يوم القدس يوم الوحدة الوطنية يوم حق العودة

2008-09-25

 

24 رمضان 1429

 

استثنائيا وبامتياز يأتي يوم القدس العالمي لهذا العام متزامنا مع الأحداث الجسام التي عصفت بفلسطين والمنطقة خلال الشهور الماضية والتي أدت إلى انقسام عميق في الساحة الفلسطينية طال المشروع الوطني في أبعاده وتجلياته المختلفة السياسية والجغرافية والمعنوية. الانقسام تعدى الساحة الفلسطينية ليصل إلى الساحة العربية والاسلامية بشكل عام خاصة مع اشتداد الهجمة الأميركية على مستويات مختلفة وضياع البوصلة من قبل جهات وأطراف عربية وإسلامية عديدة.

 

فلسطين كانت ومازالت رافعة للعالم العربي والاسلامي حالة النهوض الوطني الفلسطيني، وغالبا ما تترك اثرها على المحيط العربي والاسلامي. وفي ضوء ذلك وبعد الأحداث المؤسفة التي عاشها قطاع غزة في حزيران يونيو الماضي يكشف يوم القدس العالمي الذي أعلنه الإمام الراحل آية الله الخميني معاني ودلالات إضافية لتصويب البوصلة وإعادة ترتيب الأولويات بشكل دقيق سليم على أساس المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا.

 

إحياء هذا اليوم في الداخل الفلسطيني كما في مدن الشتات كذلك في عدد من الحواضر العربية والإسلامية يؤشر ويدل على عدة أمور ونقاط مهمة يمكن إيجازها على النحو التالي:

أولا: إحياء يوم القدس العالمي في حواضر ومدن عربية وإسلامية عدة يؤكد مرة أخرى على المكان الذي تحتله القضية الفلسطينية في وجدان وعواطف وعقول الجماهير العربية والإسلامية. وان الانشغال وحتى الاستغراق في الهموم والقضايا المحلية لا يعني بأي حال من الأحوال نسيان القضية الفلسطينية بصفتها القضية المركزية للعرب والمسلمين ومحور الصراع في المنطقة ودون حلها حلا عادلا وشاملا ودائما لا يمكن ان يسود الهدوء والسلام في هذه المنطقة الحساسة من العالم.

 

ثانيا: إحياء يوم القدس أيضا بكثافة وجدية من قبل الجماهير الفلسطينية سواء في الداخل أو الشتات يكرس وحدة الشعب الفلسطيني الوطنية، وان الانقسام أو التباين ليس أكثر من مرحلة عابرة، وان الوحدة الوطنية هي الأساس والمركز في مسيرة العمل الوطني الفلسطيني، والقطيعة والشقاق ليس سوى استثناء وسحابة صيف سرعان ما تنقشع خاصة في ضوء التحديات الهائلة التي يواجهها الشعب الفلسطيني في الفترة الأخيرة.

 

ثالثا: إحياء يوم القدس يؤكد كذلك على تمسك الفلسطينيين والعرب والمسلمين بالمدينة المقدسة كعاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة ومرآة للحل العادل والشامل والدائم. ودون عودة القدس كاملة إلى السيادة الفلسطينية الفعلية والجدية لن يكون هناك معنى أو جدوى لأي اتفاقيات أو تفاهمات مهما كان حجم الدعم الإقليمي أو الدولي لها.

 

رابعا: إحياء يوم القدس يحمل ويختزل كذلك في طياته كل ثوابت أو نقاط الإجماع الوطني الفلسطيني الأخرى. فالاحتفال بيوم القدس يعني التمسك بحق عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي شردوا منها سواء في عام 1948م أو في عام 1967م أو بعد ذلك. وإحياء يوم القدس يعني كذلك رفض كل خطوات الإستيطان والتهويد ومصادرة الأراضي وجدار الفصل العنصري كما كل الخطوات والسياسات العنصرية التي يتبعها جيش الاحتلال في مواجهة الشعب الفلسطيني الصامد والصابر والمقاوم.

 

أخيرا وببساطة واختصار، فان إحياء يوم القدس لهذا العام تحديدا يعني الإصرار على الوحدة الوطنية كساتر وسد في وجه التحديات. كما يعني الإصرار على التمسك بالقدس إصرارا على الثوابت الأخرى من حق العودة إلى الدولة المستقلة كاملة السيادة والاستقلال وأهم من ذلك يعني أن القدس هي المعيار الحقيقي والصائب والشفاف لأي عملية سياسية، ودونها تتحول كل المفاوضات إلى ثرثرة ووقت زائد وضائع ومعها تكتسب المقاومة معناها الأصيل والشامل وبصفتها الخيار الأمثل لاسترجاع الحقوق وتحقيق الآمال والطموحات الوطنية الفلسطينية.