الصحافة في رأي السيد القائد
النظام الشعبي - الذي يتدخل الشعب في نسيجه الأصلي - ليس في غنى عن وعي الجماهير. على مثل هذا النظام أن يوعّي شعبه، ويمنحه القدرة على التحليل ويغمره بالوعي والمعلومات اللازمة والمفيدة والمعارف الضرورية. الوعي لمثل هذا النظام واجب وضروري كالماء والهواء. هكذا هو نظامنا. كلما كان الشعب أكثر وعياً كلما انتفع نظام الجمهورية الإسلامية أكثر. إذن، يحتاج هذا النظام إلى توعية الجماهير.
أذكروا صحيفة واحدة في كل أوربا وأمريكا غير مملوكة لأصحاب رؤوس الأموال! إنني أسأل: أية صحيفة تعود للشرائح المتوسطة والدنيا من الشعب في البلدان الغربية كي يكتشف الإنسان من حرية الصحيفة حرية تلك الشرائح؟ من يمتلك الصحف؟ الكارتلات والشركات الكبرى وأصحاب رؤوس الأموال. وهذا معناه حرية الرأسمالي كي يقول ما يريد، ويسقّط من يريد، ويضخّم من يريد، ويجرّ الرأي العام إلى حيث يريد! فهل هذه حرية؟!
إننا نعتقد أن الصحافة بالنسبة لنظام الجمهورية الإسلامية ليست مقولة تشريفية ثانوية. إذن، زيادتها، وتنوعها، وجودتها من المهام الرئيسية لهذا النظام. إنني أرى الصحافة ظاهرة ضرورية ولازمة ولا مندوحة منها لمجتمعنا ولكل مجتمع يروم العيش حياة طيبة. وأعتقد أن هناك ثلاثة واجبات رئيسية تقع على عاتق الصحافة: واجب النقد والإشراف، وواجب الإعلام الصادق الواضح، وواجب طرح الآراء وتبادل الأفكار ووجهات النظر في المجتمع. أعتقد أن حرية التعبير والأقلام حق مسلّم به من حقوق الشعب والصحافة. ولا أشك في هذا أبداً وهو من المواد والمبادئ المصرّح بها في الدستور. باعتقادي أن المجتمع الذي يفتقر للصحافة الحرة الراشدة والأقلام الحرة الفاهمة فسيفقد الكثير من الأشياء الأخرى. وجود الصحافة الحرة أحد مؤشرات رشد الشعب وهو بدوره من عوامل الرشد حقاً. أي إن رشد الشعب وتحرره ينتج الصحافة الحرة من ناحية، والصحافة الحرة بدورها تستطيع مضاعفة رشد الشعب من ناحية ثانية. طبعاً، أرى أن ثمة إلى جانب هذه القيمة قيم وحقائق أخرى ينبغي عدم سحقها بذريعة حرية الصحافة وحرية الأقلام. الميزة الكبرى هي أن يستطيع الإنسان الحفاظ على الحرية، وإدراك الحقيقة، وأن تكون له صحافة حرة، وأن يبقى في الوقت ذاته مصوناً من تلك الآفات. هكذا ينبغي العمل والسير.
الرصيد الأصلي لأية وسيلة إعلامية هو الثقة العامة والتي تتأتى عن طريق الاهتمام للقيم والمعتقدات لدى الأكثرية من الشعب والحفاظ على كرامة النظام وشرفه، والصدق في البيان. إذا كانت الصحافة من عوامل التنوير كما أراد لها دستور البلاد، وإذا راعت مصالح البلاد وكتبت لصالح الشعب ولصالح الدين، فالأفضل أن يكون عددها أكثر فأكثر.
الواجب الأهم للصحافة في النظام الإسلامي هو دورها الثقافي في تعريف والدفاع عن القيم والمبادئ المقبولة لدى هذه الأمة الثورية، ورفع مستوى وعيهم ومعرفتهم. في الوقت الراهن وبعد الاندحار التام للماركسية، يستخدم الاستكبار الغربي غالباً المحاور والأساليب الثقافية لبسط سيطرته السياسية والإلحادية على الشعوب الثورية. المواجهة المناسبة للغزو الثقافي الغربي على مختلف الأبعاد، يجب أن تقف في صدر البرامج المتبعة من قبل وسائل الإعلام العامة.
و لهذا السبب أوصي الصحافة ووسائل الإعلام دوماً بالتعاطي مع شؤون البلاد بروح المسؤولية. ينبغي أن لا نتحول إلى أدوات بيد الأعداء ونسهّل مهماته ونغذّي الشعب في الداخل بواسطة الصحافة والمنابر المختلفة ووسائل الإعلام بما يريد هو إشاعته في الأجواء الفكرية والثقافية لمجتمعنا. هذا خطأ كبير جداً. وإذا حصل عمداً وعن وعي فهو خيانة كبرى. وإذا كان بسبب الغفلة فهو خطأ كبير. ينبغي التيقظ والحذر جداً.
من هنا كان الإشراف على الصحافة عملية وواجب ضروري. هذا هو نص الدستور وقانون الصحافة والقوانين العادية. من دون الإشراف لن يمكن تأمين المطالب والمصالح الوطنية من الصحافة دون شك. البعض يخالون أن الرأي العام منطقة حرة دون أية قيود أو ضوابط ويمكنهم أن يفعلوا فيها كل ما يريدون! الرأي العام ليس فأرة مختبر يمكن لأي كان أن يفعل بها كل ما أراد، وينال عبر التحليلات الخاطئة وبث الإشاعات والتهم والأكاذيب من إيمان الشعب وعواطفه ومعتقداته ومقدساته. هذا غير صحيح. إذن، الإشراف ضروري كي لا تظهر مثل هذه الممارسات.
تعليقات الزوار