أجرى الحوار: فؤاد الخرسا

 

الضيوف: حسن حماده: كاتب سياسي ـ بيروت 

 

 سمير تقي: مدير مركز الشرق للدراسات الدولية - دمشق

 

 الشيخ حسين إبراهيم: عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي- طهران

 

 نبيل ميخائيل: أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ميرلاند

 

فؤاد الخرسا: السلام عليكم ... كيف تفهم واشنطن خطاب قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد علي خامنئي في ذكرى اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي بأنها المستكبر الحقيقي في العالم؟ ماذا يعني كلامه أن الأمريكيين يتحدثون عن التفاوض ويطلقون التهديدات في آن واحد؟ ما تفسير توقيع الرئيس الأميركي على مبلغ 55 مليون دولار للمضي في الحرب الناعمة على إيران؟ ما دلالات تأكيد السيد خامنئي على ضرورة فرز حساب الثوريين القلائل الذين أصابهم الملل من حساب الشعب والشباب؟ هل أغلق السيد الخامنئي باب الحوار مع واشنطن أم وضع الأسس وحدد القواعد؟

 

فؤاد الخرسا: سيد حماده، لأتوقف عند رسالة قائد الثورة الإسلامية السيد الخامنئي للولايات المتحدة في هذه الذكرى عندما يقول أنها المستكبر الحقيقي في العالم، دلالات هذا التوجه برأيك؟

 

حسن حماده: أولاً التشخيص صحيح. المستكبر الأول، الإرهابي الأول، المجرم الأول، الولايات المتحدة ضربت كل الأرقام القياسية بإرهاب الدولة والجرائم بهذا العالم الأحادي. يجب أن يكون باسم حرية الأمم وباسم مبدأ الديمقراطية بين الأمم، يجب أن يقف أحدهم ويقول أن الولايات المتحدة تتصرف كذا وكذا وكذا وهذا ما قام به المرشد.

 

فؤاد الخرسا: لأدخل قليلاً بالإشارات السياسية، ما المضمون وسط هذا الكلام عن إمكان حصول حوار مع إيران؟

 

حسن حماده: إمكان حصول حوار مع إيران بمعنى، على من يريد أن يحاورنا أولاً أن يفهم أنه يحاورنا كما نحن وليس كما يريدنا أن نكون. ومن ثم، إيران بجولات التفاوض حول الموضوع النووي، أعتقد أنها سجلت للتاريخ درساً لفن اسمه فن التفاوض.

 

فؤاد الخرسا: دكتور تقي، لأبقى في نطاق ما قاله قائد الثورة الإسلامية في خطابه عندما يقول، الأمريكيون يتحدثون عن التفاوض ومن جهة أخرى يواصلون تهديداتهم. هل يكشف عن زيف نواياهم ويقطع الطريق على مراوغتهم؟

 

سمير تقي: في الوضع الحالي، السياسة الأمريكية تتركز على ما يلي. على حشد الوضع الدولي والقوى الدولية وراءها سواء من خلال عملية التفاوض أو من خلال عملية الضغوط على إيران وعلى شعوب المنطقة بهدف تطويعها. وفي هذا المجال، لا يمكن الفصل بين الضغوط وبين التفاوض. أمر طبيعي أن تكون المفاوضات بالعقلية الأمريكية الرائجة أن تكون مرفقة بالضغوط. ولكن ذلك يوضح بشكل جلي بأن الهدف من المفاوضات هو ليس التوصل إلى حلول مشرفة ولائقة فيها اعتراف بمصالح الشعب الإيراني ومصالح شعوب المنطقة بل هي مفاوضات يراد منها أن تحصل على نتيجة لنتيجة الضغوط وبنتيجة محاولة إضعاف مقاومة هذه الشعوب. وفي هذا الإطار يجب أن نأخذ بعين الاعتبار بأن الأمريكان لا يفاوضون فقط وإنما يحاولون أن يجردوا الهوامش من حول إيران. يحاولوا أن يقنعوا القوى الدولية بأنهم يفاوضون بهدف تمكينهم من حشد الوضع الدولي والإقليمي في منطقة الشرق الأوسط في حال انعطفت الأمور باتجاه الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية.

