أكد قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي على وجوب رفع الحظر الغربي لا تعليقه، محذراً من أن استمراره سيؤدي إلى انهيار الاتفاق النووي.

وأشار قائد الثورة الإسلامية خلال استقباله رئيس وأعضاء مجلس خبراء القيادة إلى المحاولات الواسعة والدعاية الهائلة التي تمارسها جبهة الاستكبار لفرض أدبياتها ومفرداتها المختلقة على المسؤولين وصناع القرار في البلدان وقال: إن مفاهيم مثل الإرهاب وحقوق الإنسان تحمل معان خاصة في أدبيات نظام الهيمنة وفي هذه الأدبيات فإن الهجمات المستمرة منذ ستة أشهر بلا توقف على الشعب اليمني وقتل الأهالي الأبرياء في غزة ليست إرهاباً كما أن قمع الشعب البحريني بسبب المطالبة بحق التصويت لا يعد انتهاكاً لحقوق الإنسان.

وأضاف قائد الثورة الإسلامية: إن الدفاع المشروع للمقاومة في لبنان وفلسطين يعد في أدبيات نظام الهيمنة إرهاباً، لكن إجراءات الدول الدكتاتورية والقريبة إلى أميركا في المنطقة لا تنافي حقوق الإنسان.

ولفت إلى أن اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين والذي اعترف الصهاينة تقريباً بصراحة في تنفيذها وأقرت بعض الدول الأوروبية بدورها في هذه الاغتيالات، بأنه لا يعد إرهابا في هذه الأدبيات.

وأكد الإمام الخامنئي أن اختلاق هكذا مفاهيم والتوقع بأن يتحدث الجميع في إطار هذه الأدبيات يعد أحد المؤشرات البارزة للهيمنة والاستكبار، وقال إنه في المقابل فإن الجمهورية الإسلامية تملك منظومة فكرية إسلامية مازالت تملك بعد مضي سنوات جذابية ونضارة وطراوة في العالم.

وفي معرض شرحه لأجزاء المنظومة الفكرية الإسلامية اعتبر أن نبذ الظلم والاستكبار والاستبداد وإرساء العزة الوطنية والإسلامية والاستقلال الفكري والسياسي والاقتصادي تعد من أجزاء ومكونات هذه المنظومة الفكرية. وفيما يخص أهمية استقلالها ودورها في الاعتداد بالذات وتقدم شعب ما قال: إن الاستقلال هو جزء من الحرية، لذلك فإن الذين ينبذون الاستقلال يعارضون في الحقيقة الحرية.

واعتبر قائد الثورة الإسلامية نمط العيش الإسلامي والحداثة والتعاون والاتحاد الوطني من المكونات الأخرى للمنظومة الفكرية الإسلامية، وقال: إن الشعب الإيراني وطوال 36 عاماً الماضية استطاع في ضوء التحرك في إطار هذه المنظومة الفكرية تسجيل تقدم كبير رغم كل العقبات والحواجز التي اعترضت طريقه.

وقال قائد الثورة الإسلامية: إن الأفق الذي ينشده النظام الإسلامي هو إيران متقدمة من حيث العلم والصناعة بنفوس حوالي 150 إلى 200 مليون نسمة وتتحلى بالمعنوية وبمنأى عن الهيمنة والسلطة وقال إن بلوغ الجمهورية الإسلامية الإيرانية لهذا الموقع، جسيم جداً بالنسبة لجبهة الاستكبار وإن سبب كل المؤامرات والمحاولات لمواجهة النظام الإسلامي يعود إلى الحيلولة دون تحقق هكذا مستقبل.

وأكد الإمام الخامنئي أن ظهور هكذا بلد إسلامي سيمهد للقضاء على الاستكبار والكفر، وقال إن الشعب الإيراني لاسيما الشبان وعلماء الدين والمثقفين الأكاديميين يجب أن يمضوا قدماً في إطار المنظومة الفكرية الإسلامية وعلى الجميع بمن فيهم المسؤولين أن يبدوا حساسية ووعياً تجاه مخططات العدو.

وتابع أنه لا يجب الانخداع بالعدو بسبب ابتساماته أو أحياناً تماشيه القصير الأمد في موضوع خاص، بل يجب أن نعرف دائما ما هي مخططات العدو.

