13. ما هو دور وسائل الإعلام في دعم القضية الإسلامية في فلسطين ومحنة إخواننا هناك؟
إن ساحة الصراع هذه ساحة مفتوحة، والجميع على امتداد العالم الإسلامي يتحملون المسؤولية كل حسب قدرته وعليه أداء دوره.
إن العالم اليوم هو عالم وسائل الإعلام والتبليغ والبيان، وإنكم اليوم تواجهون الامبراطورية الخبرية لأعداء الإسلام التي تخضع بأغلبيتها لسيطرة الصهاينة؛ وثمة سيل أحادي الجانب من الأخبار والتحليلات التي تضخها القنوات الخبرية باتجاه الرأي العام العالمي وبالذات الرأي العام في الدول الإسلامية والعربية والمستهدف منه المسلمون بالذات.
لقد توجه الصهاينة منذ الوهلة الأولى نحو وسائل الإعلام الخبرية والتبليغية، ومن بين السياسات التي رسموها هي السيطرة على وسائل الإعلام العالمية، وهذا ما حصل فعلاً، ومنذ البداية اتخذوا منحىً إعلامياً مهماً وحيوياً للغاية مازال تأثيره مستمراً حتى يومنا هذا، وذلك المنحى عبارة عن التظلّم؛ فاختلقوا قصصاً وأساطير وفبركوا الأخبار وبذلت محاولات محمومة في هذا السبيل، ولم يزل هذا الإعلام متواصلاً لغاية يومنا هذا بأقصى درجات الإجرام، أي ان أبرز مهمة للصهاينة في عالم الإعلام هو التظاهر بالمظلومية، فأثاروا قضية الهواجس النفسية لدى اليهود قائلين: نظراً للضغوط التي تعرض لها اليهود عبر قرون متمادية فإنهم يعيشون هواجس من الناحية النفسية، لذلك فهم بحاجة إلى الاستقرار النفسي.
خلال محادثاتهم مع زعماء الدول الغربية ولاحقاً خلال مفاوضاتهم مع الدول العربية والإسلامية، أثار الصهاينة قضية الأمن النفسي وقالوا: إننا بحاجة على الأمن النفسي، ولابد من توفير الأمن لنا. فماذا يعني هذا الأمن النفسي؟ ليس له أي تعريف محدد ولا نهاية لأمده، فأية خطوة لا تصب في صالحهم يسعهم إجهاضها بحجة الأمن النفسي؛ ولقد أقنعوا الكثيرين في العالم بحاجتهم إلى الأمن وضرورة توفيره لهم.
إن تحقيق ما تحتاجه إسرائيل من الأمن يفوق في صعوبته التنازل عن الأرض، فإنكم إذا ما فقدتم الأرض تدركون ما فقدتم، لكنكم إذا ما توخيتم توفير الأمن لإسرائيل فإنكم لا تعلمون إلى أي مدى يتعين عليكم الاستسلام والتنازل؛ فهذا التنازل لا يعرف النفاد، بل لابد من التنازل المتواصل، والتجربة الأوربية ملأى بالعبر، فلقد سددت الحكومة الألمانية مائة وخمسين مليار مارك كغرامات لليهود، بيد أن هذه الغرامة لم تنته بعد، وما فتئ اليهود يطالبون بالغرامات ولابد من تسديدها إليهم، وما صنعه اليهود مع ألمانيا كرّروه مع غيرها من الدول بنحو وآخر مثل النمسا وسويسرا وفرنسا، بل إنهم فعلوا ذلك مع الفاتيكان أيضاً قبل عدة سنوات، فعلى الجميع تسديد الغرامات لهم، وهذه الغرامات لا نفاد لها!
لقد قام الإسرائيليون بنشاطات واسعة على الصعيد النفسي، فالمفروض على السياسيين والصحفيين والمثقفين والمسؤولين في الغرب وشخصياته البارزة أن يطأطئوا هاماتهم أمام النصب التذكاري للمحرقة، أي أن عليهم جميعاً تأكيد تلك الواقعة المشكوك في أصل صحتها واعتبار أنفسهم مدينين أمامها، وهذه أساليبهم في الإعلام المقصود من ورائها التظاهر بالمظلومية.
وفي مناطق أخرى من العالم ـ واستناداً لما ورد في التوراة من أن هذه البقعة من الأرض موهوبة لبني إسرائيل ـ أفلحوا في استقطاب مؤازرة وتضامن الكثير من المسيحيين؛ ووفقاً لمعرفتي بالأرقام فلقد استطاعوا "صهينة" الملايين من غير اليهود في بعض البلدان ـ ومنها على وجه التحديد وبشكل أساسي أمريكا ـ عبر تعبئة الرأي العام من خلال الإعلام! ومنذ سنوات طوال وهؤلاء يمارسون هذا النشاط الإعلامي ومازالوا يواصلونه بمزيد من القوة على الصعيد العالمي.
لقد استغلوا الأحداث التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن شر استغلال، فاستطاعوا استلال القضية الفلسطينية من صلب قضايا العالم الإسلامي وتهميشها؛ فالصهاينة من هذا الجانب أيضاً يحظون بدعم أمريكي تام، يقابله عدم السماح لأي كان في البلدان التي تدعي الحرية بالاستفسار أو التعبير عن احتجاجه إزاء عمليات تدمير حياة النسوة والأطفال الفلسطينيين والحديث عن الأساليب القاسية المستخدمة بحق الشعب الفلسطيني.
في ضوء هذا التوجه الإعلامي والمعرفة التي يتوفر عليها المرء نفسياً عن العدو، يتعين على المسؤولين والعاملين في الحقل الإعلامي بالبلدان الإسلامية الشعور بمسؤوليتهم وتنظيم خطوطهم، فعملهم هذا مصيري ومهم، وهو يعد عملاً حيوياً ومسؤولية ثقيلة ليس بالنسبة للشعب الفلسطيني فحسب، بل للعالم الإسلامي برمته.
على سبيل المثال بوسعي الإشارة إلى تجربة جنوب لبنان ـ حيث الأصدقاء على اطلاع بشأنها ـ كنموذج؛ فلقد نجح المؤمنون والشبيبة المجاهدة في لبنان من استثمار آلية الإعلام على أحسن وجه وبالشكل اللائق على صعيد تحركهم الجبار المناهض للصهاينة، وأفلحوا في تجسيد عنصر المقاومة والتضحية أمام العالم الإسلامي، وهكذا يدب الوهن إلى نفس العدو، فلقد أدرك المسلمون بأسرهم ما تقوم به المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان وما تصبو إليه والهدف الذي تتوخاه، إذ استثمر الإعلام بشكل صائب وسليم، فكان أن انتعشت معنويات الصديق وأنهار العدو معنوياً وأصابه الوهن، وهذا ما يتعين علينا القيام به على الدوام. لأن العالم الإسلامي يعيش حالة كفاح ويتعرض للهجوم بشكل متواصل، وهذه بقعة من جسد العالم الإسلامي تنهشها الآن مخالب الصهاينة الذين يداهمونها ليل نهار، لذلك يجب استثمار الإعلام بأقصى مديات الاستثمار من أجل هذه القضية.
تعليقات الزوار