تشكيل الحكومة الاسلامية واحداثها

2007-08-20

 

اذاعة الجمهورية الإسلامية: إن تحقق وعود الإمام الخميني (رحمه الله) وانتصار الثورة الإسلامية في إيران، لم يشكلا حادثة داخلية لتغيير نظام سياسي فحسب، بل كان ذلك زلزالاً مدمراً للعالم الغربي، حسب ما ذكره المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون والأوروبيون في مذكراتهم عن تلك الحقبة.

فمنذ صبيحة يوم الحادي عشر من شباط عام 1979م بدأوا بمعاداة النظام الإسلامي الفتى عداءاً واسعاً وشاملاً، وتزعمت أمريكا جبهة العداء هذه، وشاركت في حملة العداء كل من بريطانيا وبعض الدول الأوروبية ومعهم سائر الأنظمة العميلة للغرب. وبموازاة العداء الأمريكي الغربي كان الاتحاد السوفياتي وأقماره يعلنون عن امتعاضها من الحكم الديني في إيران، ويسيرون إلى جانب أمريكا في كثير من الأعمال العدائية وتدعمها.

انّ الإمام الخميني (رحمه الله) دعا الشعب الإيراني إلى التعبئة العامة لبناء البلاد وتقديم مثال عالمي عن المجتمع الديني السليم والمتطوّر، فشكل مؤسسة جهاد البناء ليقوم من خلالها آلاف الأخصائيين والثوريين بالتوجه إلى المناطق الريفية المحرومة، حيث قاموا خلال مدة .

قصيرة جدا بتأمين المراكز الصحية ومدّ شبكات الماء والكهرباء وشق الطرق وترميمها.

ولم يمض إلاّ شهران على انتصار الثورة الإسلامية حتى جرى أول استفتاء شعبي عام وحر، أيد فيه أبناء الشعب الإيراني إقامة نظام الجمهورية الإسلامية بنسبة 2/98% ثم تلاه تدوين الدستور الإسلامي بعد انتخاب أعضاء شورى الخبراء لتدوين الدستور، ثم انتخاب ممثلي الشعب لمجلس الشورى الإسلامي. وبينما كانت تسير قافلة الثورة في طريق الإصلاح والبناء والحرية، كانت أمواج الفتن الداخلية والضغوط الخارجية تتحرك بشكل تصاعدي، فكانت أمريكا تحاول من خلال طابورها الخامس أن تشغل النظام الإسلامي بالمشاكل الداخلية، وتبث الفتن والخلافات محاولة بذلك تهيئة الأرضية لإسقاط هذا النظام الفتي، وكان من أول ما أقدمت عليه أمريكا وأعداء الثورة لإضعاف نظام الجمهورية الإسلامية هو اغتيال الشخصيات البارزة في الثورة، ففي مدة قصيرة جدا تم اغتيال وجوه معروفة كالعلامة الشيخ مرتضى المطهرى (عضو مجلس الثورة)، والدكتور الشيخ محمد مفتح، والجنرال قرني رئيس أركان الجيش، والحاج مهدي العراقي، وآية الله‏القاضي الطباطبائي.

ومن ناحية أخرى قامت أمريكا بتجميد الودائع الإيرانية في بنوكها والتي تبلغ 22 مليار دولار، ورفضت الطلب الإيراني القاضي باسترداد الملك المخلوع لمحاكمته، وقدّمت الإمكانات الواسعة للفارين من أنصار الملك المخلوع لينظموا أنفسهم في الخارج للعمل لإسقاط النظام الإسلامي، مما فجّر غضب الشعب الإيراني المسلم ضد أمريكا وأعمالها العدوانية، وعندها قام جمع من الطلاب الجامعيين المسلمين باحتلال السفارة الأمريكية في طهران، والقضاء على مقاومة القوات الأمريكية الخاصة ـ التي كانت تتولى حراسة السفارة ـ واعتقال جواسيس أمريكا الذين كانوا يعملون تحت غطاء العمل الدبلوماسي، فدعم الإمام الخميني (رحمه الله) هذا التحرك الطلابي، واعتبر عملهم هذا ثورة ثانية تضاهي الثورة الأولى.

