الخلاصة:
في هذه الدراسة، يجري البحث حول دور وتأثير عامل أداء التكليف في قيادة الإمام الخميني (قدس سره)، وطريقة العمل به على أرض الواقع. التكليف بشكل عام، هو القوانين الوضعيّة التي تصدرها جهة تـتمتّع بالصلاحيّة بحيث يجب على الإنسان إطاعتها، وكان القائد الراحل للثورة الإسلاميّة يعتقد أنّ التكاليف الإلهيّة تحدّد للبشر كلّ حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وسلوكيّاتهم. وكان يعتقد أن التكليف هو ما يأمر الله به وينهى عنه، ويؤكّد باستمرار على ما يتلاءم وهذه النظرة، أي أنّ علينا أن نرى ما يأمر به الله. طبعاً، تبرز عند المدراء الأصيلين بوضوح أهميّة (معرفة التكليف) كضرورة مسلّمة قبل (العمل بالتكليف)؛ ولعلّه لأجل ذلك، وجب على الأشخاص المؤمنين بآليّة العمل الإسلاميّة هذه، أن ينشغلوا باستطلاع الموضوعات المرتبطة بالتكليف الإلهي وكشفها، وأن يحصروا خياراتهم المستقبليّة خلال هذه العمليّة ضمن دائرة التكليف، فيوثّقوا العلاقة بين معرفة الموضوع ومعرفة الحكم. من جهة أخرى، لطالما شكّل أصل العمل بالتكليف هاجساً لمدراء المؤسّسات الإسلاميّة وعامليها، وما زال. لذلك فهم يفتّشون عن نماذج سلوكيّة يمكن أن يستلهموا منها في مجال التعرّف على التكاليف الإلهية، وأن يختبروها في الواقع العملي. لقد كان الإمام الخميني(قدس سره) نموذجاً ممتازاً في عصرنا الحاضر، حيث تمكّن من اختبار مبدأ التبعيّة للتكليف عمليّاً، متأسيّاً بالشخصيّات القرآنيّة القدوة، وعليه، يمكننا أن نعتبر الإمام الخميني(قدس سره) أسوةً للمدراء في هذا المجال.
المفردات الرئيسيّة: قيادة الإمام الخمينيّ(قدس سره)، أداء التكليف، معرفة التكليف، رصد النماذج السلوكيّة في التكليف.
المقدّمة:
لطالما شكّل أصل العمل بالتكليف هاجساً لدى المدير الملتزم وما زال. ولكن قبل الإطّلاع على التكليف في مسألةٍ ما، لا بدّ من الحصول على نوع معرفةٍ بالموضوع، ومن ثمّ استفادة حكمه عبر اللجوء إلى أحد آراء المنظّرين الإسلاميّين.
وقد تمكّن الإمام الخميني(قدس سره) كأحد المنظّرين الإسلاميّين، من تبيين الأحكام المترتّبة على هذا الأصل بشكلٍ جيّد، إضافة إلى تطبيقها في الواقع العملي.
وقد طرح الإمام(قدس سره) الموضوعات المتنوّعة، بما يشمل السياسيّ منها، والاجتماعيّ والاقتصاديّ و... في إطار القوانين الإسلاميّة، ومن ثمّ أثبت نتائج كلّ واحدٍ منها وفق مبدأ أداء التكليف.
والجدير بالذكر هنا، أنّ أصل أداء التكليف يختزن القدرة على السريان في جميع شؤون الحياة، لاسيّما العمل الإداري منها، وخاصّةً المهامّ الإداريّة العصريّة.
يعتبر الإنسان الموحّد نفسه ملزماً بامتلاك خطة ومشروع وبرنامج في طور إنجاز العمل، ودائماً حاملاً همّ أداء التكليف في القرارات التي يتّخذها.
لطالما كان قادة أو مدراء المجتمع الدينيّ المرابطين في المؤسّسات - المعترك الإستراتيجي التوحيديّ الممهّد للإنخراط في التبعيّة للتكليف - في صدد اختيار أفضل أنواع وأساليب القيادة، لكي يتمكّنوا في نهاية المطاف من أداء الواجب الإلهي تجاه أتباعهم؛ هذا ويشكّل عادةً موضوع المراقبة والإشراف مصدر قلقٍ للمدراء الأصيلين والمطيعين للتكليف، فهم يسألون أنفسهم باستمرار: هل يشكّل نوع الإشراف الذي يمارسونه انتهاكاً لحقوق الأفراد؟
لقد أحكم الإمام الخمينيّ(قدس سره) تشييد فرضيّته وفق مبنى التبعيّة للتكليف، وهو الذي زرع في ذاته أداء التكليف كآليّة عمل إلهيّة، وكان على رأس السالكين على طريق المسيرة التوحيديّة.
أمّا السؤال الأساسيّ المبحوث في هذه المقالة فهو: بماذا عرّف الإمام الخمينيّ كقائد(قدس سره) أداء التكليف، وكيف وضعه قيد التطبيق؟
فرضيّة البحث هي ـ كما أشير سابقاً ـ محوريّة التكليف في قيادة الإمام(قدس سره) للمجتمع الدينيّ.
