أجرى الحوار: فؤاد الخرسا

 

الضيوف: الشيخ ماهر حمود ـ إمام مسجد القدس في صيدا – بيروت

 

الشيخ محمد علي تسخيري ـ الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية – طهران 

 

الشيخ د.علاء الدين الحموي ـ عميد كلية الأوزاعي – دمشق

 

فؤاد الخرسا: السلام عليكم... ما أهمية تصريحات قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي في محافظة كردستان حول وحدة السنة والشيعة؟ كيف يفسر كلامه أن مثيري الفتنة والفرقة بين المسلمين ليسوا من الشيعة والسنة؟ ماذا يعني وصفه من يمس الوحدة الوطنية بذرائع مذهبية بالعميل والعدو للاسلام؟ من هم الجهلة من السنة والشيعة الذين حذر من ممارساتهم؟ ماذا يعني تنبيهه من تغيير أساليب العدو لتحقيق مؤامراته داخل الصف الاسلامي؟

 

فؤاد الخرسا: فضيلة الشيخ ماهر، فيما يرتبط بتصريحات قائد الثورة الاسلامية، يطل منها على المسلمين ليتحدث عن ضرورة الوحدة بين السنة والشيعة. الان بهذا التوقيت ما تفسير هذا الكلام برأيك؟

 

الشيخ ماهر حمود: الثورة الاسلامية اسست على هذا المبدأ وكان من الشعارات الاولى الى الوحدة هي ( يا ايها المسلمون اتحدوا اتحدوا) وكان ايضاً من الشعارات ( اليوم ايران وغداً فلسطين ). السيد الخامنئي يتمم الفكرة التي انطلقت في ايران في موضع تنفيذ منذ 30 عاماً وهي الفكرة التي نحرص عليها كل يوم والتي لعلها وصلت بعد 30 عاماً من الجهود المضنية الى قمة ما وصلت اليه في عدوان غزة حيث ثبت ان المقاومة في غزة كانت تتواصل تواصلاً كاملاً مع ايران، مع حزب الله في لبنان بدون اي حواجز مذهبية. نعم، كلام السيد خامنئي بعد انتصار غزة وبعد انتصار لبنان ايضاً، بعد هذين الانتصارين المميزين في تاريخ صراعنا مع الصهيونية كأنجاز متقدم للثورة الاسلامية في ايران، كلام السيد خامنئي يجب ان يعطى بعداً اكبر.

 

فؤاد الخرسا: فضيلة آية الله الشيخ تسخيري، لو نتوقف معك عند اهمية هذا الكلام. طبعاً ليست المرة الاولى التي يتم فيها الحديث عن وحدة المسلمين لكن الان بهذا التوقيت خصوصاً الكلام الذي ارتبط بمثيري الفتنة والفرقة بين المسلمين، كيف تفهمه من وجهة نظرك؟

 

آية الله الشيخ محمد علي تسخيري: اعتقد ان كلام سماحة القائد جاء في الوقت والمحل المناسب. انتم تعلمون ان كردستان فيها من الاكراد الشافعية النسبة الكبرى. في زيارته اراد ان يعلن القائد وحدة الشعب اولاً بسنته وشيعته واراد ان يعلن ان عملية التفرقة بين هاتين الطائفتين الكبيرتين في الاسلام هي عملية استكبارية يريد العدو ان يمزق بها الامة وهو يستفيد من بعض العقول المريضة وبعض التصرفات السخيفة التي تبدو هنا وهناك لكي يحقق هدفه في تمزيق هذه الامة. واعلان القائد هو اعلان لكل الامة ولكل العالم ان هذه الامة هي امة واحدة وانها تؤمن بالخطوط الاساسية التي اعلنها الاسلام للدخول في اطار هذه الامة. المذاهب كلها تؤمن بهذا الاطار العام والاختلاف اذا تم يتم في الامور الفرعية. هذا الاعلان اعلان في التحدي امام كل التحديات التي تواجه ثقافة الامة ووجودها.