وقام الطلاب بنشر وثائق السفارة الأمريكية في مجموعة من خمسين كتاب تحت اسم (وثائق وكر التجسس الأمريكي في إيران). إن هذه الوثائق الدامغة كشفت الستار عن أسرار التجسس والتدخل الأمريكي الذي لا يحصى في إيران وسائر دول العالم، وفضحت أسماء الكثيرين من عملاء أمريكا وجواسيسها وأساليبهم والفتن‏السياسية الأمريكية في شتى نقاط العالم.

إن احتلال (وكر التجسس) هذا شكل نكسة للحكومة الأمريكية، وكان من خيرات هذا العمل ضمان استمرار ديمومة الثورة الإسلامية، وتحطيم الأبهة الفرعونية لأمريكا، وزرع الأمل في نفوس شعوب العالم الثالث بإمكانية الوقوف بوجه القوى المستكبرة.

هنا سعت أمريكا إلى إسقاط نظام المجمهورية الإسلامية من خلال فرض المقاطعة الاقتصادية والسياسية العالمية ضد إيران، لكنها لم توفق في ذلك، ثم نفذت عملية (صحراء طبس) بعد احتلال السفارة الأمريكية، وفشلت فيها. فسعت إلى تجزئة البلاد بواسطة الجماعات والأحزاب المعادية للثورة، ولم تستطع.

وعندها فكر المسؤولون الأمريكيون بالحلّ العسكرى. فخططت أمريكا، وقدمت الدول المتجبرة الدعم، فشن الجيش العراقي هجوماً واسعاً يوم 22/9/1980ميلادي على امتداد الحدود المشتركة البالغة 1280 كلم، وتزامنا مع الهجوم البري الشرس، قامت الطائرات الحربية العراقية في الساعة الثانية بعد الظهر من ذلك اليوم بشن غارات جوية قصفت فيها مطار طهران ومناطق أخرى.

ورغم أهمية خبر بدء الحرب العراقية ضد إيران، لكن المنظمات الدولية والقوى العالمية أبدت إزاءه صمتا مميتا. لكنّ أول رد فعل أبداه الإمام الخميني (رحمه الله) وأول خطاب وجهه في هذا المجال اعتبر فيه أن الخير فيما وقع، وأن النصر حليف إيران لا محالة. وأصدر الإمام أمرا بالمقاومة، وجاء في أول تحليل له عن هذه الحرب أن أمريكا هي التي تقف وراء هذه الحرب بشكل أساسي، وهي التي حركت الرئيس العراقي السابق"صدام" ودعمته في حربه هذه، وطمأن الإمام الناس أنهم إذا واجهوا المعتدى من اجل كسب رضا الله وهبوا للقتال عملا بالتكليف الشرعي، فإن هزيمة العدوأمر حتمي. رغم أن الظروف الظاهرية كانت تشير إلى عكس ذلك.

وفي اليوم الثاني لبدء العدوان العراقي وجّه الإمام الخميني رحمه الله نداءاً إلى الشعب الإيراني حدد فيه الخطوط الأساسية السبعة لإداره شؤون الحرب وأمور البلاد في ظروف الحرب، بشكل مختصر، ولكن بدقة وشمولية.

ثم وجه عدة نداءات إلى الشعب والجيش العراقي ليتم عليهم الحجة، ثم بدأ بعد ذلك مهمة الإشراف على دفاع طويل دام ثماني سنوات شاقة، أدار خلالها الشعب إدارة قلّ نظيرها.

وأصدر الإمام الخميني (رحمه الله) أمرا بالتعبئة وجيش العشرين مليوني، وقد لاقى أمره هذا استقبالاً كبيراً لدى الشبان الثوريين، وكان لتدريب هذه القوات المتطوعة وتوجهها إلى الجبهات أثر مهمة، حيث أفضى على إيران روحا معنوية جديدة، وأظهرت الانتصارات المتوالية لجند الإسلام آثار التي ادت الي اندحار جبهة المعتدين. مما اضطر أمريكا وشركائها الأوروبيين إلى الكشف عن وجههم الحقيقي الذي كان مستمرا من قبل، فقدموا لصدام مختلف أنواع الأسلحة المتطورة التي يصعب الحصول عليها حتى في زمن السلم، والتي تعقد من أجلها عادة مفاوضات مديدة، قدّموها لصدام المعتدى في أسرع وقت، ليشن غارات واسعة ومكثفة ضد المدن والقرى والمراكز الاقتصادية في إيران، وليطلق الصواريخ المتوسطة المدى مستهدفا المناطق السكنية والمستشفيات والمراكز الدينية والتراثية، ويقتل ويجرح ويعيق آلاف الأطفال والنساء والشيوخ.