أمّا أهداف الدراسة فستنكشف في سياق شرح الفرضيّة، والإجابة عن سؤال البحث.
من الطبيعي أنّه في إطار تشريح محوريّة أداء الواجب لدى قائد الثورة العظيم، سيتمّ بحث عدّة قضايا تستوعب سنوات تصدّيه(قدس سره) للقيادة. وكيفما كان، فالمسار الرئيسي الذي تسلكه هذه الدراسة هو عبارة عن تبيين محوريّة التكليف عند قائد الثورة الراحل(قدس سره) من أجل الكشف عن آثار التبعيّة للتكليف بشكل ملموس في ساحة العمل. ولكن قبل كلّ شيء لا بدّ من تعريف القيادة، ثم نبحث بعدها موضوع أداء التكليف ضمن قيادة الإمام الخميني(قدس سره).
تعريف القيادة:
لقد قدّم علماء الإدارة والعلوم السلوكيّة تعاريف متنوّعة للقيادة، وهي تحتوي بغالبيّتها على عنصر التأثير، فـ (كونتز) يعتبر القيادة مساوية لقدرة التأثير، ويعتقد أنّ القيادة هي فن أو عمليّة التأثير على الأفراد، بحيث يبذلون الجهود تطوّعاً ورغبةً في سبيل تحقيق أهداف المجموعة[1].
أما (شرمرهورن) فيعرّف القيادة على أنّها حالة خاصّة من التأثير على الأفراد أو المجموعات، بحيث تنفّذ ما يريده القائد (المدير)[2].
كما عرّف (تـننباوم)(1964) القيادة على أنّها القدرة على التأثير في الأفراد، التي تعطى لأشخاص يحتلّون مرتبة خاصّة، ويقومون بإرشاد الأفراد خلال هذه العمليّة عبر أساليب التواصل[3].
كما هو ملاحظ إذن، فالنقطة المشتركة في تعاريف القيادة هي التأثير؛ وبحسب تعبير بعض العلماء، فإن القيادة هي القدرة على التأثير. أمّا السؤال المطروح هنا فهو: ما هو مصدر قدرة التأثير عند القادة؟ والإجابة عنه هي: أنّ قوة القادة هي التي تحدّد الإنسان مدى تأثيرهم، وقد اعتبر (تشارلز هاندي) أن التأثير والسلطة هما مفهومان متقاربان، وقال: إنّ التأثير هو عبارة عن التعديل والإصلاح الذي تجريه الجهة (أ) على سلوك الجهة (ب) ونظرته إلى الأمور، بينما السلطة هي الشيء تعطيه إمكانيّة ذلك؛ وبناءً عليه تكون السلطة أداةً للتأثير[4]. لقد كان الإمام الخميني(قدس سره) قائداً إلهيّاً ذا تأثير خارق للعادة في أتباعه؛ ومصدر هذا التأثير هو سلطته المعنويّة. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ هذه السلطة المعنويّة قائمة على أداء التكليف حسب رؤية قائد الثورة الراحل. ومعنى هذا، أنّ الإنسان الموحّد الذي يؤدّي تكليفه يكون قد نصر الله، وسيعطيه الله بالطبع سلطة معنويّة يستطيع من خلالها التأثير في أتباعه، فإنّ الله القادر قد وعد: ﴿إن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾[5].
وهكذا، بناءً على هذه النظرة الدينيّة، تكتسب التبعيّة للتكليف معناها.
مفهوم أداء التكليف
إنّ أداء التكليف هو أحد أهمّ المكوّنات في قيادة الإمام الخميني(قدس سره)، ويعدّ فهم معنى هذا المبدأ وتطبيقه في المؤسّسات الإسلاميّة من الأمور الضروريّة.
وقد استخدم الإمام الخميني(قدس سره) هذا الأسلوب من أجل رفع مستوى أداء أتباعه، ممّا يحدونا على التعرّف على ماهيّة التكليف وطريقة العمل به بالإستفادة من كلمات الإمام الخميني(قدس سره).
يعتقد بعض المنظّرين الإسلاميّين أنّ قابليّة تحمّل التكليف هي من جملة قابليّات الإنسان؛ لأنّه يستطيع العيش ضمن الحدود التي ترسمها له القوانين المقرّرة. ليس هناك من موجود غير الإنسان يستطيع أن يتّبع قانوناً ما غير القانون الطبيعيّ الجبريّ.
فالإنسان إذن هو الكائن الوحيد المثير للعجب، والمتميّز الذي يستطيع أن يضبط سلوكه وفق سلسلة من القوانين الموضوعة. ثم إنّ هذه القوانين الموضوعة، والتي تقرّرها جهة تمتلك الصلاحيّة، وتُفرض على الإنسان، ولا تخلو من التعب والمشقّة، هي ما يصطلح عليها بـ (التكليف)[6].