 

فؤاد الخرسا: شيخ الحموي، اسمح لي اطرح ما يرتبط بحديث قائد الثورة الاسلامية عن مثيري الفتنة والفرقة بين المسلمين، هل يشير ذلك الى مخاطر تأثير هذه الفتنة والفرقة على مجتمعاتنا؟

 

الشيخ د.علاء الدين الحموي: مما لا شك فيه ان دعوة قائد الثورة الاسلامية الى الوحدة الاسلامية ليست الاولى من نوعها لكنها تذكرنا دائماً بضرورة الوحدة وبأجتماعنا لاسيما في هذا الوقت الذي يتكالب علينا اعداؤنا من كل مكان ويجتمعون من غير وجود رابط يجمعهم. فكان اولى بنا ان نجتمع وبيننا الروابط الكثيرة التي تجمعنا. لكن لابد ان نتذكر دائماً بأن حجر الزاوية في الوحدة الاسلامية هم علماء الامة من السنة والشيعة عندما يعتقدون بضرورة هذه الوحدة منهجاً علمياً عملياً يبلغونه لأبنائهم من المتعلمين على ايديهم. عند ذلك لن يكون لدور هؤلاء الذين ينشرون الفتنة بين المسلمين، لن يكون لهم الدور الكبير. مما لاشك فيه ان هؤلاء الذين يكفرون هذه الفرق او تلك، يبثون الفتنة بين اطراف الامة الواحدة الذين يقولون لا اله الا الله ويتجاهلون احاديث النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي تنهى عن تكفير اهل القبلة. وهنا لابد ان نؤكد على ان دعوة قائد الثورة الاسلامية كي تحث علماء الامة من السنة والشيعة للتصدي لهؤلاء والوقوف في وجههم.

 

فؤاد الخرسا: فضيلة الشيخ، اولاً مسؤولية علماء الامة، هل المشكلة هي في العلماء من حيث الفتاوى عندما نتحدث عن فتنة كأنها انطلقت من الموقع الذي يمثله علماء الامة ام هي ابعد من ذلك، هي مؤامرة يشترك فيها كثيرون يقع فيها علماء الامة عن علم او عن جهل وبالتالي يكون لها هذا التأثير الكبير؟

 

الشيخ ماهر حمود: العلماء نسيج من هذه الامة. والحقيقة قلة قليلة نادرة التي تستطيع ان لا تنجرف بالتيار الموجود. الذي نراه شيء يدهش البال ان نرى بعض العلماء يأخذون الموقف الذي يرضون به الحكام او الناس او يدارون به معايشهم وما الى ذلك. هنا هل العلماء يفترض ان يكونوا من طينة اخرى من الناس لا يتأثرون بما هو حاصل؟ من حيث المبدأ نعم ولكن من حيث الواقع القلة القليلة التي تستطيع ان تفعل ذلك. اما الذي نراه فعلاً انه الجزء المؤثر العلماء الرسميون والذين يتمتعون بقدرات مالية هائلة وسلطة هائلة، للاسف الفساد واضح فيهم وهم جزء من المؤامرة.

 

فؤاد الخرسا: لأدخل اكثر في الفكرة التي طرحها قائد الثورة عندما يتحدث عن الجهلة من السنة والشيعة، من هم هؤلاء الجهلة وكيف يمكن مواجهتهم اذا انطلقوا من مواقع ذات تأثير كما ذكرت؟

 

الشيخ ماهر حمود: الجهلة انواع. الذين فعلاً لا يعلمون ويتكلمون بظواهر الامور، هذا نوع موجود. هناك جاهل آخر والذي يجهل انه جاهل. هؤلاء جهلة لأنهم يجهلون احياناً امور رئيسية. وهناك نوع آخر الذي يظن ان المصلحة كما يراها بعقله القاصر مقدمة على المصلحة اليقينية الدينية فيجاري الوضع القائم بأعتبار ان المصلحة كذلك تقول وهذا ايضاً جهل في الدين. العالم يجب ان يرى تغير الامور ويقف الموقف المناسب على الاسس الدينية.

 

فؤاد الخرسا: آية الله تسخيري، في الاطار ذاته المرتبط بالمسؤولية، هل المشكلة على هذا المستوى ترتبط بالمسلمين انفسهم علماء وعامة ام هي بالعدو الذي يفرض عليهم مشاريعه التقسيمية وفي طليعة هذه المشاريع شق وحدة المسلمين؟

 

