آية الله مؤمن:

الطائفة الثانية من الآيات, وهي ما يكون مفادها ولاية النبي أو بعض خاصّ من الأئمة عليهم السلام ثم بضمّ أدلّة تساويهم في المناصب الإلهية نستفيد ثبوتها لجميع المعصومين عليهم السلام.

الآية الأولى

فربما يعد من الآيات الخاصة الدالة على ولاية رسول الله صلى الله عليه وآله وتكفله لأمر الأمة وبلادها قوله تعالى في سورة الأحزاب: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾[1].

وتقريب دلالتها أنها حكمت بوجوب إتباع أمر قضى الله ورسوله به، وأنه إذا كان متعلقه وحقيقته من الأمور المتعلقة بالمؤمنين بحيث يصدق عليه أمرهم فليس لأحد من المؤمنين والمؤمنات الخيرة فيه إن شاء اتبعه وإن شاء تركه، بل إن عليه إتباعه ويكون عصيانه موجباً لضلال مبين. ولفظ (أمراً) الواقع في الآية مطلق شامل لكل ما صدق عليه الأمر، ويكون بلحاظ موارد إنشائه ومتعلقة مطلقاً يعم ما إذا تعلق بما يكون من مصاديق رعاية أمر المؤمنين في ما يتعلق بأحوالهم الاجتماعية أو بإدارة أمر بلادهم فيجب إتباعه حتى في هذه الموارد. والله تبارك وتعالى وإن ذكر مع رسوله وعلق الحكم على أمرهما إلا أن العرف لا يرون لاجتماعهما خصوصية بل كل منهما مستقل، فكما أن الله تعالى إذا أمر أمراً يجب إتباعه وامتثاله مطلقاً فهكذا الأمر في رسول الله، فله الأمر في الأمور المتعلقة بإدارة المسلمين وبلادهم وما إليه. وهذا عبارة أخرى عن أن له صلى الله عليه وآله حق ولاية أمر المسلمين وتكفل أمورهم وبلادهم وهو المطلوب.

لكن الإنصاف عدم تمامية دلالة الآية، فإن ما ذكر في بيان تقريب الدلالة كلها صحيح إلا الجملة الأخيرة منها وهي دعوى إلغاء الخصوصية عن حالة اجتماع الله تعالى معه وأمرهما كليهما به، فإن من المحتمل جداً اختصاص لزوم الإتباع بخصوص حالة اجتماعهما، وأما إذا انفرد الرسول ولم يكن معه أمر من الله تعالى فحينئذ لم يعلم من الآية وجوب إتباعه، فدلالة هذه الآية غير تامة.

ولم يرد في ما وصلنا من الأخبار خبر يدل على إرادة استقلاله بالأمر أيضاً من الآية المباركة.

 

الآية الثانية
ومن هذه الآيات قوله تعالى في سورة المائدة: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[2].

إن التأمل في نفس الآية المباركة وإن لا يعطى ثبوت الولاية ولا أي أمر آخر لأي أحد إلا أن المستفاد منها أن ما أنزل إلى الرسول ـ المذكور في الآية الشريفة ـ كان أمراً في كمال الأهمية حيث كان عدم تبليغه في منزلة عدم إبلاغ أصل رسالة الله، وذلك أن قوله تعالى: (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) يدل على هذا المعنى، فإن قوله (إن لم تفعل) عبارة أخرى عن أن يقال: (وإن لم تبلّغ ما أنزل إليك من بك) وقد رتب على عدم تبليغه أنه حينئذ ما بلّغ رسالته، ومعلوم أن المراد بعدم تبليغ رسالته ليس عدم تبليغ خصوص هذا الذي أنزل إليه، فإنه أمر بديهي لا عبرة به أصلاً، بل المراد عدم تبليغ كل رسالة الله، فلا محالة كان ما أنزل إليه أمراً مهماً يلزمه هذا اللازم.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن قوله تعالى: ﴿وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ يستفاد منه أن هذا الذي أنزل عليه كان أمراً من شأن تبليغه للناس أن يصدر من الناس نوع مقاومة وإيذاء للنبي المبلغ له لا بالنسبة لشخصه الشريف بما أنه شخص بل بالنسبة له بما أنه نبي ورسول وبالنسبة لأمر وظيفته الإلهية ورسالته.

فهذا الأمر المذكور مناسب جداً لأن يكون مثل ولاية أحد يتولى أمور الأمة والدين وبلاد المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وآله فإنها أمر عظيم بمعنى إبقاء أصل الرسالة كما أن إبلاغها ربما يوجب فوران الضغائن أو العلاقات الدنيوية التي قل أن تخلو منها الأنفس لاسيما إذا كان هذا الولي من كان يعهد منه شدة لقاء محاربي الإسلام وقتل أعداء الدين الذين كانوا من أقرباء هؤلاء الناس المسلمين. فالآية في كمال المناسبة لأن يراد مما أنزل إليه ولاية مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.

لكنه مع ذلك كله فالآية المباركة لا تعيّن بنفسه هذا الأمر، ويحتاج تعيينه إلى دليل معتبر ينحصر لا محالة في الروايات.

وقد وردت ذيل الآية المباركة ورايات كثيرة جداً بل متواترة على أن المراد به هو ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وقد قام بتبليغها يوم غدير خم، وفي هذه الروايات أخبار هي بنفسها معتبرة السند كما سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.

وكيف كان فهذه الروايات على طائفتين: فطائفة منها تصرح بأن الآية المباركة ناظرة إلى النصب الواقع يوم الغدير، والطائفة الثانية تبين كيفية هذا النصب وإن لم يكن فيها ذكر من الآية.

ومقصودنا الأصيل من هذه الروايات بطائفتيها إثبات ولاية أمر الأمير عليه السلام بمعنى حق إدارة أمر الأمة الإسلامية وبلادها، ولذلك فالمناسب تقديم روايات منها تكفي بإثباته والله المستعان فنقول:

أما الطائفة الأولى فهي روايات كثيرة:

1. منها صحيحة الفضلاء زرارة والفضيل بن يسار وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ وفرض ولاية أولي الأمر فلم يدروا ما هي، فأمر الله محمداً صلى الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج، فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وتخوّف أن يرتدّوا عن دينهم وأن يكذبوه، فضاق صدره وراجع ربه عز وجل، فأوحى الله عز وجل إليه ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم فنادى الصلاة جامعة وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب... الحديث[3].

فالصحيحة كما ترى صريحة في أن الآية المباركة أريد من (ما أنزل إليك من ربك) فيها ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، وأن ما وقع من النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير عمل وامتثال للأمر المذكور فيها، وقوله عليه السلام: (تخوّف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذّبوه) بينانٌ لما كان في صدر الرسول، ومعلوم أن نصب علي عليه السلام بالولاية مع ما كان له عليه السلام من السوابق في غزوات الإٍسلام ومع عظم أمر الولاية سبب عادي لهذه الدهشة. ثم إن ترتب هذا الخوف الشديد قرينة قطعية على أن المراد بالولاية في الصحيحة هو تصدي إدارة أمر الأمة والبلاد والمملكة الإٍسلامية، وإلا فمجرد كون عليّ ناصراً أو محبوباً لهم وأمثال ذلك لا يوجب أي خوف، فالصحيحة دليلٌ واضحٌ على إرادة الولاية بمعناها المطلوب لنا من الآية المباركة.