 

فؤاد الخرسا: شيخ إبراهيم، انطلاقاً مما سمعناه الآن هل أعلن قائد الثورة الإسلامية غلق باب التفاوض مع واشنطن من خلال هذا التوجه باعتبارها المستكبر الحقيقي في العالم وأنها تريد أن تفاوض وفي الوقت ذاته تطلق تهديداتها أم انه حدد القواعد ووضع الشروط؟

 

الشيخ حسين إبراهيم: بالنسبة لما ذكره قائد الثورة، لم يكن إغلاقاً للباب ولكن باب المفاوضات لا يزال مفتوحاً ولكنه وضع بعض الشروط. كما ذكر قائد الثورة بأن الولايات المتحدة يجب أن تتخذ خطوات وتقوم بأعمال عملية كي نصدق بأن الولايات المتحدة هي أهل الثقة وأهل المحادثات وتريد أن تدخل في محادثات حقيقية. وكذلك هناك حقل للجانب الآخر المواجه للولايات المتحدة. ما شعرنا به حتى هذه اللحظة بأن الولايات المتحدة تريد أن تخدعنا وتتحدث فقط وليست هناك أي خطوات عملية. السيد اوباما قال في البداية قال بأنه يريد أن يغير وأن يجري تغييرات في المنطقة وفي سياسات الولايات المتحدة الخارجية ولكننا لم نشاهد أي أثر لتلك التغييرات. ولكن بما قرره الكونغرس يوم أمس 55 مليون دولار فهذا يعني أنهم يريدون أن يوجدوا الفتنة ويحيكوا المؤامرات ضد الحكومة الإسلامية. وطالما كانت الفتنة والدسائس مستمرة فنحن لن نكون طرفاً في تلك المحادثات.

 

فؤاد الخرسا: سيد حسن، انطلاقاً من الرقم الأخير الذي ذكر الآن 55 مليون دولار بالنسبة للولايات المتحدة هو رقم هامشي إنما أساس توظيفه أو استثماره، يعني عندما يوقع الرئيس اوباما على هذا الرقم قيل أن وظيفته الأساسية هي كيف يمكن أن نستخدمه في الحرب الناعمة ضد إيران عبر إيجاد مواقع الكترونية للمناوئين للنظام في الداخل أو الخارج، كيف نفهم هذه المزاوجة بين من يريد التفاوض وبين من يريد أن يوظف إمكانات لمهاجمة النظام الإسلامي في إيران؟

 

حسن حماده: هي المفاوضات الساخنة، يريدون أن يفاوضوا، يقولون بمبدأ المفاوضات ويتحدثون عن العمليات الناعمة لأنه هناك مخطط تم التوصل إليه اُبرم في تشرين الثاني الماضي في لقاء جرى في باريس ما بين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال اشكنازي ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مولن ورئيس أركان الجيش الفرنسي والمعلومات سربت من الأوساط الفرنسية. المعلومات هي الآتية. ذهب الإسرائيلي ومعه مخطط ودراسة كاملة لتوجيه ضربات إلى المنشآت النووية الإيرانية. فكان الجواب الأمريكي مباشر وتحذيري فقال لهم، ممنوع عليكم أن تقدموا بخطوة من هذا النوع لأن الثمن سيكون مكلف جداً. ثمة دول في الخليج قد تزول من الوجود وذكر المملكة السعودية. ولكن تم الاتفاق على أنه عوضاً عن ذلك، أعطيت بطاقة بيضاء لإسرائيل ومخابراتها للقيام بشتى أنواع العمليات الإرهابية والاستخباراتية في الداخل الإيراني. ثم طرح موضوع ضربات تعويضية وهي إما حرب جديدة على لبنان وجرى هنا أيضاً تحذير أمريكي. صرف الأموال هي من أجل القيام بعمليات إرهابية. نعم، الرئيس اوباما وقع على أمر عمليات إرهابية يقتل فيها أطفال ونساء وشيوخ.