وأوضح الإمام الخامنئي أن العدو والاستكبار العالمي ليس موضوعاً وهمياً بل هو حقيقة وأكبر مصاديقه هو الحكومة الأمريكية والشركات والكارتلات الاقتصادية الصهيونية الداعمة له.

وتطرق قائد الثورة الإسلامية إلى توضيح نقاط مهمة فيما يخص خطة العمل المشترك الشاملة والقضايا ما بعدها وكذلك تطبيق سياسات الاقتصاد المقاوم.

وأشار إلى نقاشات الأيام الأخيرة حول دور مجلس الشورى الإسلامي في دراسة خطة العمل المشترك الشاملة قائلاً: إن الأبعاد الحقوقية والقانونية لهذا الموضوع يجب أن تدرس على يد خبراء القانون لكن من وجهة النظر العامة، أرى وقد أخبرت رئيس الجمهورية بذلك بأنه ليس من المصلحة بأن يتم التخلي عن مجلس الشورى الإسلامي فيما يخص دراسة هذه الخطة.

وشدد على ضرورة أن يتدخل المجلس في دراسة خطة العمل المشترك الشاملة وقال في الوقت ذاته: إني لا أقدم أي نصيحة إلى المجلس فيما يخص كيفية دراسة الخطة ورفضها أو التصديق عليها، وممثلو الشعب هم من يجب أن يتخذ القرار بهذا الشأن.

وفيما يخص القضايا ما بعد هذه الخطة أشار القائد إلى أن طرفنا الرئيسي في الحقيقة هو أمريكا، لكن المسؤولين الأمريكيين يتكلمون بصورة سيئة ويجب تحديد موقفنا من هذه التصريحات.

 

تصريحات أمريكا حول إبقاء إطار الحظر تتناقض مع غاية المفاوضات

وأشار الإمام الخامنئي إلى تصريحات السلطات الأمريكية بشأن الحفاظ على إطار العقوبات قائلاً: إن كان مقرراً حفظ إطار الحظر، فلماذا خضنا المفاوضات إذن؟ وهذا يتعارض بالكامل مع سبب مشاركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المحادثات، لأن الهدف من المفاوضات كان رفع العقوبات.

وتابع سماحته: إن تساهلنا في بعض الحالات في المحادثات ومنحنا بعض التنازلات فإن ذلك حصل بشكل رئيسي من أجل رفع العقوبات، وإلا ما الداعي لمشاركتنا في المفاوضات، ولكنا نواصل عملنا وكان باستطاعتنا أن نصل من 19 ألف جهاز طرد مركزي نملكه إلى 50 ألف إلى 60 ألف جهاز طرد مركزي خلال فترة وجيزة ونواصل كذلك التخصيب بنسبة 20 بالمائة ونسرع عملية البحث والتنمية.

وأضاف الإمام الخامنئي: إن كان مقرراً عدم إلغاء الحظر، فلن تكون هناك صفقة إذن، لذلك يجب أن يتحدد مصير هذه القضية.

وقال موجهاً كلامه إلى مسؤولي البلاد: لا تقولوا إن الأميركيين يدلون بهذه التصريحات من أجل إقناع منافسيهم في الداخل، بل أرى أن الصراع الداخلي هو حقيقي وتوجد خلافات بينهم، وسبب هذا الخلاف هو واضح بالنسبة لنا، لكن ما يقال رسمياً بحاجة إلى الرد عليه، وإن لم یُرد عليه، فان كلام الطرف الآخر سيتثبت.

وأشار الإمام الخامنئي إلى تصريحات السلطات الأميركية بشأن تعليق الحظر مؤكداً أن: قضيتنا لم تكن هذه منذ البداية، لقد أكدنا بأن الحظر يجب أن يرفع لا أن يعلق.

وأضاف أن: رأينا كان أن يرفع الحظر على الفور، لكن الأصدقاء هنا شرحوا الموضوع، ولم نعارض، لكن الحظر يجب أن يزال ويرفع.. وإن كان مقرراً تعليق الحظر، فإن الإجراءات التي يجب أن نتخذها، سنقوم بها على مستوى التعليق لا على مستوى الإجراء الأساسي على الأرض.

وأوضح سماحته أن الطرف الآخر يقول إن رفع بعض حالات الحظر ليس بيد الإدارة الأميركية، ونحن نقول إن ذلك الحظر الذي هو بيد الإدارة الأميركية والبلدان الأوروبية يجب أن يرفع.