ثم إن مسألة يوم الغدير وبالتبع مفاد الآية المباركة وإن كانت ولاية خصوص علي بن أبي طالب عليه السلام إلا أن قوله عليه السلام في صدر الحديث: (وفرض ولاية أولي الأمر فل يدروا ما هي، فأمر الله محمداً صلى الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية...) دليل على أن ما فرضه الله إنما هو ولاية أولي الأمر الذي لا ريب في إرادة الأئمة الذين أوّلهم علي عليه السلام وأن ما وقع منه صلى الله عليه وآله يوم الغدير إنما كان تفسيراً لمعنى الولاية، فالصحيحة دالة على ثبوت الولاية لجميع المعصومين عليهم السلام.

2. ومنها ما رواه في أصول الكافي بسند معتبر عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام: يقول: فرض الله عز وجل على العباد خمساً أخذوا أربعاً وتركوا واحداً، قلت: أتسميّهنّ لي جعلت فداك؟ فقال: الصلاة وكان الناس لا يدرون كيف يصلون، فنزل جبرائيل فقال: يا محمد (صلى الله عليه وآله) أخبرهم بمواقيت صلاتهم ثم نزلت الزكاة فقال: يا محمد (صلى الله عليه وآله) أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم. ثم نزل الصوم فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان يوم عاشوراء بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوال، ثم نزل الحج فنزل جبرائيل فقال: أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم، ثم نزلت الولاية، وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ وكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله: أمتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل ويقول قائل، فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني، فأتتني عزيمة من الله عز وجل بتلة[4] أوعدني إن لم أبلّغ أن يعذبني، فنزلت ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام فقال: أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمّره الله ثم دعاه فأجابه فأوشك أن أدعى فأجيب، وأنا مسؤؤل وأنتم مسؤولون فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين، فقال: اللهم اشهد ـ ثلاث مرات ـ ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب. قال أبو جعفر عليه السلام: كان والله (علي عليه السلام) أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه.

ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حضره الذي حضر، فدعا علياً عليه السلام فقال: يا علي إني أريد أن أئتمنك على ما ائتمنني الله عليه من غيبه وعلمه ومن خلقه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه، فلم يشرك والله فيها يا زياد[5] أحداً من الخلق.

ثم إن علياً (عليه السلام) حضره الذي حضره فدعا ولده وكانوا اثني عشر ذكراً، فقال يا بني إن الله عز وجل قد أبى إلا أن يجعل في سنة من يعقوب، وإن يعقوب دعا ولده وكانوا اثني عشر ذكراً فأخبرهم بصاحبهم، ألا وإني أخبركم بصاحبكم، ألا إن هذين ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين عليهما السلام فاسمعوا لهما وأطيعوا ووازروهما، فإني قد ائتمنتهما على ما ائتمنني عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) مما ائتمنه الله عليه من خلقه ومن غيبه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه، فأوجب الله لهما من علي (عليه السلام) ما أوجب لعلي عليه السلام من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكن لأحد منهما فضل على صاحبه إلا بكبره، وإن الحسين (عليه السلام) كان إذا حضر الحسن عليه السلام لم ينطق في ذلك المجلس حتى يقوم. ثم إن الحسن عليه السلام حضره الذي حضره فسلم ذلك إلى الحسين (عليه السلام)، ثم إن حسناً (عليه السلام) حضره الذي حضره فدعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) فدعا إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرة ـ وكان علي بن الحسين (عليهما السلام) مبطوناً لا يرون إلا أنه لما به ـ فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين (عليهما السلام)، ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا[6].

فالرواية كما ترى صريحة في أن الآية المباركة ناظرة إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، نعم لم تصرح بكون التبليغ والنصب يوم الغدير وإن كان فيها نحو إشارة إليه لتصريحها بأن نزول الولاية بآية الإكمال كان بعرفة وهو مناسب لا أن يكون تبليغها أياماً معدودة بعد عرفة وفي رجوعه (صلى الله عليه وآله) من حجه إلى المدينة بغدير خم كما وضحه بعض الأخبار الآتية. بل لا يبعد دعوى دلالة الرواية أن هذا الواجب الخامس والفريضة الخامسة إنما هي ولاية ولاة الأمر الذين أولهم علي (عليه السلام) ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم سائر الأئمة (عليهم السلام) على ما ذكره ذيل الحديث، وذلك أنه (عليه السلام) عد أولاً الفريضة الخامسة هي الولاية من غير تقييد بخصوص علي (عليه السلام) وإنما وقع ذكره بالخصوص في كلام الرسول صلى الله عليه وآله وفي نصبه وإنما هو لكونه أولهم الذي لا بد من ذكره عند نصبه، وإلا فالرواية كما ترى وعرضت حكمت باستمرارها بالترتيب إلى الأئمة بعده عليهم السلام.

ثم إن الرواية صريحة أن هذه الولاية إنما وجبت من الله تعالى فإنه مضافاً إلى شهادة الآية قد صرحت الرواية أول الأمر أن الله فرض خمساً على العباد وعدّ خامسها الولاية وعبر عنها بقوله: (ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة... الخ) وهذا المعنى مذكور في كلام علي عليه السلام لأولاده وفي قول الباقر عليه السلام: (فأوجب الله لهما من علي ما أوجب لعلي من رسول الله صلى الله عليه وآله) فدلالة الحديث من هذه الجهات تامة.

ثم إنك مما مر ذيل الصحيحة الأولى تعلم أن هذه الولاية هي تكفل أمر أمة الإسلام والبلاد كما عرفت بيانه.

وأما سند الحديث فهو إلى أبي الجارود تام كما ذكرنا، وأما أبو الجارود زياد ابن المنذر الهمداني فهو تابعي زيدي ينسب إليه الجارودية من الزيدية، وعن الكشي أنه كان مكفوفاً أعمى، أعمى القلب، وأن أبا جعفر عليه السلام سماه سرحوباً وذكر أن سرحوباً اسم شيطان إلا أنه مع ذلك كله لم ينصوا على كونه غير ثقة بل ابن الغضائري الذي قل من نجا عن سيف تضعيفه ذكر فيه أن حديثه في حديث أصحابنا أكثر منه الزيدية، وأصحابنا يكرهون ما رواه محمد بن سنان عنه، ويعتمدون ما رواه محمد بن أبي بكر الأرجني، انتهى. وعليه فإذا كان أصحابنا يعملون برواياته إذا رواها محمد بن أبي بكر فلعل عدم اعتمادهم برواية محمد بن سنان كان لأجل كلام في ابن سنان وإلا فهو نفسه معتمد الحديث إذا روى حديث أصحابنا كما ها هنا.