آية الله الشيخ محمد علي تسخيري: اعتقد ان التحريك الاساسي يبدأ من العدو. العدو حساس جداً ويخشى ان تتحد هذه الامة لأن هذه الامة اذا اتحدت استطاعت ان تقف في وجه كل التحديات الخارجية والداخلية بالاضافة الى انها تستطيع ان تحقق الاهداف الكبرى الملقاة عليها كأمة. اذا كان هذا صحيحاً، انا اعتقد ان العدو يستفيد من جهل الجهلاء في داخلنا واعتقد ان بعض من ينتسب الى اهل العلم هو في الواقع جاهل بحقيقة النظرة الاسلامية. والا كيف يمكن ان نعتبره عالماً من يرى دعوة الاسلام للعقلانية في التعامل ويرى نظرية القرآن في الحوار ويرى رأي الاسلام في حرية الاجتهاد ويرى دعوة الاسلام للوحدة، يرى كل هذه الامور ويرى ان الاسلام رسم للدخول الى الامة والخروج منها حداً معيناً. هذا الحد تلتزم به كل المذاهب الاسلامية. هذا الانسان الذي يرى كل هذه الحقائق ويتجاهلها او يجهل مضمونها، هذا الانسان لا يمكن ان ننسبه الى طبقة العلماء حتى لو تسلم منصباً رفيعاً. انا ارى ان الكثير من الذين يقومون بالتكفير ويفرطون، استدلالاتهم مريضة. هؤلاء يقدمون للعدو النسرب. يعني هم ينفذون من داخلنا. الامام الغزالي كان يقول انهم يمتدون في فراغنا. هؤلاء يصنعون الفراغ والعدو يمتد لتحقيق هدفه.

 

فؤاد الخرسا: دكتور حموي، عامل القوة يراه السيد خامنئي في وحدة المسلمين. وآية الله تسخيري اعتبر ان العدو يخشى هذه الوحدة. لكن يبقى السؤال هل هذه الوحدة هي شعار وهل يمكن ان تطبق بالمعنى العملي؟

 

الشيخ ماهر حمود: لابد ان نؤكد بأن العدو هو العدو. وبالعكس تماماً عندما نرى هجوم العدو على هذه الوحدة مما يجعلنا نشعر بأهميتها وضرورتها فان قيمة الاشياء بكثرة السارقين او محاولة سرقتها. لكن ما نتملكه في هذه الامة ان لا ندعى فرصة لعدونا ان ينطق على لسان واحد من بيننا، ان لا نوجد لهم الفراغ الذي يمتدون من خلاله. مما لاشك فيه ان شعار الوحدة الذي اطلقه قائد الثورة الاسلامية هو شعار عظيم جداً ومطلب، هو ضرورة هو حياة هذه الامة. نحن دائماً نفكر بالاعداء وكيف يفسرون او كيف يحاولون تفريق الامة. هذا صحيح ولكن نحن نريد من ابناء الامة وعلى رأسهم العلماء القادة، الحكماء الذين يحاربون الجهل بنوعيه، الجهل البسيط والجهل المركب.

 

فؤاد الخرسا: سماحة الشيخ حمود، الحواجز الذي تقف بوجه تحقيق هذه الوحدة حتى لا نتحدث عنها دائماً كأنها غير قائمة. ثانياً، هل ضعف الامة بشكل او بآخر ساهم في دخول التقسيم المذهبي الى جسدها بالشكل الذي نراه الان؟

 

الشيخ ماهر حمود: بدون شك. الضعف الاقتصادي مثلاً وغيره ساهم. عندما تكون الامة بحاجة الى اتصال من الخارج وقرار سياسي من الخارج وكل شيء من الخارج، بدون شك الخارج سيؤثر حتى في الدين وفي العلاقات. وهنا حسب تجربتنا في لبنان واضح وضوح الشمس ان الفتنة المذهبية كانت مفتعلة بقرار خارجي، بسخاء مول من بعض الامراء السعوديين وبعض السياسات الامريكية ونفذه محليون. وعندما انكشفت بعض الخيوط تراجعت الفتنة المذهبية 70%. نعم، القرار الخارجي الذي يأتي من ضعف الامة وتفككها له عامل رئيسي. لعله مسؤوليتنا جميعاً بعد 30 عام من انتصار الثورة وهي الوحيدة التي تستحق ان يقال عنها قيادة اسلامية عالمية وتتجاوز التصنيفات المذهبية، بعد 30 عاماً حتى هذه اللحظة لم يستطع احد منا لا في لبنان ولا في ايران ولا في مكان آخر ان ننتقل من شعار وحدة المسلمين كضرورة سياسية وجهادية الى بعض التفصيلات المذهبية او القواعد الفقهية التي لا يجوز ان يتجاوزها احد.

