بغداد | حزنٌ مصحوب بأزمة شديدة تعصف بواقع «بلاد الرافدين»؛ فاستشهاد نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي»، أبو مهدي المهندس، بصحبة رفيق الدرب والجهاد قاسم سليماني، أثّر كثيراً على المشهدين الأمني والسياسي في العراق. فبعد غياب ضابطَي الإيقاع في العاصمة العراقية بغداد، لم يعد الوضع «هادئاً» كما كان سابقاً. من جهة، تتصاعد الخلافات السياسية تدريجياً على خلفيّة أداء الحكومة الاتحادية التي يرأسها مصطفى الكاظمي، أوّلاً، وأداء الكتل السياسية في البرلمان، ثانياً؛ ومن جهةٍ أخرى، ثمة تقصيرٌ واضحٌ إزاء التباطؤ في الكشف عن التقرير الخاص للجنة التحقيقية المكلفة بمعرفة حيثيات «جريمة المطار». وعلى رغم مرور عامٍ كاملٍ على حادثة الاغتيال، إلّا أنه لم يصدر شيء من التقرير الخاص، سوى موقف من القضاء العراقي الذي أكّد أن التحقيق وصل إلى مرحلة متقدّمة، مشيراً إلى قرب إصدار أوامر قضائيّة بحق المتورطين في الجريمة، الذين تقول طهران إن «عددهم وصل إلى 48 متّهماً بشكل رسمي».

غياب المهندس شكّل دافعاً للفصائل والأطراف الذين يسعون إلى توجيه ضربةٍ قاضيةٍ إلى «الحشد الشعبي»، عبر دمجه وتمييعه في الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى؛ ففي أوقاتٍ متباعدة، وقعت صدامات بين الحكومة وفصائل «الحشد»، عولجت بـ«أسلوبٍ سياسي». لكن فريقاً آخر يحمّل الحكومة مسؤولية هذا التباطؤ، لأنها أهملت متابعة مرتكبي «جريمة المطار»، بالتوازي مع تجنّب التصعيد مع الفصائل «الحشدية». وفي هذا السياق، يقول مصدر سياسي، في حديثه إلى «الأخبار»، إن «الحكومة تتحمّل مسؤولية عدم الإعلان عن النتائج. فوزارتا العدل والخارجية تمتلكان صلاحية متابعة تلك الملفات، ومحاسبة مرتكبي الجريمة»، في وقتٍ يفسّر فيه طرف سياسي هذا التباطؤ بالقول إن «الحادثة بعثت برسالة إلى القوى السياسية مفادها أن العراق لا سيادة له، ويمكن أن تتدخل القوّات الأميركية في أي لحظة لفعل أي شيء». مصدر سياسي، وفي حديثه إلى «الأخبار»، يشير إلى أن اللجنة التحقيقية تمتلك مؤشرات تدلّ على تورط أشخاص وجهاتٍ في الجريمة، لكن الحكومة الحالية تغضّ الطرف عن ذلك لأسباب لم تفصح عنها، في حين يدفع فريق آخر إلى التهدئة وتأجيل اتخاذ موقف ضد واشنطن، إلى حين استبدال إدارة دونالد ترامب بإدارة جو بايدن. هذا التذبذب برز جليّاً بُعيد غياب الرجلَين. ثمة «ضياعٌ» ما، بين طهران وبغداد، وعجزٌ عن تشخيص الموقف وتقديره، واتخاذ القرار. ثمة تأجيلٌ وربط للحل بالتفاهمات الإقليمية والدولية، علماً بأن القنوات الداخلية قادرة على «تدوير الزوايا الخلافية». هنا، يبرز دور سليماني والمهندس، وهنا يمكن القول إن العراق بات بلا مهندسه!