3. ومنها صحيحة عبد الله بن سنان ـ التي رواها القمي في تفسيره عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن سنان ـ عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله أن ينصب أمير المؤمنين عليه السلام للناس في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾ في علي بغدير خم فقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه) فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على رؤوسهم، فقال لهم إبليس: ما لكم؟ فقالوا: إن هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شيء إلى يوم القيامة، فقال لهم إبليس: كلا إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني، فأنزل الله على رسوله: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه)[7].

والصحيحة صريحة في أن الآية الشريفة متعرضة لولاية علي عليه السلام التي بلّغها الرسول في غدير خم، وهي وإن لم تصرح بتفسير الولاية إلا أن اضطراب للأبالسة منها وحث التراب على رؤوسهم شاهد على أنها كانت بمعنى تكفل أمر الأمة والبلاد الذي يكون عقده لا يحلها شيء.

4. ومنها صحيحة صفوان بن مهران الجمال المروية في قرب الإسناد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما نزلت هذه الآية في الولاية أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالدوحات[8] في غدير خم فقممن[9] ثم نودي الصلاة جامعة، ثم قال: أيها الناس من كنت مولاه فعليٌّ مولاه، ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، رب وال من ولاه وعاد من عاداه. ثم أمر الناس يبايعون عليّاً عليه السلام، فبايعه الناس، لا يجيء أحد إلا بايعه ولا يتكلم منهم أحد، ثم جاء زفر وحبتر فقال له صلى الله عليه وآله: يا زفر بايع عليّاً بالولاية، فقال: من الله أو من رسوله؟ قال: من الله ومن رسوله، ثم جاء حبتر فقال صلى الله عليه وآله: بايع علياً بالولاية، فقال من الله أو من رسوله؟ فقال: من الله ومن رسوله، ثم ثنّى عطفه ملتفتاً فقال لزفر: لَشَدّ ما يرفع بضبع ابن عمه[10].

فالصحيحة وإن لم تصرح بالآية إلا أن الظاهر أنها آيتنا المبحوث عنها، وقد صرحت أن المراد بها هي الولاية المصرح بها في غدير خم. ودلالة ما نقله من كلام النبي صلى الله عليه وآله على إرادة تكفل أمر الأمة والبلاد من الولاية وأن علياً عليه السلام أيضاً أولى بالمؤمنين من أنفسهم واضحة، كما يشهد له أيضاً أمره للناس بمبايعته، وإبهام الأمر فيها لزفر وحبتر أنها من الله أو من رسوله؟

ثم إن الصحيحة صريحة في أن ولايته عليه السلام كانت من الله ومن رسوله كما صرح به الرسول صلى الله عليه وآله في جوابهما، مضافاً إلى أن نزول الآية بالولاية عبارة أخرى عن أنها من الله تعالى كما مر.

5. ومنها صحيحة أخرى رواها قرب الإسناد عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لما نزلت الولاية لعلي عليه السلام قام رجل من جانب الناس فقال: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها بعده إلا كافر، فجاءه الثاني فقال له: يا عبد الله من أنت؟ فسكت، فرجع الثاني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني رأيت رجلاً في جانب الناس وهو يقول: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها إلا كافر، فقال: يا فلان، ذلك جبرائيل، فإياك أن تكون ممن يحل العقدة، فنكص[11].

وهي في الدلالة على أن ولايته عليه السلام من الله تعالى كالسابقة كما أنها مثلها في أن الظاهر من الآية المذكورة فيها آيتنا المبحوث عنها فعلاً وقول جبرائيل عليه السلام أنها عقدة لا يحلها إلا كافر كتحذير الرسول صلى الله عليه وآله للثاني أن يكون هو ممن يحلها شاهدان لأن المراد بها هو تكفل أمر الأمة وبلادهم كما مر بيانه في الروايات السابقة.

6. ومنها ما رواه القمي في تفسيره عن أبيه رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما نزلت الولاية وكان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم: سلموا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين، فقالا: من الله ومن رسوله؟ فقال لهما: نعم حقاً من الله ومن رسوله، إنه أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين، يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة ويدخل أعداءه النار... الحديث[12]. فقوله عليه السلام فيها: (نزلت الولاية) ظاهره أنه إشارة إلى آيتنا المبحوث عنها، وقد صرحت بأنها مرتبطة بما نص عليه يوم الغدير، وعبارة رسول الله صلى الله عليه وآله عند تبليغ ولايته وإن لم تنقلها إلا أن أمره صلى الله عليه وآله بأن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين شاهد على أنه جعله وبلّغ فيه أنه أمير على المؤمنين، والإمارة عبارة أخرى عن تكفله لأمورهم. وحيث إن الولاية نزلت فلا محالة هي من الله تعالى.

نعم إن الرواية مرفوعة فهي بنفسها ووحدتها لا حجة فيها.

7. ومنها خبر سهل بن قاسم النوشجاني ـ الذي رواه البحار عن عيون أخبار الرضا عليه السلام ـ قال: قال رجل للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله إنه يروى عن عروة بن الزبير أنه قال: توفي النبي صلى الله عليه وآله وهو في تقية، فقال: أما بعد قول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فإنه أزال كل تقية بضمان الله عز وجل له وبيّن أمر الله تعالى. ولكن قريشاً فعلت ما اشتهت بعده، وأما قبل نزول الآية فلعله[13].

وسند الحديث ليس بمعتبر إلا أنه تام الدلالة على المطلوب، فإن قوله عليه السلام في ذيله: (ولكن قريشاً فعلت ما اشتهت بعده) إشارة إلى رجوعهم عنه عليه السلام إلى الطواغيت الذين غصبوا حقه، وحيث إن عملهم ودعواهم مجرد تصدي أمر الأمة وبلاد الإسلام خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيعلم أن هذا التصدي كان حقاً ثابتاً معلناً لعلي عليه السلام لم يسلم الناس وقريش له وفعلوا ما اشتهوا.

8. ومنها خبر الفيض بن المختار عن أبي جعفر الباقر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وهو راكب وخرج علي عليه السلام وهو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن إما أن تركب وإما أن تنصرف ـ وفيه ذكر من فضائل علي عليه السلام وولايته ذكره النبي إلى أن قال في آخره: ـ ولقد أنزل الله عز وجل إلي ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ يعني في ولايتك يا علي ﴿وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ ولو لم أبلّغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، ومن لقي الله عز وجل بغير ولايتك فقد حبط عمله، وعداً ينجز لي، وما أقول إلا قول ربي تبارك وتعالى، وإن الذي أقول لمن الله عز وجل أنزله فيك[14].

