أکد قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي بشكل قاطع بأن إيران لن تدخل في مفاوضات مع أميركا ولن تقع حرب.

وفي كلمته أمام حشد غفير من مختلف فئات الشعب، اعتبر القائد انخفاض قيمة العملة الوطنية مشكلة من المشاكل الحالية لاقتصاد البلاد قائلا إن الخبراء الاقتصاديين والعديد من المسؤولين متفقون في الرأي على أن سبب هذه القضية ليس خارجيا بل داخليا. لا أن يكون الحظر بلا اثر بل التأثير الأكبر يعود إلى نوع الأداء .

وأضاف: إن الأداء لو كان أفضل وأحسن تدبيراً وأقوى وآتياً في حينه، فإن الحظر لا يؤثر كثيرا فمثلا في قضية العملية الأجنبية والمسكوكات الذهبية فانه وبسبب بعض سوء التدبير والإهمال وضعت العملة الأجنبية بيد أناس استغلوها فهذه المشكلة تعود إلى كيفية الإدارة ووضع السياسات التنفيذية.

ونوه قائلا: حين تعرض وتقسم العملة الأجنبية والمسكوكات الذهبية بشكل خاطئ فإنها ستؤدي إلى خلق مشاكل كبيرة، وهذه القضية يلعب دورها طرفان الطرف الأول هو الطرف الذي يستلم والطرف الثاني هو الطرف الذي يعرض، الجميع يتتبع آثار من استلم العملة الأجنبية والمسكوكات الذهبية في حين ان المقصر الاساسي في هذا المجال هو الطرف الذي عرض العملة الأجنبية والمسكوكات الذهبية دون مراعاة أي حكمة وتدبير والخطوات التي تتخذها السلطة القضائية خلال الفترة الاخيرة هي في الحقيقة التصدي لأشخاص أدوا إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية بسبب أخطائهم الفادحة .

وأشار إلى تربص الأعداء لاستغلال هذه الأخطاء الطائشة وأضاف: إننا ولأسباب عدة لا ينقصنا الأعداء الخبثاء والأشرار، إنهم يتربصون بنا لكي ينكأوا جراحنا والإيحاء بعدم فاعلية النظام وعجزه وبث اليأس في نفوس أبناء الشعب من خلال استغلال المشاكل الناتجة عن أخطاء البعض.

وأكد قائد الثورة الإسلامية قائلا: لا يوجد أي طريق مسدود أمام البلاد لان المشاكل واضحة وهناك حلول واضحة لها وما ينقصنا حاليا هو أن يعقد المسؤولون العزم على حلها.

وأشار إلى الرسائل التي تم توجيهها إلى رئيس الجمهورية من قبل بعض الخبراء الاقتصاديين والحلول المقترحة وقال: إذا المشاكل التي تعاني منها البلاد في الوقت الراهن لديها حلول ولي كما يدعي الأعداء ومن يلف لفهم بان البلاد تواجه طريقا مسدودا وليس أمامها سوى الركون إلى ذلك الشيطان أو الشيطان الأكبر.

ولفت إلى أن المسؤولين بدئوا بتنفيذ بعض الحلول المقترحة إلا أن هذه العملية يجب أن تتابع بجدية اكبر وأضاف: أنا قلت هذا الكلام في الجلسات الخاصة مع رؤساء السلطان الثلاث وأنهم أيضا يتابعون الموضوع بجدية .

والمح إلى أن السيولة النقدية هي إحدى المشاكل التي يعاني منها اقتصاد البلاد وهي ناتجة عن السياسات الخاطئة وقال: كما قلت في خطبة صلاة العيد فان هذه السيولة النقدية يجب ترشيدها نحو الإنتاج والقطاعات الصناعية والزراعية والسكنية وان تحقق هذا الأمر فان هذه السيولة النقدية التي تشكل تهديدا في الوقت ستتحول إلى فرصة .

