الولادة والنسب

 

ــ ولد الشهيد الدكتور السيد محمد علي نقوي في 28/9/1952م في قرية علي رضا آباد من توابع لاهور في باكستان في بيت يمتاز بالعلم والتقوى.

 

ــ أبوه العلامة سيد أمير حسين النقوي أحد كبار العلماء. قضى عمره بين أوربا وافريقيا في نشر الإسلام والتشيع. وأمّه امرأة عفيفة ومتدينة ومطلعة على أمور الدين، قضت عمرها في خدمة الدين والوعظ والإرشاد خصوصاً في المجالس النسوية.

 

ــ كان متزوجاً وله ابنة وثلاثة أبناء.  

 

الدراسة

 

ــ درس الشهيد النقوي دروس الابتدائية في مدارس النجف الأشرف، ثم انتقل مع والديه إلى نيروبي عاصمة كينيا.

 

ــ نال شهادة الباكالاريوس في الطب عام 1971م من كلية لاهور بتقدير ممتاز. وفي عام 1977م نال شهادة الطب العام من كلية (لنگد ايدرود) الطبية بــ(لاهور)، ثم نال بعد ثلاث سنوات شهادة الطب الداخلي.

 

ــ عمل طبيباً في عدة مستشفيات بمدينة لاهور، كما تعاون مع مراكز أخرى كالصليب الأحمر في مدينة كلاباغ.

 

ــ كان عضواً في مجلس الخدمات التابع لمجلس قبول التخصصات الطبية بمدينة لاهور حتى لحظة استشهاده.  

 

النشاطات

 

ــ أسس الشهيد النقوي في عام 1969م الاتحاد الطلابي للشباب الشيعة، وفي العام 1971م أصبح مديراً للتنظيمات والمؤسسات الشيعية في باكستان.

 

ــ في عام 1972م استطاع توحيد جميع الاتحادات والمنظمات الشيعية في باكستان تحت منظمة واحدة باسم (الجامعيون الاماميون في باكستان)، وانتخب أميناً عاماً لها، وقدم خدمات قيمة خلال سنتين من تصديه لهذه المسؤولية. ثم أصبح في عام 1977م رئيساً للجنة المركزية للمنظمة، ثم اختير عضواً في مجلس الرقابة بمنظمة الإمامية؛ فكانت نشاطات المنظمة خاضعة لإشرافه.

 

ــ بغية استقطاب خريجي الجامعات وتوجيه نشاطاتهم الدينية والفكرية، أسس في عام 1974م منظمة باسم (سازمان اماميه).

 

ــ تزامناً مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وضع الشهيد النقوي ــ وبإشراف من المفتي جعفر الحسيني ــ الحجر الأساس لــ(النهضة الجعفرية في باكستان)، حيث قدمت هذه الحركة نشاطات قيّمة في المجالات الدينية والثقافية والسياسية والتربوية.

 

ــ في عام 1977م قام الجنرال محمد ضياء الحق بتدبير انقلاب عسكري وإسقاط حكومة ذو الفقار علي بوتو ثم القبض عليه وإعدامه، ونظراً لأفكاره الوهابية ومعارضته للفكر الشيعي، فقد تجاهل حقوق الشيعة أثناء تدوين الدستور الإسلامي في باكستان، ممّا اضطر الشيعة تحت قيادة المفتي جعفر الحسيني والدكتور محمد علي النقوي إلى الثورة في عام 1980م في مدينة إسلام آباد والسيطرة على جميع الوزارات، فخضع ضياء الحق لمطالب الشيعة واتفق مع زعيم الشيعة بالأخذ بالفقه الجعفري أيضاً عند المصادقة على أي قانون جديد.

 

ــ تعرف الشهيد على أفكار الإمام الخميني (قده) قبل انتصار الثورة، فأصبح من مريدي الإمام الراحل (ره)؛ فعندما نفي الإمام من قبل نظام الشاه إلى تركيا، نظم الشهيد عدة تظاهرات أمام السفارة الإيرانية في باكستان. كما استطاع الشهيد توحيد أغلب المنظمات الشيعية تحت نهج الإمام وراية ولاية الفقيه.

 

ــ مع بدء الحرب المفروضة على الدولة الإسلامية الفتيّة، وعندما سمع الشهيد نداء الإمام (ره) الذي قال فيه: "على كل من يستطيع حمل السلاح أن يلتحق بالجبهات ويدافع عن الثورة الإسلامية"، لبّى هذا النداء، فترك مع جمع من زملائه نشاطه الطبي في باكستان وتوجه إلى إيران الإسلام قاصداً جبهات الحرب، وقدم خدمات جليلة في مستشفى (فاطمة الزهراء (ع)) في منطقة الفاو؛ حيث كان يعمل 15 ساعة متواصلة يومياً.

 

ــ بعد مجزرة مكة الدامية وقتل حجاج بيت الله الحرام من قبل آل سعود عام 1987، ومنع الحجاج الإيرانيين من الذهاب إلى مكة في العام التالي، تعهد الشهيد النقوي بإيصال نداء الإمام إلى أسماع الحجاج بمكة. فأوصل نفسه إلى مكة وتلا بيان الإمام الخميني (قده) على أسماع حجاج بيت الله الحرام وألهب مشاعر الحجاج، فخرجت تظاهرة في مكة منددة بالاستكبار العالمي والصهيونية. وعلى أثر ذلك اعتُقل الشهيد من قبل السلطات السعودية وقضى فترة رهن الاعتقال ثم أبعد إلى باكستان.  

