أكد قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي بان عداء أميركا للشعب الإيراني كان قائما على الدوام وان الخلاف بين الجانبين يعود لما قبل السيطرة على وكر التجسس الأميركي (السفارة الأميركية السابقة في طهران)، معتبرا أميركا بأنها اليوم اضعف مما كانت عليه لكنها أكثر وحشية ووقاحة. وخلال استقباله صباح اليوم الأحد حشدا ضم الآلاف من التلامذة والطلبة الجامعيين من مختلف أنحاء البلاد، أشار سماحة القائد إلى أن البعض يحرّفون التاريخ بالقول إن الخلافات بين الشعب الإيراني والإدارة الأميركية كانت قد بدأت منذ السيطرة على وكر التجسس الأميركي (عام 1979) إلا أن الخلافات كانت قد بدأت منذ 19 آب / أغسطس عام 1953 (إسقاط حكومة مصدق) وما قبله. وأكد قائد الثورة الإسلامية بان طبيعة أميركا ومنذ العام 1963 حيث قام النظام العميل له في إيران بنفي الإمام الخميني (ره) ولغاية الآن لم تتغير إطلاقا، فأميركا هي نفسها؛ إذ أن ذات الصفة الوحشية والدكتاتورية العالمية وذات النزعة الشريرة والعابرة للحدود مازالت أميركا تتصف بها اليوم أيضا. واعتبر سماحته أن أميركا اليوم اضعف مما كانت عليه في العام 1963 لكنها أكثر وحشية ووقاحة ، موضحا بان أميركا عادت الشعب الإيراني على الدوام وحتى أنها أسقطت في عهد الطاغوت حكومة وطنية في العام 1953 وبطبيعة الحال فان تلك الحكومة كانت مقصرة أيضا حينما وثقت بأميركا. وأشار إلى ممارسات أميركا ضد إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية ولغاية الآن وتمثلت كلها بالحظر والتهديد والإساءة واختلاق المشاكل والسعي للتغلغل وأضاف، إن أهم رد لنا أمام عداء أميركا هو الحيلولة دون تغلغلها السياسي من جديد.

واعتبر سماحته انقلاب عام 1953 بداية عداء الشيطان الأكبر العلني للشعب الإيراني وأضاف، إن الأميركيين بانقلابهم ذلك لم يرحموا حتى حكومة مصدق التي وثقت بهم وبإسقاطهم للحكومة الوطنية جاءوا بحكومة عميلة وفاسدة ودكتاتورية وبذلك  مارسوا اكبر عداء ممكن بحق الشعب الإيراني.

وأضاف، إن الحكومة التي اُسقِطت بالانقلاب كانت قد تلقت في الواقع الضربة لثقتها بالشيطان الأكبر وقد هيمن الأميركيون بواسطة النظام البهلوي على مقدرات البلاد في القوات المسلحة والنفط والسياسة والثقافة والاقتصاد وجميع المجالات الأخرى في البلاد هيمنة كاملة.

وأشار سماحته إلى أن البعض ومن ضمنهم الأميركيون يسعون عبر تحريف التاريخ لربط عداء أميركا لإيران بقضية السيطرة على وكر التجسس الأميركي (مبنى السفارة الأميركية السابقة في طهران) وأضاف، إن الأميركيين ومنذ بداية العلاقات مع أميركا كانوا، عبر مشاريع ودية على الظاهر، يعادون الشعب الإيراني إذ برز هذا العداء إلى العلن في انقلاب العام 1953 وكانت تلك المرحلة بداية عداء أميركا العلني لإيران.

واعتبر قائد الثورة انقلاب العام 1953 بأنه أدى لزيادة وعي الشعب الإيراني وأضاف، انه وبعد 10 أعوام من ذلك أي في العام 1963 حيث انطلق الكفاح الإسلامي والشعبي، بيّن الإمام الخميني بإدراكه الموقع الحقيقي والقلبي للشعب هذه الحقيقة وهي انه لا شخص أكثر كراهية في أذهان الشعب الإيراني من الرئيس الأميركي.