فالخبر كما ترى دال على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وعلى أنها من الله وأن آيتنا المبحوث عنها واردة فيها. إلا أنه ليس فيه دلالة على أن المراد بالولاية ما هو؟ وأما سند الحديث فالفيض بن المختار راوي الحديث وإن كان ثقة عيناً ومن أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام إلا أنه وقع في سلسلة الرواة لهذا الحديث عنه رجال لم يثبت ثقتهم، فهو غير معتبر السند.

9. ومنها ما في تفسير البرهان بهذه العبارة: سعد بن عبد الله عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن علي بن النعمان عن محمد بن مروان عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ على الولاية[15].

ودلالة الحديث على أن المراد من (ما أنزل) في الآية المباركة هي الولاية واضحة من غير توضيح فيه لمعنى الولاية، إلا أن في سنده كلاماً، فإن ظاهر التفسير أن الراوي الأخير الذي رواه هو سعد بن عبد الله فهل أخذه التفسير عن كتاب لسعد وهذا الكتاب أي كتاب؟ فهو غير واضح واحتملنا أنه مما رواه الصدوق رحمه الله في كتبه فتصفحنا المعاجم الموجودة عندنا لكتبه فلم نجده فيه، وكيف كان فعلي بن إسماعيل الذي روى سعد عنه لعله علي بن إسماعيل السندي وهو ثقة، وباقي الرجال ثقات إلا محمد بن مروان فإن محمد بن مروان المذكور في كتب الرجال متعدد ولم يوثق واحد منهم وإن كانت الأخبار المروية عن محمد بن مروان كثيرة، فراجع جامع الرواة فلعل نفس كثرة نقل الأخبار دليل على وثاقته، فتدبر.

10. ومنها ما رواه في البحار عن كتاب جامع الأخبار بإسناده عن زرارة قال: سمعت الصادق عليه السلام قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مكة في حجة الوداع فلما انصرف منها جاءه جبرائيل في الطريق فقال له: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله تعالى يقرئك السلام، وقرأ هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرائيل إن الناس حديثو عهد بالإسلام فأخشى أن يضطربوا ولا يطيعوا، فعرج جبرائيل إلى مكانه، ونزل عليه في اليوظ يوم (اليوم ـ ظ) الثاني وكان رسول الله صلى الله عليه وآله نازلا ً بغدير، فقال له: يا محمد (قال الله تعالى): ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ فقال له: يا جبرائيل أخشى من أصحابي أن يخالفوني فعرج جبرائيل ونزل عليه في اليوم الثالث، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله بموضع يقال له غدير خم، وقال له: (يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال الله تعالى): ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله هذه المقالة قال للناس: أنيخوا ناقتي فوالله ما أبرح من هذا المكان حتى أبلغ رسالة ربي، وأمر أن ينصب له منبر من أقتاب الإبل، وصعدها وأخرج معه علياً عليه السلام وقام قائماً وخطب خطبة بليغة وعظ فيها وزجر، ثم قال في آخر كلامه:

يا أيها الناس ألست أولى بكم منكم؟ فقالوا: بلى يا رسول الله ثم قال: قم يا علي، فقام علي عليه السلام فأخذ بيده فرفعها حتى رُئيَ بياض إبطيهما، ثم قال: ألا من كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. ثم نزل من المنبر، وجاء أصحابه إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهنأوه بالولاية، وأول من قال له عمر بن الخطاب، فقال له: يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، ونزل جبرائيل بهذه الآية ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[16].

ودلالة الرواية على أن الآية المباركة أريد منها ولاية أمير المؤمنين عليه السلام واضحة، كما أن دلالة كلامه صلى الله عليه وآله على أن علياً عليه السلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأنه متكفل من الله تعالى لأمورهم وأمور بلادهم ـ كما عرفت بيانه في ذيل الأخبار الماضية ـ . وأما سندها فقد وقع بين مؤلف الكتاب والصدوق ثلاثة رجال وجعفر بن محمد الدوريسي منهم ثقة إلا أن رجلين منهم لم يعرف ثقتهم إلا أن يكتفي في ثقتهما بأنهما لا محالة من مشايخ الإجازة والحديث وهو كاف في ثبوت بالوثاقة إلا أنه محل كلام، وباقي رجال السند لا بأس بهم إلا الحسين بن أبي الخطاب الذي لم ينص على وثاقته وإلا محمد بن سنان الذي قد اختلفت كلمات الأعاظم فيه، فراجع.

11. ومنها ما رواه في أصول الكافي عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله عليه السلام ـ في حديث طويل يذكر فيها أوصياء الأنبياء الماضين ووصي خاتم النبيين إلى أن يقول: ـ فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع نزل عليه جبرائيل، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقمَّ شوكهنّ ثم قال صلى الله عليه وآله: أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله: فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ـ ثلاث مرات ـ فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا: ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد صلى الله عليه وآله قط، وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه... الحديث[17].

ودلالة الرواية على أن ولايته عليه السلام أريدت من الآية وأن ولايته عليه السلام بمعنى أولويته على المؤمنين منهم بأنفسهم وأنه من الله تعالى متكفّل أمورهم واضحة، كما عرفت في ما سبق.

وأما سندها فلم ينص على توثيق عبد الحميد بن أبي الديلم بل عن ابن الغضائري أنه ضعيف، إلا أنها كما ترى من أحاديث أصول الكافي.

12. ومنها ما في البحار عن تفسير فرات بن إبراهيم عن جعفر بن أحمد بن يوسف معنعناً عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ إلى آخر الآية، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله حين أتته عزمة من الله في يوم شديد الحر، فنودي في الناس فاجتمعوا، وأمر بشجرات فقمّ ما تحتهنّ من الشوك، ثم قال: أيها الناس من وليكم أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله، فقال صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله ـ ثلاث مرات ـ[18].

ودلالة الحديث على المطلوب تامة إلا أن في سنده ما ترى.

13. ومنها ما رواه البحار عن تفسير فرات عن إسحاق بن محمد بن القاسم بن صالح بن خالد الهاشمي معنعناً عن حذيفة بن اليمان قال: كنت والله جالساً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وقد نزل بنا غدير خم وقد غص المجلس بالمهاجرين والأنصار فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قدميه وقال: أيها الناس إن الله أمرني بأمر فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ فقلت لصاحبي جبرائيل: يا خليلي إن قريشاً قالوا لي كذا وكذا، فإن (فأتى ـ خ ل) الخبر من ربي فقال: (والله يعصمك من الناس) ثم نادى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وأقامه عن يمينه ثم قال: أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا: اللهم بلى، قال: أيها الناس من كنت مولاه فهذا علي مولاه، فقال رجل من عرض المسجد: يا رسول الله ما تأويل هذا؟ فقال: من كنت نبيه فهذا علي عليه السلام أميره، وقال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله... الحديث[19].

ودلالة الرواية على جميع المطلوب واضحة، لكن سنده كما ترى.

