أهمية إعلان يوم القدس العالمي‏

2011-08-23

1ـ إعلان يوم القدس العالمي:

من القضايا والرموز الكبرى التي أعلن لها الإمام الخميني (ره) يوماً خاصاً للإحياء وتجديد العهد والعمل وفق ما يقتضيه الحدث أو القضية يوم القدس حيث أعلن الإمام (ره) يوماً عالمياً لها، وذلك في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك من كل عام، والملفت في هذا الإعلان عدّة أمور:

أولاً: إنّ الإعلان جاء بعد ستة أشهر من عودة الإمام الخميني (ره) التاريخية إلى إيران, وبعد أربعة أشهر من قيام الجمهورية الإسلامية أي في تموز من العام 1979م مما يؤكد على مدى حضور هذه القضية وعلى حيّز الأولوية الذي شغلته في فكر الإمام.

ثانياً: إنّ اليوم، لم يكن خاصاً بالمسلمين، بل يوماً عالمياً، ولعل في ذلك إشارة إلى إعطاء الإمام للقضية بُعدها العالمي، كنموذج للصراع بين الحق والباطل، وهذا ما عبّر عنه الإمام والذي سيتضح من دلالات يوم القدس.

ثالثاً: إنّ إعلان اليوم حصل في شهر رمضان، وهو شهر الوحدة بين المسلمين، الذين يلبّي أكثرهم نداء الحق ويحلّوا في ضيافة الرحمن متوجّهين نحوه بالدعاء والابتهال، موطّنين أنفسهم على القيام بالواجب وترك المحرم، وعلى القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهل هناك في حياة الأمة وواقعها اليوم منكرٌ أخطر وأسوأ من احتلال القدس من قِبَل الصهاينة.. فلا بد أن يوطّن المؤمنون أنفسهم على تلبية نداء الحق في هذا الشهر وقلوبهم معلقة بالحق قريبة منه، تعيش حالة من الحقانية المتميزة، كما أنّ شهر رمضان يمثل بالنسبة للمسلمين شهر الجهاد والانتصار، ففي شهر رمضان كان فتح مكة الذي عبّر الله سبحانه وتعالى عنه بـ {إذا جاء نصر الله والفتح} فشهر رمضان موسم النصر والفتح، ولعل التاريخ يعيد نفسه فتتحرر القدس ويحصل الفتح من جديد في شهر رمضان وانطلاقاً منه.

رابعاً: دلالة ورمزية يوم الجمعة الذي هو عيدٌ للمسلمين جميعاً، يتوجّهون فيه إلى بيوت الله تعالى لإقامة الجماعة وأداء الجمعة، في حالة من الخشوع والتقرّب إلى الله، وفي حالة من الوحدة والألفة بين المسلمين والمؤمنين.

خامساً: رمزية اليوم مع التوقيت (الجمعة الأخيرة من شهر رمضان) حيث هذه الأيام الأخيرة وخصوصاً الجمعات منها لها خصوصيات عبادية هامة، فهي الأيام التي تختصر خيرات الشهر، وفي إحدى لياليها تستتر ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، والتي يعبّر فجرها عن ظهور الحق عبر الصيحة التي ستحصل وتبشّر العالم بخروج الإمام المهدي عجل الله فرجه الذي سيطرد اليهود وللأبد من فلسطين، حيث ستكون القدس هي مكان الإعلان عن قيام دولة العدالة الإلهية، وعن سطوع شمس الحق على هذه المعمورة من خلال تلك الصلاة العالمية التي سيشارك فيها كل رموز الحق بإمامة بقية الله أرواحنا فداه.

وإما نص دعوة الإمام الخميني (ره) فهو: «أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك التي هي من أيام القدر, ويمكن أن تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني يوماً للقدس، وأن يعلنوا من خلال مراسم الإتحاد العالمي للمسلمين دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم».

2ـ دلالات وأبعاد يوم القدس العالمي:

أ ـ يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين:

إنه يوم عالمي، له علاقة بالصراع بين الخير والشر، وعملياً بين محور الشر المتمثّل بالمستكبرين ومحور الخير الذي يجسّده المستضعفون.

ومما جاء في كلام الإمام (ره) حول هذا الموضوع: «يوم القدس يوم عالمي، ليس فقط يوماً خاصاً بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين».

ويقول (ره): «إنه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها للقوى الكبرى».

ويقول أيضاً: «إنه اليوم الذي يجب أن يتجهّز فيه المستضعفون في مقابل المستكبرين ليمرغوا أنوف المستكبرين في التراب».

وكذلك فإنه يوم يجب توجيه التحذير فيه لكل القوى الكبرى بوجوب رفع يدها عن المستضعفين, ويوم تثبيت حق المستضعفين في الوجود والحياة والحضور والتأثير على ساحة وميدان الحياة الدنيا:

يقول الإمام الخميني (ره): «يوم القدس، يوم يجب أن تتحدد فيه مصائر الشعوب المستضعفة، يوم يجب فيه أن تعلن الشعوب المستضعفة عن وجودها في مقابل المستكبرين».