وأكد قائد الثورة الإسلامية إلى انه دعم دوما الحكومات المختلفة وانه يدعم هذه الحكومة أيضا وقال: اكرر كلامي ثانية بان على المسؤولين الحكوميين أن يبحثوا عن آليات لترشيد السيولة النقدية بشكل صحيح من  التخطيط والتشاور مع الخبراء والمحتصين .

وشدد بالقول: كل من يقول بأننا وصلنا إلى طريق مسدود فإما انه جاهل أو خائن.

وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى رده على رسالة رئيس السلطة القضائية حول التصدي للفساد الاقتصادي، انه من المقرر التصدي للمفسدين بحزم وبلا محاباة.. من الممكن أن تكون عقوبة بعضهم الإعدام والبعض الآخر السجن. لقد كتبت (في الرسالة الجوابية) بان التصدي يجب أن يكون عادلا ودقيقا.

وأشار إلى الرسالة التي وجهها إلى رؤساء السلطات الثلاث قبل 17 عاما فيما يخص مكافحة الفساد وأضاف: الفساد هو تنين بسبعة رؤوس يجب التصدي له بشكل كامل وجدي، قد تعلو بعض الأصوات من هنا وهناك بسبب هذا الأمر ولكن يجب تجاهلها. إن إعلاننا بصراحة عن هذا الأمر هو لكي يعرف الجميع بان النظام عاقد العزم على التصدي للمفسدين بحزم وقوة.

وأضاف، إنني ومنذ البداية كافحت الفساد والمفسدين وأنا أؤمن بذلك الآن أيضا، إلا أن البعض يتحدثون بتطرف ويستخدمون عبارة الفساد الممنهج، لكن الأمر ليس كذلك.. فمن الصحيح أن الفساد قليله كثير لكن من الخطأ انتهاج الإفراط أو التفريط في جميع المجالات.

وأكد القائد ضرورة تواجد أجهزة الرقابة في الساحة وقال، انه ينبغي على مجلس الشورى الإسلامي وكذلك السلطة القضائية والمواطنين عموما الشعور بالمسؤولية وأداء الدور، إذ يتوجب غلق الطريق أمام الفساد.

وبشأن المفاوضات مع أمريكا أشار آية الله الخامنئي إلى الفشل الذريع للأمريكيين في حادثة طبس وأضاف: قد لا يفهم الأمريكان الكثير من الأمور لو كنهم يدركون جيدا ويمكنهم أن يتصوروا نتيجة العدوان على إيران .

وتابع: خلافا لتصور البعض فان مسالة الدعوة إلى الحوار من قبل أمريكا ليست بشيء جديد، فخلال العقود الأربعة الماضية تم توجيه الدعوة للحوار كرار ومرارا إلا انه تم رفضها من قبل إيران. حتى الرئيس ريغان الذي كان يعد أكثر اقتدارا من الرؤساء الفعليين لأمريكا وفي القضية التي عرفت فيما بعد بقضية مك فارلن، أرسل الأخير إلى إيران بشكل سري للتفاوض إلا انه عاد بخفي حنين بعد 24 ساعة .

وقال: أمريكا تدعو اليوم إلى التفاوض أيضا وهذه ليست بمسالة جديدة فهي قائمة منذ بداية الثورة الإسلامية. لماذا لا نتفاوض؟ لان الأمريكيين يتبعون صيغة خاصة في المفاوضات، بما أن الأمريكيين يتكلون على القوة والمال فإنهم ينظرون إلى المفاوضات نظرة تجارية وتساومية . حين يحاول الأميركيون التفاوض مع جهة ما فإنهم يحددون الأهداف ولن يتراجعوا عن هذه الأهداف أبدا. إنهم يحاولون الحصول على تنازلات من الجانب الآخر وان امتنع الجانب الآخر عن تقديم التنازلات فإنهم يثيرون الضجيج لكي لا يتراجعوا عن أهدافهم. إن أمريكا وفي مقابل الامتيازات التي تحصل عليها لن تقدم أي تنازلات، فهي تقدم الوعود فقط ولا شيء آخر . وفي النهاية وحين تحصل على التنازلات والامتيازات تتنصل عن وعودها وتنسفها من الأساس . هذا هو أسلوب تفاوض الأمريكان، والآن كيف يمكن التفاوض مع دولة غشاشة كهذه؟ الاتفاق النووي هو مصداق صارخ لهذا الأمر  كما أن الأمريكيين اعتمدوا نفس الأسلوب في التفاوض مع كوريا الشمالية، هذا مع أنني كنت متشددا فيما يخص المفاوضات ، ووضعت خطوطا حمراء لم تراع .