وهنا عدد من الأخبار رواها العياشي في تفسيره تدل على المطلوب:

14. ومنها ما رواه ذيل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ عن صفوان الجمال قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما نزلت هذه الآية بالولاية أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالدوحات دوحات غدير خم فقمّت، ثم نودي الصلاة جامعة، ثم قال: أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلي عليه السلام مولاه، رب وال من والاه وعاد من عاداه، ثم أمر الناس ببيعته وبايعه الناس... الحديث[20].

ودلالة الحديث على المطلوب كما مر بيانها في ما سبق واضحة، والظاهر أن الحديث وارد ذيل آيتنا المبحوث فعلاً عنها، وأن ذكره ذيل تلك الآية سبق قلم من العياشي، والشاهد عليه أن مضمون الحديث هو نفس ما روي في روايات عديدة ذيل آيتنا كما مر وسيأتي، لاسيما وأن بقية الحديث أيضاً قد ذكرت في أخبار آيتنا، فراجع.

15. ومنها ما رواه عن حنّان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزل جبرائيل على رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب عليه السلام ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ إلى آخر الآية، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وآله ثلاثاً حتى أتى الجحفة فلم يأخذ بيده فَرَقاً[21] من الناس، فلما نزل الجحفة يوم الغدير في مكان يقال له مَهْيَعة فنادى الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فقال النبي صلى الله عليه وآله: من أولى بكم من أنفسكم؟ قال: فجهروا فقالوا: الله ورسوله، ثم قال لهم ثانية، فقالوا: الله ورسوله، ثم قال لهم الثالثة، فقالوا: الله ورسوله، فأخذ بيد علي عليه السلام فقال: من كنت مولاه فعلي عليه السلام مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، فإنه منّي وأنا منه، وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي[22].

ودلالة الحديث على تمام المطلوب واضحة.

16. ومنها ما رواه عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام ابتداءاً منه: العجب يا أبا حفص لما لقي علي بن أبي طالب!! إنه كان له عشرة آلاف شاهد لم يقدر على أخذ حقه والرجل يأخذ حقه بشاهدين،إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج من المدينة حاجاً ومعه خمسة آلاف، ورجع من مكة وقد شيعه خمسة آلاف من أهل مكة، فلما انتهى إلى الجحفة نزل جبرائيل بولاية علي عليه السلام، وقد كانت نزلت ولايته بمنى وامتنع رسول الله صلى الله عليه وآله من القيام بها لمكان الناس، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ مما كرهت بمنى، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله فقمّت السمرات، فقال رجل من الناس: أما والله ليأتينّكم بداهية، فقلت لعمر: من الرجل؟ فقال: الحبشي[23].

وعمر المذكور في ذيل الحديث هو راوي الحديث، والقائل له هو من روى الحديث عنه، يعني فسألت عمر بن يزيد عن ذلك الرجل فأجاب بأنه الحبشي وهو عمر بن الخطاب وإنما يقال له الحبشي ـ قال في البحار: ـ لانتسابه إلى الصهّاكة الحبشية.

ودلالة الحديث على أن المراد بالآية المباركة ولاية أمير المؤمنين كالصريحة، كما أنه واضح الدلالة على أن ما بلّغه رسول الله صلى الله عليه وآله هو أولويته من الناس بأنفسهم وحق تكفل إدارة أمور الأمة، وذلك أن الصادق عليه السلام أظهر العجب ابتداءاً من أن علياً عليه السلام لم يأخذ حقه مع أنه كان له عشرة آلاف شاهد، ومن المعلوم أن هذا الحق غير المأخوذ هو ما أخذه وتصداه الخلفاء الثلاثة وما تصدوه إنما كان تكفل أمور المسلمين، فينص الإمام عليه السلام أن هذا كان حقاً له فلم يقدر على أخذه مع هؤلاء الشهود الكثيرين.

17. ومنها ما عن تفسير القمي أنه قدس سره روى مرسلاً أن هذه الآية نزل في منصرف رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع ـ فذكر خطبته صلى الله عليه وآله في هذه الحجة بمنى وخطبة أخرى له بمسجد الخيف، إلى أن قال: ـ فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة يريد المدينة حتى نزل منزلاً يقال له غدير خم، وقد علّم الناس مناسكهم وأوعز إليهم وصيته إذ نزّل عليه جبرائيل هذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: تهديد ووعيد، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس هل تعلمون من وليكم؟ قالوا: نعم، الله ورسوله، قال: ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى، قال: اللهم اشهد، فأعاد ذلك عليهم ثلاثاً، في كل ذلك يقول مثل قوله الأول ويقول الناس كذلك ويقول: اللهم اشهد، ثم أخذ بيد أمير المؤمنين صلوات الله عليه فرفعها (فرفعه. خ ل) حتى بدا للناس بياض إبطيهما، ثم قال صلى الله عليه وآله: ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأحب من أحبه، ثم قال: اللهم اشهد عليهم وأنا من الشاهدين، فاستفهمه عمر من بين أصحابه فقال: يا رسول الله الله صلى الله عليه وآله هذا من الله أو من رسوله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم من الله ومن رسوله، إنه أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين... الحديث، راجعه فإن فيه ذكر كيد المنافقين الأربعة عشر وظهوره[24].

ودلالة هذه المرسلة على أولوية علي عليه السلام من المؤمنين بأنفسهم وثبوت حق تكفل أمورهم من الله تعالى واضحة من جهات عديدة.

ثم إن خمسة عشراً من هذه الأخبار الماضية كانت دالة على تمام المطلوب من إرادة الولاية بمعنى حق تكفل أمور المؤمنين لعلي عليه السلام من الآية المباركة وأنها أعلنت بوضوح يوم الغدير. نعم من بينها خبر الفيض بن المختار ورواية الفضيل بن يسار المذكوران تحت الرقم 8 و 9 إنما دلا على أن المراد بـ (ما أنزل) هي الولاية من غير قرينة فيهما على إرادة حق تكفل الأمر منها. وتوجد هنا أخبار متعددة أخرى مثلهما لا بأس بذكرها، فنقول:

18. ومنها ما في البحار عن كتاب كشف اليقين أنه روى من كتاب محمد بن أبي الثلج بإسناده قال: قال أبو عبد الله جعفر الصادق عليه السلام: أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وآله بكراع الغميم ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ في علي ﴿وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فذكر قيام رسول الله صلى الله عليه وآله بالولاية بغدير خم. قال: ونزل جبرائيل بقول الله عز وجل: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ بعلي أمير المؤمنين، في هذا اليوم أكمل لكم معاشر المهاجرين والأنصار دينكم وأتم عليكم نعمته ورضي لكم الإسلام ديناً، فاسمعوا له وأطيعوا تفوزوا وتغنموا[25].

