يصادف اليوم الذكرى الثانية والسبعين "للنكبة"، وهي مناسبة تشير الى المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد وتهجير عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج ديارهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عقب قيام الكيان الصهيوني في عام 1984.

يقوم الفلسطينيون المهجرون والأجيال التي لحقت بهم باحياء ذكرى النكبة في 15 مايو من كل عام استذكاراً بنزوح وتشريد  700.000 فلسطيني أجبروا على الفرار نتيجة المذابح التي اقترفها الصهاينة ضدهم عام 1948 حيث تم احتلال اراضيهم وهدم منازلهم وقراهم واخلاء المدن ليهرب الفلسطينيون الى مخيمات اللجوء في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات.

كما ارغم الفلسطينيون على اللجوء إلى الأردن ولبنان وسوريا، دون الحصول على الجنسية في كثير من الأحيان وما زال الكثير من اللاجئين من سكان مخيمات الضفة وغيرها يحتفظون بمفاتيح بيوتهم التي أحضروها معهم عام النكبة حيث أصبح المفتاح رمزاً يعبر الفلسطينيون به عن تمسكهم بحق العودة إلى الأراضي المحتلة عام 1948. ولم تعد تقتصر رمزية هذا المفتاح على اللاجئين فقط، بل غدا ثقافة جمعية في الوعي الفلسطيني وبين غير اللاجئين في الضفة وغزة وفي الشتات.

عادةً ما تستعد الجماهير الفلسطينية لإحياء ذكرى النكبة، عبر العديد من الفعاليات الشعبية والسلمية في مختلف المناطق في الداخل والشتات، بينها إنطلاق المواطنين لمخيمات العودة شرقي قطاع غزّة حيث يرفع المشاركون فيها الأعلام الفلسطينية ولافتات ومفاتيح المنازل التي لم يسمح للعائلات الفلسطينية العودة اليها حتى اليوم بينماالدفاع عن الوجود والهوية وحق العودة اصبح جريمة بعين الصهاينة وبمعنى معادة السامية.

في هذا السياق ولتسليط الضوء على تاريخ احتلال فلسطين و اهداف احياء يوم النكبة اجرت وكالة مهر للأنباء مجموعة من الحوارات مع الخبراء والمحللين السياسيين. فيما يلي مقاطع مه هذه الحوارات:

ورأى الخبير السياسي التركي حمزة تكين انه رغم كل هذه السنوات الطويلة للاحتلال، ورغم الدعم الهائل الذي يتلقاه الاحتلال من دول عديدة ومنظمات كثيرة ونافذين كثر حول العالم، لم يستطع حتى الآن ولن سيستطيع مستقبلا  أن يرسم إطارا سياسيا يعمل من خلاله ليكون "نموذجا للديمقراطية" في المنطقة كما يسعى هو ويدعي.

 واضاف: من يتابع الحياة السياسية داخل هذا الكيان يدرك حقيقة أن المشكلات تدب فيه عند كل استحقاق سياسي داخلي، حيث يتأخر تشكيل الحكومات لفترات طويلة ويحل "الكنيست" لأتفه الأسباب، وهذا يدل على عمق الصراعات الموجودة بين مكونات هذا الكيان المحتل.

واشار تكين الى التناقض والخلافات بين فئات المجتمع الصهيوني، وخاصة فيما يتعلق ببعض الأمور الثقافية أو الدينية، "فنرى اليوم على سبيل المثال صراعا قويا بين تيار المتطرفين دينيا وبين تيار معاكس لهذا التوجه يقدم نفسه أنه "منفتح".. وفي النهاية كلهم متطرفون محتلون".

واكد انه رغم كل الدعم العالمي ورغم كل الإمكانيات، لم يستطع الكيان الصهيوني أن يرسم هوية محددة له يقدمها للعالم، يُعرف بها في الخارج، تكون مسار حياة في الداخل.