وخلص قائد الثورة الإسلامية إلى القول: لن نخوض لعبة التفاوض الخطرة مع أمريكا إلا في حالة واحدة وهي أن تصل الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى درجة من الاقتدار والقوة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية بحيث لن تؤثر فيها الضغوط والغوغائية التي تفتعلها أمريكا، فآنذاك يمكنها التفاوض مع أمريكا، وبالتأكيد أن المفاوضات ستكون بضررنا في الوقت الراهن ولذلك فهي ممنوعة . لذلك منع الإمام الخميني التفاوض مع أمريكا وأنا أيضا امنعه . لن نتفاوض بناء على أدلة متقنة لدينا فما يخص التجارب السابقة والأضرار الناتجة عن التفاوض مع كيان مراوغ وبلطجي، وأننا بعون الله سنتخطى هذه المرحلة أيضا في ضوء الوحدة والانسجام بين أبناء الشعب والمسؤولين.

وتابع القول: حتى وان افترضنا وفرض المحال ليس بمحال أننا سنقبل بالتفاوض مع أمريكا فإننا لن نتفاوض مع الحكومة الحالية .

وأشار إلى أن لغة أمريكا خلال النصف الأخير من العام الجاري باتت أكثر وقاحة وتتسم بقلة الأدب وأضاف: في السابق أيضا كانوا لا يراعون الأدب في دبلوماسيتهم ولكننا نرى أن لغتهم باتت اقل أدبا مع الجميع خلال الآونة الأخيرة. وخير دليل على ذلك أن السعوديين ارتكبوا جريمتين خلال الأسابيع الأخيرة الهجوم على إحدى المستشفيات والهجوم على حوالي أربعين وخمسين طفلا بريئا أعمارهم تتراوح بين 8 و 9 سنين ؟ كم هذه الكارثة تحز في القلب . ضمير العالم اهتز ولكن أمريكا ماذا فعلت ؟ بدلا من أن تدين المجرم وصفت علاقاتها بالسعودية بالاستراتيجية، أليس هذه وقاحة؟ ما قام به الرئيس الأمريكي اقصد الفصل بين ما بين ألفين وثلاثة آلاف طفل عن عوائلهم المهاجرين ووضعهم في الأقفاص، هل هناك من ارتكب جريمة مماثلة في التاريخ ؟ والغريب أن الأمريكيين يرتكبون هذه الأمور بمرأى ومسمع العالم دون أي خجل ووجل .

واستطرد قائد الثورة الإسلامية قائلا: أمريكا وخلال الآونة الأخيرة تتحدث عن إيران أيضا بوقاحة، وبمنأى عن الحظر تتحدث عن أمرين آخرين، احدهما الحرب والأخرى التفاوض، إنها تلوح بشبح الحرب من جهة لترهب الجبناء . وفيما يخص المفاوضات أيضا تلعب لعبة تافهة . احدهما يتحدث عن مفاوضات بشروط والآخر بلا شروط . سأقول كلمتين مختصرتين، "لن يكون هناك حرب ولن نتفاوض مع الأميركيين" هذا هو خلاصة الكلام الذي ينبغي أن يعرفه الشعب الإيراني كله. لن تحدث حرب لأننا وكما في السابق لن نكون البادئين في الحرب والأمريكان أيضا لا يبدؤون الحرب لأنهم يعرفون جيدا بأنها ستضر بهم بشكل كبير لان الجمهورية الإسلامية الإيرانية والشعب اثبتا بأنهما سيردان بشكل حازم على أي معتدي.