 

فؤاد الخرسا: دكتور تقي، انطلاقاً من المعطيات التي قدمها السيد حماده، البنتاغون أصلاً كان قد طلب هذه المبالغ للمضي في ما يسمى الحرب الناعمة ضد إيران. هل هذا يؤكد كل ما كشف عنه قائد الثورة وهل هذا يتقاطع مع كل هذه الهجمة التي تخاض الآن ضد إيران من الداخل قبل الخارج؟

 

سمير تقي: ماذا تعني الحرب الناعمة بالنسبة للولايات المتحدة؟ القوة الناعمة بالنسبة للولايات المتحدة تعني أولاً أن الجيوش الأمريكية في هذه المرحلة سوف تنسحب من البر وتحاول أن تبقى في البحر بهدف الاستمرار في فرض هيمنتها وسيطرتها الإقليمية لكن دون التدخل مباشرة في الأراضي التي تجد فيها قوى وأنظمة تعارض مصالحها. الأسلوب الآخر للتأثير في الأوضاع في هذه المناطق وإدارة المصالح الأمريكية هو أولاً إشعال التناقضات الداخلية في كل البلدان التي يمكن أن يكون من المفيد. وليس من الغريب أن نرى انفجار الأوضاع داخل الصين وفي إيران وتحريك بعض القضايا هنا وهناك. هذا أمر ينسجم مع رؤية الولايات المتحدة لمفهوم القوة الناعمة. هذا المفهوم تأسس أولاً في مجابهة الاتحاد السوفيتي وفيه جرى الاعتقاد أنه عبر الترويج لنمط معين من الثقافة الاستهلاكية المتعلقة بلبس الجينز والأفلام والثقافة والاختراق القيمي والثقافي للمجتمعات، يمكن خلق وضع معين عن طريق السماح له بالازدهار تدريجياً. وهذا أيضاً دليل على فشل حقيقي في رؤية الأوضاع وفي تقييمها في المنطقة. شعوب المنطقة ومنها الشعب الإيراني، شعوب تدرك مصالحها بشكل جيد. الوضع مختلف عما كان في الاتحاد السوفيتي وهو يعبر عن قراءة غريبة.

 

فؤاد الخرسا: سماحة الشيخ، رسالة السيد الخامنئي للأمريكيين، لأبقى في النقطة المتعلقة بإمكان رهان على اضطرابات داخلية، عندما يقول للأمريكيين أن لا تفرحوا ببعض الاضطرابات التي حدثت اثر الانتخابات الأخيرة لأن الجمهورية الإسلامية ذات جذور أعمق مما تتصورون. هل يريد التأكيد على عبثية رهاناتهم على التغيير من الداخل؟

 

الشيخ حسين ابراهيم: ما ذكره قائد الثورة بالنسبة للولايات المتحدة بأنكم لا تعلمون ولا تعرفون الشعب الإيراني. وكأنهم قد نسوا ذلك اليوم في إيران الإسلامية. كان هناك حوالي 40 ألف مستشار أمريكي قبل الثورة ولكن بعد قيام الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني، خرج جميع المستشارين الأمريكيين للأبد من إيران وأصاب أمريكا الخزي والذل. واليوم نحن أقوى آلاف المرات من ذاك الوقت. وقد حاربنا 8 أعوام حينما كان العالم كله يساعد نظام صدام ولكننا وقنا أمام هؤلاء الذين وقفوا أمام الشعب الإيراني. ولهذا فإن بيان قائد الثورة الإسلامية بأن الشعب الذي وقف وواجه في حرب شرسة، وقف أمام جميع تلك القوى لمدة 8 أعوام وانتصر في النهاية، اليوم لن يستطيع العدو بهذه الحركات أو الثورات المخملية أو الملونة. هذه أشياء مضحكة بالنسبة لنا لأننا اجتزنا مراحل أصعب من تلك المراحل وقد ظل الشعب الإيراني مرفوع الرأس وخرج منتصراً ولن ينخدع بهذه الوسائل وهذه الطرق. لقد أوضحوا النوايا السيئة التي كانت في صدورهم وأظهروها إلى العلن وشعبنا سوف لن يغفر لهم تلك الخطيئة.

