أكد الدكتور خالد القدومي في حوار أن إيران انتصرت للقدس والقضية الفلسطينية من خلال إعلان الإمام الخميني (ره) الراحل ليوم القدس العالمي وأثبتت انتماءها للشعوب المسلمة من خلال اهتمامها بهذه القضية، وهي كانت في أيامها الأولى من انتصار الثورة الإسلامية، وبإمكان الأمة الإسلامية أن تعيد وحدتها وهويتها وحضارتها من خلال هذه المناسبة العظيمة .
قال ممثل حركة حماس في طهران الدكتور خالد القدومي إن القضية الفلسطينية وبسبب صراعات المنطقة وتشديد الاحتقان الطائفي والعرقي فقدت أولويتها في المنطقة وأصبحت شعوب المنطقة لا تتفاعل مع مثل هذه المناسبات (يوم القدس العالمي)، وذلك بسبب حدة الاستقطاب السياسي والتجاذبات.
وأكد القدومي انه يجب من خلال يوم القدس العالمي أن نعيد وحدة الأمة الإسلامية وهويتها وحضارتها، لان نصرة القدس لا يختلف عليه لا سني ولا شيعي ولا عربي ولا غير عربي ودعا إلى إعادة دراسة الوضع الإسلامي من جديد لتسوية مشاكلها وأزماتها .
ولفت أن المستفيد الوحيد من إراقة دماء المسلمين هو الكيان الصهيوني الذي ينظر إلى هذه الأحداث وهو مرتاح وهانئ لان القتال الذي يجري في المنطقة هو بين المسلمين أنفسهم، مؤكدا أن الظروف التي نعيشها هي ظروف فرقة بين المسلمين.
وفي جانب آخر من هذه الحوار أشار إلى أن اكبر تحدي يواجه القضية الفلسطينية هو تباين وتفاوت البرامج لأصحاب هذه القضية من العرب والمسلمين، فالكل يريد نصرة هذه القضية ولكن من منظوره وبرنامجه، أي انه ليس هناك موقف وبرنامج موحد لتسوية هذه القضية دفاعا عن المظلومين ونصرة لقضيتهم.
وفي هذا السياق أكد أن الطريق الوحيد للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والتصدي لعنجهيات العدو هو المقاومة، وشعبنا الفلسطيني ومقاومته سواء امتلكت العدة والعتاد اللازم، أو لم تمتلكه فلن يرتاح ولن ترتاح مقاومته إلا بعد أن تحرر أرضها كاملة من الغاصب الصهيوني.
والتحدي الآخر هو التطبيع بين الكيان الصهيوني والدول العربية والإسلامية، حيث يتحول هذا الكيان إلى كيان مشروع وقانوني، يهدد هوية القضية الفلسطينية وفي نفس الوقت يهدد وحدة الأمة الإسلامية، داعيا الأمة العربية والإسلامية إلى اتخاذ موقف موحد وحازم من نصرة القدس والقضية الفلسطينية، وعزل الكيان الصهيوني وليس مكافأته.
ودعا القدومي إلى معالجة أزمات المنطقة بالطرق السلمية وأعرب عن تفاؤله بوجود مبادرات من قبل حكماء الأمة العربية والإسلامية لعودة الأمور إلى نصابها وجعل القضية الفلسطينية القضية المركزية وجعل العدو الصهيوني العدو الحقيقي للأمة، مشيرا إلى وجود صحوة عربية وإسلامية في هذا المجال بان كل الأمة العربية والإسلامية مستهدفة .
وأكد بان القضية الفلسطينية استعادت مكانتها من خلال العمليات الفدائية التي بدأت في انتفاضة القدس بداية 2015 كان آخرها العملية الفدائية التي قام بها ثلاثة من الشبان الفلسطينيين قتل على أثرها مجندة صهيونية وإصابة 5 جنود صهاينة .