واعتبر قائد الثورة الإسلامية جانباً آخر من التصريحات السيئة للسلطات الأميركية بأنها خارجة بالكامل عن موضوع الاتفاق النووي، وقال: إن لإدارة الحاكمة في أميركا تتحدث عن إيران كما البريطانيين في القرن التاسع عشر، وكأنهم متخلفين عن العالم والتاريخ لقرنين من الزمن، بينما العالم تغير وإن القوى العظمي باتت لا تملك تلك القوة والقابلية والقدرة وفي الطرف الآخر هناك الجمهورية الإسلامية التي تملك قدرات معروفة وغير معروفة ستعرف أثناء العمل، وأن إيران ليست مثل دولة متخلفة يتحدثون إليها كيفما يشاؤون.

وتابع سماحته أن السلطات الأميركية تقول إننا نتوقع من مسؤولي وحكومة الجمهورية الإسلامية أن تتصرف بطريقة مختلفة!

وأضاف أن: السلوك المختلف من وجهة نظرهم هو السلوك المختلف عن ماضي الجمهورية الإسلامية وتخطي القيم الإسلامية وغياب التقيد بالأحكام الإسلامية، لكن هذا شيء لن يحدث إطلاقاً، فلا الحكومة ولا المجلس ولا المسؤولين لا يفعلون ذلك إطلاقاً، وإن أراد أحد فعل ذلك فإن الشعب ونظام الجمهورية الإسلامية لن يقبلا منه.

وتبياناً لأحد المصاديق التي يصبو إليها الأميركيون قال قائد الثورة إن من السياسات الأميركية في المنطقة هو القضاء التام على قوات المقاومة والهيمنة بشكل كامل على سوريا والعراق ويتوقعون أن تدخل الجمهورية الإسلامية في هذا الإطار، لكن هكذا شيء لن يحدث أبدا.

وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى أحد تصريحات المسؤولين الأميركيين المثيرة للحساسية قائلاً: إنهم يقولون إن خطة العمل المشترك الشاملة وضعت فرصاً بتصرف أميركا في داخل إيران وخارج إيران والمنطقة.

وأكد سماحته أن على المسؤولين في الحكومة وسائر الأجهزة ألا يسمحوا لأميركا بمثل هذه الانتهازية في الداخل، ويجب التصرف في الخارج بطريقة بحيث لا تتوفر هذه الفرص لأميركا، لأنه كلما اقتربت من هذه الفرص فإن إذلال ومحن وتخلف الشعوب سيزداد بالتأكيد.

وأشار إلى التأكيد للمسؤولين سواء مسؤولي السياسة الخارجية أو باقي المسؤولين بشأن الحظر الكامل لإجراء محادثات مع الطرف الأميركي ماعدا الموضوع النووي معتبراً أن سبب هذه المعارضة يعود إلى المواقف والتوجهات الأميركية التي تقف بالضبط على طرف نقيض من الجمهورية الإسلامية.

وتطرق قائد الثورة الإسلامية في جانب آخر إلى قضية الاقتصاد وقال إن سياسات الاقتصاد المقاوم هي مجموعة واحدة مكتملة وغير قابلة للتقسيم، وإن تطبيقها بحاجة إلى خطة عملياتية كاملة، داعياً رئيس الجمهورية والحكومة لوضع خطة شاملة وعملانية لوضع سياسات الاقتصاد المقاوم موضع التنفيذ.

كما اعتبر قائد الثورة الإسلامية، مجلس خبراء القيادة بأنه يشكل المظهر الكامل للسيادة الشعبية الإسلامية ومبعث السكينة والاستقرار في المجتمع، داعياً المسؤولين إلى التحرك والجهد في إطار المنظومة الفكرية الإسلامية والانتباه لعدم مسايرة أدبيات ومظاهر نظام الهيمنة، قائلاً: إن أهم واجب يقع على عاتق علماء الدين والمثقفين الأكاديميين والمسؤولين هو إبداء الحساسية تجاه مخططات العدو والتعرف عليها وكذلك شرح المستقبل الباعث على الأمل والتقدم للبلاد في إطار مؤشرات ومواصفات المنظومة الفكرية للإسلام وفي ظل الإفادة من قابليات وقدرات الشباب والطاقات الهائلة للبلاد.