الحضور: حشد من رؤساء لجان الثورة الإسلامية

 

الزمان: الاثنين 29/ 2/ 1359هـ ش. 4/ 7/ 1400هـ ق. 19/ 5/ 1980م.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من مميزات الثورة في إيران، أن الأشخاص في مختلف أرجاء البلاد شعروا بالواجب، وكل جماعة أينما كانت أسست منها ومن صميم الشعب منظمات كلجان الثورة وحرس الثورة الإسلامية. ولم يحدث أن دعى مركز من المراكز منذ البدء لإنشاء حرس الثورة واللجان، بل كان إحدى خصائص هذه الانتفاضة والثورة، ومن خصائص الإسلام هو الشعور بالواجب الإنساني الإسلامي، بحيث يكون الجميع خدماً للإسلام والبلد الإسلامي. لقد وجد الأفراد جميعاً أنفسهم مكلفين للخدمة في هذه الثورة. فالشباب القادرون على الحراسة قد أعدوا أنفسهم للحراسة، والسادة القادرون على تأسيس اللجان قد أسسوا لجان الثورة في جميع أرجاء إيران، وهذه الانتفاضة مرهونة بهؤلاء الشباب الأفذاذ.

 

وما أريد أن أقوله وقلته مراراً، هو أن هذه الثورة انطلقت منذ البدء بسرعة وبشكل غير متوقع وقضت على القوى الكبرى، ولكن بعد النصر ظهر ضعف بسيط شيئاً فشيئاً، ويجب أن أقول لكم كما أن النصر كان مرهوناً بكم فإنَّ المحافظة على شرف الثورة مرهونة بكم أيضاً. وثورة إيران إسلامية، وقد شاهدنا جميعاً أنه لم يكن صوت سوى نداء الله أكبر، وإننا نريد الجمهورية الإسلامية. فشعبنا حينما جعل من صدره درعاً في كل مكان وقابل القوى بأيد خالية كان يعشق الإسلام. لقد أخذوا أبناءهم إلى الميدان وناضل؛ الرجال والنساء وانتصروا، فالحركات الوطنية والحزبية لم تكن في وقت من الأوقات مؤهلة بحيث يسير خلفها جميع أبناء الشعب بصوت واحد، الطفل والكبير والمرأة والرجل.

 

لقد كانت هذه قدرة الإسلام التي وحدت النداء، إنَّ شعبنا لا يريد شيئاً غير الإسلام، فإن كان يريد القومية فهو يريدها في حمى الإسلام، فالشعب يريد الإسلام. والإسلام والشعب قد اعترفوا بعلماء الدين ويريدونهم، إن حفظ شرف هذه الانتفاضة الآن هو مسؤولية العلماء وحرس الثورة والمحاكم وجميع المؤسسات التي تعمل لهذه الانتفاضة والثورة. إنَّ الإسلام الآن يرقب أبناء إيران ليرى ما سيفعلون، فهل هم أوفياء للإسلام؟ والآن وقد انتصروا، ما سيفعلون بالإسلام، هل يريدون تطبيق أحكام الإسلام في إيران؟ وستطبق إن شاء الله هذه الأحكام في أماكن أخرى وتصدر الانتفاضة، أم إنهم سيسلكون طريقاً آخر لا سمح الله.

 

إنَّ على أبناء الشعب اليوم ولا سيما أولئك المشغولون بالعمل من أجل الثورة مسؤولية كبيرة. هي مسؤولية المحافظة على الثورة الإسلامية وحفظ كرامة الإسلام، فإذا قام ـ لا سمح الله ـ أحد من علماء الدين في اللجان أو المدارس أو المحافظات بعمل خاطئ، فلن يقولوا فلان فعل هذا العمل، سيقولون (الملالي) هكذا! وإذا حدث في لجانكم ـ لا سمح الله ـ أمر لا ينسجم والموازين الإسلامية، سيقولون إن (الملالي) استلموا اللجان ويقومون بأعمال سيئة مثلاً، ولا يقولون إن فلاناً هكذا! إنهم يريدون تحطيم علماء الدين. حتماً رأى أولئك الأشخاص المتنورون المنبهرون بالغرب أنهم وأحزابهم لم يستطيعوا القيام بعمل سليم وصحيح في وقت من الأوقات، وشاهدوا الإسلاميين وعلماء الدين ثاروا من أجل الله ويضحون بأرواحهم في سبيل الله يحافظون على الإسلام، بدؤوا بالعمل لتحطيم هذه الفئات وإظهارها بمظهر العجز. إن علماء الدين اليوم وسائر طبقات الشعب مسؤولون أمام الله لحفظ كرامة الإسلام، وهذه مسؤولية كبيرة.

 

إن الله تبارك وتعالى حاضر في كل مكان، فلا تعملوا أمام الله ما لا يتفق وأوامره، اعملوا لإسلام، حتى إذ هزمنا ـ لا سمح الله ـ واستشهدنا، يكون ذلك لله، وإن انتصرنا إن شاء الله، نصرنا الإسلام، ونرفع رؤوسنا في كل مكان، أعزائي، لا تهتموا بالأمور المادية، فإنكم لم تثوروا من أجل البطون ولم تبذلوا الدماء لتحصلوا على منصب، فحينما كنتم تذهبون إلى الميادين والشوارع وتواجهون المدافع والدبابات كنتم لا تفكرون أبداً بأن تنالوا رئاسة في مكان ما، فإن كان لديكم نقص مادي فلا تهتموا به، لأنكم لم تثوروا من أجل الماديات. أخصلوا نياتكم لله واعملوا لله فهذه عبادة، فالانتفاضة والثورة كلها عبادة فلتكن هذه العبادة خالصة. والله معكم، وإن كان لديكم بعض المسائل فلا شك في أنه ينبغي دراستها. وبرأيي إنه يجب حل هذه المسائل كلها في مجلس الشورى الإسلامي، ونحمد الله على أنّ الأغلبية المطلقة من الذين انتخبوا للمجلس إسلاميون وملتزمون. فأرجوا أن نوفق للعمل من أجل الإسلام بنية خالصة. فنحن لا شيء والموجود هو ونحن اللاشيء وصرنا شيئاً بإرادته. فلنسع لحفظ هذه الأمانة التي أودعها الله تبارك وتعالى لدينا ـ وهي أمانة الروح والحياة والإسلام والقرآن ـ وحينما نقف أمام الله تبارك وتعالى نقف بوجوه بيضاء.

 

نصركم الله تعالى جميعاً وهدى أعداء الإسلام، وإن لم يهتدوا هزمهم وأهلكهم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

ــــــــــ

 

من كتاب مختارات من أحاديث وخطابات الإمام الخميني صفحة: 12، رقم الخطاب: 656.