رغم مرور نحو ثلاثة عقود من رحيل الإمام الخميني (رضوان الله عليه)، إلا أن نداءاته للأمة ولشعوب العالم بضرورة مقاومة الظلم والاستعمار واستعادة الشعوب لدورها المغيب والتوحد في ظل الإسلام وتعاليمه، ما زالت مسموعة فيما المنطقة تواجه أخطر التحديات والتهديدات وعلى رأسها الإرهاب.

ومن تأثيرات فكر الإمام(ره) ومشروعه النهضوي انجازات حققها النظام الإسلامي في إيران على الصعد المختلفة ومنها تجربته الديمقراطية وانجازاته العلمية والتقنية، ما جعله أي النظام الإسلامي نموذجاً في عصر كان عنوانه تغييب الدين عن السياسة.

كما يمثل صمود إيران ومعها محور المقاومة في المنطقة بوجه الضغوط والتهديدات الغربية والإسرائيلية وأخيرا الإرهاب المرعي من الجهات المرتبطة بهذه الدوائر ترجمة صادقة لمنهجية الإمام، التي جعلت من دعم القضية الفلسطينية بوصلة في معتركات الصراع ومعياراً تميز به الأمة خصومها من أصدقائها.

ويرى كثيرون أن الثورات العربية أو ما تصنف بثورات الربيع العربي كانت امتداداً للثورة الإسلامية التي صنعها الشعب الإيراني بقيادة وتوجيهات الإمام الراحل، إلا أن عوامل ضعفها أيضا ناجمة من عدم أخذها بمعايير النهضة الخمينية التي جمعت بين مواجهة الظلم وإنهاء كل إشكال التبعية للقوى الدولية ودعم القضايا العادلة للشعوب وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وقد أكد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كسينجر، هذا البعد في مشروع الإمام الراحل حينما قال إن معاداته للغرب نابعة من تعاليمه الإلهية، ولقد كان خالص النية في معاداته أيضاً.

كما أشار المفكر والاستراتيجي الأمريكي، "الفين تافلر"، إلى أن إصدار الإمام الخميني (ره) فتوى إهدار دم سلمان رشدي مؤلف كتاب الآيات الشيطانية الذي يحمل إساءات إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، كان بمثابة رسالة تاريخية تؤكد بداية عصر جديد، متنبأ بان حركة الإمام(ره) ستغير في المستقبل ساحة الأفكار الإنسانية.

وعبر آخر رئيس للاتحاد السوفيتي السابق "ميخائيل غورباتشوف" عن أسفه بعدم ايلاء اهتمام اكبر للرسالة التاريخية التي بعثها له الإمام حول قرب انهيار المعسكر الاشتراكي وضرورة عدم استبداله بنظام يتبع النموذج الغربي.

وما يتعلق بالأوضاع التي تشهدها المنطقة فان الوحدة الإسلامية التي تطلع الإمام لتحويلها إلى مشروع استراتيجي للأمة، فيمكن أن تكون آخر ملاذ للشعوب المسلمة في التخلص من مخططات التحريض الطائفي والإرهاب التكفيري التي تستهدف أمنها واستقرارها وإشغالها عن تحرير أرضها ومقدساتها.

ولعل ذكرى رحيل الإمام الخميني رضوان الله عليه مناسبة ليس فقط لمراجعة أبعاد شخصيته ورؤاه ومشاريعه وإنما وضع استراتيجيات لإعادة إحياء الأمة لدورها الحضاري.

المصدر: العالم