كل تلك الجرائم كانت ترتكب أمام أعين المنظمات الدولية التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان. لكن الدعم المنهمر من كل صوب لصدام المخلوع لم يؤثر كثيرا على الوضع في جبهات الحرب، حيث كانت كفة الحرب تميل لصالح‏الجيش الإسلامي، مما دفع أمريكا للتدخل المباشر في الحرب، بعد أن ساهمت مباشرةً في تسعير القصف الجوى للمناطق السكنية وإطلاق الصواريخ المدمرة ضد المدن والمناطق الشعبية.

فدفعت أمريكا بسفنها الحربية إلى مياه الخليج الفارسي، ومعها كلّ من فرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفياتي البائد، فقد كانت أمريكا تعتقد أن الحلّ الوحيد للوقوف بوجه الزحف الإسلامي وإنقاذ صدام يكمن في تدوير الحرب والمواجهة المباشرة بين إيران الإسلام والدول الأخرى. لهذا بدأت بحرب جديدة أطلق عليها فيما بعد اسم "حرب الناقلات" حيث إن أول مهمة أوكلت للسفن الحربية الغربية هي منع تصدير النفط الإيراني، وضبط السفن التجارية وتفتيشها، ومنع وصول السلع الأساسية إلى الجمهورية الإسلامية، وبكلمة أخرى ضرب طوق وحصار بحري ضد الجمهورية الإسلامية، وخلال هذه الجبهة الجديدة أصيبت عدة سفن تجارية ونفطية إيرانية بواسطة الصواريخ التي كانت تطلقها الطائرات والسفن الأمريكية، واعتدت القوات الأمريكية على منصات استخراج النفط وتصديره في الخليج الفارسي وأضرمت النيران في الآبار النفطية الإيرانية.

وكانت حادثة إسقاط الطائرة المدنية الإيرانية آخر حلقة في مسلسل الاعتداءات، هذا، حيث أقدمت سفينة "فينسن"الحربية الأمريكية بإطلاق صاروخين (بحر ـ جو) باتجاه طائرة نقل مدنية الإيرانية تنقل مئتين وتسعين راكبا معظمهم من النساء والأطفال في شهر تموز عام 1988ميلادي لتسقط قطع هذه الطائرة وتتناثر مع أجساد المسافرين فوق مياه الخليج.

في تلك المرحلة أيضا ارتكبت قوات آل سعود مجزرة دموية عند ما أقدمت على قتل حجاج بيت الله الحرام داخل الحرم الإلهي الآمن وبشكل فجيع ومخز، وذلك في يوم الجمعة السادس من شهر ذي الحجة الحرام عام 1407هجري وذلك عند ما كان أكثر من مئة وخمسين ألف حاج مؤمن يطوفون في شوارع مكة المكرمة في مسيرة البراءة من المشركين مرددين شعارات الوحدة بين المسلمين، وداعين الله عز وجل إلى القضاء على أمريكا وإسرائيل وتحرير القدس الشريفة من براثن الصهيونية، وكانت قوى الأمن السعودية قد دبرت مؤامرة، فسدت الطريق الأساسي أمام حركة المسيرة، ثم بدأت هجوما وحشيا بالأسلحة النارية والحجارة والعصي، فقتل أثر هذا الهجوم أكثر من أربعمائة حاج من إيران ولبنان وفلسطين وباكستان والعراق ومن دول أخرى، وجرح ما يقارب الخمسة آلاف حاج آخر، فيما اعتقل مئات الجرحى كانوا من النساء والشيوخ الذين عجزوا عن الفرار.

الحشد البحري الغربي في الخليج الفارسي، وكل الأحداث تلك التي وقعت في أواخر سني الحرب العراقية المفروضة ضد إيران ما كانت لتحصل لولا التفوق الذي سطّره جند الإسلام على المعتدين في جبهات الحرب، حيث كانت القوات الإسلامية حينها قد دفعت بالقوات المعتدية إلى خارج الحدود الإيرانية، وكانت تتقدم لتقضى على أساس الفتنة في المنطقة.

