نظرة لمسار الثورة الحلقة الأولى

2009-01-20

 

 ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (رضوان الله عليه) في شباط / فبراير من عام 1979 للميلاد، الثورة التي دكت صرح الحكم البهلوي المستبد والظالم وأقامت بعد أن أزالت عن إيران أنقاضه، الجمهورية الإسلامية التي هي اليوم مطلع أنظار المسلمين الواعين في العالم أجمع.

إن الثورة الإسلامية، تختلف من حيث ماهيتها وخصائصها عن سائر الثورات في العالم، كيف لا وهذه الثورة الـتي انتصرت كما ذكرنا في فبراير من عام 1979 ميلادي قد غيرت الكثير من المعادلات الدولية والإقليمية، ومما يثير الدهشة هنا أنّ الثورة الإسلامية التي انتصرت بقيادة ربانية ودعامة جماهيرية، قد وعد أعداؤها ومنذ انتصارها بسقوطها وانتهائها. وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ الله وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ.

ثلاثة عقود من عمر الزمن أمضتها هذه الثورة المعطاة من عمرها الزاهر، وهي اليوم رغم كل المشاكل والأزمات تبدو مرفوعة الرأس تواصل مسيرتها المباركة على أنها نموذج للوعي الإسلامي في العالم.

ويرى ذوو الشأن أنّ ديمومة نهضة الشعب الإيراني، هذه النهضة الإسلامية إنما يأتي بفضل ماهيتها الإلهية وحزم الشعب الإيراني وقيادته الرشيدة، بيد أنّ السؤال الذي يطرح هنا هو لماذا قام الشعب الإيراني بهذه الثورة وما هي العوامل التي أدت إلى أن يقوم هذا الشعب في ظل قيادة الإمام الخميني(ره) مؤسس الجمهورية الإسلامية بإنهاء الحكم البهلوي الدكتاتوري؟

من أجل الإجابة على هذا السؤال، علينا أن نتصفح التاريخ ونعود في عمق الزمان قروناً إلى الوراء.

أجل، لقد أقام المسلمون حضارة راقية مزدهرة، وقد أسهم الإيرانيون في بناء كيان هذه الحضارة لكن مع مرور الزمن آل إلى هذه الحضارة وبسبب التدخلات الأجنبية الإنحطاط، وأخذ المستعمرون ينهبون ثروات المسلمين وفرض الثقافة الغربية عليهم. ومن البديهي أن يواجه المخطط الغربي ضد المسلمين ردود فعل تمثلت في قيادة رجال الإصلاح للمسيرة الإسلامية، ومنذ بداية عقد الستينات من القرن الماضي كان الإمام الخميني(ره) يقود حركة ثورية ضد النظام البهلوي الذي ارتبط بالغرب لاسيما أمريكا وظل يحكم إيران لما يقرب من نصف قرن.

ويعتبر رضا خان مؤسس السلالة البهلوية في إيران، وقد امسك في عام 1921 ميلادي بزمام الحكم في هذا البلد بدعم من بريطانيا، وبعد أن أنهي الحكم القاجاري في إيران، اجبر رضا خان البرلمان الإيراني في حينه علي الإعتراف بشكل رسمي بسلطته ملكاً علي إيران.

واستمر رضا خان في حكمه الإستبدادي حتي أزاحه الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية عن الحكم وجاءوا بابنه محمد رضا الذي نصبوه ملكاً علي إيران من بعده، وحتى عام 1951 ميلادي حيث تم تأميم النفط الإيراني على عهد حكومة الدكتور محمد مصدق كانت إيران خاضعة للنفوذ البريطاني، لكن بعد عامين من ذلك التأريخ وبعد الإنقلاب العسكري الذي قاده الجنرال زاهدي لمصلحة الشاه محمد رضا بهلوي أطيح بحكومة الدكتور مصدق واستبدل النفوذ البريطاني في إيران بالنفوذ الأمريكي واستمر النفوذ الأمريكي في إيران حتى عام 1979 ميلادي وهو العام الذي انتصرت فيه الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني(ره) وكان أن أنهت هذه الثورة النفوذ الغربي والأمريكي بشكل خاص في إيران، لتعيش إيران عهداً جديداً زاهراً ليس للإستعمار أي موطئ قدم فيه.

ولنا متابعة لهذا الحديث، في الحلقة القادمة من هذا البرنامج، حيث نتقفي جذور الثورة الإسلامية المباركة في إيران، وهي تحقق المكتسبات تلو المكتسبات رغم قساوة الظروف المحيطة بها.