فالرواية كما ترى وإن صرحت بإرادة الولاية بغدير خم من الآية المباركة إلا أنه ليس فيها قرينة على إرادة معنى تكفل أمور الأمة بها، إلا أن يقال بأن قوله عليه السلام في آية الإكمال: (بعلي أمير المؤمنين) يدل على أنه عليه السلام أميرهم وهو إنما يكون إذا كان إليه أمر إدارة أمورهم.

19. ومنها ما رواه العياشي عن أبي صالح عن ابن عباس وجابر عن عبد الله قالا: أمر الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وآله أن ينصب علياً عليه السلام علَماً للناس ليخبرهم بولايته فتخوف رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقولوا: حامي (خابي، جاءنا خ ل) ابن عمه وأن تطغوا في ذلك عليه، فأوحى الله إليه ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فقام رسول الله صلى الله عليه وآله بولايته يوم غدير خم[26].

وهي وإن كانت صريحة في إرادة الولاية يوم غدير خم من الآية المباركة: إلا أنه لا قرينة فيه على المراد بالولاية، إلا أن يقال: إن تخوّف رسول الله من الأخبار بولايته لاحتمال أن يقول الناس خابي أو حامي ابن عمه أو جاءنا ابن عمه دليل على إرادة معنى تكفل الأمور من الولاية، وإلا فمجرد كونه عليه السلام ناصراً لهم أو محبوباً ليس فيه شيء يوجب ذلك، ومثله قوله عليه السلام (أمر الله نبيه أن ينصب علياً عليه السلام علَماً للناس ليخبرهم بولايته) فإن جعله علَماً عبارة أخرى عن ولايته بذلك المعنى.

20. ومنها ما رواه العياشي عن زياد بن المنذر أبي الجارود صاحب الدمدمة الجارودية قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام بالأبطح وهو يحدث الناس، فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعشى، كان يروي عن الحسن البصري، فقال: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله جعلت فداك إن الحسن البصري يحدثنا حديثاً يزعم أن هذه الآية نزلت في رجل ولا يخبرنا من الرجل ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ تفسيرها: أتخشى الناس؟ فالله يعصمك من الناس، فقال أبو جعفر عليه السلام: ما له؟! لا قضى الله دينه ـ يعني صلاته ـ أما أن لو شاء أن يخبر به أخبر به، أن جبرائيل هبط على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: إن ربك يأمرك أن تدل أمتك على صلاتهم ـ إلى أن قال: ـ ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من وليهم على مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم وزكاتهم وصيامهم وحجهم. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: رب أمتي حديثو عهد بالجاهلية، فأنز الله ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ تفسيرها: أتخشى الناس فالله يعصمك من الناس، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه[27].

فالرواية كما ترى صريحة في أن آيتنا واردة في ولاية علي من الله تعالى لكنها لا قرينة فيها على المراد بالولاية، إلا أن يقال: إن نفس خشية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله من تبليغها وإباء الحسن البصري من بيان تفسيرها شاهدان على أن الولاية كانت ظاهرة في معنى تكفل أمر الأمة، فإنه لعله يوجب خشية التبليغ والإباء، وإلا فالاحتمالات الأخر ليس فيها جهة توجب ذلك.

وقريب منها بل لعلهما واحد ما رواه القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد المغربي في كتاب شرح الأخبار بهذه العبارة:

أبو الجارود زياد بن المنذر قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام وعنده جماعة، فقال أحدهم: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حدثنا حسن البصري حديثاً ابتدأه ثم قطعه، فسألناه تمامه فجعل يروغ لنا عن ذلك. قال عليه السلام: وما حدثك به؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله حمّلني رسالة فضاق بها صدري وخفت أن يكذبني الناس فتواعدني إن لم أبلغها أن يعذبني، ثم قطع الحديث ـ يعني الحسن البصري ـ فسألناه تمامه فجعل يروغ لنا عن ذلك ولم يخبرنا به.

فقال أبو جعفر عليه السلام: مالحسن؟! قاتل الله حسناً، أما والله لو شاء أن يخبركم لأخبركم، لكني أنا أخبركم: إن الله عز وجل بعث محمداً صلى الله عليه وآله إلى الناس بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة الصلاة فيها بالناس، فأقلوا وكثروا؛ فأتاه جبرائيل عليه السلام قال: يا محمد علم الناس صلاتهم وحدودها ومواقيتها وعددها ـ فذكر عليه السلام تعليم الرسول للناس الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم الجهاد، ثم قال: ـ ثم افترض الله عز وجل الولاية فقال: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ فقال: المسلمون: هذا بعضنا أولياء بعض، فجاءه جبرائيل عليه السلام فقال: يا محمد علم الناس من ولايتهم كما علمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم وجهادهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرائيل أمتي حديثة عهد بالجاهلية وأخاف عليهم أن يرتدّوا، فأنزل الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ في علي ﴿وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فلم يجد رسول الله صلى الله عليه وآله بدّاً من أن جمع الناس بغدير خم، فقال: أيها الناس إن الله عز وجل بعثني بالرسالة فضقت بها ذرعاً، فتواعدني إن لم أبلغها أن يعذبني، أفلستم تعلمون أن الله عز وجل مولاي وأني مولى المسلمين ووليهم وأولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى، فأخذ بيد علي عليه السلام فأقامه ورفع يده بيده وقال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، ومن كنت وليه فهذا علي وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار.

ثم قال أبو جعفر عليه السلام: فوجبت ولاية علي عليه السلام على كل مسلم ومسلمة[28].

فهذه الرواية كما عرفت واضحة الدلالة على أن آيتنا واردة في ولاية علي عليه السلام على المؤمنين ولقد بينه رسول الله صلى الله عليه وآله وإن قام الحسن البصري مقام كتمانه.

21. ومنها ما رواه العياشي عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما أنزل الله تعالى على نبيه ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ قال، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام فقال: يا أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمّر ثم دعاه الله فأجابه، وأوشك أن أدعى فأجيب، وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت ونصحت وأديت ما عليك، فجزاك الله أفضل ما جزى المرسلين، فقال: اللهم اشهد. ثم قال: يا معشر المسلمين ليبلغ الشاهد الغائب أوصي من آمن بي وصدّقني بولاية علي عليه السلام ألا إن ولاية علي ولايتي (وولايتي ولاية ربي) ولا يدري[29] عهداً عهَده إليَّ ربي وأمرني أبلّغكموه. ثم قال: هل سمعتم؟ ـ ثلاث مرات يقولها ـ فقال قائل: قد سمعنا يا رسول الله[30].

فهذا الحديث دليل على إرادة ولاية علي عليه السلام من (ما أنزل إليك) المذكور في آيتنا لكنه لا دليل فيه على خصوص إرادة المعنى الخاص منها.

فتحصّل مما ذكرنا من أخبار الطائفة الأولى: أن جمعيها دالة على إرادة تكفل الأمر من الولاية النازلة بها آية الغدير، ويبقى من بينها ثلاث روايات لا قرينة فيها أصلاً: أحداها هذه الرواية من أبي الجارود واثنتان منها مضتا تحت الرقم 8 و 9.

