أيام السنة متشابهة بعضها مع بعض بشكل طبيعي، والبشر والإرادات والجهاد هو الذي يرفع يوماً معيناً بين باقي الأيام ويجعله متميزاً مختلفاً ويعليه كالراية التي تهدي الآخرين. يوم عاشوراء ـ العاشر من المحرم ـ لا يختلف في ذاته عن باقي الأيام، إنما الحسين بن علي (عليهما السلام) هو الذي يمنح هذا اليوم الروح والمعنى ويرفعه إلى العرش. جهاد أصحاب الحسين بن علي (عليهما السلام) هو الذي يضفي على هذا اليوم كل تلك الخطورة والأهمية. وكذلك الحال بالنسبة ليوم التاسع عشر من دي، ويوم التاسع من دي هذا العام أيضاً له نفس الحالة. التاسع من دي لا يختلف عن العاشر من دي، إنما الجماهير هم الذين جعلوه بتحركهم يوماً متميّزاً.. وتحركهم كان نابعاً من نفس العوامل التي خلقت حركة التاسع عشر من دي في قم، أي إنه كان نابعاً من البصيرة، و تشخيص العدو، ومعرفة الظرف الزمني، والتواجد الجهادي في الساحة.

 كونوا واثقين أن يوم التاسع من دي لهذا العام قد خلد في التاريخ، وأصبح بدوره يوماً متميزاً. بمعنى من المعاني ربما أتيح القول إن تحرك الجماهير هذا اكتسب في الظروف الراهنة ـ وهي ظروف ضبابية ملتبسة ـ أهمية مضاعفة.. كان عملاً كبيراً. كلما فكّر الإنسان في هذه الأمور وجد يد الله تعالى، ويد قدرته، وروح الولاية، وروح الحسين بن علي (عليهما السلام)  فيها. هذه الأعمال ليست أعمالاً تتم وتنجز بإرادة أمثالنا، إنما هي من عمل الله وتنمّ عن يد القدرة الإلهية. مثلما قال لي الإمام الخميني في ظرف حساس ـ وقد رويت قوله هذا مراراً ـ قال: «إنني طوال هذه الفترة كنت أرى يد القدرة الإلهية وراء هذه الأمور».. وحقٌّ ما رأى ذلك الرجل الإلهي ذو البصيرة الثاقب النظر.

 19/10/1388 ﻫ.ش. 09/01/2010م. 23/1/1431 ﻫ.ق.

***

 الجهاد لصالح الإنسان

 المهمة أصعب في ظروف الفتنة، والتشخيص أصعب. طبعاً الله تعالى يتمُّ الحجة دوماً، ولا يدع للناس عليه عز وجل سبيلاً وحجةً ليقولوا له إنك لم تتم الحجة علينا، ولم تبعث هادياً، لذلك ضللنا وسرنا في الطريق الخطأ. هذا معنى مذكور في القرآن مراراً. يمكن رؤية يد الإشارة الإلهية في كل مكان، لكن ذلك يحتاج إلى عين مفتوحة. إذا لم نفتح أعيننا فلن نرى هلال الليلة الأولى من الشهر، لكن الهلال موجود. يجب أن نفتح أعيننا وننظر وندقق ونستثمر جميع إمكاناتنا حتى نرى هذه الحقيقة التي وضعها الله أمام أعيننا.

 المهم هو أن يمارس الإنسان هذا الجهاد، إنه جهاد لصالح الإنسان نفسه، والله تعالى يمدّ له يد العون في هذا الجهاد. يوم التاسع عشر من دي وما اشتمل عليه من انتفاضة لأهالي قم في سنة 56 كان من هذا القبيل. ويوم التاسع من دي لهذه السنة الذي سطّره جميع أبناء الشعب في بلادنا ـ والحق أن هذا التحرك المليوني الخارق للعادة من قبل الشعب كان تحركاً عظيماً ـ كان من هذا القبيل، وغير ذلك من الأمور المختلفة التي شهدناها ولم تكن قليلة طوال الثورة. هذا الجهاد هو الذي يدلنا على الطريق.

 19/10/1388 ﻫ.ش. 09/01/2010م. 23/1/1431 ﻫ.ق.