وشدد ممثل حركة حماس أن هدف العدو من الحروب التي شنها على غزة هو القضاء على المقاومة ومعنويات الشعب الفلسطيني وانجازات حماس والجهاد الإسلامي في غزة وكذلك انجازات حزب الله في جنوب لبنان ولكنه فشل رغم الدعم الأمريكي والغربي له والدليل هو استمرار المقاومة وتضاعف قوتها وجهوزيتها ، مشيرا إلى أن العدو لم يستطع أن يؤلب الشعب الفلسطيني ضد قياداته، بل شعبنا ملتحم مع قيادته في مواجهة الكيان الصهيوني.
ولفت الدكتور القدومي إلى أن انتصار الثورة الإسلامية شكل حلقة مهمة في مواجهة الكيان الصهيوني وكسر طموحاته التوسعية، من خلال مواقفها الداعمة لفلسطين، وأن المقاومة الفلسطينية البطلة وقوتها ووحدتها وتمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه العادلة، أجبر العدو الصهيوني أن يتراجع عن مشروعه التوسعي من النيل إلى الفرات، واحدى الدلائل هو بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية وهذا يعني أن الكيان الصهيوني هو الذي حدد حدود "إسرائيل" ولم يستطيع أن يوسع حدوده .
وعن الفرق بين المقاومة والجيوش العسكرية أوضح الدكتور القدومي بان المقاومة تتبع نظرية المغاوير والحروب المنخفضة القوة، وهي عبارة عن عمليات فدائية تكبد العدو خسائر أمنية واقتصادية، وعلى اثر هذه العمليات البطولية اضطر المحتل أن ينسحب من غزة عام 2005 دون قيد أو شرط. وأشار إلى أن المقاومة هي التي أجبرت الكيان الصهيوني إلى إعادة النظر في النظرية الصهيونية الإحلالية التوسعية التي بدأها هرتزل في أوائل القرن الماضي .
وحول تصنيف حركة حماس كمنظمة إرهابية من قبل بعض الدول كالولايات المتحدة قال ممثل الحركة في طهران، بان هذه الحركة لها قاعدة جماهيرية تمتد على مستوى العالم الإسلامي وحتى بين أحرار العالم وجميع الشعوب التي تؤمن بعدالة المقاومة، وان هذه الحركة ليست حركة إرهابية والذي يصنف هذه الحركة بأنها إرهابية في الواقع يسير ضد إرادة الشعوب التي تضامنت مع الشعب الفلسطيني.
وشدد خالد القدومي بان الذين صنفوا هذه الحركة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، هم بالذات إرهابيين ومجرمين يقفون إلى جانب الكيان الصهيوني، وهدفهم إضاعة القضية الفلسطينية وإنهاء هذا الملف. ولفت أن المشكلة ليست في العدو وإنما في داخل امتنا مشيرا إلى الترحيب الذي واجهه الرئيس الأمريكي في السعودية وهو يتكلم عن الإسلام ويضع داعش والقاعدة وإيران وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي وكل فصائل المقاومة، في خانة واحدة.. إن ترامب هو الإرهابي بسبب دعمه لممثل الإرهاب العالمي وهو الكيان الصهيوني، إن شخص مثل ترامب الذي يدعم قتلة الأطفال من شعبنا الفلسطيني لا يحق له الحديث حول الإرهاب.
وفي هذا السياق أكد أن الإرهاب الأكبر يقوده اليوم الكيان الصهيوني وكل من يدعمه بالمال والسلاح والإعلام والمواقف الدبلوماسية، أي أمريكا.
وسألنا خالد القدومي عن أهم انجاز مفاوضات السلطة الفلسطينية مع الكيان الإسرائيلي منذ أكثر من عقدين، أوضح بعيداً عن قناعتنا بعدم جدوى هذه المفاوضات، فإن المهم من أي مناورة سياسية هو تحقيق العدالة وتحقيق انجاز استراتيجي يستعيد حقوق الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن هذين المعيارين لم يتم تحقيقهما في مفاوضات التسوية بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني منذ 1991 واتفاقيات مدريد، وأكد القدومي أن العدو الصيهوني الذي يقتل شعبنا بالحصار وبالحروب لا يريد سلاماً ولا يحترم تفاوضاً.