وأكد سماحته بان أميركا ومنذ ذلك اليوم لغاية الآن لم تتغير طبيعتها وقال، إن ذات النزعة الشريرة والصفة الذئبية والسعي لإيجاد دكتاتورية دولية والهيمنة بلاد حدود موجودة اليوم لدى أميركا وبطبيعة الحال بصورة أكثر وحشية ووقاحة.

وأشار إلى بعض الممارسات الأميركية على مدى الأعوام الـ 41 الماضية ضد إيران ومنها التهديد والانقلاب والحظر وتحريض القوميات ونزعة الانفصال وإثارة الفوضى والحصار الاقتصادي والتغلغل وأساليب أخرى وأضاف، لقد قاموا خلال كل هذه الفترة بكل ما يمكنهم القيام به من مؤامرات وخطوات ضد المؤسسات النابعة من الثورة الإسلامية خاصة مبدأ الجمهورية الإسلامية ونحن بطبيعة الحال قمنا بكل يمكننا القيام به وفي الكثير من الأحيان حصرنا المنافس في زاوية الحلبة.

 

*منع التفاوض مع أميركا لمنع تغلغلها في إيران من جديد

واعتبر آية الله الخامنئي "الوقوف أمام التغلغل السياسي والهيمنة الأميركية من جديد على إيران" بأنه الرد الأهم من جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية لمواجهة مؤامرات حكام البيت الأبيض وأضاف، إن المنع المتكرر للتفاوض مع أميركا يعد إحدى الأدوات المهمة لغلق الطريق أمام تسللهم إلى إيران العزيزة.

واعتبر معارضة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأميركيين بأنها تحظى بمنطق رصين وأضاف، إن هذا الأسلوب العقلاني يمنع سبيل تغلغل الأميركيين من جديد ويثبت هيبة إيران الحقيقية واقتدارها للعالم ويسقط الهيبة الخاوية للطرف الآخر في العالم.

وأشار إلى تكبر أميركا ونزعتها الاستكبارية وأضاف، إن الأميركيين الذين يمنون على رؤساء الدول الأخرى بموافقتهم على اللقاء معهم يصرون منذ أعوام على لقاء مع المسؤولين الإيرانيين إلا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمتنع عن ذلك وان تحمّل هذه المسالة صعب جدا على أعداء الشعب لأنها تثبت لدول وشعوب العالم بان هنالك حكومة في العالم ترفض قوة أميركا الغاصبة ودكتاتوريتها الدولية ولا ترضخ لمنطق القوة.

 

*لا فائدة من التفاوض مع أميركا

واعتبر قائد الثورة التفاوض مع أميركا بأنه لا فائدة منه وأضاف، إن البعض الذين يتصورون التفاوض مع أميركا بأنه يحل المشاكل مخطئون مائة بالمائة إذ لن تتحقق أي نتيجة من وراء التفاوض مع الأميركيين لأنه من المتيقن والمؤكد أنهم سوف لن يقدموا أي تنازل.

وأشار سماحته إلى حقيقة أن الطرف الآخر يعتبر جلوس المسؤولين الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات بمثابة إركاع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهي تهدف من وراء الإصرار على التفاوض لتقول للعالم بان الضغوط القصوى وإجراءات الحظر قد أعطت ثمارها تاليا وان الإيرانيين قد رضخوا.

وأضاف، انه لو تعامل المسؤولون الإيرانيون بسذاجة وذهبوا للمفاوضات لم تكن الضغوط والحظر لتنخفض بل إن الطريق كان سيفتح رسميا أمام توقعات وأمور مفروضة جديدة من قبل الأميركيين.

 

*محاولات أميركا العبثية للحد من قدرات إيران الصاروخية

وأشار قائد الثورة الإسلامية إلى محاولات أميركا العبثية لشطب أو تقييد قدرات إيران الصاروخية وأضاف، انه اليوم وبفضل الباري تعالى وهمم شباب الوطن نمتلك صواريخ دقيقة وبمدى 2000 كم يمكنها إصابة أي هدف بهامش خطا متر واحد فقط.

