاية لها ان يحطم جميع القوى. انصروا الله كي ينصركم.

أيها البحر المتلاطم من المسلمين اصرخوا وحطموا أعداء الإنسانية، فلو وجهتم وجوهكم إلى الخالق العظيم، وجعلتم تعليماته السماوية نصب أعينكم، فإن الله تعالى وجنوده سيكونون معكم.

 

القوة الروحية للإنسان أساس الانتصار

إن أساس جميع حالات الفشل والانتصار تبدأ من الإنسان نفسه؛ فالإنسان أساس النصر وأساس الفشل، وإن يقين الإنسان هو أساس جميع الأمور. حاول الغربيون وانجلترا في السابق ومن بعدها الأمريكان وسائر الدول القوية ـ من خلال اعلامهم الواسع ـ زرع هذا الشعور عند الدول الضعيفة بأنها عاجزة، وأنها لا تقدر على أي شيء، ويجب عليها أن تمد يديها إلى القوى العظمى في الشرق أو الغرب في الصناعة والنظم وإدارة البلاد.

لقد وضع اولئك الذين أرادوا نهب ذخائر هذه الدول الضعيفة مخططات ـ مدروسة جيداً ـ أرادوا من خلالها زرع اليقين عند شعوب هذه الدول بأنها عاجزة، وجروها إلى الفساد والتخلف من خلال إعلام المتغربين في هذه الدول، والذي جعل الناس يتيقنون بأننا غير قادرين على الصناعة، وغير قادرين على قيادة الجيوش، وغير قادرين على إدارة البلاد.

فلو كان يقين الإنسان ضعيفاً إزاء أي عمل، فإنه لا يستطيع أن يقوم به، وإن الانهزام هو عاقبة ذلك الجيش القوي والمقتدر الذي لا يمتلك القوة الروحية والذي يعتقد بعدم قدرته على الوقوف بوجه قوة معينة أخرى؛ وإن أي دولة تحمل مثل هذا الاعتقاد بأنها غير قادرة على التصنيع؛ فسوف يبقى شعبها عاجزاً حتى النهاية. وان هذا هو أساس تلك المخططات التي وضعتها القوى العظمى للشعوب المستضعفة في العالم، وقد نشر المتغربون والمرتبطون بهم والأقلام التي كانت تكتب لهم هذا ضمن دعاية واسعة، بحيث حصل يقين عند هذه الدول بأنها لا تستطيع فعل أي شيء، وإنها لا تتمكن من القيام بأي شيء، وإنها لا تتمكن من القيام بأي أمر من الأمور المدنية والعسكرية والصناعية وسائر الأمور الأخرى التي تدخل ضمن التمدن البشري، وينبغي الانقياد للغرب القوى العظمى؛ فجيشها بحاجة إلى مستشار، وبلادها إلى مدبر! وسوف تبقى هذه الدول مرتبطة ومبتلية حتى النهاية مادام هذا الاعتقاد موجوداً لدى دول العالم والدول المستضعفة.

إنكم عندما تعتقدون بعدم قدرتكم على التصنيع، وتوفير تلك الصناعات الكبيرة والصغيرة وكل ما تحتاجون إليه من الغرب، فسوف تبقون على هذه الشاكلة بسبب وجود هذا اليقين عندكم؛ فيجب أولاً ان تصلحوا أنفسكم، وتعتقدوا بأننا بشر أيضاً، فنحن أيضاً عندنا القدرة على التفكير، وعندنا القدرة على التصنيع، وهذه القدرة موجودة عند جميع الناس بالقوة.

فلو حصل عندكم هذا اليقين بأنه ما كان يقال من أنه لا يمكن التنفس أمام القوى العظمى ويجب الاستسلام لها ما هو إلا دعاية، لاستفدتم من التجربة التي مرت عليكم خلال هاتين السنتين، ورأيتم ان ما كان يقال كان دعاية وليس الأمر كذلك.