وأضاف أن مفاوضات تقر بحق الكيان الصهيوني في 80% من ارض فلسطين، وتجعل بقية الـ 20% للتفاوض، هي مفاوضات لا خير فيها، وأن مفاوضات تعترف بحق "إسرائيل" بـ 80% من ارض فلسطين وباقي الـ 20 أو 18% يجري التفاوض عليه ويقسم الوطن إلى جزر وكانتونات، هي مفاوضات بيع للوطن وليست مفاوضات لاسترداد الحقوق.
وحول تهديد الكيان الصهيوني لشن عدوان على غزة أو لبنان هل هو تهديد حقيقي أم مجرد حرب نفسية وراءها أهداف سياسية، قال ممثل حركة حماس في طهران انه من الواجب أن تكون الحركة على تأهب واستعداد تام ولا يجب التقليل من التهديد "الإسرائيلي" أو التعامل مع هذه التهديدات بسطحية لان العدوان والعدوانية أصبحت من صفات الكيان الصهيوني المجرم فهو كيان يعتاش على خلق الأزمات.
أما من جهة أخرى فان العدو لا يستطيع أن يقدم على هذه الحماقة لأنه تلقى دروسا قاسية في 2014 عندما أثبتت المقاومة قدرتها على جميع المستويات العسكرية براً وبحراً وجواً، وفي مجال الحرب النفسية والالكترونية وصراع العقول، وكذلك ووفقاً لتقارير العدو فإنه لم يستكمل بعد ما يسمونه استخلاص العبر والدروس من العدوان على غزة 2014 .
الأمر الثالث رغم أننا لسنا دعاة حروب، إلا أن المقاومة على استعداد وجهوزية للتصدي لأي عدوان صهيوني مستقبلي.
وعن العلاقات بين إيران وحماس أشار القدومي إلى مساعي توطيد العلاقات بين الجانبين منذ أواخر العام الماضي، مؤكدا أن هناك حلف استراتيجي مشترك بين الجانبين، لان عدونا واحد وهو الكيان الصهيوني، مشيراً إلى أن اللقاءات لم تتوقف بين الطرفين، وتم بحث المواقف حول بعض القضايا ومراجعة وتقييم العلاقة، حيث استطعنا أن نطوي صفحة الماضي الذي أصاب العلاقات نوعاً من الفتور فيها، مشيرا إلى تحسين العلاقات في الوقت الحاضر.
وأشار إلى أن القواسم المشتركة بين حماس والجمهورية الإسلامية كبيرة، وهي فلسطين ويجب أن تتمحور العلاقة حول هذا المشترك، لان الكيان الصهيوني اثبت اليوم من خلال ممارساته وحربه الناعمة انه ليس فقط عدوا للشعب الفلسطيني وإنما عدوا لجميع الشعوب العربية والإسلامية.
وعن سبب اتهام إيران بدعم الإرهاب مع أنها أعلنت منذ انتصار ثورتها أن استراتيجيتها هو دعم حركات المقاومة وحركات التحرر من الاستكبار، قال إن طبيعة السياسية الأمريكية قائمة على الخديعة وتصنيف الشعوب إلى مؤيد ومخالف للأمريكي، ولهذا تعتقد العقلية الأمريكية أن من يخالفها هو إرهابي، موضحا أن هكذا فكر وموقف يعبر عن فكر مواجهة وليس فكر تعايش وسلام، وهو يشكل خطورة على الأمن العالمي.
وأوضح أن السبب الأخر لمثل هذه الاتهامات هو أن الإدارة الأمريكية لا تريد لمثل إيران وتركيا اللذان لهما دور مهم في المنطقة ، لا تريد أن تكون دولاً مستقرة وآمنة، مؤكدا أن هناك مخطط وهجوم على امن واستقرار ووحدة شعوب المنطقة.
وتابع الدكتور خالد القدومي قائلا بان الدولة التي تدعم القضية الفلسطينية ومقاومتها لا يمكن أن تكون إرهابية .
تعليقات الزوار