وخاطب الإمام الخامنئي الساسة والدبلوماسيين الشباب الناشطين وطلبة مختلف الفروع السياسية والناشطين في المجال السياسي بالقول: التفاوض مع الإدارة الأمريكية الراهنة المعروفة بتوجهاتها البلطجية ليس فقط لن تقلل من عدائها بل إنها ستكون ذريعة تستخدمها أمريكا مستقبلا لتشديد عدائها خدمة لتحقيق أهدافها.

ولفت إلى أن تركيز الشيطان الأكبر على الحرب الاقتصادية نابع من أن أمريكا يئست من الحرب النظامية والسياسية والأمنية وحتى الثقافية وأضاف: إن حضور جيل جديد من شباب الثورة وفشل أحداث واضطرابات مثل الأحداث الأمنية التي شهدتها البلاد عام 2009 هي مؤشر على فشل ويأس العدو في هذه المجالات. طبعا بعون الله ويقظة الناس والمسؤولين فان أمريكا ستهزم في حربها الاقتصادية ضد إيران أيضا.

وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى خدعة العدو في مجال مخاطبته للشعب الإيراني وقال: إن معتوها يقول للشعب الإيراني بان حكومتكم تنفق أموالكم في سوري في حين رئيسه يعترف بان أمريكا أنفقت أكثر من سبع تريليونات دولار في المنطقة ولم تحصل على أي شيء.

وأضاف القائد: لقد ساعدنا بلدن صديقين هما العراق وسوريا في مقابل التهديدات الأمريكية وهذه المساعدات توضع في خانة تبادل المساعدات بين الدول الصديقة .

واعتبر أن نشر أجواء التشكيك بين الرأي العام حيال النظام بأنها من الأهداف الرئيسية لأعداء الشعب الإيراني وأضاف: إنهم ومن خلال حربهم الاقتصادية يحاولون إثارة استياء أبناء الشعب وتحويل هذا الاستياء إلى اضطرابات تنال من امن البلاد .

واستعرض آية الله الخامنئي بعض الأخبار والمعلومات عن كواليس ما يقوم به الأمريكان والصهاينة والسعوديين وأضاف: إنهم ومن اجل زعزعة الأمن في أحداث العام الماضي عملوا لعدة سنوات ولكن يقظة الشعب وحضوره في الساحة أحبطت جميع مخططاتهم وأفشلتها.

وتابع قائلا: كما عقد الأعداء الأمل على العام الجاري وفي هذا الإطار صرح بعضد المسؤولين الأمريكيين بأننا سنسمع أخبارا جيدة من إيران في غضون سنة أشهر، المقصود من كلامهم هذا كان أحداث الشهر الماضي التي ورغم تكلفتها الباهظة ماليا وسياسيا لم تكن كما خطط لها الأعداء.

وشدد قائد الثورة الإسلامية بالقول: إن الشعب يتحلي بالذكاء والبصيرة ، طبعا انه يعاني من بعض المشاكل المعيشية والاقتصادية ولكن هذا الشعب لن يرضخ لمطالب الاستخبارات الأمريكية وذلك الكيان المفضوح.

وأضاف: إن العدو وكما كان ضعيفا وعاجزا ومهزوما لحد الآن فانه سيكون كذلك في المستقبل أيضا شريطة أن نتحلى جميعنا باليقظة وننوء بمسؤولياتنا ونتجنب اليأس وقال: إن البعض وتحت عنوان أنهم يدافعون عن الضعفاء وأنهم يريدون تحسين أوضاع البلاد يطلقون بعض التصريحات، هؤلاء لا يعلمون بان ما يقومون به يأتي في إطار مخطط العدو . من يقولون بأنه يجب إقالة الحكومة شركاء في تنفيذ مخطط العدو، يجب أن تبقى الحكومة وتقوم بعملها بقوة واقتدار لحل المشاكل القائمة .

وفي الختام أشار قائد الثورة الإسلامية إلى المقولة الخالدة للإمام الراحل فيما يخص أن يد الله ترعى الشعب الإيراني والنظام الإسلامي وأضاف: إننا أيضا نشعر بهذه الرعاية، وهي متجلية بوضوح في قوة إيمان الشعب .