 

فؤاد الخرسا: سيد حسن، السيد القائد عندما أجرى نوعاً من المراجعة لشعارات اوباما بالتغيير، يقول لم يتم مشاهدة هذا الأمر حتى الآن على ارض الواقع. هل يريد القول أنها شعارات وهمية تتقاطع بشكل أو بآخر مع الإدارة السابقة؟ أين هو الجديد حتى نؤمن أن اوباما فعلاً جاء مغيراً ؟

 

حسن حماده: صحيح، لا يوجد أي جديد على الإطلاق باتجاه إيران لأن مبدأ تغليب الحوار مع إيران، هذا مبدأ حصل أيام إدارة الرئيس بوش وليس من الآن. والرئيس اوباما مازال يطبق بنفس الإستراتيجية التي أقرت وأقرت بتقرير بيكر هاملتون. علينا أن لا ننتظر هدوء وورود ورياحين.

 

فؤاد الخرسا: سيد حسن، كان لديك فكرة تريد أن تشرحها أكثر وهي مسألة مبدأ توسيع العمليات الإرهابية من خلال ما أسميناه الحرب الناعمة التي يريدون خوضها.

 

حسن حماده: ما تحدثت عنه عن لقاء الجنرالات، هذا نشر في الإعلام الفرنسي ولم يكذب على الإطلاق على الرغم من خطورة هذا الموضوع. حتى كتبت تحاليل بهذا الخصوص. المرحلة هي مرحلة توجيه، لا يوجد حرب كبيرة ضد إيران لأنهم لا يستطيعون أن يتحملوا هذه الحرب. ثانياً، إيران أصبحت في دائرة العمليات الإرهابية المستمرة لضرب استقرارها الداخلي أمنياً وسياسياً. هي بدائرة العمليات الإرهابية المركزة وتحريك القلاقل السياسية في الداخل.

 

فؤاد الخرسا: دكتور تقي، هل ستنجح محاولات تجنيد مجموعات من الداخل والخارج لتنفيذ هكذا مخططات لاستحالة وقوع حرب شاملة في المنطقة سواء ضد إيران أو تستفرد بها إيران وسوريا ربما وهذه الاستراتيجيا اعتمدتها إدارة بوش سابقاً ولم تنجح؟

 

سمير تقي: حرب شاملة بالمعنى الذي نتصوره، بمعنى أن تقوم إسرائيل أو الولايات المتحدة بهجوم على إيران أو سوريا، أمر لا يبدو وشيكاً. ولكن أقول من ضمن أدوات القوة الناعمة هو اعتماد الصراعات والنزاعات الإقليمية وتفجير التناقضات بين الدول واستخدام هذه الدولة ضد أخرى. أنا أطرح القضية من وجهة نظر أخرى وهي أنه من الطبيعي أن تكون هناك مناورات أثناء المفاوضات ولكن من الواضح أن الأمريكان الآن يصعدون ويشعرون أنهم مضطرون لتسديد بعض الديون للوبي الصهيوني في واشنطن فيما يتعلق بقضية الموقف من إيران ومن تطورها وتطور وسائلها الدفاعية وإمكانياتها الإقليمية. القضية الرئيسية هنا هي، هل ينجحون أم لا ينجحون؟ في اعتقادي، المهمة الرئيسية الآن أمامنا هي تعزيز وحدة الوحدة الوطنية في كل الدول التي تقوم بمناهضة الاستكبار الأمريكي. اعتقد أن الشعب الإيراني سيقف موحداً ضد هذا المفهوم وضد العدوان الأمريكي الثقافي والسياسي والسعي لتفتيت الناس وإثارة النعرات الاثنية والقومية والطائفية بأشكالها المختلفة. الولايات المتحدة سبق أن مرت بتجارب مشابهة عن طريق التهديد والقوة الناعمة مع الاتحاد السوفيتي. أعتقد أنها فشلت. أعتقد أن شعوب المنطقة تتميز عن الاتحاد السوفيتي كثيراً. وجه المجابهة مختلف تماماً وأعتقد أنه لا مجال للاختراق. المشكلة هي احتمال إثارة هذه الدولة ضد تلك واحتمال استخدام بعض النعرات الطائفية في هذه الدولة أو تلك. ولكن أعتقد أن الوضع الداخلي في إيران محصن إلى حد بعيد.

