جديد وهام

 

الإمام القائد حفظه الله تعالى يجيب بشكل واف على أسئلة حول فلسطين

 

11. كيف تقيمون مستقبل الدولة الصهيونية في ظل وعي الشعب الفلسطيني وتمسكه بجميع أراضيه ؟

إن ما وقع الآن له ظاهر وباطن؛ فظاهره هو ما قلناه من فتك تمارسه عصابة تتوسل بالقوة والحراب والبندقية والدبابات تسانده السياسة الأمريكية، بحق  النساء والرجال والعجائز والأطفال وغير ذلك؛ يذبحونهم ويهدمون بيوتهم ويكبلونهم بالقيود ويمتهنونهم ويشردونهم من ديارهم ومعيشتهم، ويهجرون العوائل. هذا ظاهر القضية. أما باطنها فإن هذه القوة التي تبدو مقتدرة في ظاهرها آخذة بالانهيار والانحلال من الداخل؛ فلقد عقد الشعب الفلسطيني العزم ووضعت الفصائل الفلسطينية المجاهدة من قبيل منظمة فتح وحماس والجبهة الشعبية وحركة الجهاد وحزب الله لبنان وغيرهم يداً بيد وعقدوا العزم وتوصلوا جميعهم إلى محصلة واحدة وتلمسوا طريق الفداء وأدركوا أن السبيل لخلاص فلسطين هو الاستعداد للتضحية، وجرّبوا الشهادة ففهموا أن العدو عاجز أمام الشهادة وحب الاستشهاد وعدم الرهبة من الموت، وياسر عرفات بدوره قد أعلن أنه مستعد للشهادة وهو قرار جيد، ونحن نأمل أن لا يتخلى عن هذا القرار ويصمد عليه؛ فالذي يستشهد في سبيل الله هو المخلد وفكره وشخصيته هما الخالدان، أما من لا يسلك طريق التضحية في سبيل مبادئه مختاراً فلربما يعيش بجسمه أياماً معدودات لكن شخصيته وهويته مصيرهما الفناء، والشعب الفلسطيني قد أدرك الشهادة، والأمل يحدونا أن يصمد المسؤولون في سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية على ما قالوا ويواكبوا أبناء شعبهم في هذا الدرب ولا يستسلموا، فالعدو يسير نحو الضعف يوماً بعد يوم، ولقد تعلقت آمال المتطرفين من الصهاينة بهذا الوحش الذي يقف الآن على رأس هذه الدويلة اللقيطة المزيفة، وأملهم ــ وهو آخر آمالهم ــ كان أن يأتي هذا ليقمع بقوة الحديد وبقبضة فولاذية وبحرابه الشعب الفلسطيني الناهض ويخمد الانتفاضة، ولكن منذ مجيئه ازدادت الانتفاضة توهجاً.

إنهم يعانون الاختلاف من الداخل؛ فالذين قدموا من أقاصي الدنيا ليعيشوا آمنين على هذه الأرض السليبة وهذا الوطن المغصوب أخذ الكثير منهم بالعودة ولم تعد من جرأة لأحد في أن يقدُم لافتقادهم المعنويات وشعورهم بالضعف والاختلاف الذي يدب بينهم والإحباط الذي يسيطر عليهم إزاء مستقبلهم وعدم إبصارهم لأفق واضح في المستقبل، وها هم الصهاينة الغاصبون مرتبكون مرعوبون تدلل على ذلك أفعالهم وأقوالهم، وإذا كانت هذه الحوادث مريرة وأليمة بالنسبة للشعب الفلسطيني فهي أشد مرارة لعدوهم، ويا لها من آية ناطقة هذه: {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون}، فإن كنتم تعانون الآلام في هذا الصراع فإن عدوكم يقاسي الألم أيضاً، فهو يذوق الجراح أشد مما أنتم عليه، والفارق هو أن الشعب الفلسطيني يتطلع لأفق زاهر، أما الصهاينة الغاصبون فلا أفق زاهر أمامهم، فثمة أفق زاهر أمام الشعب الفلسطيني بمقدوره بلوغه بالسعي والجد والاجتهاد من الجميع