التكليف على مراتب، والنّاس يختلفون من حيث المستوى المعرفيّ بالنسبة إليه؛ فهناك الكثير من الأشخاص الذي تتوجّه إليهم تكاليف عينيّة بسبب ما يمتلكونه من مستوى وعي، في حين أنّ نفس هذه التكاليف غير مطلوبة بالنسبة لأشخاص آخرين؛ هذا والحال أنّ معرفة التكليف واجبة على جميع أفراد التنظيم الإسلاميّ. إن الإمام الخميني(قدس سره) باعتباره المروّج لثقافة أداء التكليف بمفهومها الواسع في نظام الإدارة الإسلاميّة، والمروّج لأصل التكليف كفرضية أساسيّة في قراراته السياسيّة، يؤمن أن جميع أقوال وتصرّفات البشر يجب أن تكون متطابقة مع ما ينصّ عليه التكليف الإلهي، وكان يقول: «لقد قمنا بجميع هذه الأعمال من أجل الله، فهو الذي أمرنا بالعمل»[7].
فالإمام الخميني(قدس سره) إذن، يعتبر كلّ ما أمر الله به أو نهى عنه تكليفاً، وكان يؤكّد باستمرار على هذا الأمر، وهو القائل: «فلنرى بماذا أمر الله، ماذا قال»[8].
أركان أداء التكليف
التكليف هو العمل بالقوانين التي يقدّمها الدين للبشر. وبعبارة أخرى، يمتلك الإسلام قوانين، يجب على المؤمن العمل بها. فلا بدّ الآن من معرفة رأي الإمام الخميني(قدس سره)، مؤسّس الجمهوريّة الإسلاميّة، حول أصل العمل بالتكاليف، التي هي في واقع الأمر حفظ للمذهب ودفاع عن تلك القضايا الحياتيّة، التي تأبى الدخول في دائرة النّقاش. ويقول الإمام الخميني(قدس سره) في هذا المجال: «هناك بعض المسائل التي يمكن غضّ النظر عنها في حياة الإنسان... يمكن أن يتجاوز عن بعض الأمور، لكن لا يمكن تجاوز الإسلام، لا يحقّ لأحد تجاوز الإسلام»[9].
كما كان يؤكّد على هذا الأمر حتى أعلى مستويات إدارة البلد، وهذا ما صرّح به في مراسم حكم تنصيب رئيس الجمهوريّة رجائي، حيث قال: «يجب أن ندع القلق جانباً حينما يتعلّق الأمر بالأعمال التي نقوم بها، سواءً تلك الفرديّة منها بيننا وبين ربّنا، أم بالنسبة للأعمال التي توكل إلى بعض الأشخاص، علينا أن نتخلّص من قلق الخوف من الفشل، يجب أن يقلقنا عدم أداء التكليف؛ إنّها أنفسنا التي يجب أن نقلق منها»[10].
فإذا أردنا أن نؤدي تكليفنا، يجب أن نتعرّف عليه أوّلاً، ومن ثمّ نوائم بين الدوافع الإلهيّة والعمل. وعليه، يمكننا إحصاء أبعاد التكليف بالشكل التالي:
1 ـ معرفة التكليف.
2 ـ أداء التكليف بدافعٍ إلهيّ.
إذا أردنا أن نعرّف (معرفة التكليف) يمكن أن نقول أنّها معرفة حكم الله، بحيث يعرف المدراء والعاملون ماذا يريد الله منهم، وما هو الأمر المتوجّه إليهم في موضوعٍ ما. فمعرفة التكليف إذن بالنسبة لكم كمدراء هي أنّه: «عليكم أن ترقبوا قول الله في كلّ قضيّة تواجهونها، ثمّ أن تعملوا بهذا القول»[11].
من البديهي أن يعطي المدراء الأولويّة لأداء التكليف بعد التعرّف عليه، يحدوهم إلى ذلك دافع إلهيّ.
لقد كان الإمام الخميني(قدس سره) المروّج لثقافة أداء التكليف بمفهومها الواسع في نظام الإدارة الإسلاميّة؛ وفي الواقع، إن أصل العمل بالتكليف بحسب رؤية الإمام الخميني(قدس سره)، هو بعينه حفظٌ للمذهب.
تحمّل التكليف والإدارة
إنّ لتحمّل التكليف علاقة وثيقة بالمهامّ الإداريّة، ويمكن مثلاً أن نبحث العلاقة القائمة بينه وبين الإشراف من ناحية أداء العاملين في المؤسّسة. إن العاملين المؤمنين والمعتقدين أن الخدمات التي يؤدونها هي أداء للتكليف، ويعتبرون الله مراقباً لهم فيشتغلون بالنشاطات الخاصّة بالمؤسّسة، سيؤدّون وظيفتهم، وستنعكس هذه النظرة طبعاً في تحسين مستوى أدائهم.
وهكذا، يرى الأشخاص المؤمنون بهذه الطريق، أنّ هناك رقابة أعلى من رقابة إدارة المؤسّسة، وهذا يؤدّي إلى صيرورة الرقابة عندهم ذاتيّة، وبالتالي سيمتازون بنوع من الرقابة المطلوبة بشدّة. لهذا، يمكننا القول أن هناك علاقة منطقيّة بين الرقابة والتكليف في نظام الإدارة الإسلاميّة.