 

فؤاد الخرسا: سماحة الشيخ، كيف يمكن الكشف عن مخطط القوة الناعمة داخل إيران؟ هل هناك ما يشبه المعطيات عن أن مثل هذا المخطط بدأ تنفيذه ؟ السيد القائد تحدث عن هذا الموضوع عندما يتهم الإدارة الأمريكية أنها اتخذت موقفاً عدائياً من الشعب الإيراني منذ الأيام الأولى للثورة. هو يذكر فقط لينبه قادة البلاد من أنه سواء استخدمت هذه القوة أو لم تستخدم، الموقف العدائي الأمريكي من إيران هو منذ الثورة الإسلامية؟

 

الشيخ حسين ابراهيم: ما قاله قائد الثورة هو كالتالي بأن المؤامرات الأمريكية سواء في عهد بوش أو قبل ذلك كانت ابعد من قرارات رؤساء الجمهورية في الولايات المتحدة. نحن نعتقد أنه بتغيير رؤساء الولايات المتحدة، لن تتغير سياساتهم. يعني، السياسة الكاملة والشاملة تجاه إيران شاهدناها، موجودة ولن تتغير منذ قيام الثورة الإسلامية. نحن نعتقد أنهم جربوا جميع الخطط في بلدنا. الانقلابات العسكرية وكذلك الاختلافات، أرسوا طائراتهم ومروحياتهم في نقطة لم يكن هناك أي جندي ونزلوا على التراب الإيراني من أجل أن يهاجموا ولكن الله سبحانه وتعالى كما ذل أبرهة، ذل الأمريكيين أيضاً هذه المرة. نحن نعتقد أن الله مع الشعب الإيراني المستضعف وليس مع المستكبرين. أنا أقول أن جواسيسهم قاموا بمؤامراتهم ودسائسهم ضد الجمهورية الإسلامية. يجب أن يعلم هؤلاء بأن إيران الإسلامية قوية.

 

فؤاد الخرسا: دكتور نبيل، نتحدث عن خطاب قائد الثورة الإسلامية وشروط الحوار مع واشنطن، كيف فهمتم خطابه ؟ هل تعتقدون قائد الثورة أغلق باب التفاوض مع واشنطن أم حدد القواعد ووضع الشروط؟

 

نبيل ميخائيل: يمكن رؤيتها من كلا الجانبين. يمكن القول بأن الفرص بعيدة للتقارب ويمكن القول أن الفرص قريبة للحوار. نحن نريد حوار مثمر وحوار صريح مع إيران. نحن نعرف المدلول العاطفي لأزمة الرهائن وتأييد أمريكا لإيران في السابق وخلافها معها بعد هذا. أعتقد أن رجحان العقل والحكمة والرغبة في حوار جاد لدولتين عريقتين في النظام الدولي قد يؤدي إلى حوار جاد. أعتقد أن الحكومة الأمريكية تستمع جيداً إلى خطاب المرشد العام.

 

فؤاد الخرسا: من خلال تحليلك ومتابعتك، الرئيس الأمريكي وقع على ميزانية تبلغ 55 مليون دولار كان البنتاغون قد طلبها للمضي في ما يسمى الحرب الناعمة ضد إيران. لماذا يتم توقيعها الآن والحديث هو عن حديث تفاوضي مع إيران؟

 

نبيل ميخائيل: أعتقد أن هذا مدلوله أن أمريكا تحاول خلق حوار مع عدد من القوى في المجتمع الإيراني. العلاقة الأمريكية الإيرانية متشعبة. مازال الطرفان يتحدثان عن التعويضات التي نتجت عن أيام الشاه، أيام الثورة، إغلاق السفارة الأمريكية، هناك عدة أمور عائلية نتيجة تزاوج إيرانيين وأمريكيين معاً. أعتقد، العلاقات مع إيران واسعة ومتشعبة.

