د.محسن صالح*: تصدرت الثورة الإسلامية في إيران أخبار العالم منذ عام ١٩٧٨ وحتى الآن منهجية جديدة في الثورات، كدحت كل الأقلام والخطب والشعارات والمفاهيم في التعبير عن وصفها مرة اشتراكية، واخرى اسلاموية عامة، ومرارا فارسية إيرانية... أخطأت كل هذه التسميات، ربما هذه الثورة امامية على نهج سنة النبي الاكرم (ص) والائمة من آله الأطهار صلوات الله عليهم اجمعين، وانسانية طبيعية/الهية بالنظر إلى أن الله تعالى هو جاعل الطبيعة الانسانية، والإنسان خليفة الله في أرضه التي دحاها له ليعمرها بعقله وفؤاده وتقواه وعدالته المستنبطة من القرآن والسنة الشريفة.

 

الإنسان هو غاية الوحي والنبوة والامامة... المصالح الإنسانية الطبيعية غاية الهية... العدالة والحكمة والحرية والرحمة مفاهيم انسانية مخلوقة لسيرة الإنساني ولآخرته الإلهية... عندما استجاب الشعب الايراني لنداء الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، إنما كان يلبي حاجاته ومصالحه التي عبر عنها الإمام الخميني (ره)، فقد كان الشاه يمثل نقيض الشعارات الإلهية الثورية، تجسد الشاه المدعوم والمحمي أمريكيا طاغية لا بد من خلعه واستبداله بنظام يحاكي ويطبق شرع الله الإنساني، تصدى الإمام الخميني (قدس) ممثلا للشرع والإنسانية جمعاء.

 

امريكا لم تترك شعبا من شعوب الأرض يعيش حريته وديموقراطيته بسلام ووئام، فالولايات المتحدة دولة إما تهيمن او تخرب

 

الإنسانية جمعاء كانت تعاني من استلاب المستكبرين بمختلف اطيافهم، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية... وصف الإمام الخميني أميركا بأنها الشيطان الأكبر، هذه الرمزية الاستكبارية جسدت كل أنواع الظلم والمكر والمكائد على المستضعفين في كل اقطار العالم، الأمم كلها عانت من وطاة الظلم الأمريكي...

 

الطبيعة الإنسانية الإلهية والطبيعية ترفض وتثور ضد الاستكبار الظالم، الاستكبار ضد الفطرة الإنسانية، أميركا غزت واستغلت وهيمنت على معظم الأمم من فيتنام في الهند الصينية، في اقصى آسيا إلى أفغانستان إلى فلسطين والعالم الاسلامي برمته، كانت أميركا حاضرة بجبروتها الشيطاني... الإمام الخميني (قده) تصدى ليس للشاهي فحسب إنما لقوى الظلم والظلام كافة رغم ادعاء أميركا وحلفائها وأدواتها بنشر الحرية والديموقراطية... امريكا لم تترك شعبا من شعوب الأرض يعيش حريته وديموقراطيته بسلام ووئام اجتماعي واستقرار وتنمية... أميركا دولة إما تهيمن او تخرب، لذلك هذه الدولة المعادية لثورات الشعوب هي التي وقفت بقوة ضد الثورة الإسلامية في إيران.

 

انتصرت الثورة بفضل قيادة الإمام الخميني (قدس) وإيمان الشعب الإيراني بقيادته وحكمته وشجاعته، وعاش هذه الصفات الإلهية/الإنسانية والطبيعية، فانتصر وحقق معجزة القرن العشرين، لأن الواقع السياسي العالمي كان محصورا ومحتكرا ومقسوما بين قطبين فقط، اما أميركا او روسيا السوفيتية.

 

انتصرت الثورة بفضل قيادة الإمام الخميني (قدس) وإيمان الشعب الإيراني بقيادته وحكمته وشجاعته، فانتصر وحقق معجزة القرن العشرين

 

أحيت الثورة المشاعر والاحاسيس الوجودية/الإلهية للشعوب المقهورة والمظلومة والمستضعفة في التحرير والحرية والتنمية والمعرفة والاستقلال خاصة في المناطق الإسلامية وفي العالم... من فلسطين المحتلة منذ حوالي ٧٥ سنة، تغتصبها قاعدة عسكرية أميركية اسمها "إسرائيل"... الشعب الفلسطيني تفاعل مع الثورة الإسلامية وعانق شعاراتها: "اليوم إيران، وغدا فلسطين"، وغادر اليأس الذي حاول بثه بعض الانظمة العربية بدعم أميركي، بالطبع بعد اتفاقيات "كامب ديفيد"، "أوسلو" و"وادي عربة"، وسياقات التطبيع المذلة.

 

تعيش شعوب منطقة غرب اسيا حالة التاخي والشعور المشترك والمصير الواحد مع الثورة الإسلامية في إيران، وهي تستقي قوتها ودعمها ومعنوياتها العالية من روح الله الخميني (ره) العظيم وقيادة الإمام الخامنئي (دام ظله الوارف)...

 

هذه الطبيعة الفطرية الإلهية نقيض كل ما يصدر عن استكبار يأفل بفضل قيادة ثقافة الثورة التاريخية والمعاصرة ستكون هذه الدولة والحلفاء بناة الحضارة الإنسانية الحديثة، قال تعالى في كتابه العزيز من بعد باسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ﴾، صدق الله العظيم./انتهى/

 

(*)رئيس الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

 

المصدر: وكالة مهر للأنباء