جديد وهام
الإمام القائد حفظه الله تعالى يجيب بشكل واف على أسئلة حول فلسطين
7. حسناً، ما هو الآن طريق الحل يا ترى؟
لدينا حل لهذه القضية، وإن ما يطرح من سبل للحل هي ليست سبل حل، فلقد كانت فلسطين القضية المهمة في العالم والشرق الأوسط على مدى الخمسين عاماً الأخيرة، ولغرض إيجاد حل لهذه القضية والمشكلة المهمة طرح مشروعان للحل، أحدهما خاطئ والآخر صحيح؛ أما الخاطئ فهو الدخول في مفاوضات مع هذا الغاصب الذي لا عهد له بالقيم الإنسانية ولا القوانين الدولية ولا يذعن للقرارات التي تصدرها المنظمات الدولية والوصول إلى اتفاق معه. وهذا حل خاطئ بأي صورة يبدو عليها؛ فلقد برهنت إسرائيل عدم التزامها بأي عهد تعطيه، وإذا ما وافقت ووقعت فهي لا تفي بالتزامها، وأقوى وأكبر دليل على هذا الكلام الوضع الحالي في رام الله، فهم الذين جلسوا في أوسلو ووقعوا على الاعتراف رسمياً بالسلطة الفلسطينية، وها هو تعاملهم مع السلطة الفلسطينية والطرف الذي فاوضهم ــ أي ياسر عرفات ــ، انهم لا يلتزمون بعهدهم، فهم يسحقون كل عهد يقدمه الطرف المقابل لهم ويتقدمون خطوة إلى الأمام، وهذه هي طبيعتهم، فهذا حل خاطئ. وإنني إذ أتحدث بهذا إنما لا أعني في خطابي الذين يحاولون الإبقاء على هذه الغدة السرطانية مهما كلف الثمن، فهؤلاء لا يقبلون هذا الكلام ونحن نعرف ذلك، لكنني أوجه خطابي إلى الحكومات العربية والإسلامية وإلى الشعوب الإسلامية والضمائر الحيّة في أرجاء المعمورة، وإنني أتكلم معهم، فهذا الحل يضع لقمة سائغة في فم هذا الغازي لتجعله أكثر مكراً ويكون قادراً على أن يخطو الخطوات اللاحقة، فهذا ليس حلاً؛ وهذه تجربة خمسين عاماً مرت على القضية الفلسطينية، إذ أصدرت الأمم المتحدة القرارات، وبالرغم من مصادقة أمريكا المدافعة عن الصهاينة عليها ظاهرياً، إلا أن هذا الغازي لم يعمل بها ولم يقل له أحد "على عينك حاجب"، فأية مفاوضات يجريها المرء مع مثل هذه الدويلة وهذا الخصم؟! هذا الحل ليس صحيحاً.
ولكن هنالك حلاً منطقياً لهذه القضية تتبناه الضمائر الحية في العالم والمؤمنون بالمفاهيم العالمية المعاصرة، وعليهم القبول به، وهو ما صرحنا به قبل عام ونصف وطرحته حكومة الجمهورية الإسلامية مراراً في المحافل والحوارات الدولية، ونحن نعيده اليوم ونصر عليه، ويتمثل في إجراء استفتاء للشعب الفلسطيني بضمنهم اللاجئون الراغبون منهم في العودة إلى ديارهم ووطنهم، وهذا أمر منطقي حيث يعود الراغبون من اللاجئين في لبنان والأردن والكويت ومصر وسائر البلدان العربية إلى وطنهم وديارهم في فلسطين ــ ولا أقول أن يعاد أحد منهم بالقوة ــ وأولئك الذين كانوا في فلسطين قبل عام 1948 حيث قامت دويلة إسرائيل اللقيطة من مسلمين ومسيحيين ويهود، ومن ثم يجري استفتاء عام يحددون من خلاله النظام الذي يحكم فلسطين، وهذه هي الديمقراطية. أَوَ تصلح الديمقراطية للعالم بأسره لكنها لا تصلح للشعب الفلسطيني؟! وكيف يحق لشعوب العالم التدخل في تقرير مصيرها ولا يحق ذلك للشعب الفلسطيني؟! لا يراود الشك أحداً في أن الكيان المتسلط على فلسطين حالياً إنما جاء بالقوة والمكر والخداع والضغوط؛ فالصهاينة لم يأتوا مسالمين، وإنما جاؤوا تارة بالحيلة والخديعة، وأخرى بقوة السلاح والضغوط؛ لذلك فهو كيان مفروض.
فليُجْمَع الشعب الفلسطيني ويصوّتوا لانتخاب طبيعة النظام الذي يحكم بلادهم، ثم يبتّ ذلك النظام أو تلك الحكومة بشأن الذين قدموا إلى فلسطين بعد عام 1948 أياً كان القرار، فإن قررت لهم البقاء بقوا وإن قررت ترحيلهم رحلوا؛ وفي ذلك رأي الشعب والديمقراطية وحقوق الإنسان وما ينسجم مع المنطق السائد في العالم حالياً. هذا هو الحل الذي يفترض تنفيذه، وإن العدو إذ يرفضه صراحة، هنا يتعين على الأطراف المعنية بالمشكلة تحمل مسؤوليتها سواء الدول العربية أو الإسلامية والمسلمون في أرجاء العالم وبالذات الشعب الفلسطيني وكذلك المحافل الدولية، فلكل مسؤوليته في الاصرار على وجوب تنفيذ هذا الحل المنطقي، ومن السهولة تحقيقه، ولا يقولنّ البعض هذا ضرب من الخيال والأحلام ومتعذر، كلا فهو ممكن؛ فلقد عادت دول بحر البلطيق مستقلة بعد أكثر من أربعين سنة كانت فيها جزءاً من الاتحاد السوفيتي السابق، ودول القوقاز كانت رازحة تحت نير روسيا القيصرية منذ مائة عام أي قبل قيام الاتحاد السوفيتي لكنها نالت الاستقلال؛ فها هي كازاخستان وآذربايجان وجورجيا تعيش مستقلة حالياً. إذن إنه ممكن وليس متعذراً، غاية الأمر أنه يستدعي إرادة وعزيمة وشجاعة وبطولة، ولكن من الذي عليه التحلي بالشجاعة؟! الشعوب أم الحكومات؟! إن الشعوب تمتلك الشجاعة ولا تعرف الخوف وقد عبرت عن أهبتها. إذن فالمسؤولية هنا مسؤولية الحكومات وفي مقدمتها الدول العربية، وإن مؤتمر القمة العربية الذي عقد في بيروت لم يكن مؤتمراً جيداً؛ فقد كان بإمكانهم الخروج بفوائد جمّة من هذا المؤتمر لا تقتصر على الشعب الفلسطيني بل تصب في صالح الحكومات العربية أيضاً، فالحكومات العربية بوسعها الآن الوقوف في المقدمة ونيل مساندة شعوبها؛ فإذا ما حظيت حكومة بمساندة شعبها على صعيد القضية الفلسطينية فلم تعد لأمريكا القدرة على المساس بها ولم تعد ترهب أمريكا ولن ترى ضرورة محاباة أمريكا، فلقد كان بوسع الحكومات العربية الاضطلاع بأعمال إيجابية جمّة على صعيد هذه القضية وبمقدورها العمل أيضاً.
تعليقات الزوار