***

 إتمام الحجة:

 وأذكر نقطة للشباب الثوري العزيز ولأبنائي الثوريين الأعزاء.. لأبنائي التعبويين ـ من النساء والرجال ـ: الشباب من مختلف أنحاء البلاد غاضبون من ما يسمعونه أو يرونه من تهتّك الأجانب بإيمانهم الديني.. حينما يرون كيف يهتك البعض في يوم عاشوراء حرمة عاشوراء وحرمة الإمام الحسين وحرمة المعزّين الحسينيين، تعتصر قلوبهم وتمتلأ صدورهم بالغضب. وهذا طبيعي ومن حقهم، لكني أريد أن أقول للشباب الأعزاء أن يدققوا و يحذروا لأن أي عمل غير مدروس سيساعد الأعداء. يتصل الشباب هنا ـ أنا أفهم ذلك، وأقرأه، وغالباً ما يلخّصون الهواتف والرسائل ويأتون بها كل يوم وأراها ـ وأرى أن الشباب مستمرين في عتابهم وألمهم وغضبهم، وأحياناً يعتبون عليَّ ويلومونني ويقولون: لماذا فلان صابر؟ لماذا فلان يلاحظ ويتحفّظ؟ أقول إنه في الظروف التي يعمل فيها العدو بكل كيانه وإمكاناته على التخطيط للفتنة ويروم بدء لعبة خطيرة ينبغي الحذر والتدقيق لكي لا نساعده في هذه اللعبة. ينبغي التصرف بمنتهى الحيطة والتدبير، والحسم في الوقت المناسب. هناك أجهزة ومؤسسات مسؤولة، وهناك قوانين، وينبغي تطبيق نص القوانين بشكل قاطع وبدون أي تجاوز للقانون. لكن دخول أشخاص ليس لهم شأن قانوني وسمة قانونية وواجب قانوني ومسؤولية قانونية سوف يفسد الأمور. لقد أمرنا الله تعالى: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[1].

 نعم، البعض يمارسون العداء، والبعض يمارسون الخبث، والبعض يدعمون الخبثاء.. هذه كلها أمور واقعة، ولكن ينبغي التحوّط. إذا خاض الإنسان في بعض الأمور من دون تدقيق وهضم للمسائل فسوف يُسحق أناسٌ أبرياء هم يمتعضون من أولئك.. وهذا ما يجب أن لا يحدث. إنني أحذر الشباب الأعزاء، أبنائي الثوريين الأعزاء، من أن يقدموا على ممارسات منفلتة من عندهم، لا، كل شيء يجب أن يجري ضمن سياق القانون.

 مسؤولو البلاد عيونهم مفتحة والحمد لله، وهم يرون بأي اتجاه يسير الناس. الحجة تامة على الجميع. الحركة العظيمة في يوم الأربعاء التاسع من دي أتمت الحجة على الجميع. مسؤولو السلطة التنفيذية، ومسؤولو السلطة التشريعية، ومسؤولو السلطة القضائية، والأجهزة المختلفة، يعلمون كلهم أن الجماهير في الساحة وماذا تريد. على الأجهزة المختصة القيام بواجباتها.. سواء واجباتهم حيال العناصر المفسدة والمعادية للثورة والمثيرة للشغب والمخربة للأمن، أو واجباتهم فيما يتصل بإدارة البلاد.

 19/10/1388 ﻫ.ش. 09/01/2010م. 23/1/1431 ﻫ.ق.

