أكثر من قرن من الزمن والشعب الفلسطيني يقدم القرابين تلو القرابين دفاعاً عن الوطن والأرض وكرامة ومقدسات الأمة الصامتة التي رأت في إغماض العيون وصم الآذان والانبطاح للاستعمار وفرق الموت الصهيونية منفذاً للبقاء في السلطة.

أكثر من قرن من الزمن والشعب الفلسطيني يقدم القرابين تلو القرابين دفاعاً عن الوطن والأرض وكرامة ومقدسات الأمة الصامتة التي رأت في إغماض العيون وصم الآذان والانبطاح للاستعمار وفرق الموت الصهيونية منفذاً للبقاء في السلطة خوفاً من غضب السيد الراعي وانقلاب الأمور على عروشها.

قرابين الثورة الفلسطينية تجاوزت الـ50 ألفاً منذ اشتباكات عام 1910 في مناطق الجليل وطبريا ويافا، ثم المذابح التي ارتكبتها عصابات "هاشومير" و"الهاجاناه" و"الأرجون" و"شتيرن" و"فرق البالماخ" وعشرات أخرى غيرها أنشأت منذ العام 1909 وحتى 1948 ليتشكل بعد ذلك الجيش الصهيوني ويواصل مسيرة الإجرام الاحتلالي بحق أبناء فلسطين والمناطق العربية التي أحتلها فيما بعد وسط الخذلان العربي والصمت الدولي خاصة الغربي المتشدق بحقوق الإنسان زيفاً وتزويراً.

لقد ارتكبت العصابات الصهيونية الإجرامية المدعومة من الثعلب البريطاني الخبيث والإدارة الأمريكية المجرمة أكثر من 120 مذبحة ومجزرة طيلة أكثر من قرن مضى تم التضليل عليها بسلطة اللوبي الصهيوني على وسائل الإعلام العالمية وكأن لم يكن شيئاً يذكر، هذا باستثناء الحروب المدمرة الأربعة التي شنها جيش الاحتلال الغاصب على قطاع غزة والتي بدأت عام 2004 وسميت بعملية "أمطار الصيف" سقط خلالها أكثر من 400 شهيد وأكثر من 1700 جريح.

أما الحرب الثانية على غزة فكانت عام 2008 عرفت بعملية "الرصاص المصبوب" سقط خلالها أكثر من 120 شهيداً و890 جريحاً، فيما سميت الحرب العدوانية الصهيونية الثالثة على القطاع بعملية "عامود السحاب" في عام 2012 استشهد خلالها أكثر من 112 شهيداً إلى جانب حوالي 950 جريحاً، جاءت من بعدها عملية "الجرف الصامد" عام 2014 الأكثر قسوة ودموية حيث سقط خلالها لأكثر من 1800 شهيد فلسطيني فيما أصيب أكثر من 6 آلاف آخرين غالبيتهم من الأطفال والنساء.

الجرائم البشعة التي ارتكبتها العصابات وقوات الاحتلال الصهيوني اللقيط التي نهشت بالجسد الفلسطيني يصعب عدها وعدّ أرقام قرابينها العزل ما دفعت بالشعب الفلسطيني إلى الانتفاض لمرات عديدة، عرفت منها مؤخراً بثورة الحجارة حتى ثورة القدس تخللتها انتفاضة الأقصى وثورة السكاكين أدخلت الخوف والفزع في قلوب المحتل الغاصب ليتوسل الأنظمة العربية الموروثية والكابوي الأمريكي والثعلب البريطاني لإيقافها والحد من تمددها في إخماد الثورة الفلسطينية عام 1936 بإيفاد الملك عبد العزيز نجله فيصل وضحكه على ذقون الفلسطينيين بوعود خاوية.

رغم كل القرابين وطوابيرها الطويلة والعريضة لا يزال الشعب الفلسطيني وبدعم من محور المقاومة يقف صامداً أمام المحتل الغاصب بكل شجاعة وبسالة يقدم الأضاحي الواحد تلو الآخر كما يقدمها الحجيج في منى كل عام، لأنه يعرف جيداً أن الحق المسلوب لا يمكن استرجاعه إلا بالسلاح والمحتل لا يعرف سوى لغة القوة.. هي رسالة جميع القادة الشهداء للثورة الفلسطينية من عبد القادر الحسيني إلى فتحي الشقاقي ومن الشيخ أحمد ياسين إلى "المهندس" يحيى عياش وكذا القيادي اللبناني عماد مغنية وعشرات آخرين غيرهم قدموا الغالي والنفيس على طبق الإخلاص لتحرير أولى القبلتين.

 

* علي جميل باحث وخبير في الشؤون الدولية