 

فؤاد الخرسا: آية الله تسخيري، على مستوى عدو الامة والذي قلت انه يخشى وحدة المسلمين، السيد القائد حذر من ان هذا العدو قد يغير من اساليبه لتحقيق مؤامراته المعقدة. هل هذا يعني ان المواجهة الان باتت اصعب؟ ثم على مستوى الوحدة الاسلامية والشعار الذي يطرح دائماً، كيف يمكن الوصول الى دستور للوحدة الاسلامية ؟

 

آية الله الشيخ محمد علي تسخيري: الامام القائد وضح كل المصطلحات في مسيرة خطبه. له الكثير من الخطب في اسابيع الوحدة او في افتتاح المؤتمرات العالمية ومنها مؤتمر القمة الاسلامي الثامن، اوضح ماذا يريد من مصطلح الوحدة ومن مصطلح التقريب بين المذاهب. وبالخلاصة ان الوحدة المراد فيها الاتحاد العملي او وحدة المواقف العملية بين المسلمين. اما التقريب فهو احد الاساليب التي تمهد بعملية الوحدة. والتقريب كما اوضح القائد لا يعني تذويب المذاهب ولا يعني تغليب مذهب على مذهب وانما التقريب يعني ان يحتفظ الكل بمذاهبهم، بأصولهم وحتى بفروعهم ولكن ان يركزوا على الجهات المشتركة وان يعملوا على تطبيق هذه المساحة المشتركة وبعد ذلك يعذر بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه. من يدرك حقيقة الوحدة وحقيقة التقريب، يستطيع ان يؤمن بهاتين الحقيقتين بفطرته الاسلامية. اذا استطعنا ان نلتزم بتعهدنا وان نطبق هذا الميثاق للوحدة، حينئذ ٍ لن تقف امامنا الموانع. اعتقد ان التطرف الذي يؤدي الى التكفير يقف مانعاً امام هذه الوحدة واعتقد ان الجهل ايضاً يقف مانعاً. واعتقد ان التصرفات الاستفزازية من اتباع هذا المذهب تجاه مقدسات الاخر او اتباع ذاك المذهب، هذه التصرفات هي التي تمهد الطريق لتدخل العدو والاستفادة من هذه الحالة المنحرفة.

 

فؤاد الخرسا: سماحة الشيخ حموي، الحديث عن السلفية بما تمثل والذي يؤدي الى حالة التكفير وان عمل كلتا المجموعتين حرام شرعاً خصوصاً اصحاب الفكر المكفر للشيعة واهل السنة. كيف تفهم هذا الكلام وكيف يمكن ان نستفيد من التوجه اليه كحالة مرفوضة على مستوى الامة؟

 

الشيخ د.علاء الدين الحموي: يجب ان نرفع الظلم عن وصف كلمة السلفية التي تعني الرجوع الى ما كان عليه السلف. وهؤلاء يختبئون وراء هذا المصطلح العظيم الذي نتباهى به جميعاً بأن يكون سلفنا الصالح قدوة لنا في الدنيا وشفاعة لنا ان شاء الله يوم القيامة. لكن هؤلاء لا يكفرون فقط هذه المدرسة بل لعلهم يكفرون معظم الامة بأعمالهم حتى لا يبقى غيرهم يدخل الجنة. لذلك، هؤلاء حتى لا يمثلون صورة السلفية الحقيقية التي نعرفها من منهج علمائنا الافاضل. احب ان اؤكد ان الحواجز التي تقف ضد وحدة الامة تتمثل في ثلاثة حواجز واضحة. الحاجز الاساسي هو حاجز الجهل. عندما نرفع الجهل وهو العدو الاكبر بين افراد الامة، عندما نقول بأن السنة والشيعة هما مدرستان في فهم الدين، عندما نعلم ابنائنا احترام الآخر وكيف يحترم كل منا الاخر على ما هو عليه. اذا كنا مطالبين بأن نجادل اهل الكتاب بالتي هي احسن، فكيف نتعامل مع اخواننا. الحاجز الثاني هو تلك الفئة التي لا احب ان تعطى اكبر من حجمها والتي شأنها التكفير وان تحكم على الناس ويأخذون دور القاضي ونسوا بأن دور الداعي ليس قاضياً وانما طبيباً مصلحاً معالجاً. الدور الثالث هو دور العدو الذي يستثمر دائماً الخلافات بين افراد الامة. واقول دائماً ينبغي ان لا نمنحه فرصة بأنفسنا حتى يفرق بين ابناء الامة الواحدة.

