بِسَنَدِيَ المُتَّصِلِ إِلى ثِقَةِ الإسْلامِ وَالمُسْلِمينَ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الكُلَيْني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ عَنْ عَلِيّ بْنِ إبْراهِيمَ، عَنْ أبيه عَنِ النَّوْفَلِيِّ، عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبي عَبْدِ اللهِ عليه السَّلام قال: قال رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلم: «الغِيبَةُ أَسْرَعُ في دينِ الرَّجُلِ المُسْلِمِ مِنَ الأَكْلَةِ فِي جَوْفه».

 

وَقال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلم: «الجُلُوسُ فِي المَسْجِد انْتِظارَ الصَّلاةِ عِبادَةٌ ما لَمْ يُحْدِثْ. قيلَ يا رَسُولَ اللهِ وَما يُحْدثُ قالَ: الاغتيابِ»[1].

 

الشرح:

 

الغيبة كما في اللغة مصدر «غاب»، واسم مصدر لـ «اغْتِيَاب». قال الجوهري: «اغتابه اغتيابا إذا وقع فيه، والاسم الغيبة وهو أن يتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه، فإن كان صدقاً سمّي غيبة، وإِنْ كانَ كذباً سمّي بهتاناً. انتهى»[2].

 

قال المحقق المحدث المجلسي عليه الرحمة: هذا بحسب اللغة[3]. انتهى. ولكن يبدو بأن صاحب الصحاح ـ الجوهري ـ ذكر المعنى الاصطلاحي لا اللغوي. لأن المعنى اللغوي لـ غاب واغتاب وجميع مشتقاته ليس بذلك. وإنما هو معنى أعم من ذلك، وقد يكتب اللغويون المعنى الاصطلاحي أو الشرعي للكلمة في كتبهم. وينقل عن صاحب القاموس إنّ غاب بمعنى عاب. وعن المصباح المنير: «اغتابه إذا ذكره بما يكرهه من العيوب وهو حقّ».

 

وحسب اعتقاد الكاتب أن هذه المعاني المذكورة لا تمتّ إلى المعنى اللغوي بشيء، بل في كل منها قيود تداخلت مع المعنى المصطلح. وعلى أيّ حال لا جدوى في البحث عن المعنى اللغوي، فإن المهم هو الوصول إلى الموضوع الشرعي الذي أصبح متعلقاً للتكليف الشرعي ـ الحرمة ـ. وحسب الظاهر يكون لهذا الموضوع ـ الغيبة ـ قيود شرعية لا يرقى إليها الفهم العرفي والمعنى اللغوي. ونتطرق للبحث في ذلك بعد قليل.

 

والأكَلَةُ كفرحة، داءٌ في العضو يأتَكِلُ منه كما في القاموس وغيره وقد يقرأ بمدّ الهمزة على وزن فاعلة أي العلّة الّتي تأكل اللحم والأوّل أوفق باللغة كذا قال المجلسي[4].

 

وعلى أي حال فالمقصود هو أن مرض الأكلة عندما يحلّ في العضو وخاصّة الأعضاء اللطيفة من الجسم مثل الباطن منه يأكله بسرعة ويقضي عليه، كذلك الغيبة تأكل دين الإنسان أسرع من ذلك وتفسده وتقضي عليه.

 

«مَا لَمْ يُحْدِث» من باب الأفعال، والضمير المستتر فيه يعود إلى «الجالس» المستفاد من «الجلوس» المذكور في الرواية.

 

«والاغْتِيَابَ» منصوب ومفعول لفعل مقدر ـ يحدث ـ مفهوم من كلام السائل. وفي بعض النسخ ـ «ما الحدث» في مكان «ما يحدث» وعليه يكون «الاغتياب» مرفوع على الخبرية.

 

فصل: في تعريف الغيبة

 

اعلم أن الفقهاء ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ ذكروا تعاريف كثيرة للغيبة، لا يتناسب عرضها ومناقشة كل واحد منها من ناحية الجامعيّة ـ الشمول لكل أفراد الغيبة ـ والمانعية ـ عدم الاستيعاب لما ليس من الغيبة ـ مع حجم هذا الكتاب، إلاّ إذا اقتصرنا على ذكر التعاريف إجمالا.

 

يقول الشيخ المحقق السعيد الشهيد في (كشف الريبة) وأما في الاصطلاح فلها تعريفان: أحدهما مشهور: «هُوَ ذِكْرُ الإنْسانِ حالَ غَيْبَتِه بِما يَكْرَهُ نِسْبَتَهُ إلَيْهِ مِمّا يُعَدُّ نُقْصاناً فِي العُرْفِ بِقَصْدِ الانْتِقاص وَالذَّمِّ».

 

وثانيهما: «التَّنْبِيهُ عَلَى مَا يَكْرَهُ نِسْبَتَهُ إِلَيْهِ وَهُوَ أَعم من الأَوَّل»[5] وحاصل معنى الأول: أن الغيبة عبارة عن ذكر إنسان في غيبته بما يكره نسبته إليه، مما يُعَدُّ نقصاً وذمّاً لدى الناس، وكون هذا الذكر بقصد الانتقاص والطعن. وحاصل المعنى الثاني هو التنبيه إلى ما هو كذلك. ثم إن التعريف الثاني يكون أعمّ من الأول فيما إذا كان الذكر ـ في الأول ـ بمعنى القول كما هو المتفاهم العرفي، فيكون التنبيه ـ في الثاني ـ أعم أن من القول والكتابة والحكاية وغيرها من سائر طرق التفهيم. وإذا كان الذكر أهم من القول كما هو الموافق للّغة، كان مرجع التعريفين واحداً. والمستفاد من الأخبار أيضاً يدل على هذين التعريفين.

 

مثل ما في مجالس الشيخ في حديث أبي بصير في وصيّة النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ لأبي ذَرٍّ ـ رضوان الله عَليهِ ـ وفيه ـ «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ ما الغيبَةُ؟ قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بِما هُوَ فِيهِ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِذا ذَكَرْتَهُ بِما لَيْسَ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ»[6].

 

وورد في الحديث النبوي الشريف: «هل تَدْرُونَ مَا الغيبَةُ؟ فَقالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بِما يَكْرَهُ...الخ»[7].