ويقول (ره): «يوم القدس يوم يجب أن نخلّص فيه كل المستضعفين من مخالب المستكبرين، يوم يجب أن تعلن كل المجتمعات الإسلامية عن وجودها وتطلق التحذيرات إلى القوى الكبرى».

يوم القدس هو محطّة ومناسبة لتجميع المستضعفين وتوحيد كلمتهم بما يمكن أن يؤسس لحزب المستضعفين.

وفي هذا البعد يقول الإمام الخميني: «لقد كان يوم القدس يوماً إسلاميا، ويوماً للتعبئة الإسلامية العامة، وآمل أن يكون هذا الأمر مقدمة لتأسيس حزب للمستضعفين في كل أنحاء العالم، وأتمنّى أن يظهر حزب باسم المستضعفين في العالم».

ب ـ يوم القدس هو يوم الإسلام:

بعد رمزيته العالمية والإنسانية، تأتي الرمزية الدينية للقدس، كتعبير عن مكانة الإسلام كدين الهي يريد أن يصلح العالم وأن يرفع الظلم ويقيم العدل، وأحد الرموز الفعلية لذلك هو القدس وما تدلل عليه في عملية إحيائها وتحريرها كعملية لإحياء الدين وإقامته ونشره.

وفي هذا المعنى يقول الإمام الخميني (ره): «يوم القدس، يوم الإسلام، يوم القدس، يوم يجب فيه إحياء الإسلام وتطبيق قوانينه في الدول الإسلامية، يوم القدس، يجب أن تحذر فيه كل القوى من أنّ الإسلام لن يقع بعد الآن تحت سيطرتهم وبواسطة عملائهم الخبثاء».

ويقول (ره): «يوم القدس، يوم حياة الإنسان، يجب أن يصحو جميع المسلمين وأن يدركوا مدى القدرة التي يمتلكونها سواء المادية منها أم المعنوية».

«يوم القدس، ليس فقط يوماً لفلسطين، إنه يوم الإسلام، يوم الحكومة الإسلامية يوم يجب أن تنشر فيه الجمهورية الإسلامية اللواء في كل أنحاء العالم».

«إنني أعتبر يوم القدس يوماً للإسلام ويوماً لرسول الله (ص) ويوم يجب أن نجهّز فيه كل قوانا لإخراج المسلمين من العزلة».

ج ـ يوم القدس هو يوم الالتزام ونفي النفاق:

بعد البعدين العالمي والإسلامي، الإنساني والديني، كان البعد التطبيقي ليوم القدس، الذي يجسّد حقيقة الالتزام بالإسلام، وواقع الانتهاج بنهجه، والاستنان بسنته والاحتكام إلى تشريعاته، بحيث أنّ هذا اليوم هو المميز بين المسلمين حقاً من غير المسلمين بالمعنى الفعلي، أو بالأحرى هو الذي يميّز المؤمنين عن المنافقين.

يقول الإمام الخميني (ره): «إنه اليوم أي يوم القدس الذي سيكون مميّزاً بين المنافقين والكثيرين فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم، يوماً للقدس ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون فإنهم في هذا اليوم غير آبهين أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات».

ويقول أيضاً: «إنّ الذين لا يحيون مراسم يوم القدس هم مخالفون للإسلام وموافقون للصهيونية».

3ـ الواجب تجاه يوم القدس:

بعد إعطاء الأبعاد الحقيقية ليوم القدس، أكّد الإمام الخميني (ره) على ضرورة إحياء هذا اليوم، الذي جعل له شعائر خاصة، تعبّر عن حقيقة الإحياء، فليس الأمر مجرد رفضٍ للصهيونية ولهيمنتها ولتسلطها, وليس هو مجرد النكران القلبي للظلم الناتج عن احتلال القدس، ومشروع تهويدها، إنما الأمر يتعدّى ذلك إلى التحرك والنزول إلى الشارع والتعبير العملي عن الاستنكار والرفض للصهيونية وللاستكبار.

يقول الإمام الخميني (ره): «إنّ يوم القدس، يوم يجب أن تلتفت فيه كل الشعوب المسلمة إلى بعضها، وأن يجهدوا في إحياء هذا اليوم فلو انطلقت الضجّة من كل الشعوب الإسلامية في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك الذي هو يوم القدس لو نهضت كل الشعوب وقامت بنفس هذا التظاهرات ونفس هذه المسيرات، فإنّ هذا الأمر سيكون مقدمة إن شاء الله للوقوف بوجه هؤلاء المفسدين والقضاء عليهم في جميع أرجاء بلاد الإسلام».

ويقول أيضاً: «آمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس يوماً كبيراً, وأن يقيموا المظاهرات في كل الدول الإسلامية في يوم القدس, وأن يعقدوا المجالس والمحافل ويرددوا النداء في المساجد».

وقال (ره): (لو أنّ كل المسلمين في العالم خرجوا يوم القدس من بيوتهم وصرخوا الموت لـ(لأمريكا)، الموت لـ((إسرائيل)) فإنّ نفس قولهم الموت لهذه القوى سوف يجلب الموت لها).