آية الله رضا رمضاني: في رسالتيه الأخيرتين نزل قائد الثورة إلى الساحة باعتباره مصلحاً دينياً، بل وللإنسانية جمعاء، وإن رسالته الأخيرة كانت بمثابة أداء لمسؤولية عالمية كبرى . إذ اخذ سماحته على عاتقه مهمة أداء مسؤولية تاريخية بتحقيق وفاق منطقي بين مكونات المجتمع الإنساني على أساس العقلانية والتوجهات المعنوية .

رئيس اتحاد العلماء المسلمين الشيعة في أوروبا يتحدث عن أصداء رسالة الإمام الخامنئي إلى الشباب الغربي انطلاقاً من الأصداء الواسعة التي حظيت بها رسالة سماحة القائد الإمام الخامنئي إلى الشباب في المجتمعات الغربية، اجرى مراسل قناة " مسلم تي في " في ألمانيا حواراً مع آية الله الدكتور رضا رمضاني رئيس اتحاد العلماء والمفكرين المسلمين الشيعة في أوروبا للتعرف على ردود الأفعال في هذا المجال، ونظراً لأهمية الحوار نحاول تسليط الضوء على أبرز ما جاء فيه:

في معرض إجابته عن سؤال، هل كان الشباب الغربي مستعداً للاستماع إلى الرسالة الجديدة، أوضح الدكتور رمضاني: بكل تأكيد . إذ أن بوسع الشباب الغربي التعرف على جذور وملابسات الكثير من القضايا بصورة شفافة من خلال مطالعة هذه الرسالة. لافتاً إلى الأزمات التي خلقها تدفق الأعداد الكبيرة من اللاجئين من سوريا والعراق وأفغانستان واليمن على الدول الأوروبية بما فيه ألمانيا، واتساع نطاق الفوضى الأمنية والعمليات الإرهابية للجماعات المتطرفة، مما أوجد ظروفاً خاصة في هذه المنطقة من العالم .

وأضاف سماحته: ربما الكثير من شباب اليوم ومن خلال رؤيتهم لهذه المناظر تتوارد إلى أذهانهم العديد من الأسئلة بشكل لا إرادي، ولهذا فهم يبحثون عن إجابات محددة وصادقة بعيداً عن الصخب الإعلامي. ولهذا فإن الأرضية مهيأة تماماً للاستماع والإصغاء إلى قول الحق . ورغم محاولات بعض وسائل الإعلام تقديم إجابات غير دقيقة وخاطئة عبر أساليب التضليل والتعتيم، ولكن يبدو أن الظروف التي يمر بها الشباب هذه الأيام جعلتهم أكثر رغبة بالبحث عن الحقيقة والتعرف على ما يجري وراء الستار بعيداً عن شاشات التلفزة والصخب الإعلامي.

وتابع آية الله رمضاني: وبطبيعة الحال في مثل هذه الأوضاع تكون روحية وأذهان الشباب مهيأة للبحث عن الحقيقة والاستماع إلى تحليل عقلاني وتفسير منطقي لحقيقة ما يجري، ومن ثم التفكير بحلول مستقبلية ناجعة . وفي ضوء كل ذلك، يمكن القول أن الشباب الغربي الواعي الذي يبحث عن الحقيقة، كان مستعداً للإصغاء إلى هذه الرسالة ولتمعن في مضامينها .

وحول الدوافع الإرشادية والتربوية التي تقف وراء مبادرة سماحة القائد، يوضح آية الله رمضاني: في الفكر الإلهي لا يوجد فرق بين من يعيش في الغرب أو في الشرق، بل أن حق الهداية ثابت للجميع، ويجب إقامة الحجة بالنسبة للجميع . فعندما تكون ثمة حاجة حقيقية ، فليس من الصحيح التغاضي عن ذلك . وأن سماحة القائد باعتباره مصلحاً دينياً، بل مصلحاً إنسانيا حتى بالنسبة لغير المتدينين الذين يتطلعون للحق و الحقيقة ، بادر إلى توجيه هذه الرسالة للشباب في ظل الظروف التي تخيم على الغرب في الوقت الراهن .

وعن وجه الشبه بين الرسالة الأولى والثانية، يقول الدكتور رمضاني: الأبعاد التي تتسم بهما الرسالتان التي توجّه بهما احد المصلحين الكبار إلى الشباب في الغرب، واسعة جداً . إذ أن كلي الرسالتين تتسمان بالمنطق والموضوعية ،وفي الوقت نفسه موجهتان إلى مخاطبيهما بشكل مباشر وبكل صدق وموضوعية . إذ حرص سماحته على كتابة الرسالة بكل تواضع، الذي هو سمة رجالات الله، وبما يتناسب مع الوعي الفطري للمخاطبين بها . و كما هو واضح أن كلتي الرسالتين ابتدأت بالبديهيات والمشاهدات والتجارب اليومية، ومن ثم لفت الأنظار إلى الأسئلة التي تتوارد في أذهان عامة الشباب وتبحث عن اجابات لها . وهذا يعني إذا ما حاول الشاب المقارنة بين النماذج المشابهة المطروحة في هذا المجال والحكم عليها، سوف يتعرف على مدى ازدواجية بعض الدول الغربية في هذا المجال، وبالتالي بوسعه الشاب أن يتأمل ويعي أبعاد التحليلات التاريخية والعقلانية التي أشارت إليها الرسالة، بحثاً عن مستقبل أفضل وأكثر أماناً . علماً أن موضوع الرسالة الأولى كان قد تمحور حول الدعوة للاطلاع على الإسلام بصورة مباشرة دون وسيط . فيما حاولت الرسالة الثانية إثارة موضوعات جديد بما يتناسب والظروف الطارئة، استكمالاً لما تمت الإشارة إليه في الرسالة الأولى . ومن هذه الموضوعات، أن الإرهاب يعد همّاً مشتركاً بالنسبة لكافة الشعوب، ولابد من البحث عن حلول جماعية له. كذلك الإشارة إلى أن الازدواجية والتعارض والتضاد الذي تتسم به السياسات الغربية، يعد عاملاً أساسياً في بروز الإرهاب وانتشاره . كما أن إعادة النظر في عدد من السياسات الثقافية والاجتماعية و الدولية للحكومات الغربية، يعتبر احد ابرز الخطوات وأهمها في إرساء الأمن بالمجتمعات الغربية .

وأضاف آية الله رمضاني: أنني أتصور أن سماحة القائد اخذ على عاتقه مهمة أداء مسؤولية تاريخية بتحقيق وفاق منطقي بين مكونات المجتمع الإنساني على أساس العقلانية والتوجهات المعنوية. وعليه يمكن النظر إلى الرسالتين بمثابة أداء مسؤولية عالمية . ولهذا اتسمت الرسالة بروح الدعوة للتحلي بالموضوعية والإنصاف والنظرة المتكافئة .

وأخيراً يخلص رئيس اتحاد العلماء والمفكرين المسلمين الشيعة في أوروبا للقول موضحاً: أن احد ابرز المواضيع التي تطرقت إليها الرسالة، يكمن في السياسات الثقافية، التي تم التعبير عنها بالهجوم الناعم، واكتسبت لها شكل الاستعمار ما وراء الحداثة . ذلك أن ما يتم تداوله على المستوى العالمي تحت عناوين ثقافية مضللة، يشكل تهديداً حقيقياً للمجتمع الإنساني، لأنه قائم على اساس مفاهيم نظير " الظلم والاستكبار " و " التدني الأخلاقي " إلى غير ذلك، وهي أعجز من أن تتمكن من توفير السعادة والرخاء للمجتمع الإنساني .