كما يمكن أن تنشأ علاقة مثمرة بين القرارات التي يتخذها المدراء وبين التكليف في الواقع؛ بما يعني معرفة التكليف في المسائل السياسيّة والاجتماعيّة والإداريّة؛ فالله الكبير قد وضع إذاً تكاليفاً فيها سعادة عباده، بحيث أنّ العمل وفقها يتطلّب قراراً سياسيّاً، كثورة الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء التي كانت نتيجة تكليفٍ للإمام الحسين(عليه السلام) باتخاذ قرارٍ سياسيّ.
إن تاريخ الشيعة مليءٌ بالشخصيّات التي اتّخذت قراراتٍ سياسيّة، استناداً إلى مفهوم أداء التكليف؛ أحد هذه الشخصيّات الميرزا الشيرازي، الذي اتّخذ قراراً سياسيّاً متوائماً مع أداء التكليف حين أفتى بحرمة التنباك. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا الأصل الإستراتيجي في التخطيط، وتحديد الأهداف، والتنظيم، والتنسيق، والقيادة قد يعطي نتائج مهمّة. لذا، مع الانتباه إلى الارتباط القائم بين التكليف بالإدارة، تشكّل معرفة التكليف بالنسبة للقائد ومدراء المجتمع الإسلامي وكذلك بالنسبة لأتباع الولاية أهميّة فائقة، بحيث أنّهم يعتبرون أنفسهم ملزمين بأداء المهام المستقبليّة، فضلاً عن الأعمال والوظائف الحاليّة؛ لذا يعتبر أداء التكليف والتخطيط للمستقبل أمران مطروحان كعاملين ضروريّين للوصول إلى أهداف المؤسّسة الإسلاميّة. ولو أنّ مدراء المجتمع يتعاملون مع التنبّؤ بالتكاليف المؤدّية للوصول إلى الأهداف كما يتعاملون مع التكليف، لاستطاعوا ـ عبر امتلاك هكذا رؤية ـ من فهم المعادلات الإقتصاديّة والسياسيّة في المؤسّسات المشابهة، ومن ثَمّ التخطيط على أساسها.
التنبؤ بالتكليف وأداؤه
إنّ التنبؤ بالتكليف يلازمه بعد النظر ضمن إطار معرفة التكليف؛ والمدير الذي يعرف ما ينتظره من تكاليف سوف يكتشف الموانع الداخليّة والخارجيّة لأداء التكليف ـ كونه رئيساً للمؤسّسة ـ وسوف ينشغل ببحث طرق ووسائل تحقيق الهدف وفق رؤية منظّمة في إطار مؤسّسته، أي أنّه سوف يعمل على توقّع السبل والأساليب المتنوعة الموصلة إلى الهدف بما يتوافق مع مبنى التكليف الإلهي.
أمّا الإمام الخميني(قدس سره) فقد ثمّن معرفة التكاليف المستقبليّة كثيراً، وقد قال: «لقد طوينا صفحة الماضي، ونجحنا بحمد الله. علينا أن لا نستغرق بما مضى، بل ننظر إلى المستقبل. ما هو تكليفنا حاليّاً؟ وما هو تكليفنا في ما بعد، في المستقبل؟ لا فرق بين أن نكون جميعاً مكلّفين بالتكاليف الإلهيّة الآن أم في المستقبل»[12].
كما قال في مورد آخر: «ما يهمّ هو أن نعرف تكليفنا الحالي والمستقبلي. لقد مضى ما مضى على ما يرام بحمد الله، ولكنّ المهم هو أن نحدّد تكليفنا الحالي والمستقبلي»[13].
فما يستفاد من أقوال قائد الثورة الراحل هو أنّه لا بدّ من التفكير في دائرة التكليف المستقبلي، والعمل وفقاً لما نتوصّل إليه، ويمكننا بالطبع أن نعطي توقّعاتٍ أدقّ خلال هذه المسيرة.
لقد تمكّن الإمام الخميني(قدس سره) من إعطاء توقّعات دقيقة وفق هذه الرؤية، ونشير هنا إلى نماذج منها:
1 ـ توقّع انهزام الإتحاد السوفياتي في أفغانستان:
لقد أعطى الإمام الخميني(قدس سره) توقّعاتٍ دقيقة نسبيّاً ببركة الشواخص المتنوعة، المعنوية والماديّة، التي كان يراها في الأحداث، وأحدها الهجوم العسكري الذي شنّه الإتحاد السوفياتي على أفغانستان؛ فقد توقّع الإمام الخميني(قدس سره) ـ بما يمتلك من رؤية سياسيّة مستلهمة من التعاليم الدينيّة ـ هزيمة جنودهم في أفغانستان. وقد قال في هذا المجال: «في يومٍ من الأيّام جاء السفير الروسي إليّ وقال لقد طلبت أفغانستان مساعدتنا، ونحن نريد الدخول إلى أفغانستان. فقلت طبعاً، يمكنكم أن تحتلّوا أفغانستان، ولكن إعلموا أنّكم لا تستطيعون الاستمرار. لن يتحقّق شيءٌ إلّا إذا أراده الشعب.