 

ويرجع هذا المعنى الأول حسب المتفاهم العرفي إلى معنى الذكر، أو إلى المعنى الثاني بناءً على أن الذكر أشمل من القول. ولم يذكر الحديث غياب الأخ، لأنه مفهوم من معنى الغيبة فلا حاجة لذكره. ومن الواضح أيضاً أن المقصود من الأخ هو الأخ في الإيمان لا في النسب. و(مَا يَكْرَهُ) تعبير عن كل ما فيه نقص عرفاً. وإرادة الانتقاص والطعن وإن لم تذكر في الحديثين الشريفين: لأبي ذر، والنبوي المشهور، ولكنها مستفادة من فحوى الكلام. بل أن صدر رواية أبي ذر يدلّ إلى ذلك، فكان مستغنياً عن ذكره. لأن في صدر الرواية «الغَيْبَةُ أشَدُّ مِنَ الزِّنا. قُلْتُ: وَلِمَ ذاكَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: لأنَّ الرَّجُلَ يَزْني فَيَتُوبُ إِلَى اللهِ فَيَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِ، والغِيبَةُ لا تُغْفَرُ حَتّى يَغْفِرَها صاحِبُها ثمّ قال:... وأكْلُ لَحْمِه مِنْ مَعاصِي اللهِ»[8]. ويفهم من هاتين الجملتين أن الذكر مع قصد الانتقاص، يكون غيبةً وإن كان ذكر الغير بقصد الشفقة عليه لما كانت غيبة حتى يحتاج إلى طلب المغفرة. ولما كانت من أكل لحمه. ويستفاد من رواية عائشة أن الغيبة أعم من الذكر القولي: «قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيْنَا امْرَأَةُ فَلَمّا وَلَّتْ أَوْمَأتُ بِيَدي أَنَّها قَصِيرَةٌ فَقَالَ ـ صلّى الله علية وآله وسلم ـ: اغْتَبْتِها»[9]. بل العرف لا يفهم من أخبار الغيبة، خصوصية للفظ، وإنما تعرض له من جهة أنه أسلوب من أساليب التفهيم، بمعنى إن الغيبة غالباً ما تكون باللفظ، لا من جهة أن للّفظ خصوصية مميزة.

 

يبقي مطلب واحد وهو أن المستفاد من أخبار الغيبة أن كشف ستر المؤمنين حرام بمعنى أنه يحرم إظهار عيوب المؤمنين المستورة، من دون فرق بين أن تكون هذه العيوب خلقية أو خُلقية أو سلوكية، سواء كان الشخص المتصف بالعيب راضياً بكشف عيبه أو لا. وسواء كان هناك قصد انتقاص أم لا. ولكن يستفاد من مراجعة عدّة روايات في المقام أن لقصد الانتقاص والطعن دور في حرمة الغيبة، إلاّ إذا كان العمل بنفسه من الأمور التي يحرم شرعاً ذكره وإشاعته. بأن يكون معصيةً وتعدّياً على حقوقه سبحانه حيث لا يجوز لصاحب المعصية إظهارها للآخرين، وإنها من إشاعة الفاحشة. وهذا لا يكون مرتبطاً بحرمة الغيبة. ولا يبعد أن يكون إظهار المستور من عيوب المؤمنين عند عدم رضاهم بذلك محرّماً، حتى وإن لم يكن هناك قصد للانتقاص منهم. وعلى أي حال إن التفصيل في هذا الموضوع، أكثر مما ذكرنا، يكون خارجاً عن المطلوب.

 

فصل: في الغيبة ومساوئها

 

اعلم أن حرمة الغيبة محل اتفاق إجمالاً، بل تعدّ من ضروريّات الفقه ومن المعاصي الكبيرة والموبقات المهلكة. ويكون البحث في ذلك والموارد التي ستثنى منها، خارجة عن نطاق هذا الكتاب. واللازم في هذا المقام التنبيه على فساد هذه السيئة الموبقة وعلى مضاعفاتها، حتى نبتعد عنها ولا نبتلي بها إنشاء الله أو إذا ابتلينا ـ لا سمح الله ـ لتراجعنا وتُبنا، واستئصلنا مادة الفساد، ولا نفسح المجال للرحيل من هذا العالم مع هذا الدنس والابتلاء بهذه المعصية الكبيرة الماحقة للإيمان. لأن لهذه الخطيئة الكبيرة في عالم الغيب، وراء حجاب الملكوت، صورة مشوهة بشعة، تبعث ـ مضافاً إلى قبح منظرها ـ على الفضيحة في الملأ الأعلى ولدى محضر الأنبياء المرسلين والملائكة المقربين. والصورة الملكوتية لها، هي التي أشار إليها سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، وشرحتها الأحاديث الشريفة صراحةً وتلويحاً أيضاً. قال الله تعالى: (وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)[10].

 

نحن غافلون عن أن أعمالنا بأنفسها في صور تناسب معها، تعود إلينا، في عالم آخر. وغافلون عن أن لهذا العمل، صورة أكل الميتة. إن صاحب هذا العمل ـ المغتاب ـ يضاهي الكلاب الجارحة، في افتراسه لأعراض الناس ولحومهم، وسترجع إليه الصورة الملكوتية لهذا العمل ـ كلب ينهش لحم الميت ـ في نار جهنم.

 

وفي رواية أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لمّا رجم الرجل في الزنا قال رجل لصاحبه: «هذا أُقْعِصَ[11] كَما يُقْعَصُ الكَلْبُ فَمَرَّ النَّبِيّ مَعَهُما بِجيفَةٍ فَقالَ: إِنْهَشا مِنْها، فَقالا: يا رَسْولَ اللهِ نِنْهَشُ جيفَةً؟ فَقالَ: ما أصَبْتُما مِنْ أخيكُما أنْتَنُ مِنْ هذِه» [12].

 

نعم أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قد شاهد نتيجة قوّة نور بصيرته وحدّة مشاهدته ـ النبوية الغيبية ـ عملهم ـ المغتابين ـ وعرف بأن جيفة الغيبة أشدّ من جيفة الميتة وصورة عمل الغيبة أشدّ قبحاً وفظاعة من صورة الميتة المتفسخة.

 

وفي رواية أخرى أن المغتاب يأكل من لحمه يوم القيامة. وفي وسائل الشيعة عن كتاب «المجالس» لصدوق الطائفة ـ رضوان الله عليه ـ عن نوف البكّالي قال أتى أمير المؤمنين عليه السلام (إلى أن قال) قلت زدني قال: «اجْتَنِبْ الغيبَةَ فَإنِّها أدام كِلابِ النَّارِ ثُمَّ قالَ: يا نُوفُ كَذبَ مَنِ زَعَمَ أنَّهُ وُلِدَ مِنْ حَلالٍ وَهوَ يَأْكُلُ لُحُومَ النّاس بِالغيْبَةِ»[13].

 

ولا تهافت بين هذه الأحاديث الشريفة. إذ يمكن أن يتحقق كل ذلك: يأكل ـ المغتاب ـ لحم الميتة ويأكل لحم جسده أيضاً. يكون على صورة الكلب فيأكل الجيفة، ويكون على صورة الميتة تأكله كلاب جهنم أيضاً. هناك ـ في عالم الآخرة ـ إن الصورة تابعة للحيثيات التي توجد في الفاعل فيمكن أن تكون لموجود واحد صورٌ مختلفة. كما هو مقرّر في محله العلوم الفلسفية والعرفانية ـ. وعن عقاب الأعمال بإسناده... عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في حديث: «.. وَمَنْ مَشى في غيبَةِ أخيهِ وَكَشْفِ عَوْرَتِهِ كانَتْ أَوَّلُ خُطْوَةٍ خَطاها وَضَعَها في جَهنَمَّ وَكَشَفَ اللهُ عَوْرَتَهُ عَلى رُؤوسِ الخَلائق» [14].