 

فؤاد الخرسا: ضيوفنا اعتبروا أن مثل هذه الأموال هي لتغطية بعض الأعمال الإرهابية التي يمكن أن تحصل داخل إيران. هل توافق على هذا التحليل؟

 

نبيل ميخائيل:لا أعتقد أن اوباما هو بهذا الغباء بحيث يمول عملية إرهابية. لكن لو كان لتمويل أعمال إرهابية فنحن نستنكر هذا. لكن لو كان حوار مع شخصيات إيرانية أو بعض أنشطتها فهذا أمر يمكن الاتفاق عليه.

 

فؤاد الخرسا: سيد حسن، هل تعتقد السياسة الناعمة هي بتوجيه من المؤسسة العسكرية الأمريكية ودعم واضح ربما حتى من الحزب الجمهوري ؟

 

حسن حماده: طبعاً، العلاقة السياسية مع دولة مثل إيران، أكيد أن من يحددها ويضع أطرها هي الكتلة الصناعية العسكرية في الولايات المتحدة. وحسبنا الإشارة إلى أن الرئيس اوباما هو لم يأتي من هامش الوسط السياسي الأمريكي. هو ابن المؤسسة ولا يستطيع أن يذهب بعيداً خارج المؤسسة. هذه أمور إستراتيجية وكل سلوك الرئيس اوباما مقيد بالأطر التي تضعها الكتلة الصناعية العسكرية والتي يظهرها 3 أشخاص. شخص اسمه براد سكوكروفت، هنري كيسنجر، وبريجنسكي. هؤلاء هم الحكماء الثلاثة الذين يبلورون إرادة الكتلة الصناعية العسكرية ويعطون هذه الإرادة شكلاً سياسياً يتقيد البيت الأبيض بهذا الشكل. فلنتصور الأمر معكوساً ونأخذ مثلاً أن دولة إيران أعلنت وأن الرئيس نجاد وقع على قرار بصرف مبلغ 55 مليون دولار للقيام بعمليات زعزعة استقرار سياسي وليس إرهابي في الولايات المتحدة، كيف كان اعتبر هذا الأمر؟ لا، يمكن اعتبار ذلك عمل حربي. وهذا عمل حربي يأخذ طابع إرهابي.

 

فؤاد الخرسا: دكتور تقي، بالكلام عن سياسة الاستكبار وتأكيد قائد الثورة عن أن الولايات المتحدة مازالت المستكبر الحقيقي في العالم. ثم هذا الكشف وجرد الحساب، العلاقة مع الولايات المتحدة منذ انتصار الثورة الإسلامية، هل يمكن أن نقول أن باب التفاوض الآن مع واشنطن محدد بقواعد وضعت شروطها إيران ؟

 

سمير تقي: السيد خامنئي ليس شخصية عادية أو شخصية تتحدث من أجل الإعلام والدعاية. هذا يمثل موقف سامي من أعلى السلطات العقائدية والسياسية للأمة الإيرانية. ومن هذا المنطلق أقول، إذا نظرنا إلى الشروط التي وضعت من أجل طرح الموضوع والعودة لتيار المفاوضات، وآخذين بالاعتبار المكانة العليا التي يتمتع بها السيد خامنئي، أقول هذه الشروط لن يكون بإمكان الولايات المتحدة أن تلبيها ولا في العشرين سنة القادمة. هذا التصريح سوف يطرح الكثير من الإشكال على الأطراف الدبلوماسية والسياسية الأمريكية والأوروبية التي تدخل في عملية مفاوضات الدول الست لأنها عملياً ستربك رؤيتهم. حتى إذا استمر التفاوض، الشروط التي صاغها السيد خامنئي هي شروط في غاية الدقة. لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستصبح هذا الحمل الوديع الذي يمكن أن يعامل كغيره من الدول الأخرى. وستتكلف البشرية الكثير من الضحايا قبل أن تتحول أمريكا إلى هذه الصورة.