وقد أدركوا هذا الأمر الآن، ولكنّهم علِقوا، والأمور آيلة إلى ما قلته»[14].
لقد توقّع الإمام الخميني(قدس سره) في تلك السنوات هزيمة الجيش الأحمر، وهذا ما حصل.
2 ـ سقوط الشيوعيّة، ونـزوع الإتحاد السوفياتي السابق إلى الغرب:
كان الإمام الخميني(قدس سره) قد بعث قبل انهيار الإتحاد السوفياتي السابق رسالةً إلى غورباتشوف يحذره فيها من الإرتماء في حضن الغرب، ويتنبّأ فيها بسقوط الشيوعيّة. وكان فيما كتبه في رسالته:
«لقد وجّه قائد الصين الضربة الأولى للشيوعيّة؛ ويظهر أنّكم ستوجّهون إليها الثانية والأخيرة. ليس لدينا في العالم اليوم شيءٌ إسمه الشيوعيّة. ولكن أطلب منكم طلباً حثيثاً أن لا تقعوا في أسر الغرب والشيطان الأكبر أثناء كسر جدران أوهام الماركسيّة»[15].
3 ـ توقّع مهاجمة العراق لدول مثل الكويت:
لطالما نصح الإمام الخميني(قدس سره) دول المنطقة ونهاهم عن دعم صدّام، وقد خاطب الإمام(قدس سره) دول الخليج بعد أن قدّمت المساعدات التي لا تحصى لصدّام، فقال لهم: «إذا تعاظم أمر صدّام ـ لا سمح الله - سوف يحرقكم جميعاً. هذه هي روحيّة صدّام؛ فصدّام روحه غارقة في الفساد وقتل النفس والجريمة. إنّه إذا اقتدر ـ لا سمح الله - فسوف يقضي على الحجاز، على سوريّا، دول الخليج،
والكويت كذلك؛ سوف يقضي عليها جميعاً»[16].
لقد كان الإمام(قدس سره) صاحب نظرة ثاقبة في معرفة العدوّ، وقد استفاد من العوامل المعنويّة في هذا المجال، وكان يعتبر أنّ الذنب في كثيرٍ من الأحيان يؤدّي إلى قسوة في السلوك، وبالطبع يؤثّر كثيرا على حسّ التوقّع عند المرء.
هناك توقّعات أخرى أخبر بها الإمام الخميني(قدس سره)، وهي مبنيّة على دراسة الإمام للتاريخ والإستفادة من التجربة التاريخيّة؛ منها توقّع سلوك الشاه الإجراميّ في أواخر أيّام سلطنته. وقد أثبتت التجربة التاريخيّة أنّ الديكتاتوريّون عندما ينقطع أملهم من كلّ شيء، عندما ييأسون، تصبح تصرّفاتهم جنونيّة. إحدى العوامل المتغيّرة المهمّة التي كان الإمام يلاحظها في توقّعاته هو التأييد الشعبي نفياً وإثباتاً. والحكومات إنّما يكتب لها الإستمرار إذا كان الشعب متآلفاً مع النظام السياسيّ الذي شكّلها.
أمّا إذا أرادت الحكومة أن تستمرّ بقوّة السلاح، فستصاب حينها بالعجز، وهذا ما كان الإمام الخميني(قدس سره) يؤكّد عليه دائماً قائلاً: «ليس هناك من قوّة تستطيع قمع شعب»[17].
الثمار العمليّة لأداء التكليف:
لقد أثبتت الشعارات التي أطلقها شعب حزب الله نفسها في على أرض الواقع في كثيرٍ من أحداث الثورة الإسلاميّة. هناك بالطبع بعض الموارد التي لم تظهر فيها هذه الثمار، ولكنّها كانت رغم ذلك تلقي بظلّ آثارها المعنوية على المجتمع؛ هذه الآثار التي إنّما تحقّقت بفضل القيام بهذه الأعمال بنيّة أداء التكليف. لقد كان انتصار الثورة والقضاء على المنافقين واحتلال وكر التجسّس الأمريكي وفشل الهجوم الأمريكي في طبس والإنتصار في الحرب وطرد العدوّ من أرض الوطن المسلم، لقد كانت كلّ هذه آثاراً ملموسةً ناتجةً عن أصل أداء التكليف.
ويقول الإمام الخميني(قدس سره) في ردّ قاسٍ على التحليلات التي قدّمها بعض أزلام الإستكبار ـ كالليبراليين ـ حول الحرب وقضايا الثورة المختلفة:
«إنّني أعتذر بشكل رسمي من أمهات وآباء وأخوات وإخوة وزوجات وأولاد الشهداء والجرحى بسبب هذه التحليلات الخاطئة التي نراها هذه الأيّام، وأطلب من الله أن يتقبّلني إلى جانب شهداء الحرب المفروضة. لسنا نادمين على طريقة أدائنا في لحظةٍ من لحظات الحرب، وهل نسينا أنّنا حاربنا من أجل أداء التكليف، وأن نتيجة هذه الحرب هي مسألة فرعيّة؟»[18].