 

هذا وضعه يوم القيامة وفي جهنم حيث يفضحه الله تعالى بين الناس وأمام الملكوتيين.

 

وفي وسائل الشيعة عن الإمام الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام في حديث المناهي أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم... ونهى عن الغيبة وقال: «مِنْ اغْتابَ امرأً مُسْلِماً بَطَلَ صَوْمُهُ وَنَقَضَ وُضُوءَهُ وَجاءَ يَوْمَ القِيامَة يَفُوحُ مِنْ فيه رائِحَةٌ أنْتَنُ مِنَ الجيفَةِ يَتَأَذّى بِه أَهْلُ المَوْقِفِ وَإِنْ ماتَ قَبْلَ أنْ يَتُوبَ ماتَ مُسْتَحِلاًّ لِما حَرَّمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ» [15].

 

وهذا حاله قبل وروده على نار جهنم حيث يكون أمره مفضوحاً على رؤوس الأشهاد ويعتبر من الكفار، لأن المستحل لما حرّمه الله يكون كافراً، وتكون نهاية المغتاب ـ يوم القيامة ـ حسب هذه الرواية تضاهي نهاية الكافر لأنهما يستحلان ما حرّمه الله.

 

وروي أيضاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في بيان حال المغتاب في البرزخ الرواية التالية:

 

«عن أَنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلم: مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عَلى قَوْمٍٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ بِأَظافِيرِهِمْ، فَقُلْتُ: يا جَبْرَائيلَ! مَنْ هؤُلاءِ؟ قَالَ: هؤلاء الَّذينَ يَغْتابُونَ النَّاسَ وَيَقَعُونَ في أَعْراضِهِمْ»[16].

 

فتبين أن المغتاب مفضوح في عالم البرزخ وعلى استحياء أمام أهل المحشر يوم الوقوف بين يدي رب العالمين، وفي حالّ من الذلّ والمسكنة عندما يزجّ به في نار جهنم، بل إن بعض مراتب الغيبة يدفع بصاحبها على الفضيحة في هذا العالم أيضاً.

 

ففي أصول الكافي عَنْ إِسْحاقَ بْنِ عَمّارٍ قالَ: «سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللهِ عليه السَّلام يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلم: يا مَعْشَرَ مَنْ أسْلَمَ بِلِسانِهِ وَلَمْ يَخْلُصِ الإيْمانُ إِلى قَلْبِه لا تَذُمُّوا المُسْلِمينَ وَلا تَتَبَّعُوا عَوْراتهِمْ فَإنَّ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْراتِهِم تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحُهُ وَلَوْ فِي بَيْتِه»[17].

 

إن الله سبحانه وتعالى غيور، ويكون هتك ستر المؤمنين وكشف عوراتهم هتكاً لناموس إلهي وكرامته. ولو أن إنساناً تجاوز في الاستهتار الحدود، وهتك حرمات الله، كشف الله الغيور عيوبه التي سترها عن الآخرين بلطفه وستّاريته، وهتك أسراره وفضح أمره في هذا العالم أمام الناس وفي عالم الآخرة أمام الملائكة والأنبياء والأولياء ـ عليهم السلام ـ.

 

وفي الحديث الشريف في الكافي عن أبي جعفر عليه السلام: «قالَ: لَمّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيّ صلّى الله عليه وآله وسلم قالَ: يا رَبِّ ما حالُ المُؤْمِنِ عِنْدَكَ: قالَ: يا مُحَمَّدُ مَنْ أهانَ لي وَليًّا فَقَدْ بارَزَني بِالْمُحارَبَةِ وَأنَا أسْرَعُ [ شَيْءٍ ] إِلى نُصْرَة أوْلِيائي»[18].

 

والأحاديث في هذا الموضوع كثيرة.

 

وعن الشيخ الصدوق عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «وَمَنْ اغْتابَهُ بِما فيهِ فَهُوَ خارِجٌ مِنْ وِلايَةِ اللهِ تَعالَى داخِلٌ في ولايَةِ الشَّيْطانِ»[19].

 

ومن الواضح أن من يخرج عن ولاية الله تعالى ويدخل في ولاية الشيطان، لا يكون من أهل النجاة والإيمان. كما ورد في حديث إسحاق بن عمار المتقدم[20].

 

أيضاً من أن إسلام المغتاب بلسانه ولم يخلص الإيمان في قلبه.

 

ومعلوم أم من يؤمن بالله ويُصدِّق بيوم الجزاء ويعتقد إعتناقه ـ يوم القيامة ـ لصور أعماله وحقائق سيئاته، لا يقترف موبقة كبيرة، تفضحه في عوالم الغيب والشهادة وفي عالم الدنيا والبرزخ والآخرة، وتقوده إلى شرّ المصائب، التي هي نار جهنم، وتخرجه عن ولاية الحق المتعالي وتدخله تحت ولاية الشيطان.

 

لو أننا اجترحنا مثل هذه المعصية العظيمة لوجب أن نعرف بأن الأساس غير سليم، وأن حقيقة الإيمان لم يدخل في قلبنا. ولو أن الإيمان تغلغل في القلب، لصلحت الأمور، لأن آثاره ـ الإيمان ـ تتسرب إلى الظاهر والباطن والسرّ والعلن.

 

فلابد من معالجة الباطن وأمراض القلب. ويستفاد من الأحاديث أن ضعف الإيمان وعدم خلوصه كما يسبب فساداً في الأخلاق وانحرافاً في الأعمال، كذلك توجب الفاسد الأخلاقية نقصاً في الإيمان بل زواله. وهذا الكلام يتطابق مع بعض البراهين. كما تقرر في محلّه.

 

واعلم أن هذه المعصية من جهة أخرى أشد من كافة المعاصي، وأن آثارها أخطر من آثار الذنوب الأخرى، لأن الغيبة مضافاً إلى أنها تمسّ حقوق الله، تمسّ حقوق الناس أيضاً. ولا يغفر الله للمغتاب حتى يرضى صاحب الغيبة. كما ورد هذا المضمون في الحديث الشريف المأثور بطرق مختلفة.

 

عن محمّد بن الحسن في المجالس والإخبار بإسْناده عن أبي ذَرٍّ، عَنِ النَّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم في وَصِيَّةٍ لَهُ قَالَ: «يا أبا ذَرٍّ إِيّاكَ وَالغيبَةَ، فَإنَّ الغيبَةَ أشَدُّ مِنَ الزِّنا. قُلْتُ: وَلِمَ ذاكَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: لأنَّ الرَّجُلَ يَزْني فَيَتُوبُ إِلَى اللهِ فَيَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِ وَالغيبَةُ لا تُغْفَرُ حَتّى يَغْفِرَها صاحبها» [21].