22. ومنها ما رواه العياشي عن جابر بن أرقم قال: بينا نحن في مجلس لنا وأخو زيد بن أرقم يحدثنا إذ أقبل رجل على فرسه عليه هيأة السفر فسلم علينا ثم وقف فقال: أفيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد: أنا زيد بن أرقم، فما تريد؟ فقال الرجل: أتدري من أين جئت؟ قال: لا، قال: من فسطاط مصر لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له زيد: وما هو؟ قال: حديث غدير خم في ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: يا ابن أخ إن قبل غدير خم ما أحدثك به ـ إلى أن قال: ـ فما نزلنا الجحفة راجعين وضربنا أخبيتنا نزل جبرائيل عليه السلام بهذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول الله عليه السلام وهو ينادي: أيها الناس أجيبوا داعي الله أنا رسول الله، فأتيناه مسرعين في شدة الحر فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه وبعضه على قدميه من الحر وأمر بقمّ ما تحت الدوح ـ إلى أن قال: ـ ثم صعد عليها رسول الله صلى الله عليه وآله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ... أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: الله ورسوله، قال: اللهم اشهد وأنت يا جبرائيل فاشهد، حتى قالها ثلاثاً، ثم أخذ بيد علي عليه السلام فرفعه إليه ثم قال:اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، قالها ثلاثاً، ثم قال: هل سمعتم؟ فقالوا: اللهم بلى، قال: فأقررتم؟ قالوا: اللهم نعم،ثم قال: اللهم اشهد، وأنت يا جبرائيل فاشهد، ثم نزل، فانصرفنا إلى رحالنا... الحديث[31].

ودلالة الحديث على إرادة الولاية بمعنى تكفل أمر الأمة من (ما أنزل إليك) في آيتنا المبحوث عنها واضحة.

23. ومنها ما في البحار عن كنز جامع الفرائد أنه روى علي بن إبراهيم بإسناده عن زيد الشحام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه السلام وسأله عن قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ قال عليه السلام: لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين عليه السلام للناس وهو قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ في علي ﴿وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام بغدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه حثت الأبالسة التراب على رؤوسها، فقال لهم إبليس الأكبر لعنه الله: ما لكم؟ قالوا: قد عقد هذا الرجل عقدة لا يحلها أنسيٌّ إلى يوم القيامة، فقال لهم إبليس: كلا، الذين حوله قد وعدوني فيه عدة ولن يخلفوني فيها، فأنزل الله سبحانه هذه الآية: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يعني بأمير  المؤمنين عليه السلام[32]. وفي تفسير البرهان: يعني شيعة أمير المؤمنين عليه السلام[33].

ومثل هذا الحديث كما تعرف مما مر يدل على إرادة تكفل أمور الأمة من الولاية المذكورة في الآية المباركة المبلّغة يوم غدير خم وإلا لما كان مجال لاستعظامها عند الأبالسة اللعان.

24. ومنها ما رواه البحار عن تفسير فرات معنعناً عن زيد بن أرقم قال: لما نزلت هذه الآية في ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله يد علي بن أبي طالب عليه السلام ثم رفعها وقال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله[34].

وهي تدل على إرادة ولايته عليه السلام من الآية وتبليغه لها، إلا أنه لا قرينة خاصة فيها على المراد بالولاية.

25. ومنها ما رواه فيه عنه أيضاً عن الحسين بن الحكم معنعناً عن عبد الله بن عطاء قال: كنت جالساً عند أبي جعفر عليه السلام قال: أوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله: قل للناس: من كنت مولاه فعلي مولاه، فلم يبلغ ذلك وخاف الناس فأوحي إليه: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ فأخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام يوم غدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه[35].

وهو مثل سابقه إلا أنه يمكن جعل خوفه صلى الله عليه وآله من تبليغ الولاية دليلاً على أن المراد بها نصبه عليه السلام علَماً لإدارة أمور الأمة وإلا ما كان مجال هنا للخوف.

26. ومنها ما رواه عنه أيضاً عن جعفر بن أحمد معنعناً عن عبد الله بن عطاء قال: كنت جالساً عند أبي جعفر عليه السلام في مسجد الرسول وعبد الله بن سلام جالس في صحن المسجد. قال: قلت: جعلت فداك هذا الذي عنده علم الكتاب؟ قال عليه السلام: لا، ولكنه صاحبكم علي بن أبي طالب عليه السلام نزل فيه: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾ إلى آخر الآية، ونزل فيه: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ إلى آخر الآية، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي بن أبي طالب عليه السلام يوم غدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه[36].

وهي في الدلالة نسخة أخرى عن رواية زيد بن أرقم الماضية آنفاً.

27. ومنها ما رواه عنه أيضاً عن أبي القاسم الحسني معنعناً عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما نزلت ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أقامه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، فقال رجل: لقد فتن بهذا الغلام، فأنزل الله تعالى: ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ﴾[37].

وهي كالسابقة إلا أن يجعل قول ذاك الرجل دليلاً على ظهور كلامه صلى الله عليه وآله في إرادة إدارة أمر الأمة وإلا لما كان مجال للتعريض.

28. ومنها ما رواه البحار عن كشف الغمة عن ابن عباس قال: لما أمر الله رسوله أن يقوم بعلي عليه السلام فيقول له ما قال، فقال صلى الله عليه وآله: يا رب إن قومي حديثو عهد بالجاهلية، ثم مضى بحجه، فلما أقبل راجعاً ونزل بغدير خم أنزل الله عليه ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ الآية، فأخذ بعضد علي عليه السلام ثم خرج إلى الناس فقال: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأعن من أعانه، واخذل من خذله، وانصر من نصره، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه. قال ابن عباس: فوجبت والله في رقاب القوم[38].

ودلالته على ثبوت منصب الولاية بمعنى تكفل أمر الأمة وإدارة أمور بلادهم وأنها المراد من الآية المباركة واضحة.

29. ومنها ما رواه البحار عن السيد ابن طاووس في الطرائف أنه قال: روى أبو سعيد مسعود السجستاني واتفق عليه مسلم في صحيحه والبخاري وأحمد بن حنبل في مسنده من عدة طرق بأسانيد متصلة إلى عبد الله بن عباس وإلى عائشة قالا: لما خرج النبي صلى الله عليه وآله إلى حجة الوداع نزل بالجحفة، فأتاه جبرائيل فأمره أن يقوم بعلي عليه السلام، فقال صلى الله عليه وآله: أيها الناس ألستم تزعمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره وأعز من أعزه وأعن من أعانه. قال ابن عباس: وجبت والله في أعناق القوم[39].

30. وعن الطرائف أيضاً: وروى مسعود السجستاني بإسناده إلى عبد الله بن عباس قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يبلغ بولاية علي عليه السلام فأنزل الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ الآية، فلما كان يوم غدير خم قام فحمد الله وأثنى عليه وقال: ألست (إني) أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه[40].