ما يريد الإمام الخميني(قدس سره) قوله لنا في ردّه على هذه التحليلات الخاطئة التي تصنّفنا كمهزومين في هذه الحرب، إنّه لا معنى للهزيمة في قاموس أداء التكليف، وأنّ النتيجة غير مهمّة مهما كانت؛ فالتكليف تارةً يكون بالحرب وأخرى يكون بالسلام. كما أنّ الإمام الخميني(قدس سره) يشير إلى نقطة مهمّة، فيقول:
«لقد قام شعبنا بواجبه طوال المدّة التي شعر فيها أنّه مكلّف بالحرب وقادرٌ عليها، وهنيئاً لأولئك الذين لم يعتريهم الشك حتى اللحظات الأخيرة. في السّاعة التي علم فيها شعبنا أن مصلحة بقاء الثورة كانت في قبول القرار الدوليّ، قَبل وسلّم، وقد أدّى بذلك واجبه، فهل عليه أن يقلق من القيام بواجبه؟»[19].
وهنا يجب تذكير المسؤولين بضرورة العمل بطريقة لا تشعر حزب الله بالإحباط، وألا يتأثروا بالأجواء التي يصنعها العدوّ، وأن لا يتصرّفوا بأسلوب يشعر الذين شاركوا في الحرب أنّ الجمهورية الإسلاميّة في إيران تراجعت عن مرتكزاتها الأساسيّة، فينجرّ ذلك إلى إيجاد نوع من الإزدواجيّة في عقيدتهم وعملهم؛ ويقول الإمام(قدس سره):
«يجب أن نتجنّب التعبير عن آراء وأفكار يقصد منها إرضاء بعض الليبراليّين الذين باعوا أنفسهم، وذلك كي لا يشعر أبناء حزب الله الأعزّاء أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة تهمّ بالتراجع عن ثوابتها. وهل يعقل أنّ تحليلاً يدّعي إنّ الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران لم تحقّق شيئاً أو أنّها كانت فاشلة، يمكن أن يستهدف شيئاً سوى إضعاف النظام وسحب ثقة النّاس؟!»[20].
ولا يعتبر الإمام ها هنا التأخّر عن الوصول إلى الهدف دليلاً على التراجع عن الثوابت، وذلك استناداً إلى الأهداف البعيدة المدى التي وضعها الأنبياء والأئمة المعصومين(عليهم السلام) وأدوا تكليفهم في سبيل تحقيقها. ويعتقد الإمام أنّ الأنبياء والمعصومين(عليهم السلام) كان لهم أهدافاً سامية قد أدّوا تكليفهم من أجل الوصول إليها، وهناك البعض ممّن وصل إلى هذه الأهداف المثاليّة والبعض الآخر ممّن لم يصل، ولكنّهم لم يتراجعوا أبداً عن ثوابتهم.
يقول الإمام الخميني(قدس سره) في هذا المجال: «ليس التأخّر في الوصول إلى الهدف سبباً للعدول عن ثوابتنا. نحن مأمورون جميعاً بأداء التكليف والواجب، لا بالنتيجة. لو أن جميع الأنبياء والمعصومين(عليهم السلام) كانوا مكلّفين بالنتيجة لما كان عليهم أن يتجاوزوا المجال الذين يستطيعون العمل ضمنه، وأن يتحدّثوا ويذكروا الأهداف العامّة البعيدة المدى التي لم يكونوا ليصلوا إليها في حياتهم الظاهريّة»[21].
ويذكر الإمام الخميني(قدس سره) هنا نماذج من تحقّق الأهداف، مذكّراً بثمارها الطيّبة ومؤكّداً على الإستعانة بالقوى خاصّتنا: «لقد استطاع شعبنا بلطف الله العظيم، تحقيق النجاح في مختلف الميادين التي رفع شعاره فيها، فقد رأينا شعار القضاء على نظام الشاه على أرض الواقع، وقد زينّا شعار الحريّة والإستقلال بعملنا، لقد شاهدنا شعار (الموت لأمريكا) في عمل شبابنا الثائر البطل المسلم، حين احتل وكر الفساد والتجسّس الأمريكي. لقد وضعنا شعاراتنا على المحك بالعمل. نحن نعترف أنّ الكثير من الموانع اعترضت سبيلنا، وأجبرتنا على تغيير الأساليب والتكتيكات. علام نستخفّ بأنفسنا وبشعبنا ومسؤولي بلدنا، ولماذا نعتبر أنّ العقل والتدبير كلّه عند الآخرين؟»[22].
النماذج السلوكيّة في أداء التكليف:
أ ـ (مدرّس)، رجلٌ مطيع للتكليف
كان الإمام الخميني(قدس سره) يعتقد أنّه يجب أن لا نخلي الساحة حتى وإن لم يجري العمل كما نريد، بل علينا أن ننـزل إلى ساحة المعركة، ونعمل بتكليفنا، وكان يقول: «على أولئك الذين يحملون الإسلام كعقيدة، أن ينـزلوا إلى الساحة، وأن يدلوا بأصواتهم. وليس مُبرّراً لنا التنحّي جانباً إذا لم يأتِ شخصٌ موافق لهوانا. كلا، على الإنسان أن يكون حاضراً حتى لو كانت الأمور مخالفة لما يهواه»[23].
