الإمام الخامنئي وظف القلم لصالح الطبقات المحرومة في العالم
آية الله العظمى السيد الخامنئي سحابة تسقي الأرواح بمزن الربيع، شلال فكر يمزق حجب الظلام، وظف القلم لصالح الطبقات المحرومة في العالم، ريشة قلمه رسمت لوحات صادقة، مزجت الدم بالفداء، كلماته تهتف: استعمار اليوم أشد سوءاً من استعمار الأمس، استعمار الأمس كان عسكرياً، واستعمار اليوم أضحى اقتصادياً وسياسياً ونفسياً.
تعيش البشرية في الوقت الحاضر فترة من بين عالمين: عالم سافر عنا بعد أن عاش نصف قرن من الزمن، وسادت فيه الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، وكانت لحظات السفر تحمل معها انكفاء الاتحاد السوفيتي على نفسه والانسحاب عن دوره المتقدم في السياسة العالمية، ومحاولة الولايات المتحدة فرض نفسها على العالم وإعادة الكرة الأرضية إلى عهود التيه والظلام والعبودية، عبر الاعتداء على حرية المجموعات البشرية، وفرض التحكم في وجودها وجعلها خاضعة سياسياً واقتصادياً وثقافياً للإدارة الأمريكية ولشركاتها الكبرى وبنوكها الاحتكارية.
أما العالم الذي تنتظره البشرية فهو عالم الانتصار على الشر والعدوان، عالم يبتعد عنه شبح الفناء النووي الذي يهدد الإنسانية جمعاء، عالم يتم فيه القضاء على الجوع والجفاف والمرض، فالجوع وحده أودى بحياة ملايين البشر خلال عقد الثمانيات في إفريقيا، في حين كانت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغنية الأخرى ترمي فائض قمحها في البحر، رافضة إطعام الأفواه الجائعة التي طرق أبوابها الجوع والجفاف والمرض.
إن البشرية تقف الآن على شاطئ المستقبل، وهي تحاول معرفة آراء المفكرين والسياسيين العالميين حول طبيعة العلاقات الدولية الجديدة ومن هنا حاولت دراسة ورؤى آية الله العظمى السيد الخامنئي باعتباره مفكراً وسياسياً عالمياً ومرجعاً دينياً كبيراً ويمتلك القدرة الإبداعية على تصور النظام الدولي الجديد.
إن هذا الشعاع يحتوي على خطوط واضحة تسعى إلى شرح رؤية آية الله العظمى السيد الخامنئي للعلاقات الدولية الجديدة، وتتسم تلك الرؤية بأهمية عظيمة بالنسبة إلى شعوب القارات الخمس لأنها تساهم في إشعال جذوة النضال ضد قوى التسلط والعدوان والتوسع الجغرافي والثقافي والاقتصادي والإيديولوجي، وتحاول تعميق التحولات الفكرية والاجتماعية التي يشهدها عالمنا المعاصر وبناء مستقبل وضاء لجميع الشعوب الحرة، وجميع الناس على الأرض.
رؤى آية الله العظمى السيد الخامنئي ترتكز على الآتي
1- نقل الجمهورية الإسلامية في إيران من التبعية الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية إلى الاستقلال التام وجعل إيران الجديدة نموذجاً يقتدى بها في العالم الثالث.
2- تنتقل رؤية آية الله العظمى السيد الخامنئي بعد ذلك إلى مشاكل الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وفي مقدمة تلك المشاكل مشكلة فلسطين والتي هي جوهر مشاكل المنطقة وأساسها، فبقاء إسرائيل يعرض العالم الإسلامي إلى مخاطر أمنية كبرى لذلك ربطت الجمهورية الإسلامية في إيران أمنها القومي بأمن القضية الفلسطينية، وسعت إلى نقل الشرق الأوسط من بؤرة الحرب إلى بر السلام الدائم وإن نيران الحرب التي لا تنطفئ إلا عبر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ويرى آية الله العظمى السيد الخامنئي أن النضال الفلسطيني سيؤدي إلى انبثاق الدولة الفلسطينية المستقلة، ويحقق مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة والعادلة، ويهزم المشروع الاستيطاني الصهيوني.