وأوضح سماحته بأنه لو كنا قد توجهنا إلى التفاوض لكان الأميركيون قد طرحوا قضية الصواريخ أيضا بان يقولوا إن صواريخ إيران  يجب أن لا تتجاوز مدى 150 كم.

وأكد ضرورة اخذ العظة من تجارب كالمفاوضات العبثية بين كوريا الشمالية وأميركا وأضاف، إن مسؤولي أميركا وكوريا الشمالية كانوا يتحادثون بالود والصداقة إلا أن الأميركيين ووفقا لنهجهم في المفاوضات لم يخفضوا أيا من إجراءات حظرهم ولم يقدموا أي تنازل.

 

*ماكرون إما انه ساذج جدا وإما متواطئ مع أميركا

وأشار سماحته إلى إصرار الحكومة الفرنسية على الوساطة بين إيران وأميركا وقال، إن الرئيس الفرنسي اعتبر تنظيم لقاء (يجمع روحاني) مع ترامب بأنه يحل كل مشاكل إيران إلا انه ينبغي عليّ القول بان هذا الشخص إما انه ساذج جدا أو متواطئ مع أميركا.

وتابع قائد الثورة الإسلامية، إنني وبغية الاختبار وان يتضح الأمر للجميع قلت انه ورغم الخطأ الذي ارتكبه الأميركيون بخروجهم من الاتفاق النووي ، يمكنهم لو أزالوا كل أشكال الحظر أن يشاركوا مع الأطراف الأخرى في اجتماع مجموعة الاتفاق النووي رغم علمي بأنهم لا يقبلون بذلك وهو ما حدث بالفعل.

وطرح السؤال حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه مطالب وتوقعات أميركا من إيران قال، إنهم يقولون في الوقت الحاضر، لا تنشطوا في المنطقة، لا تدعموا جبهة المقاومة، لا تتواجدوا في بعض الدول وأوقفوا قدراتكم الدفاعية وإنتاجكم للصواريخ، ومن ثم سيقولون بعد هذه المطالب؛ تخلوا عن القوانين والحدود الدينية ولا تؤكدوا على موضوع الحجاب الإسلامي، لذا فان مطالب أميركا لن تنتهي أبدا.

وأشار سماحته إلى أن الأميركيين يسعون لإعادة إيران إلى الظروف التي كانت عليها قبل الثورة وأضاف، إن الثورة الإسلامية أقوى من مثل هذه الأمور وان الإرادة الصلبة والعزم الراسخ للجمهورية الإسلامية لن يسمحا أبدا لأميركا بالعودة إلى إيران بمثل هذه الأحابيل.

وانتقد قائد الثورة نهج "انتظار الأجانب" وقال، لقد كنا فترة ما بانتظار الاتفاق النووي وفترة أخرى بانتظار قرار الرئيس الأميركي لتمديد مهل الأشهر الثلاثة التي وضعوها للأسف في الاتفاق النووي وان نبقى فترة بانتظار ما يفعله الرئيس الفرنسي وبرامج الفرنسيين في حين أن هذه الانتظارات تؤثر سلبيا على المستثمر والناشط الاقتصادي وتدفع البلاد إلى الركود والتخلف.

وأكد قائلا، اتركوا هذه الانتظارات، لكنني بطبيعة الحال لا أقول اقطعوا العلاقات بل أقول لا تعقدوا الأمل على الأجانب بل على الداخل فقط.

 

*ازدهار الإنتاج

واعتبر قائد الثورة "ازدهار الإنتاج" بأنه المفتاح لحل مشاكل الشعب الاقتصادية ومنها الغلاء والتضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية وأضاف، انه لا ينبغي علينا الآن انتظار إجراءات الأوروبيين أو قضايا أخرى مثلما انتظرنا عبثا الاتفاق النووي لفترة من الوقت، بل علينا عقد الأمل على الداخل وان نستخدم كل طاقاتنا من اجل ازدهار الإنتاج.