 

الأمانة الثقيلة

 

ــ بعد استشهاد العلامة السيد عارف الحسيني (ره) ورحيل الإمام الخميني (قده)، شعر الشهيد بأن المسؤولية الملقاة على عاتقه أصبحت ثقيلة أكثر مما مضى، فتعهّد بإيصال فكر الإمام والشهيد عارف الحسيني إلى الاجيال القادمة، فقال في جمع من زملائه: إننا أدركنا عصر ثورة الإمام الراحل، ورأينا تلك الثورة بأم أعيننا، لذا فمن الواجب علينا حمل هذه الثورة ورسالة الإمام إلى الأجيال القادمة، والتضحية بالأرواح والأنفس في سبيل حفظ قيم هذه الثورة الإسلامية.

 

ــ كان الشهيد النقوي رفيق درب وموضع ثقة العلامة الشهيد عارف الحسيني (ره)، ورئيس مركز الإعلام والمطبوعات في نهضة الفقه الجعفري، ومسؤول نهضة الفقه الجعفري في ولاية بنجاب لفترات متعددة، ومسؤولاً عن الأمن والنظم في المسيرات السياسية والاجتماعات الكبيرة.

 

ــ كان الشهيد النقوي حتى لحظة استشهاده مستشاراً خاصّاً للعلامة ساجد النقوي الزعيم الحالي للشيعة في باكستان، يؤدي إلى جنبه وظائفه ومسؤولياته الخطيرة، وأسس بمساعدته مدارس دينية ونظامية في مناطق عدّة من باكستان. كما قدّم العون لطلبة المدارس والجامعات من الطبقة المستضعفة والمحرومة، وقدّم خدمات مجانية للمرضى، وافتتح مصرف رفاه الشيعة، وسعى للحدّ من تبعية المسلمين لغيرهم في باكستان، وحضّ الناس على دفع الأخماس والزكوات، وقام بخدمات في مجالات أخرى.

 

ــ بعد استشهاد العلاّمة السيد عباس الموسوي الأمين العام لحزب الله لبنان، اغتبطه الشهيد النقوي كثيراً، فكان يقول: طوبى للسيد عباس الموسوي حيث استشهد في الأربعين من عمره، وتعساً لنا وقد بلغنا الأربعين ولم نستشهد بعد. وقد عُرف فيما بعد أن الشهيد النقوي كان قد كتب في تلك الفترة وصيته، لتكون رسالة للصمود أمام المصائب للأجيال القادمة.  

 

العروج الملكوتي

 

وأخيراً وفي السابع من شهر مارس عام 1995م وبينما كان الدكتور النقوي خارجاً من المنزل عازماً على السير إلى محل عمله في مستشفى الشيخ زيد بمدينة لاهور، اغتالته أيادي الاستكبار العالمي وعملاء الصهيونية برصاصات الغدر، فأردته مع حارسه الخاص تقي حيدر مضرجين بدمائهما.. وبعد تشييع مهيب وصلاة العلاّمة السيد ساجد النقوي عليه، دُفن في مسقط رأسه علي رضا آباد بــ(لاهور).

 

فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.

 

وقد نعاه مدير العلاقات العامة بمكتب قائد الثورة الإسلامية بالقول:

 

"لقد آلمنا وأحزننا نبأ استشهاد الإنسان السامي والشخصية الخدومة الدكتور السيد النقوي رحمة الله عليه… إنني أبارك استشهاد فدائي الإسلام والقرآن هذا".

 

كما نعاه ممثل الولي الفقيه في باكستان قائلاً:

 

"لقد بقي الشهيد السعيد المرحوم الدكتور (النقوي) على عهده مع الله في المضي على خط الشهادة الدامي للعلامة السيد عارف حسين الحسيني، ولم يتوان لحظة واحدة في أداء وظيفته والعمل بتكليفه، ولم يدّخر وسعاً في المجاهدة وبناء ذاته، فازدان بالكمالات المعنوية إثر مراقبته لنفسه وتهذيبها".  

 

مقتطفات من وصية الشهيد

 

بسم رب الشهداء

 

إن رحلة الموت تمر سريعاً، والفرص رأيتها ذات عبرة للإنسان. فوا أسفاه على ما قلته للآخرين ولم أستطع فعله أنا.

 

لقد كان الموعد أخيراً… وليتني لا أهاب الموت؛ وليتني كنت في جملة جنود الإمام وببركة وجودي بين هؤلاء الشباب الأطهار أحمل شيئاً من زاد العفو والصفح في سفر الآخرة. وعلى أية حال فقد بقي كل هذا الكلام ومضيت في رحلة طويلة.

 

إنني أوصي بدفني في مقبرة مدينتي علي رضا آباد، وعدم التأخير في كفني ودفني، وعدم تشريح بدني، وعدم إقامة التظاهرات أثناء تشييعي. وإن وجد أحد يدّعي ملكية شيء من أموالي، فأدوا حقّه في أول فرصة ممكنة.

 

وآخر ندائي هو: طوبى للذين يعاشرون ذوي الصلاح والشعور.. وتعساً للذين يعاشرون من هم دونهم معنوية وأخلاقاً وعلماً.

 

وإنني خجل من أنني لم استطع تلبية كل طموحات زملائي.

 

والسلام

 

محمد علي نقوي

 

1/4/1992م