الآداب المعنوية للصلاة، الإمام الخميني: في الآداب القلبية لمكان المصلّى.. الفصل الثاني

في بعض آداب إباحة المكان ( منها ما رواه الكلبي (ره) في الكافي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: وجدنا في كتاب على "إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " ( الأعراف 128 ) أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا .

ورواية أخرى فيه أيضا ومفادها أوسع من الأولى قال عليه السلام : " الدنيا وما فيها لله تبارك وتعالى ولرسوله ولنا .. وفي ثالثة ومفادها أوسع من السابقتين عن أبي بصير قال : قلت له : أما على الإمام زكاة ؟ فقال : أحلت يا أبا محمد علمت أن الدنيا والآخرة للإمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له وذلك من الله . " ) .

إذا فهم السالك إلى مراتب المكان بحسب المقامات والنشآت الوجودية لنفسه فله أن يجتهد في آدابه القلبية لإباحتها حتى تخرج صلاته من التصرفات العصبية لإبليس الخبيث فيقوم في المرتبة الأولى بآداب صورية للعبودية والرقّية ويفي بالعهود السابقة في عالم الذرّ ويوم الميثاق ويبعّد يد تصرف إبليس عن ملك طبيعة حتى تحصل له المراودة والمخاطبة مع صاحب البيت ولا تكون تصرفاته في عالم الطبيعة غصبا . يقول بعض أهل الذوق: ان معنى الآية الشريفة: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلّت لكم بهيمة الانعام ... " بحسب الباطن أن حليّة بهيمة الانعام موقوفة على الوفاء بعهد الولاية . وقد روي في الأحاديث أن جميع الأرض للإمام وغير الشيعة غاصبة لها ، وأهل المعرفة يرون ولّي الأمر مالكا لجميع ممالك الوجود ومدارج الغيب والشهود ولا يجوّزون تصرّف أحد فيها بدون إذن الإمام .

يقول الكاتب: إن إبليس اللعين هو عدّو الله وتصرفاته وكل تصرف إبليسي في عالم الطبيعة جور وغصب فالسالك إلى الله إن أخرج نفسه من تصرفات ذلك الخبيث يكون تصرّفه تصرّفا رحمانيا ويباح ويطهر مكانه وملبسه ومطعمه ومنكحه وبمقدار ما يقع تحت تصرف إبليس يخرج عن الحلّيّة ويتصرّف فيه شرك الشيطان، فإذا وقعت الأعضاء الظاهرة للإنسان في تصرف إبليس تكون أعضاؤه ابليسية ويكون غاصبا لمملكة الحق كما أنه عكوف القوى الملكوتية في مسجد البدن يكون مباحا وعدلا إذا كانت القوى من الجنود الرحمانية وإلا فجنود إبليس ليس لها الحق بأن تتصرف في مملكة البدن الانساني التي هي ملك للحق تعالى ، فاذا قصّر يد تصرف الشيطان عن مملكة القلب الذي هو منزل خاص للحق تعالى وخلّص قلبه لتجليات الحق ولا يترك أحدا غير الحق يتطرق اليه - فان غير الحق إبليس الطريق - يباح له المساجد الظاهرة والباطنة والأمكنة الملكية والملكوتية وتكون صلاته صلاة أهل المعرفة وتتضح بهذا الميزان طهارة المسجد أيضا .