12بهمن ذكرى عودة الإمام الخميني (رحمه الله) إلى الوطن

2013-01-31

في يوم الخميس الثاني عشر من بهمن من عام 1357 حسب التقويم الهجري الشمسي المعمول به في إيران والمصادف لليوم الأول من شباط فبراير من عام 1979 ميلادي، وصل إلى العاصمة طهران على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسيه ايرفرانس سماحة الإمام الخميني (رحمه الله)، ورافقه في رحلته التاريخية هذه مئات من الصحفيين والمصورين الأجانب واستقبل سماحته من قبل أبناء الشعب الإيراني بكل حفاوة وتكريم، حتى أن الشوارع ما بين مطار مهرآباد الدولي غرب العاصمة ومقبرة جنة الزهراء إلى الجنوب منها قد امتلأت بحشود المواطنين، وكان هذا الاجتماع الجماهيري الحاشد لا مثيل له في تاريخ إيران. وبعد خطاب مقتضب في مطار مهرآباد الدولي أبدى فيه الإمام الخميني (رحمه الله) أسباب معارضته للنظام البهلوي ولمحمد رضا شاه الذي اعتبره الخائن الأصلي للبلاد، قطع سماحته جزءاً من الطريق المواصلة إلى مقبرة جنة الزهراء بالسيارة، ومن بعد ذلك، استقل طائرة عمودية أُعدت لإيصال سماحته إلى جنة الزهراء (سلام الله عليها) . وفي خطابه التاريخي في جنة الزهراء لم يبق الإمام الخميني (رحمه الله) أي مجال لفتح باب الحوار والمصالحة مع النظام الملكي. مقتطفات من خطاب سماحته هذا تصدرت عناوين الصحف التي كانت تصدر في إيران في ذلك الوقت ومنها: «أنا سأقوم بتعيين الحكومة وسأقوم بذلك بدعم وإسناد الشعب، وعلى الحكومة غير القانونية أن تتنحى » . وفي اليوم الذي تلى يوم عودة الإمام طلب السفير الأمريكي في طهران سوليفيان الذي يئس من نجاح بختيار، طلب مصالحة بين قادة الجيش وقوات الثورة. كما انه طلب وبصراحة من الجنرال هايزر مبعوث الناتو مغادرة إيران.

أما الإمام الخميني (رحمه الله)، وبعد عودته إلى إيران وخلافاً لما كان يتصوره بختيار لم يتوجه إلى مدينة قم، بل أقام في مدرسة الرفاه في طهران ومن دون أي اكتراث بالتهديدات بإقامة انقلاب ضده، جسد وعده الذي قطعه للشعب على نفسه في خطابه الذي ألقاه في جنة الزهراء. وفي الرابع من فبراير من عام: 1979 وبعد أيام قلائل من عودته إلى أرض الوطن، كلف الإمام الخميني (رحمه الله)، المهندس مهدي بازركان بتشكيل أول حكومة للثورة في إيران. ومن بعد ذلك عمت أنحاء البلاد مسيرات شعبية مؤيدة للحكومة المؤقتة، كما حيل دون دخول عدد من وزراء حكومة شاهبور بختيار إلى مكاتب العمل في الوزارات باعتبارهم وزراء غير قانونيين. وفي غمرة هذه الأحداث، كان بختيار يفكر في نوع من المصالحة مع قوات الثورة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، تضم وزراء من الجناح المعارض، أما قادة الجيش الذين رحل عنهم الجنرال هايزر فقد لفهم القلق والخوف من المصير المجهول، وفي آخر مرحلة من الأحداث التي انتهت بسقوط النظام البهلوي، اجتمع عدد من منتسبي القوة الجوية وهم يرتدون البزّة العسكرية أمام محل إقامة الإمام في مدرسة الرفاه، وأعلنوا عن تضامنهم مع الثورة، وهكذا وشيئاً فشيئاً انتقل الجيش إلى صف الجماهير.

أما مجلس الأمن القومي في إيران، في عهد الشاه، فقد عقد آخر اجتماع له عصر يوم 21 بهمن من عام 1357 هجري شمسي المصادف للعاشر من فبراير من عام 1979 ميلادي بحضور شاهبور بختيار، وفي هذا الاجتماع لأول مرة ولآخر مرة أوعز بختيار إلى الحاكم العسكري لمدينه طهران لاستخدام القوة لتفريق المواطنين في إجراء يدخل في إطار الحكم العرفي. كما أمر بختيار الفريق مقدم رئيس جهاز السافاك آنذاك بتنفيذ الخطة التي كانت تقضي اعتقال عدد من قادة المعارضة، بيد أن كل هذه الأوامر جاءت متأخرة. وكان أحد مصانع الأسلحة التابع للجيش قد تعرض لهجوم مسلح في تلك الليلة، وفي صباح اليوم التالي سيطر عليه أبناء الشعب.

أما بيان الجيش بعنوان في إطار إسناد ودعم مطالب الشعب الإيراني الغيور فقد وصل الساعة الواحدة من بعد ظهر يوم 22 بهمن 1357 هجري شمسي المصادف للحادي عشر من فبراير 1979 ميلادي وصل مباشرة إلى الإذاعة ومن بعد 15 دقيقة، قطعت الإذاعة الإيرانية برامجها العادية لتبث هذا البيان، ومع غروب شمس يوم الثاني والعشرين من بهمن من عام 1357 المصادف ليوم 11 فبراير 1979 للميلاد، انتهى عمر النظام البهلوي في إيران وصارت طهران مسرحاً لآخر مصادمات للشعب مع بقايا النظام البهلوي في مراكز الشرطة والمعسكرات والسجون. وسقطت جميع المراكز العسكرية وغير العسكرية الواحدة تلو الأخرى وبسرعة بأيدي قوات الثورة وعند الساعة السادسة بعد الظهر وبعد عدة ساعات من القتال بالقرب من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون استولت قوات الثورة على هذه المؤسسة الإعلامية المهمة، حيث أعلن احد الثوريين انتصار الثورة الإسلامية بالكامل، وراحت أمواج الأثير تنقل هذه العبارة إلى العالم اجمع (هنا صوت ثورة الشعب الإيراني) وعمت الفرحة كل أرجاء إيران وملئت الأسماع والآفاق صيحات الله اكبر.