يثير الحزن والاسى في قلوب اليمنيين أنهم تركوا وحيدين الا من دولة وحيدة هي الجمهورية الاسلامية الايرانية التي وقفت الى جانب اليمن ورفعت الصوت عاليا بضرورة وقف هذا العدوان والحصار على اليمن وترك اليمنيين وشأنهم. 

 

استنكر العالم اجمع إقدام طيران العدوان على استهداف البوابة الدولية للانترنت بمحافظة الحديدة وعزل اليمنيين عن العالم، وتشديد الحصار الاقتصادي والقرصنة على سفن المشتقات النفطية واستهداف البنية التحتية للجمهورية اليمنية، في حين ان هذا التصعيد يمثل ترجمة عملية لمشاريع التطبيع مع الكيان الصهيوني التي تستهدف بلدان الأمة، فقد جاءت عملياتهم عقب زيارة رئيس كيان العدو الصهيوني إلى دويلة الإمارات، وتمت برعاية وتواطؤ من المؤسسات والمنظمات الدولية التي تقف مع الجلاد ضد الضحية وفي مقدمتها مجلس الأمن.

 

وها هي أبو ظبي عادت الى التصعيد مرة اخرى وتتورط مجددا أكثر وتصعد عسكريا في محافظتي شبوة ومأرب عبر القصف بالطيران واستخدام الخلايا التجسسية في اليمن واستهداف الاقتصاد واستمرار جرائمها في اليمن وتصعيد من مختلف الأنواع، فكان لا بد من عملية تأديبية ضدها لذلك جاء هذا الرد عليها كجزء من حق الشعب اليمني في الرد على العدوان والحصار المفروض على الجمهورية اليمنية.

 

فين حين حذرت القوات اليمنية دول العدوان من الاستمرار في التصعيد الذي سيواجه بالمثل. مؤكدين أن القوات المسلحة من الجيش واللجان شعبية لن يقفوا موقف المتفرج على قتل وخنق أبناء شعبهم، بل سيذيقون العدوان من بأسهم الشديد عبر كل الخيارات والوسائل المتاحة لتأديب المعتدين. فقد عقد الشعب اليمني العزم منذ ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر المجيدة على تحقيق الاستقلال الوطني الكامل وبناء دولة عادلة ينعم أبناؤها بخيراتها، ولن يتم السماح لأي معتد الوقوف أمام أهدافه الثورية، وسيثبت مجددا بأن اليمن مقبرة الغزاة.

 

وفي هذا الشأن أجرت مراسلة وكالة مهر، "وردة سعد" حواراً صحفياً مع السفير اليمني في طهران "إبراهيم الديلمي"، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:

 

** شهدنا في الأسابيع الماضية موجة تصعيد في الاعتداءات السعودية الاماراتية على الشعب اليمني بلغت ذروتها في الغارات الوحشية على الحي الليبي في صنعاء والسجن الاحتياطي في صعدة؛ ما سبب ذلك ؟ وما الذي تريده قوى العدوان من وراء هذه الاعتداءات السافرة ؟

 

ما شهدناه خلال الاسابيع الماضية من موجات تصعيد عدوانية سعودية اماراتية امريكية، ومنها ما حصل في الحي الليبي، وما حصل في الحديدة في مكتب الاتصالات، وفي السجن في صعدة، كل هذا جاء غيظا وحنقا من قبل المعتدين على عدن بسبب تقدم الجيش واللجان الشعبية في الاسابيع والاشهر الماضية بالعديد من مديريات محافظتي مارب والبيضا واجزاء من شبوة.

 

في حقيقة الامر وراء هذا التصعيد يأتي بالمقام الاول من خوف كبير وهلع لدى دول العدوان من امكانية تحقيق الجيش اليمني واللجان الشعبية الهدف المرحلي المتمثل في تحرير محافظة مأرب، لما لها من رمزية ومن موقع استراتيجي، وباعتبارها سلة اقتصادية تغذي اليمن بالمشتقات النفطية وبالغاز وبالكهرباء، وايضا لموقعها العسكري الذي تستخدمه دول العدوان منطلقا لمعاركها المتوالية في محافظات الجوف وصنعاء البيضا وشبوة.