***

 هذا هو طريق الثورة

 فسيّئوا النيّة الذين فعلوا كل ما أمكنهم ضد هذه الثورة وهذا الشعب طوال ثلاثين سنة اعتبروا أن هذه فرصة ونزلوا إلى الميدان بإعلامهم. ومن قبل ما كانوا يستطيعون فعل شيء. ولو كان الأمريكيون والإنكليز والصهاينة قادرين على إنزال قوّاتهم في شوارع طهران فاعلموا يقيناً أنهم لما تأخّروا. فلو أمكنهم تحريك الشارع كما يريدون من خلال إحضار عملائهم من الخارج لفعلوا، ولكن غاية الأمر أنهم كانوا يعلمون أن هذا العمل سيعود عليهم بالضرر. فالشيء الوحيد الذي كانوا يقدرون على القيام به هو دعم المشاغبين في مجال الإعلام وفي ساحة السياسة العالمية. ففي هذه القضية نزل رؤساء الدول المستكبرة إلى الميدان وأطلقوا على المشاغبين والمخربّين الذين أرادوا الظهور من خلال الحرائق، أطلقوا عليهم اسم شعب إيران، عسى أن يتمكّنوا من تصوير الأوضاع وفق رغباتهم على صعيد الرأي العام العالمي والمحلّي لكنّهم هُزموا. فأقوى وآخر الضربات لهذا الشعب كانت في يوم التاسع من شهر دي والثاني والعشرين من بهمن. فإن ما قام به شعب إيران في الثاني والعشرين من بهمن كان عملاً عظيماً وكذلك في التاسع من شهر دي. فقد برزت وحدة الشعب. وكل أولئك الذين انتخبوا أي كان في الساحة السياسية عندما رأوا العدو في الساحة وفهموا أهدافه الدنيئة فإنهم أعادوا النظر بأولئك الذين كانوا ينظرون إليهم نظرةً حسنةً في السابق؛ فهموا أنّ طريق الثورة هو هذا، وأن الصراط المستقيم هو هذا. ففي الثاني والعشرين من بهمن نزل الشعب كلّه تحت شعارٍ واحد. لقد سعوا كثيراً عسى أن يتمكّنوا من تفريق هذا الشعب؛ لكنهم لم يتمكّنوا، ووقف هذا الشعب، وهذا انتصاره. فمن الثاني والعشرين من شهر خرداد وإلى الثاني والعشرين من شهر بهمن ـ ثمانية أشهر ـ فصلٌ مليءٌ بالفخار والعبر لشعب إيران؛ فهذا أحد الدروس وقد أحدث وعياً جديداً وفتح فصلاً جديداً في بصيرة شعب إيران. وهذه أرضيةٌ مهمةً جداً. وعلينا أن نتحرّك على أساسها.

 1/1/1389ﻫ.ش ـ 5/4/1431ﻫ.ش ـ 21/3/2010م

***

سر بقاء هذه الثورة هو الاعتماد علی الإيمان وعلی الله. لذلك تلاحظون أنه يوم تشعر كتل الشعب الهائلة في كل أنحاء البلاد أن هناك خطراً وعداء يواجه الثورة وأن ثمة عدواً خطيراً جاداً يواجهها سوف ينزلون إلی الساحة من دون دعوة. شاهدتم ما الذي حدث في يوم التاسع من دي. أعداء الثورة الذين يحاولون دوماً القول بأن المظاهرات المليونية مظاهرات من عدة ألوف - يصغرون الأمر ويهوّنونه- اعترفوا وقالوا إنه طوال هذه العشرين سنة لم تكن هناك حركة شعبية في إيران بهذه العظمة.. كتبوا هذا وقالوه. الذين يحاولون كتمان حقائق الجمهورية الإسلامية قالوا هذا واعترفوا به. فما السبب؟ السبب هو أن الجماهير حينما يشعرون أن العدو يقف بوجه النظام الإسلامي ينزلون إلی الساحة. هذه حركة إيمانية وقلبية وشيء تقف وراءه الحوافز الإلهية. إنها يد القدرة الإلهية ويد الإرادة الإلهية. هذه الأمور ليست بيدي ويد أمثالي. القلوب بيد الله والإرادات مقهورة لإرادة الخالق. إذا كان التحرك إلهياً وفي سبيل الله وكان فيه إخلاص وحسن نية سيدافع الله عنه. لذلك يقول عزّ وجلّ: ﴿إنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾[2]. هذا شيء لا يفهمه أعداء‌ النظام الإسلامي، وهم لا يفهمونه لحد الآن لذلك يفرضون الحظر ويتكلمون ويستخدمون أساليب متنوعة ويبحثون حسب أوهامهم عن نقاط الضعف في الجمهورية‌ الإسلامية، أحياناً يذكرون مسألة حقوق الإنسان وتارة يذكرون اسم الديمقراطية..

 هذه الحيل التي تعد اليوم حقاً سخرية للناس في العالم. يقولون: الرأي العام. لكن الرأي العام لو كان يصدق هذا الكلام من أمريكا والصهيونية لما أبدت الشعوب في مختلف البلدان والمواقف والمواقع كرهها لزعماء الاستكبار بهذه الصورة التي ترون أنها تبدي بها كرهها لهم. أينما يسافرون تخرج جماعة من الناس وتهتف ضدهم. واضح أن الرأي العام في العالم لا ينخدع بحيلهم وأخاديعهم. 

 19/11/1388ش. 08/02/2010م. 23/2/1431ق.

