سؤال: ما هو المعيار في أرجحية الشرعية الدينية على رأي الأمة وقبولها؟

جوابه: إننا نعتقد أن الكون بأسره ملك لله تعالى، والبشر شأنهم كسائر المخلوقات في عالم الوجود مملوكون له جلَّ وعلا، والعبد الذي كل ما في كيانه ملكٌ لله سبحانه، لا إذن له بالتصرف بهذا الكيان دون ترخيص من المالك الحقيقي، فلا حقّ للإنسان في التصرف حتى بنفسه ناهيك عن الآخرين، فعلى سبيل المثال لا يجوز لنا إلحاق الضرر بأيدينا أو عيوننا؛ لان كل شيء لله، وإذا ما فقدنا حق التصرف بأنفسنا فأنّى لنا حق التصرف بالآخرين؟ لو أن شخصاً ارتكب جريمة السرقة لأي سبب من الأسباب؛ فمن ذا الذي له الإذن في مساءلته أو معاقبته أو إيداعه السجن أو قطع يده؟ إنّ من أذن له المالك الحقيقي فحسب هو الذي يمكن أن يكون بيده اختيار الآخرين.

إننا نعتقد بوجوب قيام هذا النظام على أساس الإرادة التشريعية للباري تعالى، وإن إذن الخالق ورضاه ضروري في شتى الأمور؛ في أفعالنا وفي القوانين التي نطبّقها بحق الآخرين، والقرارات التي نتخذها بشأنهم، وما نتصرف به من الأراضي والغابات والجبال والصحاري، وما نستخرج من نفط وغاز وذهب ونحاس وغيرها من المعادن، فلا بد أن نقوم بهذه الأعمال بموجب تخويل، يعبّر عنه بالإذن الإلهي، بمقتضى ما تذهب إليه الرؤية الإسلامية، إذن فصلاحيتنا بالتصرف مقيدة بإذنه تعالى.

إن لرأي الأمة مكانته، غير أنه ليس حجة شرعية علينا، إذ لا تترتب عليه الشرعية، من هنا فإذا ما نهى الإسلام عن شيء؛ فليس لنا تجويزه برأينا وانتخابنا، وقول الخالق تعالى مطاعٌ في جميع الأحوال، ورأي الأمة مُصانٌ ما لم يتعارض مع الدين. وتأسيساً على ذلك فإن الشرعية الدينية هي المحور، ولها الغلبة على رأي الأمة وقبولها.