 

وفي كتاب علل الشرائع والخصال ومجمع البيان وأخوان الصفا أحاديث بهذا المعنى أو قريب من هذا المعنى.

 

ولو أن الإنسان والعياذ بالله مات وعليه حقوق الناس، كان أمره صعباً جداً. إذ أن علاقة الإنسان في حقوق الله تكون مع الكريم الرحيم الذي لا يتطرق إلى ساحته القدسية شيء من البغض والضغينة والعداوة والتشفي ولكنه ـ في حقوق العباد قد يرتبط بإنسان فيه تلك الصفات الفاسدة ولا يتجاوز عنه بسرعة أو لا يرضى عنه نهائياً.

 

فلا بد للإنسان من المواظبة على نفسه كثيراً، والانتباه إلى الملاحظات التي ذكرناها فإن الأمر خطير جداً وصعب للغاية. والأحاديث في خطورة الغيبة أكثر من مجال هذه الصفحات. ونحن نقتصر على ذكر بعضها.

 

مثل ما رُوِيَ عَنِ النَّبِيّ صلّى الله عليه وآله وسلم أنَّهُ خَطَبَ يَوْماً فَذَكَرَ الرِّبا وَعَظَّمَ شَأْنَهُ فَقالَ: «إنَّ الدرْهَمَ يُصيبُهُ الرَّجُلُ مِنَ الرِّبا أعظْمُ مِنْ سَتِّ وَثَلاثينَ زَنْيَةً وَإِنَّ أرْبى الرَّبا عِرْضُ الرَّجُلِ المُسْلِمِ»[22].

 

ورُوِيَ عنه صلّى الله عليه وآله وسلم أنَّهُ قالَ: «مَا النّارُ في اليَبْس بِأسْرَعَ مِنَ الغيبَةِ في حَسَناتِ العَبْدِ»[23].

 

وَعَنِ النَّبِيّ صلّى الله عليه وآله وسلم: «يُؤْتى بِأحَدٍ يَوْمَ القِيامَةِ يُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ الربِّ عَزَّ وَجَلَّ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ كِتابُهُ فَلا يَرى حَسَناتِهِ فيهِ فَيَقُولُ إلهي لَيْسَ هذا كِتابِي [ فإنّي ] لا أرى فيهِ حَسَناتي. فَيُقالُ لَهُ إنَّ رَبَّكَ لا يَضِلُّ وَلا يَنْسى ذَهَبَ عَمَلُكَ بِاغْتِيابِ النّاسِ. ثُمَّ يُؤْتى بِآخَرَ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ كِتابُهُ فَيَرى فيهِ طاعاتٍ كَثيرةً فَيَقُولُ: إلهي ما هذا كِتابي فَإنّي ما عَمِلْتُ هذِهِ الطّاعاتِ، فَيُقَالُ لَهُ: إنَّ فُلاناً اغْتابَكَ فَدُفِعَ حَسَناتُهُ إِلَيْكَ» [24].

 

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «أَدْنَى الكُفْرِ أَنْ يَسْمَعَ الرَّجُلُ مِنْ أَخِيْهِ كَلِمَةً، يَحْفَظُهَا عَلَيْهِ يُرِيدُ أَنْ يَفْضَحَهُ بِهَا أولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ» [25].

 

هذه الأخبار المأثورة في خصوص الغيبة. في حين أن عناوين أخرى من المعاصي المذكورة في الروايات تنطبق أيضاً على الغيبة وتعمّها تلك الآثام مع مضاعفاتها الفاسدة مثل: إهانة المؤمن سبب مستقل لهلاك الإنسان , والأحاديث في تشنيع كل واحد منها قاصمة للظهر.

 

ونحن أعرضنا عن نقلها للمحافظة على الاختصار.

 

فصل: المفاسد الاجتماعية للغيبة

 

كما أن هذه المعصية الكبيرة وهذه الجريرة العظيمة، من المفسدات للإيمان والأخلاق والظاهر والباطن، وممَّا تدفع بصاحبها إلى الفضيحة في الدنيا والآخرة. حيث ذكرنا سلفاً في الفصل السابق نبذة يسيرة منها، كذلك تشتمل هذه الرذيلة على مفاسد اجتماعية ونوعية أيضاً، ولهذا يكون فسادها وقبحها أعظم من كثير من المعاصي.

 

إن من الأهداف الكبيرة للشرائع الإلهية والأنبياء العظام ـ سلام الله عليهم ـ مضافاً إلى كونه ـ الهدف الذي نذكره ـ هدفاً مستقلاًّ وليس بمجرد أداة وواسطة وإنّما هي الوسيلة التي تبعث على إنجاز الأهداف الأساسية الكبيرة، وشرط ضروري لتحقيق المدينة الفاضلة. مضافاً على ذلك، هو توحيد الكلمة وتوحيد العقيدة والاتفاق في الأمور الهامة، والحدّ من ظلم الجائرين الباعث على فساد بني الإنسان ودمار المدينة الفاضلة، ولا يتحقق هذا الهدف الكبير المصلح للمجتمع والفرد إلا في ظل وحدة النفوس وإتحاد الهمم والتآلف والتآخي، والصداقة القلبية والصفاء الباطني والظاهري، وتربية أفراد المجتمع على نمط يساهم كلهم في بناء شخص واحد، يحوّل المجتمع إلى فرد، ويجعل الأفراد بمنـزلة الأعضاء والأجزاء لذلك الفرد وتدار كافة الجهود والمساعي حول الهدف الإلهي الكبير، والأمر الهامّ العقلي العظيم ـ الوحدة والإخوة ـ الذي فيه مصلحة الفرد والمجتمع. ولو أن مثل هذه الوحدة والإخوة ظهرت في طائفة أو نوع، لتغلبوا على جميع الطوائف والأمم التي لا تحظى بالأخوة والوحدة كما يتضح ذلك من مراجعة التاريخ وخاصة دراسة الحروب الإسلامية والفتوحات العظيمة، حيث تمتع المسلمون لدى بزوغ القانون الإلهي ـ الإسلام ـ بشيء من الوحدة والاتحاد، واقترنت مساعيهم بشيء من الخلوص في النية، فحققوا في فترة قصيرة إنجازات عظيمة، وهزموا القوى الجبارة آنذاك المتمثلة في إيران والروم وانتصروا رغم قلة عددهم وعُدّتهم على الجيوش المدجّجة بالسلاح وعلى المجتمعات الكبيرة.

 

إن نبي الإسلام قد أجرى عقد الأخوة في الأيام الأولى بين المسلمين، فسادت الأخوّة حسب الآية الكريمة (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[26]. بين جميع المؤمنين.