أما مقصود الإمام(قدس سره) من (الثبات في الميدان)، فهو السعي من أجل أداء التكليف والدفاع عن الإسلام[24]، وقد ذكر لنا (قدس سره) نموذجاً حيث حدّثنا قائلاً:
كان المرحوم مدرّس & قد قال «أنا أعارض الجمهوريّة». وكانت الجمهوريّة في ذلك الوقت شيئاً لا بدّ من معارضته، لأنهم كانوا حينها يريدون حياكة مؤامرة، فقال حينها «أنا أعارض الجمهوريّة لكنّي لن أتنحّى جانباً، أنا حاضر في الساحة. سوف أسعى للمشاركة فيها». عندما يريد الإنسان أن يخدم، عليه أن يعمل على تقديم الخدمة بأيّ صبغةٍ كانت»[25].
ب ـ العمل بالتكليف في المهجر
عندما يتحدّث الإمام الخميني(قدس سره) عن قصّة الهجرة، ويذكر مصاعب الطريق، يطرح أداء التكليف كنظرة جديدة يمكنها أن تنسي المرء عناء الهجرة، وأن تحولها إلى طريق لتقديم الخدمة في سبيل الله. وقد شرح لنا قصّة الهجرة من تركيّا إلى العراق فقال: «عندما دخلنا إلى العراق قادمين من جهة تركيّا، وذهبنا بعدها إلى النجف، جاء أشخاص من قبل الحكومة العراقيّة وكرّروا مراراً أنّ العراق لكم، ويمكنكم أن تذهبوا حيث شئتم، وأن تطلبوا أيّ شيءٍ فنُنفّذه، إلى أن تغيّرت الحكومات الواحدة تلو الأخرى، ورأينا في المدّة الأخيرة أنّه من المناسب أن نمارس نشاطنا لمدّة أطول في العراق. ثم بدأت الحكومة تتّخذ منحىً معارضاً شيئاً فشيئاً. فبدأوا بإرسال عدة أشخاص إلى المنـزل كحرّاس شخصيّين، وأشاعوا أنّ هناك من يريد اغتيالكم... ولكنّي كنت أقول لبعض الأصدقاء منذ البداية، أنّ القضيّة ليست قصّة حراسة، بل هي مراقبة لما نفعله. ثم بعد ذلك بوقت قصير جاء مسؤول الأمن من بغداد، وكان شخصاً لطيفاً، وكانت كلماته مليئة بالمجاملات... ثم ذهب هذا الشخص، وجاء بعده آخر بعد عدّة أيّام، وقالوا أنّ رتبته أعلى من مسؤول الأمن ذاك، وقال لنا بشكل رسميّ إنّه لدينا معاهدات مع دولة إيران وتعهّدات لها، لذا لا يمكننا أن نقبل بممارسة نشاطكم هنا... عليكم أن تجتنبوا كتابة أيّ شيء، أو التحدّث على المنبر، أو تسجيل شريط وإرساله، لأنّ هذا يتعارض مع تعهّداتنا. فقلت له إنّ هذا تكليفٌ شرعي واجبٌ عليّ. سوف أكتب البيانات، وعندما يحين الوقت سأتحدّث على المنبر، وسأسجّل الأشرطة وأرسلها إلى إيران. هذا تكليفي الشرعيّ، وأنتم مكلّفون أيضاً، فاعملوا»[26].
ج ـ الإصرار على تنفيذ التكليف وتحمّل المسؤوليّة في الصعاب
عندما يتحدّث حجّة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الخميني عن كفاح الإمام(قدس سره) فإنّه يعتبر أنّ اصطدام الإمام الخميني(قدس سره) ببعض المتحجّرين كان من أصعب اللحظات التي مرّت عليهم. وقد قال في ذكرياته عن تلك الأيام: «لقد كان بيت الإمام الصغير في النجف مهد الثورة، وأمل الشعب، وفي نفس الوقت مركز ثقل تحمّل ضغوط نظامين جبّارين، حكومات الشاه الدكتاتوريّة والنظام العراقي، كما كان مستهدفاً بالهجمات والهتك والتجريح من قبل الأشخاص الذين عكّرت ثورة الإمام (قدس سره) صفو حياتهم البائسة. وكان البعض من هؤلاء يقف على الطريق بين مكان درس الإمام الخميني والمرقد المطهّر لأمير المؤمنين علي(عليه السلام) لكي يمرّ الإمام الخميني(قدس سره) دون أن يولوه اهتماماً، ظنّاً منهم أنّهم بذلك يجرحون الإمام(قدس سره) أو يؤذون قلبه النورانيّ. عندما كان(قدس سره) في النجف يبحث موضوع ولاية الفقيه، بدأت إعتراضات المتخلّفين. فكان البعض يحرّض البعض على ترك الدرس، وكان ينجحون في ذلك للأسف. وكان الإمام نفسه يقول: «عندما بدأ هذا البحث كان هناك البعض ممّن لم يحضروا في الدرس، ولم يأتوا حتى النهاية..». على أيّ حال عندما كان أصدقاء الإمام القلّة الصبورون الأقوياء المقرّبون الثابتون يشعرون بأن لم يعد في وسعهم التحمّل وأنّ الشتائم أرهقتهم، كانوا يلوذون بالإمام ليشعروا بتجدّد أرواحهم، وكان الإمام يقول: «عليكم القيام بعملكم، ولا عليكم من هذه الأحاديث. أنتم مسؤولون، وعليكم أن تعملوا بما تقتضيه مسؤوليتكم. يجب أن تتحمّلوا الصعاب والشتائم لتحرير المسلمين، ولا تتركوا العمل الصالح. مهما قالوا لكم، ومهما افتعلوا لكم المشاكل، فإنّكم لن تعانوا ما عاناه الرسول(صلى الله عليه وآله) في يوم واحد»[27].
