آفاق حديث الفقاهة

حوار قصير مع سماحة آية الله السيد كاظم الحائري حول الآراء الفقهية للإمام الراحل (قده)

بشأن الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه والتحول الذي أنشأه الإمام في الفقه

س: ما هو دور سماحة الإمام الراحل(ره) في توضيح مسألة ولاية الفقيه وشرح مختلف أبعادها؟ وما هو الفرق في مفهوم الحكومة الإسلامية عند الإمام وعند سائر الفقهاء الذين بحثوا هذا الموضوع كالمرحوم النائيني؟

ج: كان لسماحة الإمام(ره) في شرح مسائل ولاية الفقيه بمختلف أبعادها دورين مختلفين لم يشاهد عند أي من الفقهاء القدماء (رضوان الله عليهم):

الدور الأول: الدور العملي وهو قيام الإمام ببيان شرح عملي مبسط ومفصل جداً لهذا المبنى الفقهي الذي لم يبسط من قبل إلى هذه الدرجة، حيث قام بهذا الشرح المبسط والموسع جداً ضمن دروس خارج المكاسب في النجف الاشرف، وقام بعض طلابه بطبع مجموعة معتنى بها من هذه المطالب في كتيب أو كتيبات صغيرة، لكن الإمام(ره) قام بطبعها بقلمه بصورة أدق وأبلغ في المجلد الثاني من كتاب (البيع)، ولو حسبنا المكاسب المحرمة يصبح هذا المجلد هو الرابع من مؤلفاته في فقه المكاسب، ولم أتذكّر أحداً من الفقهاء ناقش مسألة ولاية الفقيه بصورة مبسطة عدا المرحوم النراقي في كتاب (عوائد الأيام) لكن بحث الإمام الراحل(قده) افصح وأبلغ، ومن العلماء المعاصرين للإمام الراحل قام المرحوم آية الله الشاهرودي ببحث مبسط لمفهوم ولاية الفقيه في بحثه الخارج في باب الحج فكان متأثراً ببحث المرحوم النراقي لكن مع ذلك كان بحث الإمام أفصح وأبلغ.

الدور الثاني: وهو الدور العملي حيث قام الإمام بتجسيد مبدأ ولاية الفقيه بإدارته للحكومة الإسلامية، وأظهر للعالم نموذجاً جداً ثمين للمصداق الواقعي لهذا البحث حيث لم يتمكن أحد من العلماء القدماء (رضوان الله عليهم) القيام بهذا الدور. ومن هنا يتضح لنا الجواب على القسم الثاني للسؤال أيضاً، لأنه عندما يرتدي التخطيط العملي لباس العمل يصبح أبلغ وأكثر تبلوراً، ولم يتوفق الفقهاء القدماء باستخدام نظرية ولاية الفقيه في إطار الحكومة الإسلامية، حتى المرحوم النائيني كونه أحد أعظم أركان جهاز المرحوم الآخوند الخراساني في قضية المشروطة وعلى الظاهر ألّف كتاباً أسماه (تنبيه الأمة) ما تمكن لا هو ولا استاذه من الوصول إلى الهدف المطلوب وهو (المشروطة) بالمعنى الواقعي للكلمة، ولم يتمكنوا من ذلك كما ظهر مبدأ ولاية الفقيه بذلك المستوى الراقي الذي ظهر في تخطيط الحكومة الإسلامية عند الإمام الراحل.

س: ما هو تأثير مبدأ ولاية الفقيه في الأحكام العبادية والاقتصادية و … الإسلامية، وكم كان اهتمام الفقهاء القدماء في مختلف الفروع الفقهية بهذه التأثيرات؟

ج: إن الأحكام العبادية والاقتصادية وغيرها من الأحكام الإسلامية، كلها لها اتجاهات سياسية واجتماعية مثل صلاة الجمعة وهي أحد المظاهر السياسية والاجتماعية للعبادة، والحج مع كونه عمل عبادي لكن مظهره السياسي والإجتماعي جداً واضح، والبحوث الاقتصادية كالخمس والزكاة وغيرها من البحوث الحقوقية في الإسلام ترتبط من الجهة السياسية والإجتماعية ببحث الولاية، وقد لا يخفى اليوم على أحد أنه سيكون لبحث ولاية الفقيه تأثيراً مشهوداً على كل الأبحاث من هذا النمط، وأن بحوث مجموعة من الفقهاء الذين لم ينظروا إلى هذه المواضيع من نافذة الولاية سيفقدها ذلك النوع من التأثيرات.

وكلما ازداد نظر الفقيه إلى جانب مبدأ ولاية الفقيه إيضاحاً فسيكون تأثير ذلك الرأي في الجوانب الفقهية أكثر.

س: ما هو تأثير معرفة الزمان والمكان والظروف الاجتماعية الخاصة على الاجتهاد واستنباط الأحكام؟

ج: غالباً ما يكون تأثير معرفة الزمان والمكان والظروف الاجتماعية الخاصة على الاجتهاد واستنباط الأحكام عن طريقة التأثير على معرفة موضوع الحكم، طبعاً هذا صحيح أن للآراء الفردية والاجتماعية تأثير مباشر على فهم مجموعة من امهات الأحكام.