لكن سقوط صدام على يد القوات الإسلامية كان يعنى لأمريكا والغرب سقوط كل القوى المتجبرة أمام الثورة الإسلامية، ومن أجل هذا تركزت جهود أمريكا ومجلس الأمن على سد طريق تقدم جند الإسلام، والإبقاء على الطاغية صدام الكافر.

وبتاريخ 20/7/1988 وافقت الحكومة الإسلامية على القرار 598 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي كان يحوي بعض الشروط الإيرانية لوقف الحرب، حيث أصدر الإمام الخميني (رحمه الله) بيانا عدّ فيما بعد أنه من جمله الأعمال المهمة التي تدل على قدرته القيادية الرائدة، حيث سرد فيه تقريرا مهماً عن الحرب المفروضة وأبعادها، وحدّد فيه مستقبل النظام الإسلامي والثورة الإسلامية في جميع المجالات، ومن جملتها المواجهة مع قوى الاستكبار، والاستقامة على القيم وبيّن أهداف الثورة. وبذلك انتهت حرب دامت ثماني سنوات دون أن يحقق المعتدون أيا من أهدافهم المشؤومة، فيما خرج الشعب الإيراني المسلم من هذه الحرب مرفوع الرأس بفضل القيادة الحكيمة للإمام الخميني (رحمة الله عليه)، مثبتا حقانيته، أما أمل الأعداء بالقضاء على الثورة الإسلامية وتجزئة إيران فقد دفن في قلوبهم.

لكنّ الجريمة الكبرى والخيانة العظمى التي ارتكبها صدام ومن خلفه جميع الدول التي تدعي الإسلام والعروبة ـ والتي شجعت صدام البائد ودعمته ـ هي هدر الطاقات الإنسانية والاقتصادية العظيمة لإيران والعراق بفرضهم تلك الحرب ضد الجمهورية الإسلامية، إضافة إلى طعنهم للوحدة الإسلامية التي تهيأت ظروفها بعد إسقاط النظام الملكي في إيران، لكنهم بخيانتهم تلك أخروها إلى سنين متمادية.

وفي تاريخ 3/10/1988م وجه الإمام الخميني (رحمة الله) عليه نداءاً ـ بعد الاستقرار النسبي للسلم ـ حدد فيه لمسؤولي الجمهورية الإسلامية سياسة إعاده بناء البلاد، وإذا أمعنا النظر في توجيهاته تلك، سوف نعثر على عمق نظرة الإمام للأمور، وبعد نظره.

ومن الخطوات الملفتة للإمام الخميني (رحمه الله) في الأشهر الأخيرة من عمره الرسالة الهامة التي ارسلها إلى آخر الزعماء السوفيت "ميخائيل غورباتشوف" وذلك بتاريخ 1/1/1989م، حلل فيها تحولات الاتحاد السوفياتي، وأشار فيها إلى عجز نظام الإلحاد الشيوعي عن إدارة المجتمع، وأعلن فيها أن المشكلة الأساسية للإتحاد السوفياتي تكمن في عدم اعتقاد زعماء هذا البلد بالله، وحذرهم من الاستدارة نحو النظام الغربي الرأسمالي والانخداع بأمريكا. وحرك فيها أولئك نحو المسائل الفلسفية والعرفانية العميقه، وأشار إلى عجز الشيوعيين في سياستهم المعارضة للدين، ودعا غورباتشوف إلى التوجه إلى الله وإلى الدين بدلا من التعلق بعبادة المادة الغربية.

من الأحداث المهمة والوقحة التي وقعت في تلك الأشهر الأخيرة من حياته كان تأليف وطبع كتاب "الآيات الشيطانية" الذي نشرته دور النشر الغربية، بدعم رسمي من الدول الغربية للكاتب "سلمان رشدي"، وهذا الأمر شكل بداية فصل جديد من الهجوم الثقافي الغربي ضد العقائد والقيم الإسلامية. إنّ هذا الكتاب هاجم العقائد والأسس الإسلامية وشكك بالمقدسات التي شكل التمسك بها من قبل‏المسلمين الوحدة في الأهداف وفي أساليب الحركات الأخيرة.