 

وفي الكافي الشريف: عَنْ العَرْقُوفي قالَ: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللهِ عليه السَّلام يقول لأصْحابه: «إِتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا إِخْوَةً بَرَرَةً فِي اللهِ مُتَواصِلينَ مُتَراحِمينَ. تَزاوَرُوا وَتَلاقَوْا وَتَذاكَرُوا أمْرَنا وَأحْيُوهُ» [27].

 

وَعَنْ أبي عَبْدِ اللهِ عليه السَّلام قالَ: يَحِقُّ عَلَى المُسْلِمِينَ الإجْتِهادُ فِي التواصُلِ وَالتَّعاوُنَ عَلَى التَّعاطُفِ وَالمُواسَاةِ لأَهْلِ الحاجَةِ وَتَعاطُفِ بَعْضِهِمْ عَلى بَعْضٍ حَتَّى تَكُونُوا كَما أمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «رُحَماءُ بَيْنَهُمْ...»[28].

 

وعنه عليه السَّلام: «تَواصَلُوا وَتَبارُّوا وَتَراحَمُوا وَكُونُوا إِخْوَةً بَرَرَةً كَما أمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ» [29].

 

ومن المعلوم أنه كلما يبعث على ازدياد هذه الصفات، يكون محبوباً ومرغوباً فيه وكلما ينقض هذه الاخوة ويفرّط عقد التواصل ويدفع نحو التمزّق، يعتبر مبغوضاً عند صاحب الشريعة ومناقضاً لأهدافه الكبيرة. ومن الواضح لدى الجميع بأن هذه المعصية الكبيرة الخطيرة ـ الغيبة ـ إذا أشيعت في المجتمع، أصبحت سبباً للضغينة والحسد والعداوة والبغض وترسيخ جذور الفساد في المجتمع، وغرس شجرة النفاق فيه، وضعضعة وحدة المجتمع وتضامنه، ووهن أساس الديانة، وفي النهاية تزداد في المجتمع القبائح والفساد.

 

فيجب على كل مسلم غيور ملتزم، لصيانة نفسه من الفساد، أهل دينه من النفاق وللمحافظة على المجتمع الإسلامي ووحدته ولتحكيم عقد الأخوة أن يبتعد عن هذه الرذيلة، ويمنع المغتابين من هذه الموبقة القبيحة، ويتوب إلى الله من هذا العمل الكريه، إذا كان مبتلياً به، ويسترضي مَنْ اغتابه إذا أمكن، من دون أن يفضي إلى مشكلة، ويستحلّه فإذا جعله في حلٍّ، وإلاّ استغفر له. وتخلّى عن هذه الخطيئة، وأنعش من جديد في قلبه جذور الصداقة والاتحاد، حتى يصبح من الأعضاء الصالحين في المجتمع وينقلب إلى جزء هامّ في عجلة الإسلام والله الهادي إلى سبيل الرشاد.

 

فصل: في علاج هذه الموبقة

 

اعلم أن معالجة هذه الخطيئة العظيمة وغيرها من الخطايا تكمن في العلم النافع والعمل.

 

أما العلم النافع فهو أن يفكر الإنسان في الآثار الناجعة التي تترتب على معالجة هذه الموبقة، ويقارنها مع المضاعفات السيئة والآثار الشنيعة التي تترتب على الغيبة، ثم يعرض كلا الأمرين على العقل ويستهديه لما فيه الحسن والخير والصلاح.

 

إن الإنسان لا يعادي نفسه البتة من اقترافه للمعصية، وإنما يجترح السيئات من جرّاء الجهل والغفلة عن بواعثها ونتائجها. ومن جرّاء الفائدة الموهومة المترتبة على تلك المعصية، من إرضاء رغباته النفسية في ذكر مساوئ الناس وكشف عوراتهم دقائق محدودة، ومن تضييع الوقت في ذكر اللطائف اللاذعة والأحاديث الشنيعة المنسجمة مع الطبيعة الحيوانية أو الشيطانية ولهوه في جلسته مع أصدقائه وإشفاء غيظه ممن يحسدهم.

 

ولكن آثار الغيبة القبيحة قد عرفت قسماً منها في الفصول السابقة وعليك أن تقف على قسم أخر وتتعظ منه، وتأخذه بعين الاعتبار لدى المقارنة بين حسنات الكفّ عن الغيبة ـ بالمعالجة ـ وسيئات الانهماك فيها. وتنجم عن هذا التفكر والمقارنة، آثار طيبة.

 

أما آثارها الشنيعة في هذا العالم فهو سقوط الإنسان من أعين الناس وسحب ثقتهم به. إن طبائع الناس مجبولة على حب الكمال والجمال والحسن،

 

والنفور من كل نقص وقبح وانحطاط. وملخّص الحديث أن الناس يفرّقون بين من يتجنّب، هتك أستار الناس وكشف أعراضهم وأسرارهم، وبين غيره، حتى إن الذي يتولّى الغيبة يرى في نفسه فطرة وعقلاً، الإنسان الذي يكون على حذر من هذه الأمور ـ هتك الأستار وكشف الأعراض والأسرار ـ مفضّلاً على نفسه. وإذا تمادى الإنسان وتجاوز الحدود، وهتك أسرار وأعراض الناس، فضحه الله في هذه الدنيا. كما صُرِّح بذلك في حديث إسحاق بن عمار المتقدم. ويجب أن يكون على حذر من فضيحة يريدها الله للإنسان حيث لا يمكن تداركها.

 

أعوذ بالله من غضب الحليم. إن من المحتمل أن يفضي هتك حرمات المؤمنين وكشف عوراتهم بالإنسان، إلى سوء العاقبة. لأن هذا العمل الشنيع إذا أصبح ملكة راسخة لدى الإنسان، ترك آثاراً في النفس: منها الضغينة والعداوة تجاه المستغاب التي تزداد شيئاً فشيئاً فعندما يدنو منه الأجل، وتنكشف عنه حجب الملكوت، ويرى المقامات الشامخة للذين اغتابهم وتعظيم الحق لهم، قد تحصل عنده الكراهية للحق سبحانه، لأن الإنسان يعادي، المحب لعدوه، ويبغض المحب لمبغوضه، فيخرج من الدنيا وهو كاره للحق والملائكة ويمنى بالخذلان الأبدي والشقاء الدائم.

 

عزيزي تصادق مع عباد الله الذين تشملهم رحمة الله ونعمه، ويتزينون بالإسلام والإيمان وأحببهم في قلبك. وإيّاك أن تعادي محبوب الحق المتعالي، لأنه سبحانه يعادي أعداء أحبائه وسوف يبعدك عن ساحة رحمته. إن عباد الله المخلصين مجهولون بين سائر عباده، ومن الممكن أن يعود عداءك لمؤمن وهتكك حرمته وكشفك عورته، إلى هتك حرمة الله تعالى ومعاداته!.