 

فؤاد الخرسا: شيخ حمود، اعود اليك الى ميثاق وحدة المسلمين وانت قاربت المسألة من حيث انه لابد من وجود دستور. مسألة الحواجز التي تحول دون هذه الوحدة والتي يركز عليها كثيراً قائد الثورة الاسلامية. طبعاً تناول موضوع السلفية من حيث التطرف والاعمال الارهابية التي تمارس. هل هذا الامر يكشف عن خطورة هذه الاعمال في جسد الامة وكيف يمكن تجاوز ما هو حاصل الان؟

 

الشيخ ماهر حمود: بالمعنى الاصطلاحي، حتى السلفيين ليسوا شيئاً واحداً، ليسوا كلهم تكفيريين. هنالك سلفيين يكفرون الاخرين. هناك سلفيون يعتبرون الملك ولي امرهم وكذا. تكفير الاخرين الذي يصل بهؤلاء الى ان يقتل الاخرين دون دليل شرعي ليس ناتج عن فقه محدد. وجود تكفيريين يقتلون الاخرين دون ذنب اقترفوه او دون دليل شرعي وجد في التاريخ الاسلامي. وهذا يوجد عندما يوجد هنالك خلل. الان هناك خلل كبير ان العلماء لا يقومون بدورهم الحقيقي بشكل عام. الحكام للاسف خاضعون للقرار الاميركي الاسرائيلي ورأينا في حرب غزة ما يشيب له الولدان. هنالك تخلف اقتصادي وسياسي وعقدة امام الغرب انه متقدم رغم كفره ونحن متخلفون رغم ايماننا والى آخره. كل هذه النقاط السلبية اوجدت بعض التكفيريين الذين يريدون ان يحرقوا المراحل بزعمهم. هي قلة ولكنها فاعلة لأنهم يتجاوزون الحدود، يقتلون المسلمين. هم قلة ولكنهم يخططون وينفذون ومعهم اموال كثيرة ويمكن بفتوى ان يفجروا مسجداً شيعياً او سنياً. كل من يخالفهم يحل دمه وكل واحد يخالف تفصيل من تفاصيل ما يقولون يصبح كافراً ويصبح دمه حلالاً. هذه حالة خطيرة جداً وان كانت قليلة من حيث العدد لكنها خطيرة لأنها مؤثرة. مواجهتها تحتاج الى تعديل لكثير من الامور. اذا حصلت انجازات حقيقية على صعيد الامة، على صعيد وحدة المسلمين ومواجهة اسرائيل، على صعيد اي شيء، هؤلاء يذوبون.

 

فؤاد الخرسا: سماحة آية الله تسخيري، على مستوى الوحدة الوطنية داخل كل بلد من بلدان الامة، قائد الثورة يعتبر من يمس الوحدة الوطنية بذرائع مذهبية انما هو عميل للعدو وعميل بالمطلق. هل في ذلك تحصين للجبهة الداخلية على مستوى الامة؟

 

آية الله الشيخ محمد علي تسخيري: المراد ليس الاعتراض على المنهج السلفي بل المراد الاعتراض على اولئك المكفرين، المنهج التكفيري. هذا المنهج الذي لا ينسجم مع الاسلام ولا ينسجم مطلقاً مع المنطق الانساني. لا ادري كيف هؤلاء التكفيريون كيف يجيبون على احاديث الرسول، من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها احدهما. او الاحاديث الاخرى التي توضح حرمة الدم والدخول في الامة بعد الشهادتين والنطق بهما والايمان بأركان الاسلام. وكل المذاهب تؤمن بأركان الاسلام واركان الايمان. لا ادري كيف هؤلاء يبررون فسح المجال لقتل مئات المسلمين بأسم هذا التكفير. لو قلت انه هؤلاء حمقى فقد قلت القليل في حقهم. اما قضية الوحدة الوطنية، الامام القائد كان يشير الى الوحدة الوطنية في ايران وهي في الواقع معيار للوحدة الوطنية للوطن الاسلامي كله. الامة الاسلامية مطالبة بأن ترص من صفوفها وتقف تجاه التحديات التي تواجهها. وطبيعي جداً من يضرب وحدة الامة او يضرب وحدة امة في جزء من هذه الامة الكبيرة، هو في الواقع يفتح فراغاً ينفذ منه العدو. فهو يستحق ان يسمى بالعميل. هؤلاء الذين يتطاولون على مقدسات المذاهب او هؤلاء الذين يكفرون المذاهب او هؤلاء الذين يقتلون بدون حساب، هؤلاء جميعاً هم عملاء بالاستعمار والاستكبار العالمي بلا ريب. هذه الفتنة تعلو عندما يحدث انتصار كبير. الانتصار العظيم لحزب الله الذي يقاتل نيابة عن كرامة الامة، بعده طرحت هذه الفتنة. الانتصار العظيم للمقاومة الحماسية في غزة، هذا الانتصار بعده ايضاً طرحت هذه الفتنة. ويجب ان يكون العلماء على وعي كامل من مؤامرات العدو ولا يفسحوا المجال لأستغلال مواقفهم.

