معالم الخط

 

ولا بد لكل خط وطريق من معالم يهتدي بها السائرون، ومن دون وجود معالم على الطريق لا يهتدي الإنسان إلى شيء.

 

فما هي المعالم على الخط (الصراط المستقيم)؟

 

إن القرآن يوضح هذه المعالم، بإيجاز، في سورة الفاتحة، وبعد الدعاء بـ (اهدنا الصراط المستقيم) يأتي مباشرة إيضاح معالم هذا الصراط وعلاماته وأدلته بقوله تعالى:﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾ فإن العلامة المميزة التي تهدي إلى الصراط المستقيم، هو السائرون على هذا الصراط، والسالكون له. فإذا اختلطت السبل عليك، فاتبع خطى الذين أنعم الله عليهم من الأنبياء والمرسلين، والأئمة، والفقهاء، والمجاهدين، وغيرهم من عباد الله الصالحين.

 

وعلامة هذا الصراط، أن تجد عليه هذه النخبة الصالحة من عباد الله، وإن خير ما تطمئن به النفوس أن يجد الإنسان على هذا الصراط أمثال إبراهيم ونوح وموسى وعيسى ورسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فتستقر نفس الإنسان وتطمئن، ويثق بسلامة الخط والصراط.

 

ويضع الإنسان على كل طريق يسكله المغضوب عليهم والظالون، علامة استفهام وإنكار ويأخذ حذره منه.

 

وخلاصة الحديث أن خير علامة ومعلم للصراط، هو سالكه والعامل عليه.. وإذا التبست الخطوط على الإنسان، فلا يلتبس عليه الناس، ولا يصعب عليه أن يميز دين إبراهيم عليه السلام ونمرود، وموسى عليه السلام وفرعون وجلاوزته، وعيسى عليه السلام وأعدائه من بني إسرائيل، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطغاة عصره، والإمام الخميني اليوم وأعدائه ومناوئيه، ولا يصعب على الإنسان أن يميز بين من يعمل لله ومن يعمل لهواه، ومن يتبع هدى الله تعالى، ومن ـ تملكه أهواؤه وشهواته ـ.

 

مصادر الخط

 

ولا بد أن نقول كلمة أخيرة في نهاية هذه الجولة السريعة عن خط الإمام: عن مصادر الخط، ولا نشك أن معرفة المعالم

 

وحدها، لا تكفي في الاستقامة على الصراط المستقيم، ولا بد بالإضافة إلى معرفة المعالم معرفة مصادر الخط.

 

فإذا عرف الإنسان مصادر الخط، فلا يمكن أن يأخذ الخط من غير نبعه، مهما طال به الأمد. إن أكثر الانحراف في تاريخ الإسلام عن الصراط المستقيم، ينبع من الجهل بمصادر الخط، فالإنسان عندما يجهل المصادر الشرعية للدعوة والخط، يأخذه من يد أي إنسان يعرضه عليه.

 

ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في حياته، هو المصدر والملجأ والملاذ الذي يلوذ المسلمون به لمعرفة المستقيم من المعوج، والهدى من الضلال، ولا نشك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يترك مثل هذه المسألة الهامة الحياتية في حياة المسلمين من غير إيضاح، وهو يعلم بما يحل بهذه الأمة من اختلاف كبيرة وواسع في الخط والطريق والصراط.

 

وعندما نرجع نحن إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نجد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدد مصادر الخط بصورة واضحة، في أكثر من موقع في حياته المباركة، ولاسيما في أخريات أيامه، حيث كان يكرر صلى الله عليه وآله وسلم: "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي"1.

 

فعلينا إذن أن نطبق مفردات الخط وأجزاءه دائماً بهذين المصدرين: كتاب الله وحديث أهل البيت عليهم السلام، لنعرف بهما سلامة الخط واستقامته. وعلينا أيضاً أن نتوفر على دراسة كتاب الله وحديث أهل البيت عليهم السلام، لنستوحي منهما أصول العمل الصالح، وأصول الخط والتحرك، ففي كلام الله وحديث أهل البيت عليهم السلام نور وهدى وسلامة واستقامة وبصيرة.

 

ــــــــــــــ

 

1- يروي هذا الحديث بألفاظ متقاربة أئمة الحديث من السنة والشيعة. وبإمكان القارئ أن يجد مصادر الحديث في الكتب الموضوعة لهذا الغرض كالغدير والمراجعات والعبقات وغير ذلك من المصادر.