 

** استهداف المدنيين بشكل مُتعمد بقصد ايقاع الضحايا. ماذا نسمي ذلك ؟ والى اي حد تسيء هذه التصرفات الداعشية الى قيمنا الاسلامية والعلاقات بين شعوبنا ؟

 

استهداف المدنيين بشكل متعمد هي حقيقة ماثلة منذ اليوم الاول للعدوان، كانت الاهداف المدنية والضحايا المدنيين على رأس اهداف دول العدوان لايجاد نوع من الصدمة والترويع وارهاب ابناء شعبنا للتخلي عن فكرة مواجهة المعتدين وتحقيق الاستقلال الناجز، ومقاومة هذا العدوان السافر، نسمي ذلك اجراما سافرا ومتوحشا وغطرسة وكبرا، اعتقد ان كل معاني اللغة العربية لم تعد قادرة على توصيف او على تسمية ما يقوم به هذا العدوان من استهداف غير مبرر على الاطلاق واستهداف متعمد ومباشر بقصد ايقاع اكبر عدد من الضحايا المدنيين من النساء والاطفال.

 

فلم يسلم شيئا من استهداف المدنيين والاحياء المدنية، الطرقات الجسور، محطات الكهرباء والمدارس ومحطات المياه، واستمرار الحصار على بلدنا وشعبنا، هذا ليس من العمليات الحربية المعروفة على الاطلاق، ان ما يقوم به السعوديون والاماراتيون ومن اصطف معهم في هذا العدوان باعتبارهم ممثلين لانظمة ولشعوب عربية واسلامية، في حقيقة الامر يسيء هذا لقيمنا الاسلامية وللعلاقات بين المسلمين، ويتركون جراحا غائرة، ويؤسسون لتاريخ صراعي كبير، ضربوا بعرض الحائط كل الاعتبارات والقيم الاسلامية والقانونية وغيرها.

 

مع الاسف الشديد هذه التصرفات الداعشية التي شاهدناها في العراق وسوريا قامت بها مجموعات وميليشيات ومنظمات ارهابية تكفيرية، ولكن العدوان السعودي الاماراتي الاميركي على بلدنا تقوم به دول وانظمة مفترض بها ان تكون اكثر مراعاة لهذه الجوانب، ولكن العقلية الوهابية الانتحارية الداعشية هي التي تمعن في استهداف اليمنيين وغير اليمنيين، الفرق واضح بين الساحة اليمنية والسورية او الساحة اليمنية والعراقية على سبيل المثال ان العدو السعودي والاماراتي حضر بنفسه الى المسرح اليمني ولم يترك الامر لمن يدعمهم كالجماعات التك فير ية وغيرها.

 

ولا ننسى انها تريد اركاع الشعب اليمني خصوصا بعد فشلها التراكمي على مدى سبع سنوات واكثر ها نحن نلج في العام الثامن بالحساب الهجري، ويواصل شعبنا مسيرته الجهادية والنضالية والتحررية لنيل الكرامة والاستقلال، وهذا ما يثير جنون المعتدين، اضف الى ذلك ان الامارات ودخولها الى خط العدوان مجددا وبصورة سافرة وواضحة وتخليها عن مخادعتها الماضية بإعلانها لمرتين متواليتين مغادرتها للمسرح اليمني ومعاودتها بهذا الزخم الكبير وبهذا التصعيد، والذي قابله الرد اليمني في خلال الايام الماضية يؤكد مجددا على عدم رغبة قوى العدوان في الوصول الى تسوية سياسية، او الوصول الى عملية سلام واضحة المعالم، واصرارهم على الامعان في قتل الشعب اليمني واستمرار حصاره.

 

** الجرائم التي تسببت بها الغارات السعودية اثارت مشاعر الغضب لدى أصحاب الضمائر الحية، لكنها للأسف لم تحرك مشاعر المؤسسات الدولية المعنية، ومن بينها مجلس الامن او وزارات الخارجية في الدول الكبرى، بينما وقف هؤلاء مستنكرين قصف شاحنة نفط !، ما هي معايير حقوق الانسان الدولية وكيف يتعامل العالم مع وحشية بعض الانظمة ؟

 