 

إن المؤمنين أولياء الحق، والتحابّ معهم، تحابّ مع الحق، والتخاصم معهم تخاصم مع الحق. إياك وإثارة غضب الحق سبحانه، ومعاداة شفعاء يوم القيامة «ويلٌ لِمَنْ شُفَعاؤه خُصَماؤه». فكّر قليلاً في النتائج الدنيوية والأخروية لهذه المعصية، وتأمل يسيراً في تلك الصور ـ صور تجسّد الأعمال ـ الموحشة المدهشة التي يبتلى بها الإنسان في القبر والبرزخ ويوم القيامة. وراجع الكتب المعتبرة لعلمائنا العظام ـ رضوان الله عليهم ـ والأحاديث المأثورة عن الأئمة الأطهار ـ عليهم سلام الله ـ التي تقصم الظهر، من شدة العقاب المتوعد عليه. ثم قارن بين ربع ساعة من اللغو في الحديث والثرثرة في ظل تحقيق رغبة وهميّة، وبين آلاف السنين من المعاناة، إذا كنت من أهل النجاة وارتحلت عن هذه الدنيا مع الإيمان. وإلاّ تكن ـ من أهل الإيمان والنجاة ـ فقارن تلك الدقائق اليسيرة مع الخلود في نار جهنم والعذاب الأليم ـ المؤبّد ـ نعوذ بالله منه ـ.

 

يضاف إلى ذلك أنك إذا خاصمت الشخص الذي تستغيبه، فمقتضى إيمانك بالأحاديث الشريفة أن تكفّ عن استغابته. لأنه ورد في الخبر أن حسنات المستغيب تنتقل إلى صحيفة عمل المستغاب، وسيئات المستغاب تنتقل إلى سجلّ عمل المستغيب. فإنك أردت أن تعاديه، ولكنك في الحقيقة قد عاديت نفسك.

 

إذن اعلم أنك لا تستطيع أن تحارب الله. إن الله قادر على أن يجعل المغتاب نتيجة غيبتك إياه عزيزاً ومقدراً بين الناس، ويجعلك حقيراً وذليلاً. ويقوم سبحانه أمام الكروبيّيّن ـ المقربين ـ بنفس العملية، فيملأ صحيفة عملك من السيئات ويفضحك، ويملأ صحيفة عمله من الحسنات معزّزاً مكرّماً.

 

فافهم أنك تحارب ـ بغيبتك ـ أيّ قادر جبار، وكن على حيطة وحذر من معاداته.

 

وأما من الناحية العملية فلا بد من كفّ النفس عن هذه المعصية لبعض الوقت مهما كان صعباً، ولجم اللسان، والمراقبة الكاملة للنفس، ومعاهدة النفس بعدم اقتراف هذه الخطيئة، ومراقبتها والحفاظ عليها ومحاسبتها. حيث يمكن أن يتم إصلاح النفس بعد مضي فترة قصيرة بمشيئته تعالى. واستئصال مادة هذا الفساد، ويسهل عليك الأمر قليلاً قليلاً. وبعد فترة تحسّ بأنك تتنفر منها بحسب طبيعتك وتنـزجر عنها. ثم تكون راحة النفس ومتعتها في ترك هذه المعصية.

 

فصل: الأولى ترك الغيبة في الموارد الجائزة

 

اعلم بأن العلماء والفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ استثنوا موارداً من حرمة الغيبة تبلغ في كلمات بعضهم العشرة ولسنا بصدد عرضها وتعدادها، حتى لا تكون

 

هذه الصفحات ساحة لبيان الأبحاث الفقهية. والذي يجب أن نذكره هنا هو أن على الإنسان أن لا يعيش حالة الاطمئنان أبداً من مكائد النفس، بل يجب أن يتحرك في منتهى الحذر والاحتياط، ولا يكون في صدد التبرير ـ لغيبته ـ بالأعذار بأن يقول أن هذا المورد هو من الموارد المستثناة فيسمح لنفسه بالبحث عن عيوب الناس وإشاعتها في المجتمع.

 

إن مكائد النفس بالغة الدقة، فيمكن أن تَخدع الإنسان عن طريق الشرع، وتزِجّه في مهلكة. فمثلاً إن غيبة المتجاهر بالفسق جائزة، وإذا توقف ردعه بعض الأحيان على استغابته وجبت غيبته من باب النهي عن المنكر، ولكن يجب أن يتأمل الإنسان بأن الدافع النفسي لغيبته هو الداعي الشرعي الإلهي ـ النهي عن المنكر ـ أو أن الباعث، أهواء شيطانية، ورغبة نفسانية ـ العداوة والتشفي و... ـ فإن كان الهدف الدافع الإلهي ـ النهي عن المنكر ـ كان عمله من العبادات، بل كانت غيبته هذه بنيّة إصلاح المتجاهر بالفسق والإساءة إليه، من أوضح مصاديق الإحسان والإنعام إليه وإن لم يشعر المغتاب بذلك. ولكن إذا كان قصده مشوباً بالفساد والميول النفسانية، فلا بد من تخليص النية ـ من غير الدافع الإلهي ـ والصفح عن أعراض الناس وحرماتهم عند عدم وجود هدف صحيح.

 

بل إن تعويد النفس على الغيبة في الأحوال الجائزة، يضرّ بحالها أيضاً. لأن النفس تميل نحو الشرور والقبائح، فمن المحتمل أن ينجرّ رويداً رويداً من الموارد الجائزة إلى مرحلة أخرى وهي الموارد المحرمة , كما أن الدخول في الشبهات غير محمود، رغم جوازه، لأنها حمى المحرمات ومن الممكن أن الاقتحام في الحمى يفضي إلى الدخول في المحرمات. يجب على الإنسان مهما أمكن أن يبعد النفس عن الغيبة في الأحوال المسموحة، ويحترز عن الأمور التي يحتمل أن يكون فيها طغيان للنفس.

 

نعم في الأحوال التي تجب الغيبة فيها، مثل غيبة المتجاهر بالفسق بهدف منعه إذا كان لا يرتدع إلا بها، والموارد الأخرى التي ذكرها العلماء، فلا بد من الإقدام عليها، مع السعي الحثيث لتخليص النية عن هوى النفس ومتابعة الشيطان. ولكن ترك الغيبة في الموارد الجائزة، أولى وأحسن ومن الأجدر أن لا نفعل كل

 

عمل جائز وخاصة الأمور التي يكون فيها لمكائد النفس والشيطان دور بارزٌ. في الحديث: مَرَّ عِيْسَى بْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَمَعَهُ الحَوَارِيُّونَ عَلَى جِيْفَةِ كَلْبٍ، فَقَالَ الحَوَارِيُّونَ مَا أَنْتَنَ رِيْحَ هذَا الكَلْبِ فَقَالَ عِيْسَى عَلَيْهِ السَّلامُ: «مَا أَشَدَّ بَيَاضَ أَسْنَانِهِ»[30].