هذا وقال ممثل حركة الجهاد الاسلامي في طهران ناصر ابوشريف: "بالرغم من كل هذه السنوات الكثيرة وبالرغم من الدعم اللا محدود الذي حظيت به من قبل الدول الظالمة الاستعمارية وفي ظل ايضا الضغط على كل حكومات العالم للتعامل مع هذا الكيان وقبوله ودفعهم لاقامة علاقات تطبيعية معه وخصوصا الدول العربية في السنوات الاخيرة الا ان الكيان الصهيوني ما زال غريبا ، ولم يحط باي اعتراف شعبي حقيقي ، ما زال هذا المشروع مجرد بيت ليس له اسس عميقمة مجرد كرافان او بيت تركيبي يمكن ان يفكك في اي لحظة، بالرغم من سنواته الطويلة لم يستطع ان يقضي على الساكن الاصلي ولم يستطع التخلص منه وما زال شاهدا على جريمة هذا الكيان وكل الذي دعموه وما زال المشروع الصهيوني دون جذور ولم يصبح جزء من نسيج المنطقة" .

واكد ابوشريف في حديثه لوكالة مهر ان يوم القدس هو يوم الحركة بالاتجاه الصحيح، كل الاتجاهات خاطئة بل كثير منها مهلكة، وخط السير الصحيح الذي يرفع الامة وينهضها ويمكنها ويجعل منها امة ذات قيمة هو حركتها باتجاه القدس ، الامام الخميني بقراءة صحيحة للدين والواقع ادرك ان سبيل النهوض هو الحركة باتجاه القدس اي حركة ليست بهذا الاتجاه هي حركة ضالة مضلة لن تحقق النفع لا لصاحبها ولا للامة باجمعها.

وبدوره اشار النائب البرلماني السوري احمد مرعي ان الى الكيان الصهيوني يسعی اليوم إنشاء نوع من الدول المحيطة فيه التي تعمل علی التطبيع مثل ما تقوم به بعض دول الخليج الفارسي وما نشهده اليوم من مسلسلات تشير إلی التطبيع ولكن الحقيقة بأن دائما التعويل يكون علی الدول التي تحمل مشروع المقاومة والتي هي لبنان وفلسطين وتدعمها ايران وأيضا الشعب الفلسطيني الذي لم يمل حتی اللحظة منذ احتلال فلسطين من المقاومة لذلك هو يريد أن ينشئ نظام أمني محيط بإسرائيل حتی لاحظنا بأن إتفاقيات السلام التي تم عقدها في وادي عرب مع الاردن وكامب ديفيد مع مصر لم تحقق النتيجة المرجوة.

وراى ان اسرائيل كلما أمعنت في قتل الفلسطينيين وفي اغتصاب هذه الأرض كلما زادت سجلها من الجرائم ومما يؤكد علی أنها كيان مغتصب وتقوم بجرائم دولية وهذا يعني بأن الكيان الصهيوني قائم علی أساس الجرائم والفصل العنصري وهذا يزيد من احتمالية إسقاطه.

واضاف مرعي ان الكيان الصهيوني يسعی اليوم الى إنشاء نوع من الدول المحيطة فيه التي تعمل علی التطبيع مثل ما تقوم به بعض دول الخليج الفارسي وما نشهده اليوم من مسلسلات تشير إلی التطبيع ولكن الحقيقة بأن دائما التعويل يكون علی الدول التي تحمل مشروع المقاومة والتي هي لبنان وفلسطين وتدعمها ايران وأيضا الشعب الفلسطيني الذي لم يمل حتی اللحظة منذ احتلال فلسطين من المقاومة .

