أكد الباحث الإسلامي الدكتور الشيخ علي العلي في حواره مع "تنا" أن رسالة قائد الثورة الإسلامية رسالة أبوية حوارية مع شباب الغرب لتذكيره بجذور المشكلة التي يعاني منها العالم في مواجهة الإرهاب .

علق البروفسور الدكتور الشيخ علي العلي في حوار خاص مع وكالة أنباء التقريب "تنا" على الرسالة التي وجهها قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي للشباب في الغرب.

ورد الشيخ العلي على سؤال حول السبب الرئيسي الذي دفع قائد الثورة الإسلامية إلى توجيه الرسالة في الوقت الراهن بالقول: أن سماحة السيد القائد ليس قائدا سياسيا وحسب وإنما مرجعا ومفكرا وبالتالي لابد أن يكون له الحضور الاجتماعي، ورسالة سماحته رسالة أبوية أكثر من أن تكون رسالة سياسية، كما أنها متوجهة إلى الفكر.

وأوضح الشيخ العلي بأن المنطقة تحولت إلى محرقة لهؤلاء الشباب نتيجة التحريض والسياسات الخاطئة، من هنا فان رسالة سماحته دعت إلى العودة إلى أصل المشكلة التي تعاني منها المنطقة والعالم كله وبالتالي فإنها رسالة حوارية أبوية وتذكير بجذور المشكلة، خاصة وأنه لا خلاف على ضرورة التصدي ومواجهة الإرهاب سواء الذي يقع في مناطقنا أو في البلدان الغربية التي شهدت في الآونة الأخيرة عددا من الهجمات.

أما فيما يتعلق بالمحاور الرئيسية لرسالة قائد الثورة الإسلامية للشباب في الغرب أشار الشيخ العلي إلى أن قائد الثورة الإسلامية ركز في جانب من رسالته على وجود تناقض وتعارض في تعامل الغرب مع العديد من القضايا ومن بينها قضية الديمقراطية، فإذا كان من المفترض أن يقيم الغرب الأمور وفق معيار الديمقراطية فيتعين عليه أن يقيم كل الأمور وفق هذا المعيار، لا أن يستخدم معيار الديمقراطية في بعض المناطق ويتجاهلها في مناطق أخرى.

وشدد الشيخ العلي على ضرورة أن لا تقتصر الديمقراطية على المجالات التي يحددها الغرب ويركز عليها وإنما الديمقراطية أيضا احترام لثقافة وأفكار وعقائد الآخر، ونوه إلى أن فرض الثقافة التي يريدها أي طرف على الطرف الآخر بذريعة التواصل أو أي ذريعة أخرى لا يعد احتراما للثقافة، وإنما يجب أن يكون هناك تبادل حقيقي للثقافة لا يفرض الشرق ثقافته على الغرب ولا الغرب يفرض ثقافته على الشرق، ولفت إلى وجود اختلاف في أعراف وتقاليد الشعوب والأمم وبالتالي لا يمكن التعامل بأسلوب وطريقة واحدة مع الجميع.

وأشار الشيخ العلي على سبيل المثال إلى ارتداء الحجاب وأوضح بأن ارتداء المرأة للقناع غير مألوف في بعض البلدان بينما عدم ارتدائها للقناع في بلدان أخرى غير مألوف، لذلك إذا كان المطلوب تطبيق العدالة في أي بلد كان ينبغي احترام ثقافته، من هنا فان رسالة قائد الثورة الإسلامية ركزت فيما ركزت عليه على أن الإرهاب لا يقتصر على العمليات العسكرية والهجمات التي تقع هنا وهناك وإنما فرض ثقافة طرف على طرف آخر أيضا يعد إرهابا، والإرهاب لا يمكن تفسيره بمعاني متعددة وإنما الإرهاب له معنى واحد سواء جاء عبر الديمقراطية أو أي أسلوب آخر.

وأكد أن احترام الطرف الآخر لا يعني الاحترام الظاهري والطقوسي وإنما إقرار واعتراف بإنسانية الطرف الآخر، وإقرار بحقوقه، فالإنسان هو الإنسان سواء كان في آسيا أو أفريقيا أو أميركا، كما ينبغي احترام عقيدته وليس التقليل من شأنها، فإذا كانت عقيدة الأكثرية في الغرب المسيحية ينبغي احترام المسيحية وفي نفس الوقت إذا كانت عقيدة الأكثرية في الشرق الإسلام ينبغي احترام الدين الإسلامي.

ولفت الشيخ العلي إلى أن رسالة القائد ركزت على جوانب أخرى من بينها قضية استيعاب الديانات الأخرى وعدم السعي إلى تهميشها وقمعها وتذويبها في المجتمعات الأصلية مشيرا إلى أن عهد الدولة الإسلامية شهد نماذج كثيرة على ذلك حيث أورد التاريخ أن احد البابوات كتب رسائله الدينية وتوجيهاته للمسيحيين في ظل الحكم الإسلامي باشبيليا، كما أشار الشيخ العلي إلى أن بعض النظم تصنف الإنسان إلى درجة أولى وثانية وثالثة الأمر الذي لا ينسجم مع التعاليم الأخلاقية ولا الإنسانية ولا حتى الدينية، ونوه إلى أن الديكتاتورية لا تقتصر على حكم الأقلية للأكثرية وإنما فرض ما تراه الأكثرية على الأقلية يعد أيضا نوع من الديكتاتورية كما يبين أفلاطون.