 

إن المربي والموجه للإنسان لا بد وأن يكون ذا نفس طاهرة نقيّة. إن عيسى لم يسمح أن يذكر مخلوق الله بالسوء. إنهم شاهدوا عيبه وهو قد لوّح بكماله.

 

سمعت رواية منقولة عن السيد المسيح عليه السلام أنه قال لا تكونوا مثل البعوض الذي يفتش عن الأوساخ والقاذورات فلا تركزوا على عيوب الناس.

 

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «طوبى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ»[31].

 

من الجدير بالإنسان أن يبحث عن عيوبه قليلاً بمثل ما يتحرَّى عن عيوب الناس. وكم هو قبيح على الإنسان الذي فيه آلاف العيوب، أن يغفل عن عيوبه، ويتنبه لعيوب الآخرين وبذلك يضيف عيباً آخر على عيوبه. إذا تأمل الإنسان قليلاً في أحواله وأخلاقه وأعمله وانصرف إلى إصلاحها، لصلحت أعماله. وإذا اعتقد بأنه خال عن العيوب، كانت عقيدته هذه نتيجة جهله المطبق. ولا يوجد عيب أعظم من عيب عدم التفات الإنسان إلى عيبه، ويكون غافلاً عنه ومن أن الإنسان مجموعة عيوب ونقائص، فيترك عيوبه وينعطف على عيوب الآخرين.

 

فصل: في بيان أن الاستماع إلى الغيبة، محرم

 

إن الاستماع إلى الغيبة محرّم، كما أن الاستغابة تكون محرّمة بل يظهر في بعض الروايات أن المستمع مثل المغتاب في كل الأمور حتى وجوب التسامح منه، وإنه من الكبائر. عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم «المُسْتَمِعُ أحَدُ المُغْتابَيْنِ»[32].

 

وعن علي عليه السلام: «الْسامِعُ أحَدُ الْمُغْتابَيْنِ»[33].

 

بل يظهر من الروايات الكثيرة وجوب ردّ الغيبة.

 

عَنِ الصَّدُوقِ بِإسْنادِهِ عَنِ الصّادِقِ عليه السَّلام في حَدِيثِ مَناهِي النَّبِي صلّى الله عليه وآله وسلم «أنَّ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلم نَهى عَنِ الغيْبَةِ والإِسْتِماعِ إِلَيْها إِلى أنْ قالَ: ألا وَمَنْ تَطَوَّلَ عَلى أَخيه في غِيْبَةٍ سَمِعَها فيهِ في مْجْلسٍ فَرَدَّها عَنْهُ رَدَّ اللهُ عَنْهُ ألْفَ بابٍ مِنَ الشَّرِّ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ فَإنْ هُوَ [ لَمْ يَرُدَّها وَهُوَ ] قادِرٌ عَلَى رَدِّها كانَ عَلَيْهِ كَوِزْرَ مَنِ اغْتابَهُ سَبْعِينَ مَرَّةً». [34].

 

وَعَنِ الصَّدوق بِإسْنادِه عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهما السلام عَنْ آبائِه في وَصِيَّةِ النبِيِّ لعليّ عليهما السلام: «يا عَلِيُّ! مَنِ اغْتيبَ عِنْدَهُ أخُوهُ المًسْلِمُ فَاسْتَطاعَ نَصْرَهُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ خَذَلَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ» [35].

 

وَعَنْ عِقابِ الأعْمالِ بِسَنَدِهِ عَنِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وسلم : «مَنْ رَدَّ عَنْ أَخيه غيبَةً سَمِعَها في مَجْلِسٍ رَدَّ اللهُ عَنْهُ ألْفَ بابٍ مِنَ الشرِّ فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ فَإنْ لَمْ يَرُدَّ عَنْهُ وَأعْجَبَهُ كانَ عَلَيْهِ كَوِزْرِ مَنِ اغْتابَ» [36].

 

يقول علامة علماء المتأخرين المحقق الجليل الجامع لفضيلتي العلم والعمل الشيخ الأنصاري ـ رضوان الله تعالى عليه ـ :

 

«والظاهر أن الردّ غير النهي عن الغيبة، والمراد به الانتصار للغائب بما يناسب تلك الغيبة فإن كان عيباً دنيوياً انتصر له بأن العيب ليس إلا ما عاب الله به من المعاصي التي من أكبرها ذكرك أخاك بما لم يعبأ الله به وإن كان عيباً دينياً وجّهه بمحامل تخرجه عن المعصية فإن لم يقبل التوجيه انتصر له بأن المؤمن قد يبتلى بالمعصية فينبغي أن تستغفر له وتهتم له لا أن تعيره، وأن تعييرك إياه لعله أعظم عند الله من معصيته» [37] انتهى كلامه رفع مقامه.

 

ويلاحظ أحياناً أن المستمع فضلاً عن أنه لم يمنع الغيبة، يعمد إلى تحريض الشخص المستغيب، أو يشجّعه عليها من خلال مشاركته معه في الاستغابة، أو تحسينه إياه على غيبته وإذا كان المستمع من أهل الصلاح، رغّب المستغيب في الاستغابة نتيجة موقفه ذات الطابع الديني لدى استماع الغيبة، من الاشتغال بذكر الله أو الاستغفار أو الأمور الأخرى التي تعدّ من الوسائل الشيطانية لأنه بموقفه هذا يدفع المستغيب إلى الاستغابة.

 

ومن الممكن أن يكون الحديث الشريف الذي يضاعف وزر المستمع للغيبة سبعين مرّة بالنسبة إلى وزر المستغيب، إشارة لهؤلاء الأشخاص ـ يستمعون الغيبة ويشجعون المستغيب من خلال مواقفهم الدينية الظاهرية على المضي فيها ـ نعوذ بالله منه.