الجرائم التي تسببت بها الغارات السعودية الاماراتية الاميركية على بلدنا ومنذ اليوم الاول للعدوان وليس في التصعيد الاخير فقط لم تحرك مشاعر احد، نحن اليمنيون نشعر بأسى كبير بإعتبار ان القضايا التي تهم العالم العربي والاسلامي كتلك التي كانت تحصل في مصر وليبيا وتونس، والسودان والعراق قبل ذلك، في سوريا، في كل مكان، كنا نحن السباقين، ولكن مع الاسف الشديد الحالة اليمنية اثبتت ان حتى خطباء المساجد حتى العلماء، حتى المؤسسات العربية والاسلامية، حتى المراكز الدينية، فضلا عن مجلس الامن ووزارات الخارجية والمؤسسات الدولية المعتبرة، لم تتحدث، وهذا يثير الحزن والاسى في قلوب اليمنيين أنهم تركوا وحيدين الا من بعض التضامن من دول محور المقاومة من حزب الله بالمقام الاول، وغيره من التنظيمات الفلسطينية والعربية، ومن دولة وحيدة هي الجمهورية الاسلامية في ايران التي وقفت الى جانب اليمن ورفعت الصوت عاليا بضرورة وقف هذا العدوان والحصار على بلدنا وترك اليمنيين وشأنهم.

 

بينما نجد ان العالم المنافق وقف مستنكرا لمجرد الرد اليمني، بمعنى المجتمع الدولي المتغطرس والمستكبر يستكثر علينا ان نقوم بالدفاع عن انفسنا، وبمحاولة الرد والقيام بعمليات تهدف بالمقام الاول الى ايقاف هذا العدوان، وليس لاستمراره.

 

المعادلة واضحة وصريحة منذ اليوم الاول للعدوان جعلتنا نحن اليمنين نكفر بالمنظمات الدولية والقوانين الدولية وحقوق الانسان وبكل هذه الشعارات الزائفة، التي لطالما استهلكها العدو لتبرير جرائمه وحصاره على الشعوب المقاومة والحركات الاسلامية الحقيقية التي تسعى الى نهضة العالم الاسلامي بالمقام الاول.

 

** للاسف الشديد وبينما نتحدث عن المعايير الدولية والمشاعر التي خدرتها حسابات المصالح المادية والسياسية لا نستطيع ان نغض الطرف عن بؤس وتعاسة المؤسسات العربية في هذا المجال. كيف تفسر هذا التخلي العربي عن القيم والأعراف الانسانية ؟

 

العرب وما ادراك ما العرب وانظمتهم ونظامهم ومؤسساتهم التعيسة والبائسة، والتي لا تستطيع ان تتحدث الا بما يملي عليها الممول السعودي وصاحب القرار الذي امتلك بلحظة وغفلة من الزمن قرار الجامعة العربية والمؤسسات العربية، وحتى المؤسسات الدينية كالازهر، مثل هذه الانظمة والمنظمات لا اعتقد انه من داعي للحديث عنها لانها ميتة، ومنذ نشأتها الاولى لم تنصر حقا ولم تعارض باطلا، ووقفت دائما ضد ارادة الشعوب، ولربما لاحظتم بعد ما سمي بالربيع العربي كيف كانت الجامعة العربية رأس حرب استهداف الانظمة العربية المقاومة على سبيل المثال سوريا، وكيف طردت سوريا من الجامعة العربية وتحكم بها الاقزام في تلك الفترة، وما احدثته الجامعة العربية في ليبيا والعراق وفي اليمن، الحديث ذو شجون عن الجامعة العربية.

 

** ماذا يعني كل ذلك في مسار هذا العدوان الاثم وهو يقترب من عامه الثامن ؟ وهل باتت الحرب مفتوحة ودون سقوف على الارض اليمنية ؟

 

الحرب منذ اليوم الاول بلا سقوف، والعدوان على اليمن منذ اللحظة الاولى كان بلا سقف الا بهدف رئيسي لقوى العدوان وهو انهاء المقاومة اليمنية وتقديم درس لبقية الشعوب والحركات الاسلامية في اليمن، باعتبار ان العدو استمرأ هذا العدوان على العديد من حركات المقاومة وشعوب المقاومة، وحقيقة الامر هو ينظر لليمن بإعتبارها كانت من وجهة نظره ومنذ اللحظة الاولى لانطلاق العدوان الحلقة الاضعف ومكسر العصا وستكون درسا لبقية الشعوب والحركات المقاومة، العدوان في عامه الثامن ليس امامنا الا ان نبقى مستمرين في الانتصار لمظلوميتنا، ومواجهة هذا العدوان حتى تحقيق الانتصار الناجز والكامل والحصول على سيادتنا واستقلالنا كاملا غير منقوص.