 

فؤاد الخرسا: شيخ حموي، انطلاقاً مما ذكره آية الله تسخيري، القائد حذر من ان العدو قد يغير من اساليبه لتحقيق مؤامرته المعقدة لأنه يخشى وحدة المسلمين. هل هذا يعني ان المواجهة الان باتت اشد؟

 

الشيخ د.علاء الدين الحموي: مما لاشك فيه بأن حديث قائد الثورة الاسلامية عن الوحدة الوطنية التي هي نواة الوحدة الاسلامية وكما نرى دائماً ان العدو يحاول ان يفتت وحدتنا الوطنية بأي صورة. مثال الجزائر التي ليس فيها الا مذهب واحد لكن رغم ذلك اوجدوا لهم ما يتقاتلون من اجله. مما لاشك فيه ان الوحدة الوطنية في كل بلد تتمثل في وحدة ابنائها اياً كانت انتماءاتهم. وعندما نبين ان المدارس هي عبارة عن اشجار والناس ينتظرون ثمارها واياً كانت انواع هذه الثمار فنحن نحترم الشجر الذي يصدر لنا هذه الثمار لتشكل لنا مائدة متنوعة متناغمة فيما بينها. عندئذ ٍ لن ندع فرصة لهؤلاء الذين يريدون بث روح الفتنة والتفرقة بين ابناء الامة الواحدة. وعندما دار الحديث عن الميثاق وهذا شيء عظيم جداً ان يكون هناك ميثاق بين علماء الامة يوقع عليه هؤلاء الالاف لكن نحن اليوم بحاجة الى ترجمة هذا الميثاق بصورة عملية من خلال الاعلام والتعليم ومن خلال ما يثبت وحدتنا الوطنية ويقودنا جميعاً الى الوحدة بين افراد الامة الاسلامية.

 

فؤاد الخرسا: سماحة الشيخ، متى يصبح الكلام عن احترام الوحدة والتضامن بين الطوائف والمذاهب هو الاساس وليس ما هو حاصل الان ؟ كيف يمكن ان نحصن هذه الجبهة على مستوى الامة؟

 

الشيخ ماهر حمود: بالانجازات. اذا انجزت هذه الشعارات شيئاً على الارض، فهذا يجب ان يخفض الاصوات الاخرى. علينا ان نسعى الى ايجاد انجازات على الارض. ثم بعد هذه الانجازات لعله الولوج الى بعض المحرمات المذهبية للتخفيف من التناقضات، نكون قد خطونا خطوة اخرى.

 

فؤاد الخرسا: سماحة آية الله تسخيري، على مستوى انجازات الوحدة، هل نخطو الخطوات الكبرى بأتجاهها؟

 

آية الله الشيخ محمد علي تسخيري: انا اؤمن بأن الامة الاسلامية تخطو نحو الوحدة. هناك ظاهرة صحية تسري كالعافية في اوصال هذه الامة وهي ظاهرة الصحوة الاسلامية. هذه الظاهرة يجب ان يعمل العلماء جميعاً على تركيزها وترشيدها وعلى توسعة مظاهرها وعلى تعميق مفاهيمها في قلوب الجماهير. اعتقد اننا نسير نحو الوحدة وان الوعي الاسلامي يتنامى.

 

فؤاد الخرسا: شكراً لك سماحة آية الله تسخيري كما اشكر فضيلة الشيخ حمود وفضيلة الشيخ الحموي. والسلام عليكم.