 

تتميم: كلام الشهيد الثاني (رحمه الله)

 

للشيخ الجليل والمحقق العظيم الشهيد السعيد الثاني ـ رضوان الله عليه ـ كلام نختم به هذا المقام حيث قال: ومن أضرّ أنواع الغيبة، غيبة المتّسمين بالفهم والعلم المرائين فإنهم يفهمون المقصود إلى صفة أهل الصلاح والتقوى ليظهروا من أنفسهم التعفّف عن الغيبة ويفهمون المقصود ولا يدرون بجهلهم أنهم جمعوا بين فاحشتين الرياء والغيبة، وذلك مثل أن يذكر عنده إنسان فيقول الحمد لله الذي لم يبتلينا بحب الريّاسة أو حبّ الدنيا أو بالتكيف بالكيفية الفلانية، أو يقول نعوذ بالله من قلّة الحياء أو من سوء التوفيق أو نسأل الله أن يعصمنا من كذا بل مجرد الحمد على شيء إذا علم منه اتصاف المحدّث عنه بما ينافيه ونحو ذلك فإنه يغتابه بلفظ الدعاء وسَمْتِ أهل الصلاح. وإنما قصده أن يذكر عيبه بضرب من الكلام المشتمل على الغيبة والرياء، ودعوى الخلاص من الرذائل، وهو عنوان الوقوع فيها، بل في أفحشها ومن ذلك أنّه قد يُقدم مدح من يريد غيبته فيقول ما أحسن أحوال فلان ما كان يقصّر في العبادات، ولكن قد اعتراه فتور وابتلى بما يبتلي به كلّنا وهو قلّة الصبر فيذكر نفسه بالذمّ، ومقصودة أن يذم غيره، وأن يمدح نفس بالتشبّه بالصالحين في ذمّ أنفسهم فيكون مغتاباً مرائياً، مزكّياً نفسه، فيجمع بين ثلاث فواحش، وهو يظنّ بجهله أنه من الصالحين المتعففين عن الغيبة، هكذا يلعب الشيطان بأهل الجهل إذا اشتغلوا بالعلم والعمل من غير أن يتقنوا الطريق فيتبعهم ويحبط بمكائده عملهم ويضحك عليهم ويسخر منهم.

 

ومن ذلك أن يذكر ذاكر عيب إنسان فلا ينتبه له بعض الحاضرين فيقول سبحانه الله ما أعجب هذا حتى يُصغي الغافل إلى المغتاب ويعلم ما يقوله، فيذكر الله سبحانه، ويستعمل اسمه آلة في تحقيق خبثه وباطلة وهو يمنّ على الله بذكره جهلاً وغروراً ومن ذلك أن يقول جرى من فلان كذا وابتلى بكذا، بل يقول جرى لصاحبنا أو صديقنا كذا، تاب الله عليه وعلينا، يظهر الدعاء له والتألم والصداقة والصحبة والله مطلع على خبث سريرته وفساد ضميره، وهو بجهله لا يدري أنّه قد تعرّض لمقت أعظم مما يتعرّض له الجهّال إذا جاهروا بالغيبة.

 

ومن أقسامها الخفيّة الإصغاء إلى الغيبة على سبيل التعجب فإنه إنما يظهر التعجب ليزيد نشاط المغتاب في الغيبة، فيزيد فيها، فكأنّه يستخرج منه الغيبة بهذا الطريق فيقول عجبت مما ذكرته ما كنت أعلم بذلك إلى الآن ما كنت أعرف من فلان ذلك، يريد بذلك تصديق المغتاب، واستدعاء الزيادة منه باللطف والتصديق لها غيبة، بل الإصغاء إليها، بل السكوت عند سماعها. انتهى كلامه رفع مقامه[38].

 

وأحياناً تضاف عناوين أخرى على عنوان الغيبة أيضاً فيبعث على ازدياد الفساد والقبح والعقاب. مثل أن يثني المستغيب على المستغاب أمامه ويعرب له عن حبه له. ويكون هذا من مراتب النفاق ويعدّ من ذوي اللسانين والوجهين. والروايات تذم مثل هذا الإنسان.

 

ففي الكافي الشريف بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلام قَالَ: «مَنْ لَقِيَ المُسْلِمِينَ بِوَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ» [39].

 

هذه هي صورة هذا العمل القبيح ونتيجة هذا النفاق في عالم الآخرة. أعوذ بالله من شرّ لساني ونفسي الأمّارة. والحمد لله أوَّلاً وآخراً.

 

ــــــــــــــ

 

[1] أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب الغيبة والبهت، ح1.

 

[2] بحار الأنوار المجلد 75 ص 221.

 

[3] بحار الأنوار المجلد 75 ص 221.

 

[4] بحار الأنوار، المجلد 75، ص220.

 

[5] بحار الأنوار، المجلد 75، ص221.

 

[6] وسائل الشيعة، المجلد الثامن، باب 152 من أبواب أحكام العشرة، ح 9.

 

[7] المحجة البيضاء، المجلد 5، ص 256.

 

[8] وسائل الشيعة، المجلد 8، ح16312.

 

[9] جامع السعادات، المجلد 2، ص 294.

 

[10] سورة الحجرات، الآية: 12.

 

[11] القعص: القتل.

 

[12] المحجة البيضاء، المجلد الخامس، ص253.

 

[13] وسائل الشيعة، المجلد الثامن، الباب 152 من أبواب أحكام العشرة، ح 16.

 

[14] عقاب الأعمال، ص340.

 

[15] وسائل الشيعة، المجلد 8 الباب 152 من أبواب أحكام العشرة، ح13.

 

[16] المحجة البيضاء، المجلد 5، ص251.

 

[17] أصول الكافي، المجلد 2، كتاب الإيمان والكفر، باب من طلب عثرات المؤمنين، ح2.

 

[18] أصول الكافي، المجلد 2، كتاب الإيمان والكفر، باب من آذى المسلمين، ح 8.

 

[19] بحار الأنوار، المجلد 75، باب الغيبة، ح 12.

 

[20] المنقول عن أصول الكافي.

 

[21] وسائل الشيعة، المجلد الثامن، الباب 152 من أبواب أحكام العشرة، ح9.

 

[22] المحجة البيضاء، المجلد الخامس، ص 253 وص 264.

 

[23] المحجة البيضاء، المجلد الخامس، ص 253 وص 264.

 

[24] جامع الأخبار، ص 171.

 

[25] أصول الكافي، المجلد 2، كتاب الإيمان والكفر، باب من طلب عثرات المؤمنين، رواية تضاهي هذه الرواية.

 

[26] سورة الحجرات، آية: 10.

 

[27] أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب التراحم والتعاطف، ح 1 و4 و3.

 

[28] أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب التراحم والتعاطف، ح 1 و4 و3.

 

[29] أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب التراحم والتعاطف، ح 1 و4 و3.

 

[30] المحجة البيضاء، المجلد 5 ص 254.

 

[31] المحجة البيضاء، المجلد 5 ص 264.

 

[32] المحجة البيضاء، المجلد 5 ص 260.

 

[33] غرر الحكم، المجلد الثاني: 12.

 

[34] وسائل الشيعة، المجلد الثامن، الباب 151، من أبواب أحكام العشرة، ح 13.

 

[35] وسائل الشيعة، المجلد الثامن، الباب 151، من أبواب أحكام العشرة، ح 1.

 

[36] وسائل الشيعة، المجلد الثامن، الباب 151، من أبواب أحكام العشرة، ح 5.

 

[37] المكاسب، شرح السيد كلانتر ـ المجلد الرابع، ص69.

 

[38] كشف الريبة، عن أحكام الغيبة، ص 197 ـ 198، طباعة دار الحوراء، بيروت.

 

[39] أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب ذي اللسانين، ح1.