ودلالة هذين الخبرين أيضاً على تمام المطلوب واضحة فإنهما يدلان على أن المراد من ﴿مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ في الآية المباركة هي الولاية، وأن المراد بالولاية هي أولويته على أنفس المؤمنين من أنفسهم وهي عبارة أخرى عن أن إليه عليه السلام إدارة أمور أنفسهم وبلاهم وأن هذه الولاية نازلة من الله تعالى وقد بلّغها نبي الإسلام كما كان ذلك كله لنفس رسول الله صلى الله عليه وآله وقد وجبت هذه الولاية في أعناق القوم وغيرهم.

فهذه ثلاثون رواية من الطائفة الأولى ذكرها أصحابنا الأخيار في كتبهم ورووها، والأخيران منها رويا عن كتب العامة وطرقهم وإنما رويناهما لئلا يخلو جمع رواياتنا عنهما، وإلا فما رواه العامة أيضاً من أخبار الغدير كثيرة ربما بلغت حد التواتر، وستأتي الإشارة إلى بعض أسنادها إن شاء الله تعالى.

وكيف كان، فهذه الروايات الثلاثون وردت ذيل الآية المباركة وقد عرفت أن عدة معتدة بها منها معتبرة السند والباقية وإن لم يخل اعتبار سندها عن الكلام بل المنع إلا أن كثرتها توجب الاطمئنان بل القطع بالصدور، فهذه الروايات الكثيرة معتبرة ودلت بوضوح على المراد من (ما أنزل إليك من ربك) المذكور في الآية وأن المراد بها هي ولاية مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقد كانت خمس وعشرون منها واضحة الدلالة على أن المقصود بهذه الولاية منصب تكفل إدارة أمور الأمة الإسلامية وبلادها ولم تكن في خمس أخر منها قرينة خاصة على إرادتها لا أن هذه الخمس الأخر تدل على خلاف تلك الكثيرة منها بل إن ملاحظة جميع هذه الأخبار الكثيرة تهدي بوضوح إلى أن المراد من جميعها ومن الآية المباركة هي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بالمعنى المطلوب المبحوث عنه. والله يهدي من يشاء إلى صراط المستقيم.

هذا تمام الكلام عن الطائفة الأولى من الروايات.

 

[1] الأحزاب: 36.

[2] المائدة: 67.

[3] الكافي: باب ما نص الله ورسوله على الأئمة ج1 ص289 الحديث4.

[4] أي مقطوعة.

[5] هو أبو الجارود زياد بن المنذر.

[6] الكافي: ج1 ص 290 ـ 291 الحديث6 من الباب المذكور، وعنه تفسير البرهان: ج1 ص 488 الحديث1.

[7] تفسير القمي: ج2 ص201 مطبعة النجف، وعنه البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص119 ـ 120 الحديث9.

[8] الدوحة: الشجرة العظيمة المتصلة.

[9] قمَّ البيت: كنسه.

[10] قرب الإسناد: ص57 الحديث 186 طبع آل البيت عليهم السلام، وعنه البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص118 الحديث7.

[11] قرب الإسناد: ص61 الحديث 194 طبع آل البيت، عنه البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص120 الحديث12.

[12] تفسير القمي: ج1 ص389، وعنه البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص120 الحديث11.

[13] البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص122 الحديث16، عن عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج2 ص129 الحديث10.

[14] أمالي الصدوق: ص296 آخر المجلس74، وعنه تفسير البرهان: ج1 ص488 ـ 489 الحديث2.

[15] تفسير البرهان: ج1 ص489 الحديث3.

[16] بحار الأنوار: باب أخبار الغدير ج37 ص165 ـ 166 الحديث42، عن جامع الأخبار: الفصل الخامس ص47 الحديث52.

[17] الكافي: باب الإشارة والنص على أمير المؤمنين عليه السلام ج1 ص295 الحديث3.

[18] بحار الأنوار: باب أخبار الغدير ج37 ص171 ـ 193 الحديث 52 و 77، تفسير فرات الكوفي ص40 و 195.

[19] نفس المصدر.

[20] تفسير العياشي: ج1 ص329 و 332، عنه تفسير البرهان: ج1 ص485 و 489، وعنه البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص138 و 139 الحديث30 و 32.

[21] الفَرَق: الفزع.

[22] تفسير العياشي: ج1 ص329 و 332، عنه تفسير البرهان: ج1 ص485 و 489، وعنه البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص138 و 139 الحديث30 و 32.

[23] تفسير العياشي: ج1 ص332 اليث154، عنه تفسير الرهان: ج1 ص489 الحديث6، وعنه أيضاً البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص140 الحديث33.

[24] تفسير القمي: ج1 ص171 ـ 175، وعنه البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص113 ـ 116 الحديث6.

[25] البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص137 الحديث26، عن كشف اليقين: ص46.

[26] تفسير العياشي: ج1 ص331 الحديث152، وعنه البحار: باب أخبار الغدير ص139 الحديث31، وعنه أيضاً تفسير البرهان: ج1 ص489 الحديث4.

[27] تفسير العياشي: ج1 ص333 الحديث154، وعنه البحار باب أخبار الغدير: ج37 ص140 ـ 141 الحديث34، وعنه أيضاً تفسير البرهان: ج1 ص490 الحديث7.

[28] شرح الأخبار: ج1 ص101 ـ 104 الحديث25.

[29] عبارة (لا يدري) هنا مذكورة في تفسير العياشي والبرهان: إلا أنها لم تذكر في البحار ولعله الأظهر.

[30] تفسير العياشي: ج1 334 الحديث155، وعنه البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص141 الحديث35، وعنه أيضاً تفسير البرهان: ج1 ص490 الحديث8.

[31] تفسير العياشي: ذيل الآية74 من سورة التوبة ج2 ص97 ـ 99 الحديث89، وعنه تفسير البرهان: ج2 ص145 ـ 146 الحديث1، وعنه البحار: باب أخبار الغدير الحديث37.

[32] البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص169 ذيل الحديث45، وراجع تفسير القمي: ج2 ص20.

[33] تفسير البرهان: ج3 ص350 الحديث4.

[34] البحار: باب أخبار الغدير، ج37 ص170 الحديث48 و 49، عن تفسير فرات الكوفي: ص36.

[35] نفس المصدر.

[36] البحار: باب أخبار الغدير، ج37 ص 171 و 173 الحديث 50 و 57، عن تفسير فرات: ص36 و 178.

[37] نفس المصدر.

[38] البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص177 ـ 178 ذيل الحديث64، عن كشف الغمة ج1 ص318.

[39] البحار: باب أخبار الغدير ج37 ص180 الحديث67، عن الطرائف: ص121.

[40] نفس المصدر.