 

فؤاد الخرسا: سماحة الشيخ، السيد خامنئي يتوجه للولايات المتحدة بأن تتخلى عن نزعتها الاستكبارية وعن تدخلها غير الملائم بشؤون الشعوب. هل يحذرها علناً من محاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء؟

 

الشيخ حسين إبراهيم: السيد اوباما قال كلاماً جيداً في البداية. ولو قام باتخاذ خطوات عملية لقامت إيران باتخاذ خطوة. ما قاله قائد الثورة في مشهد قبل عدة أشهر وقد قال، اليد التي تمتد إلينا وإذا كان هناك قفاز يغطي هذه اليد فلن نمد يدنا إلى هذه اليد. نحن نشك في عمل الأمريكيين، ليست هناك أي ثقة. كل خطواتهم وأفعالهم كانت ضد إيران. في أحداث سيستان وبلوشستان قبل عدة أيام، لدينا وثائق بأن الأمريكيين قد تدخلوا بصورة مباشرة في محافظة بلوشستان. إذاً، كيف يريدون منا أن نصدقهم ؟ الشروط التي وضعها قائد الثورة ليست صعبة ولكن لأن أعمال الأمريكيين ليست صحيحة، لهذا يجب عليهم أن يعيدوا النظر في خطواتهم. وإذا لم يعيدوا النظر في مواقفهم فستبقى تلك الشروط موجودة وسوف يبقى قائد الثورة وكذلك الحكومة الإسلامية على مواقفهم ولن نحسن العلاقات بسبب تلك النوايا السيئة التي يطبقونها ضدنا. نحن نعتقد أن الأمريكيين نياتهم سيئة جداً ولهذا فإن أعمالهم ليست صحيحة. ويجب أن تتغير هذه النوايا حتى تخطو الجمهورية الإسلامية خطوات أخرى.

 

فؤاد الخرسا: سيد حسن، كأننا نقود حرب نوايا. استبق قائد الثورة ما قد يخطط لهذه المفاوضات خصوصاً ما قد يكون خلفها. هل نحن الآن نخوض حرب نوايا أم حرب واقعية بهذا المعنى؟

 

حسن حماده: لا، هنالك حرب واقعية. سماحة القائد أوضح أنه عملياً إيران لا تتوسل حواراً مع الولايات المتحدة. إشارته إلى موضوع الاستكبار أنه لا تستطيع الولايات المتحدة أن تأتي وتحاور إيران من منطلق من أنه أنا الولايات المتحدة منتصرة وإيران مهزومة. هذا الأمر ليس صحيحاً. الحوار ناجم عن عجز الولايات المتحدة عن خوض معركة عسكرية ضد إيران لأن المعركة قد تقضي على أتباع الولايات المتحدة في منطقة الخليج وتتسبب بمشكلة طويلة وعريضة على المستوى البيئي والأمني والاقتصادي في العالم كله. لذلك، هنالك توازن. بهذا التوازن يتم الحوار تحت سقف هذا التوازن. فيأتي الأمريكي ويلغم هذا الحوار عبر العمليات الإرهابية التي ينوي الاستمرار في تنفيذها.

 

فؤاد الخرسا: دكتور تقي، على ماذا يمكن أن تغلق الستارة هذه أو هذا المشهد على ماذا يمكن أن يغلق خصوصاً وأن المواقف أصبحت واضحة ؟

 

سمير تقي:نحن الآن نشهد لحظة هامة جداً فيما يتعلق بإمكانيات عملية للحوار مع الولايات المتحدة. هذه اللحظات سوف يكتنفها الكثير من الشوائب وسنشاهد الكثير من التصريحات المتناقضة من هنا وهناك وهذا يدل على أن المفاوضات تمر بمرحلة صعبة وأنه ما لم يجري تغيير في السلوك ومنهج التفكير الأمريكي والغربي تجاه الوضع من أجل إقامة منظومة سلام وأمن إقليمي في الخليج، فالوضع يمكن أن يسير نحو الأسوأ.

 

فؤاد الخرسا: شكراً لك دكتور تقي، كما أشكر سماحة الشيخ إبراهيم والسيد حماده وأشكر السيد ميخائيل. والسلام عليكم.