بين نهج الإمام الراحل (رحمه الله) ونهج السيد جمال الدين (ره)

إنّ النهضة الإسلامية في إيران بقيادة منقذ العصر الأكبر سماحة الإمام الخميني (رضوان الله عليه) وتبعاً لأسلوب النبي الأعظم والرسول الخاتم وقمة الخلقة العالمية والآدمية الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) تجلّت في شكل ثورة تامّة المعالم وتلك هي طبيعة الثورة، فهي إن قامت على أساس منطقي متين انطلقت كبركان وزلزلت كلّ أركان البيئة، وأصابت بحرارتها ولهيبها كلّ مكان وكل شخص.

وإننا نجد المصلحين الإسلاميين والمفكرين الذين ثاروا في المائة والخمسين سنة الأخيرة بدوافع متعددة وحملوا لواء الدعوة الإسلامية وإحياء الفكر الإسلامي من أمثال السيد جمال الدين ومحمد إقبال والآخرين رغم ما حملوا من قداسة ثمينة غالية ابتلوا بنقص كبير في عملهم يتلخص في أنهم بدلاً من إشعال ثورة إسلامية اكتفوا بدعوة إسلامية، وراحوا يبتغون إصلاح المجتمعات المسلمة لا بالقوة والقدرة الثورية وإنما بالسعي التوعوي وبمجرد الوسائل القلمية والخطابية، وهو أسلوب محمود ومثاب عليه إلا أننا يجب أن لا نتوقع منه نتائج كتلك التي أنتجها عمل الأنبياء أولي العزم الذين صنعوا المنعطفات الأصلية للتاريخ.

إنّ أسلوبهم في حالة صحته وتخلصه من العيوب السياسية والنفسانية إنما يستطيع فقط أن يشكّل أرضية لحركة ثورية لا أكثر، ولذا يلاحظ أنّ سعي المخلصين من هذه المجموعة الدائب واللا محدود لم يستطع مطلقاً أن يوقف الحركة المعاكسة والمتجهة نحو انحطاط الشعوب المسلمة، أو يرجع للمسلمين العزة والعظمة اللتين ذكرهما هؤلاء وذرفوا الدموع على أمل تحققهما دون جدوى، بل حتى لم يستطع ذلك السعي أن يقوي من عقيدة الجماهير المسلمة، ويسخّر طاقاتها لخدمة الهدف الكبير أو يوسع من المساحة الجغرافية الإسلامية، وهو أمر يبتعد كليّاً عن أسلوب الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله) كما هو واضح لكل من امتلك بعض الاطلاع على تاريخ البعثة والهجرة النبوية الشريفة[1].

 * القرن الحالي قرن التجربة والعمل الإسلامي

طبعاً الأبواب أصبحت مفتوحة اليوم لهذا الطريق، فقد كان القرن التاسع عشر أو القرن الثالث عشر الهجري قرناً للدعوة إلى الانبعاث ابتداءً من المرجع الإسلامي الكبير الميرزا الشيرازي(رحمه الله) والذي تحدى الشركات البريطانية بفتواه المشهورة، حيث استطاع أن يحرك شعباً بأكمله، ومروراً بالحركة الدستورية في إيران والحركات الإسلامية في الهند، وكذلك الصحوة الإسلامية في غرب دنيا الإسلام، وحتى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقد تحرك فيها كبار رجال الإسلام أمثال السيد جمال الدين وغيرهم.

فقد كان القرن الماضي قرناً للعودة والانبعاث للتحرك، أما القرن الحالي أي القرن الخامس عشر الهجري فهو قرن التجربة والعمل منذ ابتدائه فنرى الشعوب الإسلامية اليوم يملكون تجربة عمل يعملون فيها.

ولقد كانت الجمهورية الإسلامية بمثابة التجربة والنموذج الأول للمسلمين، وكان هذا سبباً لتحملها الكثير من الصعاب[2].

 ــــــــــــــــــ

[1]  المناسبة: الذكرى السنوية الأولى لرحيل الإمام(رحمه الله) الزمان والمكان: 6 ذي القعدة  1410 ﻫ. ق/ طهران

[2]  المناسبة: البعثة النبوية الشريفة/ الزمان والمكان: 27 رجب 1412ﻫ .ق  طهران / الحضور: جمع من مسؤولي البلاد وضيوف عشرة الفجر المباركة.