الصِّيامُ في خُطَِب الرسُول (ص)

2009-08-23

عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن علي (عليه السلام): «أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطبنا ذات يوم فقال: أيها الناس، انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله افضل الشهور، وأيامه افضل الأيام، ولياليه افضل الليالي، وساعاته افضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، انفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعائكم فيه مستجاب، فاسئلوا الله ربكم بنيّات صادقة، وقلوب طاهرة ان يوفقكم لصيامه، وتلاوة كتابه، فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم، واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه، جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا ارحامكم، واحفظوا السنتكم، وغضوا عما يحلّ النظر إليه ابصاركم، وعما لا يحل الاستماع إليه اسماعكم، وتحنّنوا على ايتام الناس، يُتحنّن على ايتامكم، وتوبوا إلى الله من ذنوبكم، وارفعوا إليه ايديكم بالدعاء، في أوقات صلواتكم، فانها افضل الساعات، ينظر الله فيها إلى عباده، يجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه، ويعطيهم إذا سألوه، ويستجيب لهم إذا دعوه».

«أيها الناس، ان انفسكم مرهونة باعمالكم، ففكّوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من اوزاركم، فخففوا عنها بطول سجودكم، واعلموا ان الله اقسم بعزته: أن لا يعذب المصلين والساجدين، وان لا يروّعهم بالنار، يوم قيام الناس لرب العالمين».

«أيها الناس، من فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر، كان له بذلك عند الله عتق نسمة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه».

فقيل يا رسول الله، فليس كلنا نقدر على ذلك، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «إتقوا النار، ولو بشربة من ماء».

«أيها الناس، من حسّن في هذا الشهر خلقه، كان له جوازاً على الصراط، يوم تزّل فيه الاقدام، ومن خفّف في هذا الشهر عما ملكت يمينه، خفّف عليه حسابه، ومن كفَّ فيه شرَّه، كفَّ الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً، اكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه، وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه، قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوع فيه بصلاة، كتب الله له برائة من النار، ومن أدّى فيه فرضاً، كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور.

ومن اكثر فيه من الصلاة عليَّ، ثقلَّ الله ميزانه يوم تُخَف الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن، كان له مثل اجر من ختم القرآن في غيره من الشهور».

«ايها الناس، إن ابواب الجنة في هذا الشهر مفتحة، فاسئلوا ربكم: أن لا يغلقها عليكم، وابواب النيران مغلقة، فاسئلوا ربكم: ان لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة، فاسئلوا ربكم: أن لا يسلِّطها عليكم».

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقمت فقلت: يا رسول الله، ما افضل الاعمال في هذا الشهر؟ فقال: «يا أبا الحسن، افضل الاعمال في هذا الشهر، الورع عن محارم الله».

ثم بكى، فقلت: «ما يبكيك؟» فقال: «يا علي، أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربّك، وقد انبعث اشقى الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة ثمود، فضربك ضربة على قرنك، فخضّب منها لحيتك».

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فقلت: «يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟» فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «في سلامة من دينك».

«يا علي، من قتلك فقد قتلني، ومن ابغضك فقد ابغضني، ومن سبّك فقد سبني، لانك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، ان الله تبارك وتعالى خلقني واياك، واصطفاني واياك، واختارني للنبوة، واختارك للامامة ومن انكر امامتك فقد انكر نبوتي. يا علي، أنت وصيّي، وابو ولديّ، وزوج ابنتّي، وخليفتي على امتي، في حياتي وبعد موتي، امرك امري، ونهيك نهيي، اقسم بالذي بعثني بالنبوة، وجعلني خير البرية انك لحجة الله على خلقه، وامينه على سرّه، وخليفته على عباده».

عن الامام الباقر (عليه السلام) قال: خطب رسول الله في آخر جمعة من شعبان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «ايها الناس، انه قد اظلكم شهر فيه ليلة خير من الف شهر، وهو شهر رمضان، فرض الله صيامه، وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كتطوع صلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور، وجعل لمن تطوع فيه بخصلة من خصال الخير والبر، كأجر من ادّى فريضة من فرائض الله فيما سواه من الشهور، وهو شهر الصبر، وان الصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة، وهو شهر يزيد الله رزق المؤمن فيه، ومن فطّر فيه مؤمناً صائماً، كان له بذلك عند الله، عتق رقبة، ومغفرة لذنوبه فيما مضى...».

إلى ان قال: «... ومن خفف فيه عن مملوكه، خفّف الله عنه حسابه، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره الاجابة، والعتق من النار».

«ولا غنىّ بكم فيه عن اربع خصال، خصلتين ترضون الله بهما، وخصلتين لا غنىّ بكم عنهما، فأما اللتان ترضون الله بهما، فشهادة أن لا اله إلاّ الله، وان محمداً رسول الله، وأما اللتان لا غنىّ بكم عنهما فتسائلون الله فيه حوائجكم والجنة، وتسائلون العافية، وتعوذون به من النار».

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) خطب رسول الله لثلاث بقين من شعبان، فقال: «ان هذا الشهر قد خصكم الله به، وحضركم، وهو سيد الشهور، ليلة فيه خير من الف شهر، تغلق فيه ابواب النار، وتفتح فيه ابواب الجنان، فمن ادركه ولم يغفر له، فابعده الله، ومن أدرك والديه ولم يغفر، فابعده الله، ومن ذكرت عنده فلم يصل عليّ، فلم يغفر الله له، فابعده الله».

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال في خطبة له:

«... ومن صام شهر رمضان، في انصات وسكوت، وكف سمعه، وبصره، ولسانه، وفرجه، وجوارحه، من الكذب، والحرام، والغيبة تقرّباً، قرّبه الله منه، حتى تمسّ ركبتاه، ركبتي ابراهيم: خليل الرحمان».