كما ان المحلل اللناني توفيق شومان لفت الى مستقبل اسرائيل في ظل الازمات السياسية والاجتماعية التي تواجهها موضحا: " ان هناك مقولة مهمة للفيلسوف الألماني هيغل ، موجزها أن ثمة دولا  قائمة في التاريخ ، وهذه الدول حتى لو انهزمت عسكرية لا يمكن إزالتها ، وهناك دول قائمة بفعل القوة ، وهذه الدول، مجرد أن تنهزم عسكريا  تتفكك وتزول ، " اسرائيل " في الدائرة الثانية من  هذه الدول، أي قائمة على عوامل القوة، وهذه  العوامل، لا يمكن ان تبقى وتستمر ،ولها حدودها في المكان والزمان، وعلى هذا الأساس، لا مستقبل ل " اسرائيل " لكونها ليست دولة في التاريخ" .

وتابع ان هناك أفراد قد يسقطون في وهاد التطبيع ، وهناك جهات قد تسقط أيضا، لكن لو نظرنا إلى هذا المسار الزمني ، سنجد أن الذين سقطوا في أفخاخ التطبيع، لم يكونوا  إلا قلة قليلة لم تترك أي اثر على الرفض العام للتطبيع مع دولة الإحتلال ، نفسيا وسياسيا  وحتى اقتصاديا.

والمدير العام لمؤسسة مهجة القدس للشهداء والأسرى والجرحى جميل عليان نوه الى ان إسرائيل حاولت منذ عام النكبة ۱۹۴۸ إنكار وجود شعب فلسطيني وأن فلسطين كانت أرضا بلا شعب ومن أجل تحقيق هذه الأمنيه بإنكار وجود شعب فلسطيني كانت المحاولات لضم الضفة الغربية للمملكة الأردنية وقطاع غزة لمصر ولكن بعد تشكيل الهوية الوطنية الفلسطينية في منتصف الستينات من القرن الماضي والقائمة على فلسطين الكاملة وحق العودة ومواجهة العدو الصهيوني من خلال الكفاح المسلح وكل ذلك أفشل المخطط الصهيوني بتجاوز الشعب الفلسطيني ومحنته على الرغم من كل المجازر التي قام بها العدو قبل النكبة عام ۱۹۴۸ وبعدها والتي قال عنها "مناحيم بيجن" رئيس وزراء دولة العدو سايقاً " لولا مذبحة دير ياسين لما قامت اسرائيل " ...

وارتأى ان العقيدة الأمنية الصهيونية ترتكز على نقل المعركة إلى أرض الخصم، وظلت هذه العقيدة سارية المفعول حتى وقت قريب عندما نجحت المقاومة اللبنانية والفلسطينية بنقل المعركة إلى داخل ما يسمى "بإسرائيل" ومن هنا بدأت دولة العدو تفكر باستخدام نظام صاروخي مضاد يستطيع حماية الجبهة الداخلية الصهيونية من الصواريخ قصيرة المدى، بمعنى آخر صواريخ حزب الله وقوى المقاومة الفلسطينية.

وبشان دور بريطانيا في تاسيس الكيان الصهيوني قال الشيخ "محمد قدورة" رئيس مركز بدر الكبرى وعضو تجمع علماء المسلمین في لبنان انه لا شك أن الدور البريطاني هو السبب في وجود كيان العدو الإسرائيلي في قلب العالم العربي خاصة في فلسطين لما لها من أهمية عند المسلمين والعرب الشرفاء وان بريطانيا هي المسؤول الأول عن زرع جسم غريب خبيث اسمه العدو الصهيوني .وان أمريكا اليوم هي الراعي والداعم الأول لتثبيت موقع إسرائيل من خلال الدعم السياسي والمالي والأمني .لذلك أمريكا تؤيد العدو الإسرائيلي بكل عمل ارهابي واجرامي على مستوى المنطقة .

وشدد على ان الكيان الصهيوني على مستوى الداخل فهو هش كبيت العنكبوت خاصة داخل الشارع الصهيوني الذي يخشى من مستقبل قاتم أسود بفعل وجود مقاومة .وهناك صراع داخل الكتل الصهيونية في رسم سياسة جديد بين متشددين وغيرهم .لذلك هم يحرصون على عدم خروج الخلافات إلى الشارع اليهودي .

المصدر: وكالة مهر