لكن الإمام الخميني رحمه الله ـ الذي كانت الحمية الإسلامية تغلى دوما في عروقه ـ لم يسكت إزاء ذلك بل أصدر بتاريخ 14/2/1989ميلادي حكما شرعيا يقضي باعتبار "سلمان رشدي" مرتدا ويوجب إعدامه هو وناشري كتابه المطلعين على محتواه الكافر. وذلك استنادا إلى الواقع الموجود، وبناءا على العقائد الإسلامية المتفق عليها بين جميع المذاهب الإسلامية، والتي تتطابق مع ما جاء في كتب جميع الفرق الإسلامية من جميع المذاهب ضدّ هذا الهجوم المخطط له.

والأحداث التي انتهجتها هذه الحادثة أظهرت وبشكل جلي وجود مجتمع إسلامي متماسك، وأمة واحدة، وأكد أن المسلمين يمكنهم في المستقبل أن يلعبوا دورا أساسيا ومصيريا في العالم إذا تولى قيادتهم قائد حقيقي، ليكونوا السباقين في حركة إحياء القيم الدينية.

ورغم المؤامرات الكثيرة التي حاكتها أمريكا وأعداء الإسلام بهدف القضاء على نظام الحكومه الإسلامية في إيران، ورغم الحرب التي فرضت على الشعب الإيراني المسلم طوال ثماني سنوات، رغم كل ذلك استطاع الإمام الخميني رحمة الله عليه أن يصدر أحكاما وتوجيهات لتشكيل مؤسسات جديدة وترميم بعض المؤسسات التي خلفها النظام الملكي البائد، وأن ترمّم لتؤمن للشعب الإيراني المسلم خدمات واسعة وقيمة. فشكل كلا من، جهاد البناء ولجنة الإغاثة ومؤسسة 15 خرداد ومؤسسة الإسكان ومؤسسة الشهيد ومؤسسة المستضعفين والمعوقين ونهضة محو الأمية وغيرها من المؤسسات التي امتدت خدماتها لتشمل أقصى النقاط المحرومة في القرى والمدن.

ومن جملة ما أسسه الإمام الخميني رحمة الله عليه في حياته المباركة هو، لجان الثورة الإسلامية وقوات حرس الثورة الإسلامية وإعادة بناء جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقوات تعبئة المستضعفين. حيث كان لهذه المؤسسات العسكرية والأمنية الدور الأساسي في إقرار الأمن، وصدّ العدوان الغاشم لنظام البعث العراقي، وإفشال مؤامرات الأعداء، وقد شكلت هذه المؤسسات وانجازاتها قصة شيقة وفصلا مشرفا من فصول كتاب الثورة الإسلامية.

ومن الانجازات الآخرى لسماحة الإمام الخميني رحمه الله كان التحول الإيجابي في الحوزات العلمية الإسلامية، وتجديد النظر في بعض الدروس والكتب للمدارس والجامعات، وإيجاد دورات جامعية جديدة في شتى الاختصاصات، وافتتاح مراكز علوم عليا في المدن المحرومة، وبسط مظلة البث الإذاعي والتلفزيوني إلى أقصى نقاط البلاد وخارجها، وتوسيع شبكة الاتصالات، ومئات المجالات الأخرى التي لا يسع المجال لذكرها. حيث إنه ومع انتصار الثورة الإسلامية أمر بتشكيل شورى الثورة الثقافية، وكلفها بالإشراف على التخطيط والبرمجة للدورات الجامعية، وتدوين الكتب الدراسية الصالحة، وإعداد الأساتذة الجامعيين، وتعديل نظام قبول الطلاب الجامعيين.

وبعد مرور عشرة أعوام على انتصار الثورة الإسلامية، وكسب تجربة عملية ثرة، وجه الإمام الخميني رحمه الله يوم 24/4/1989 ميلادي رسالة إلى رئيس الجمهورية الإسلامية؛ آنذاك؛ سماحة السيد الخامنئي كلّفه فيها بتشكيل هيئة من الخبراء وذوي الرأي، لتتولى هذه الهيئة مسؤولية بحث وتدوين الإصلاحات اللازمة على الدستور ضمن محاوره محددة، وذلك بهدف إصلاح وإكمال تشكيلات النظام الإسلامي.

هذا القرار وما شابهه كلها تدل على الأهمية التي كان يوليها الإمام الخميني (رحمه الله) لتحكيم وتقوية مباني الحكومة الإسلامية، واستغلاله لكل الفرص من أجل تمهيد الأرضية لإعطاء النموذج الأفضل لتنفيذ الأحكام الإسلامية.