***

مسألة الخبراء - كما قيل مراراً - مسألة مهمة جداً واستثنائية، وهي من مميزات نظام الجمهورية الإسلامية. جماعة الخبراء هم جماعة العلماء الأعلام وأصحاب المكانة والمنـزلة بين الناس والموثوقين من قبل الجماهير في كل القضايا، وخصوصاً في قضية على جانب كبير من الأهمية هي قضية القيادة وانتخاب القائد، وما يتعلق بها من أمور. وهذه المشاركة المؤثرة والحساسة بين الناس لها في السابق والحاضر آثارها وخيراتها الجمّة. مشاركة الجماهير في الأحداث الكبرى والمهمة وإعلانهم عن مواقفهم - كما حصل في التظاهرات المهمة في الثاني والعشرين من بهمن، والتي كانت بحق ظاهرة عظيمة في تاريخ الثورة وفي هذه الظروف والأحوال والأوضاع، وقبل ذلك مشاركة الجماهير في الشوارع في كل أنحاء البلاد في التاسع من دي - ما كانت لتتحقق لولا توعية العلماء وهداة الجماهير المعنويين والموثوقين من قبل الجماهير، وتنويرهم قلوب الناس بحقائق الثورة. دور علماء الدين في هداية الناس لا يقتصر على الهداية في الشؤون الفرعية والمسائل الشخصية وما إلى ذلك. الأهم من كل ذلك هداية الجماهير فيما يتصل بقضية اجتماعية كبرى هي قضية الدولة والنظام الإسلامي، والواجبات التي تترتب على هذه القضية في مواجهة الأحداث العالمية. لو ألغي دور علماء الدين والموجّهين الروحانيين والمعنويين، لما كانت هذه الثورة يقيناً، ولما تأسس هذا النظام ولما بقي وصمد أمام كل هذه المشكلات الجمّة التي واجهت الثورة. وعلى ذلك، فإن لعلماء الدين - وجماعة الخبراء من خيرتهم - تأثير مستمر في أحداث المجتمع ومصيره، ونحن نرى آثار ذلك والحمد لله.

 11/3/ 1431ق.  25/02/2010م.

***

وقد شاهدتم وقوع الفتنة وتلك الأعمال والمساعي، وكيف دافعت أمريكا عن أهل الفتنة وكذلك بريطانيا والقوى الغربية والمنافقون وطلاب السلطة؛ وماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أن شعبنا العزيز وأمتنا العظمى في مقابل كل هذا الإتحاد والاتفاق المشؤوم أظهر من العظمة في يوم التاسع من شهر دي والثاني والعشرين من شهر بهمن ما حيّر العالم. فإيران اليوم، وشباب اليوم والمتعلمون اليوم والإيرانيون اليوم هم في وضع يحبطون معه بتوفيق الله كل مؤامرة يعدها الأعداء ضد نظام الجمهورية الإسلامية. غاية الأمر أن علينا الالتفات ويجب أن نتحرك بالتقوى. فما يجعلنا أقوياء هو التقوى؛ وما يجعلنا بمأمن من الضرر هو التقوى؛ وما يمكننا من الاستمرار على هذا الطريق حتى الوصول إلى الأهداف العليا المؤملة هو التقوى.

 14/3/1389ش.  21/6/1431هـ.  4/6/2010م.

***

ما يلزمنا هو أن لا يفقد أبناء الشعب والمسؤولون وغير المسؤولين وخصوصاً الشباب وخصوصاً من لهم كلمة مؤثرة، أن لا يفقدوا شعورهم بمسؤولية التواجد في الساحة. لا يقل أحد إنني لا يقع علی عاتقي واجب أو مسؤولية.. الكل مسؤولون. وليس معنی المسؤولية أن نحمل السلاح ونمشي في الشارع. يجب أن نشعر بالمسؤولية في أي عمل أو موقع كنا.. مسؤولية الدفاع عن الثورة ونظام الجمهورية الإسلامية، أي عن الإسلام وعن حقوق الشعب وعن عزة البلاد. هذا هو الشرط الأول. علينا جميعاً الشعور بهذه المسؤولية. وأری أننا نتحلى بمثل هذا الشعور بالمسؤولية. لقد أثبتت جماهير بلادنا هذا المعنی وستثبته. النموذج الجلي لذلك هو يوم التاسع من دي الذي أشير إليه. وهناك نماذج أخری. الثاني والعشرون من بهمن علی الأبواب وعشرة الفجر قريبة. لقد أبدی الشعب تواجده واستعداده وحيويته ونشاطه وسيبديه أيضاً.

  10/2/1431ﻫ.ق. 6/11/1388ﻫ.ش

***

  ـــــــــــــــ

 [1] سورة المائدة، الآية: 8.

 [2] سورة الحج، الآية 38.