 

مسار العدوان في تصاعد، والعدو مستمر في غيه، ونحن متوكلون على الله سبحانه وتعالى في مواجهة هذا العدوان، ولن نلتفت لأية اعتبارات او اية مواقف، ولن يخيفنا لومة لائم عن المضي في مسيرنا الدفاعي التحرري الثوري الانساني الاسلامي، حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.

 

** البعض يرى ان الرادع الوحيد لقوى العدوان التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء هو بنقل المعركة الى أراضيها ومعاملتها بالمثل لاقامة معادلات ردع جديدة تلجم هذه الوحشية وتحمي المدنيين اليمنيين!! فما رأيكم بذلك؟ وما الذي تتوقعونه من القيادة اليمنية ؟

 

ليس امام شعبنا الا ان يستمر في خياره المقاوم، في خياره الثوري التحرري، واذكاء الروح اليمنية الاصيلة الاسلامية العربية بالاستمرار في هذا النهج والخط الرسالي في مواجهة هذا العدوان الصهيوني الاميركي في المقام الاول قبل ان يكون سعوديا واماراتيا، بالنسبة لنقل المعركة الى ساحة العدوان انتم كما لاحظتم ان اليمنيين منذ اليوم الاول للعدوان سعوا بكل ما يستطيعون، وبكل امكاناتهم لنقل المعركة الى ساحة العدو وهم مستمرون في ذلك، لانه ليس امامنا سوى الاستمرار في هذا الطريق ولن تعيقنا اي اعتبارات عن الاستمرار في استهداف العمق السعودي والاماراتي واي كيان او دولة يقف الى جانب العدوان ويدعمه ويشارك به.

 

كرامتنا وسيادتنا واستقلالنا والحفاظ عليها هي هدفنا الاول والاساسي، موقفنا دفاعي ينطلق من تحقيق ابسط الشروط التي لا يمكن ان نطلق عليها شروط بل ابسط استحقاقات هذا الشعب المناضل والكريم المعتدى عليه، وهي تتمثل بإختصار بإيقاف هذا العدوان، ورفع الحصار الجائر على بلدنا، ثم دفع التعويضات المستحقة عما فعله هذا العدوان، وايضا خروج القوات الغازية المحتلة لبعض اجزاء من بلدنا، واستعادة سيطرة الحكومة الشعبية الثورية اليمنية على كامل التراب اليمني.

 

بعد ذلك بإمكان الامم المتحدة او غيرها ان تدعو الى حوار يمني_ يمني لحل الاشكالات المتعلقة بالشراكة بالسلطة والثروة بين ابناء اليمن. ولكن يجب التنبيه الى نقطة اساسية ان هذه الحرب العدوانية هي حرب اميركية سعودية صهيونية اماراتية على ابناء بلدنا وشعبنا، وليست مشكلة يمنية - يمنية، الاشكال الاكبر في القرار الدولي 2216وفي كل خطط وبرامج الامم المتحدة التي انطلقت منذ اليوم الاول للعدوان، انها ارادت وعن سابق اصرار ان تحصر المسألة في صراع يمني - يمني ومشكلة داخلية، ولم تنظر الى أساس المشكلة وهو وجود دول تعتدي على اليمن، وفسرت القرار الدولي 2216 على هواها والذي لم يصدر الا بعد اسابيع من العدوان، مثل هذه القرارات التي اسيء استخدامها واتخذت مبررا للعدوان والحصار، رغم انه ليس في القرارات ما يشير الى ذلك.

 

ولكن مع ذلك اذا كانت الامم المتحدة حريصة على ايجاد حل لما يدور في اليمن، فيجب توصيف المعركة على اساس انه عدوان خارجي تقوده دول متعددة امريكا السعودية الامارات بريطانيا والكيان الصهيوني على ارضنا وشعبنا، والبقية تفاصيل.

 

وشكرا لكم ولمنارة القلم المقاوم ولوكالة مهر للأنباء، ولمزيد من العطاء في التعريف بالقضية اليمنية ونشر جرائم العدوان بحق ابناء شعبنا وبلدنا، واظهار صورة اليمني الاصيل المؤمن المسلم العربي الذي يرفض مشاريع الاستكبار، ويرفض مشاريع التطبيع التي تريد ان تذهب بالمنطقة وبالقضية الفلسطينية الى مهب الريح، وشكرا لكل الاحرار والشرفاء الذين وقفوا منذ سبع سنوات ونحن الان في العام الثامن الى جانب اليمن واليمنيين في مختلف الساحات وفي مختلف الدول والمناطق.

 

المصدر: وكالة مهر للأنباء