وتستدل رؤية آية الله العظمى السيد الخامنئي بإمكانية تحقيق هذا الأمر بالنضال الذي قام به الشعب اللبناني ضد الاحتلال الإسرائيلي والأطلسي لمجمل الأراضي اللبنانية في عامي 1982- 1983. وقد تحول ذلك الاحتلال إلى هزيمة لإسرائيل سياسياً وعسكرياً ومعنوياً، وعلى هذا الأساس فإن بإمكان النضال أن يحقق انتصارات كبرى على مختلف الجبهات وأن يقيم مرة ثانية وطناً للشعب الفلسطيني على كامل ترابه الوطني.
3- من أجل إنهاء الحجج القائلة بأن التاريخ التوراتي يجب أن يطغى على القانون الدولي، سعت الجمهورية الإسلامية في إيران إلى محاصرة المصالح الإسرائيلية في آسيا وإفريقيا، وانبثقت معركة دبلوماسية بين إيران والدول العربية من جهة وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى في العديد من البلدان الأفرو- آسيوية.
4- ركزت رؤية آية الله العظمى السيد الخامنئي على التماثل بين الكيان الاستيطاني الإسرائيلي والكيان الاستيطاني في جنوب إفريقيا، وتنبت بانهيار الأنظمة العنصرية، ونادت بالنضال الشامل ضد تلك الأنظمة لأنه يشكل إسهاماً في نضال الإنسانية كلها، ويوطد الحرية والعدالة والسلام في جميع القارات.
5- تنتقل رؤية آية الله العظمى السيد الخامنئي من مشاكل الشرق الأوسط إلى مشاكل كتلة عدم الانحياز والتي تضم أكثر من مئة دولة، وتقوم الرؤية على أساس أن حل تلك المشاكل يتطلب موقفاً إنسانياً وأخلاقياً وحضارياً من قادة عدم الانحياز عبر الابتعاد عن جر بلدانهم إلى مدار السياسة الأمريكية وتحويل أراضيهم ومياههم الإقليمية إلى مسرح دائم للقواعد الأجنبية.
6- تنتقل رؤية آية الله العظمى السيد الخامنئي بعد ذلك إلى الآثار السلبية لنظام القطبية الثنائية الذي ساد العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والذي أقيم على أساس الهيمنة والتسلط، والتحفيز على سباق التسلح، وتصعيد الخطر على السلام في العالم بأسره من خلال الحروب الإقليمية والأهلية التي اندلعت في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وعبر تدهور الاقتصاد والتجارة الدولية وعبر موجات الحلل الأخلاقي.
7- بعد انهيار سلطة الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي وانتهاء نظام القطبية الثنائية في العالم، ترى نظرية آية الله العظمى السيد الخامنئي أن النظام الدولي القائم على أساس القطب الواحد سوف يؤجج خطر الكارثة في العالم ويؤدي بالإنسانية إلى الهلاك الشامل، وعلى هذا الأساس يتنبأ آية الله العظمى السيد الخامنئي بحدوث هزة داخلية كبرى في الولايات المتحدة على غرار الهزة السياسية السوفيتية، وسوف تزيل النظام الرأسمالي من جذوره مثلما أزالت الهزة السوفيتية النظام الشيوعي من جذوره.
8- لم تغفل رؤية آية الله العظمى السيد الخامنئي دور الإعلام في العالم، وطالبت أصحاب الفكر والقلم والموقف الشريف بحماية القيم الإيمانية للشعوب والوقوف أمام إعلام الدول الاستعمارية، وتندت بتشكيل جبهة إنسانية سلاحها الكلمة الصادق ومدادها العلم والحضارة الأصيلة.
