الإمام الحسن (عليه السلام) في فكر الإمام القائد

الإمام الحسن (عليه السلام) يتحدّث عن أمّه الزهراء (عليها السلام)

يقول الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) بأنّ اُمّه وقفت تعبد اللّه في إحدى الليالي حتّى الصبح (حتى انفجر عمود الصبح). ويقول الإمام الحسن (عليه السلام) انّه سمعها تدعو دائماً للمؤمنين والمؤمنات، وتدعو للناس وتدعو للمشاكل العامّة للعالم الإسلامي، وعند الصباح قال لها: ((يا اُمّاه أما تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك، فقالت: يا بنيّ الجار ثمّ الدار)). 

الإمام الحسن (عليه السلام) قدّوة للشباب

دعوا شباننا يعثرون على قدواتهم. فأفضل شيء بالنسبة للشاب، هم القدوات من الشباب. تلاحظون أنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة)) ومع أنّهما بلغا أو كادا أن يبلغا سن الشيخوخة إلاّ أنّ النبي جعلهما قدوة للشباب. الشاب يبحث عن شاب قدوة. وهؤلاء هم أفضل شبّان وبارزون وقدوات. 

سلوك السبيل الأصعب

أنتم تعلمون ان الشهادة تكون أحياناً أسهل من البقاء على قيد الحياة. وهذا المعنى يدركه جيداً أهل الحكمة والدقة والآفاق المعنوية. أحياناً تصبح الحياة والعمل في أجواء معيّنة أصعب بكثير من القتل والشهادة ولقاء اللّه، لكن الإمام الحسن (عليه السلام) سلك هذا السبيل الأصعب.

في تلك الأوضاع كان الخواص في حالة إنهيار ولم يكونوا على استعداد للقيام بأي تحرّك. ولهذا السبب حينما استلم يزيد السلطة ثار عليه الإمام الحسين (عليه السلام)؛ لأن يزيد بما يتصف به من صفات سيئة كان من السهولة محاربته، وفيما لو قتل أحد في محاربته لا تذهب دمه هدراً.

كانت الأوضاع في عهده لا خيار فيها إلاّ خيار الثورة، على العكس من زمن الإمام الحسن (عليه السلام) الذي فيه خياران خيار الشهادة وخيار الحياة، وكان البقاء على قيد الحياة أكثر ثواباً وجدوى ومشقة من القتل، والإمام الحسن (عليه السلام) اختار هذا المسلك الأوعر. ولكن الوضع لم يكن على هذه الصورة في عهد الإمام الحسين (عليه السلام) ولم يكن هناك إلاّ خيار واحد! والبقاء على قيد الحياة الذي يعني عدم الثورة ما كان له آنذاك أي معنى، كان لابد له من الثورة، سواء انتهى به الأمر إلى القبض على الحكم أم كان مصيره إلى الشهادة. كان عليه أن يرسم الطريق ويركز لواء الدلالة عليه، ليكون واضحاً ان الأُمور إذا بلغت هذا الحد لابدّ وان يكون التحرك في هذا الإتجاه.

مكانة الإمام الحسن (عليه السلام)

قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الحسن والحسين وهما آنذاك في السابعة والسادسة من عمريهما: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة». قال فيهما هذا القول وهما لازالا طفلين. أي انهما حتى وان كانا في تلك السن إلاّ انهما يفهمان ويدركان ويعملان كمن هو في سن الشباب، ويفوح الأدب والشرف من جنبيهما. 

الصلح من أجل الحفاظ على الإسلام

إنَّ أكبر وأقسى ضربة وجهت للإسلام في صدره الأول هي تحوّل الحكومة الإسلامية من الإمامة إلى السلطنة، حيث استحالت حكومة الإمام الحسن وحكومة علي بن أبي طالب إلى سلطنة في الشام! وفي الحقيقة فإن الإمام الحسن المجتبى (عليه آلاف التحية والثناء) اضطر إلى قبول ذلك العهد مع معاوية من أجل مصلحة أكبر وهي الحفاظ على أصل الإسلام.

لقد سلبوا الإمام الحسن حكومته، وعندما خرجت الحكومة عن محورها الديني وباتت في قبضة طلاب الدنيا وأهلها، فمن البديهي عندئذ أن تقع حادثة كربلاء لاحقاً، وهي حادثة لم يكن من الممكن الحيلولة دون وقوعها وكان من المستحيل تجنبها.