النتيجة
نستنتج من المطالب التي مرّ ذكرها أن التكليف اصطلاح ديني، يدفع العمل به بعجلة تأثير المؤسّسات الإسلاميّة، ويورثها الإزدهار.
لقد فسّر قائد الثورة الراحل التكليف بالأوامر والنواهي الإلهيّة، وأنّ العمل بالتكليف الإلهي هو عبارة طريقة رائعة للتوصّل إلى قيادة وإدارة مثمرة في المؤسّسات الإسلاميّة. فالمدراء من أصحاب هذه الرؤية يضعون العمل بالأوامر الإلهيّة نصب أعينهم حين يصمّمون ويخطّطون ويقسّمون القوى العاملة في مجموعات، وينسّقون، وينظّمون، ويخلقون الحوافز بين العاملين ويتواصلون معهم و... وهذا في إطار التبعيّة للتكليف، فهم يؤدّون التكليف في مسيرتهم هذه. عندما يتّبع العاملون في المؤسّسات الإسلاميّة قادتهم المؤمنين بمحوريّة التكليف فسوف يؤدّون واجباتهم بالشكل المطلوب، لأنهم يعتقدون أن الله رقيبٌ عليهم. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ توظيف المدراء لآلية أداء التكليف في أعمالهم ـ مردفةً بإعطاء التوقّعات ـ ييسّر لهم التعرّف على التكليف، فلا يتردّدون في مجال التنفيذ، ولا يتصنّعون، أو ييأسون. وقد كان الإمام الخميني(قدس سره) قدوة عمليّة في هذا المجال، وقد وضع مفهوم أداء التكليف حيّز التنفيذ في القضايا المتنوّعة، وأعطى تفسيراً جديداً للنصر والهزيمة في هذه الطريق. لقد كان القائد الرّاحل يؤمن أن من يعمل بتكليفه لا يهزم، وإن لم ينتصر. فمع أن الإمام الحسين(عليه السلام) هزم مثلاً من الناحية الماديّة، ولكن بما أنّه كان قد عمل بتكليفه، فهو لم ينهزم. هكذا فسّر الإمام الخميني أداء التكليف وعمل به، مستلهماً ذلك من هذه الثقافة الدينيّة. ومن الطبيعي أن يتّبع أتباع ومحبّي الإمام الخميني(قدس سره) هذا الأسلوب الإسلامي إذا ما أرادوا العمل بالتكليف.
ــــــــــــــــ
[1] Koontz ,Harold Heinz, Weirich; Essentials of Management, p 344.
[2] Schermerhorn Jr. and others, Organizational Behavior, p 315.
[3] Blackwell Encyclopedic Dictionary of Organizational Behavior, p 284.
[4]Handy, Charles: Understanding Organizations, p 111.
[5] سورة محمد، الآية 7.
[6] الشهيد مطهّري، مقدمه ای بر جهان بينی اسلامی (مقدمة حول الرؤية الكونيّة الإسلاميّة)، ص 273.
[7] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 19، ص 202.
[8] نفس المصدر، ج15، ص 70.
[9] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 8، ص 105.
[10] نفس المصدر، ج 15، ص 70.
[11] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 17، ص 224.
[12] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 8، ص 37.
[13] نفس المصدر، ج 8، ص 118.
[14] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 12، ص 303، 304.
[15] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 21، ص 221.
[16] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 17، ص 84، 85.
[17] نفس المصدر، ج 5، ص 307.
[18] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 21، ص 284.
[19] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 21، ص 284.
[20] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 21، ص 284.
[21] نفس المصدر، ص 284 ـ 285.
[22] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 21، ص 285.
[23] الإمام الخميني، روح الله، صحيفة الإمام، ج 23، ص 330.
[24] حكايتهاى تلخ وشيرين (القصص الحلوة والمرّة)، ج 1، ص 119.
[25] حكايتهاى تلخ وشيرين (القصص الحلوة والمرّة)، ج 1، ص 119ـ 120.
[26] حكايتهاى تلخ وشيرين (القصص الحلوة والمرّة)، ج1، ص 52 ـ 55.
[27] پا به پای آفتاب (قدم تحاذي الشمس)، ص 68 ـ 69.
تعليقات الزوار