9- توضح رؤية آية الله العظمى السيد الخامنئي ملامح النظام العالمي الجديد والقائم على أعمدة الحوار المتكافئ والجدي بين العالم الإسلامي وأوربا الموحدة وعلى انبثاق محاور عالمية جديدة بعيد عن التسلط والاحتكار وشن الحروب، وفي طليعة تلك المحاور: مشاركة دول عدم الانحياز في إقامة نظام اقتصادي عالمي جديد والقيام بدور أكبر في الحياة السياسية العالمية، وإنهاء المساعي المحمومة للدول الاستعمارية القاضية بتقويض الإنجازات التي حققتها البلدان المستقلة والبلدان النامية.
آية الله العظمى السيد الخامنئي نموذج لمن استبدلوا الزمن السيئ بزمن الكرامة، زرعوا حقول الأجيال بثياب القرنفل، أعادوا للمصابيح المنطقة أنوارها، أعادوا لثورة الإسلام شعاع الشمس، هدموا قصور المترفين، أشادوا دولة العدل
إن صاحب النظرية والرؤية يمثل دائرة معارف حضارية حية، فهو فقيه وأصولي ومفسر للقرآن الكريم وسياسي عالمي، وهو من الرجال الأفذاذ. والرجال الأفذاذ هم القادة الحقيقيون للأمم، يصنعون الأحداث بوعي، يطرزون التاريخ بزهور الربيع، يصبحون كواكب في سماء المعالين يحركون الزمان والمكان، يحركون البشر نحو المركز المضيء نحو الخير المطلق، نحو خالق الكون يرسلون أشعة نور بخط مستقيم، لا يعرفون الاعوجاج في الحياة، يزرعون الطمأنينة في قلوب الناس، يجعلون المدن مليئة بأشجار النصر، نظيفة مثل ضفاف الأنهار الزرق.
آية الله العظمى السيد علي الخامنئي من أولئك الرجال الأفذاذ تتجلى في جزء من فكره أخلاق الأنبياء، وتتجسد في روحه ثورة الإسلام، القنابل أينعت في يديه نخيلاً من الدماء أثمرت رطباً جنياً، أثمرت صموداً رائعاً، غابة الآلام حولها إلى تحد للحكومات الغربية، السماء قبل الأرض اختارت له المقام الأول: المقام الذي يأخذ بيد النجوم إلى الفجر، يأخذ بيد الوطن إلى البساتين المخضوضرة: بساتين مزهوة بالمجد، مزدهرة بالكلمة، مشعة بالطاقات النابعة من الخصوصية للإسلام.
في غابة السنديان ينسل شذى آية الله العظمى السيد الخامنئي، ينساب عبر ذكريات البطولة، لم يكترث لسياط السافاك، لم يخف من الخناجر التي تزاحمت عليه، في السجون المظلمة تفجرت فيه روح المقاومة، كان يقول للجلادين: «أرض إيران مكفنة بالصور الملونة لجنكيز خان، لرضا خان، لمحمد رضا خان، هؤلاء جعلوا الوطن رمالاً وسراباً، سيهدم عرش طغيانكم روح الله، سيكتب الزمن الآتي على شفاه الأجيال، سيكتب اسم النصر على محاريب الجوامع، فوق أكواخ الفلاحين في سواعد الثوار».
آية الله العظمى السيد الخامنئي نموذج للأخلاق الفاضلة، جامعة للعطاء، كان من حواري روح الله، من تلاميذه الذين أضحوا عاصفة خير، عاصفة هبت على دنيا الإسلام، أشعلوا قناديل النصر، أيقظوا ضمير الأمة، جعلوا الفجر ينهض كسرب حمائم، استبدلوا الزمن السيئ بزمن الكرامة، زرعوا حقول الأجيال بثياب القرنفل، أعادوا للمصابيح المنطقة أنوارها، أعادوا لثورة الإسلام شعاع الشمس، هدموا قصور المترفين، أشادوا دولة العدل.
تعليقات الزوار