قوة الردع الإيرانية التي أقبرت وإلى الأبد أحلام الغرب وأمريكا والصهيونية في التعرض لإيران وإعادتها لبيت الطاعة الأمريكية لم تكن لترى النور لولا رجال وضعوا أرواحهم على راحاتهم ضاربين بعرض الحائط بالمناصب دون المناقب لم تلههم تجارة ولا بيع عن مواصلة جهد تنوء بحمله الجبال فانبروا دون رياء وفي صمت في تحقيق حلم إيران شعبا وقيادة والمتمثل بقطع دابر التبعية للغرب وإلى الأبد في شتى المجالات وفي مقدمتها الجانب العسكري.

 

من بين هؤلاء الرجال كان يقف اللواء المهندس حسن طهراني مقدم رئيس مؤسسة جهاد الاكتفاء الذاتي في الحرس الثوري، الذي اختاره الله سبحانه شهيدا عشية عيد الغدير اثر الانفجار الذي وقع في معسكر ملارد غرب طهران اثر عملية نقل عتاد حربي في تاريخ: 15/12/1432هـ. 12/11/2011م.

 

الشهيد حسن طهراني مقدم مثله مثل باقي رفاق دربه الذين سبقوه والذين يواصلون مسيرته كان زاهدا في الأضواء واضعا نصب عينه مهمة واحده لا يحيد عنها وهي تحويل أماني الاستكبار العالمي وفي مقدمته أمريكا والصهيونية، في النيل من إيران إلى أضغاث أحلام، وهو ما تحقق فعلا.

 

لولا الم الفراق لما انبري بعض رفاق درب الشهيد حسن طهراني مقدم في الحديث عن جوانب من سيرته المفعمة بحب إيران والإسلام وتضحياته الجسام ومنجزاته العلمية الفذة التي قدمها دون رياء وبإخلاص قل مثيله. فهؤلاء الرجال، الشهيد ورفاقه، أعاروا الله جماجمهم واسترخصوا أرواحهم للذود عن حمي الدين والوطن، واثبتوا فعلا لا قولا أنهم الأكرمون، فالجود بالنفس أقصى غاية الجود، فمثل هؤلاء ينفرون من المديح والتفاخر.. ولكن الخطب جلل، وهو ما دفع احد رفاق دربه وهو اللواء مصطفى ايزدي إلى الإشارة لبعض جوانب حياة الشهيد البطل حسن طهراني مقدم الزاخرة العطاء.

 

كان قدر الشهيد حسن ألا يعيش مرحلة الشباب كما عاشها أقرانه فقد انخرط وهو في عنفوان الشباب بالمد الثوري الذي اجتاح إيران مع إرهاصات الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني (قدس سره) واندك وبشكل مباشر بجميع مراحل الثورة الإسلامية لاسيما مرحلة الحرب التي فرضها النظام الصدامي البائد علي الجمهورية الإسلامية الإيرانية فكانت المرحلة التي كشفت عن شخصية استثنائية في كل شيء لاسيما شجاعته وإيمانه وذكاءه.

 

فكان مدافعا جسورا عن مدينة خرمشهر، وفي طليعة المقاتلين الذي كسروا حصار القوات الصدامية لمدينة آبادان.رأت فيه القيادة نبوغا في مجال العتاد الحربي فتم اختياره ليشرف علي تطوير العتاد الحربي الذي يحتاجه المقاتلون لتنفيذ العمليات العسكرية، فكان اختيارا صائبا، ففي عمليات طريق القدس كانت القذائف التي اشرف علي تطويرها عاملا حاسما في الانتصار، الأمر الذي كان السبب في أن تختاره قيادة الحرس الثوري قائدا لسلاح المدفعية التابع لحرس الثورة الإسلامية، والتي دكت القوات الصدامية في عمليات الفتح المبين المظفرة. هذا السلاح الذي أسس بخبرة وذكاء الشهيد حسن طهراني مقدم تحول فيما بعد إلى سلاح فاعل ومؤثر في كل العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الحرس الثوري في جبهات القتال طوال الحرب.

 

وعندما استهدف المقبور صدام المدن الإيرانية بالصواريخ، التي أمده العالم الاستكباري بها، كان لابد من العمل على تحقيق انجاز في القوة الصاروخية لمقاتلي الإسلام، فلم تجد القيادة العليا في الحرس الثوري الإسلامي، غير حسن طهراني مقدم، ذلك القائد الشجاع، من يمكنه القيام بهذه المهمة الصعبة، فكان لها وبدأ وعلى الفور في العام 1984 وبعزم لا يلين وهمة لا تعرف لليأس معنى، بتأسيس منظومة زمزم الصاروخية (ارض ارض) في حرس الثورة الإسلامية، والتي تطورت بمرور الزمن حتى تحولت اليوم إلى سلاح ترتعد من بطشه فرائص الأعداء من الاستكباريين والصهاينة.

 

إن العزاء الوحيد في رحيل اللواء المهندس حسن طهراني مقدم، هو في وجود إخوة له سيواصلون مشواره وسيحصنون إيران كما حصنها هو ومن سبقه من الشهداء، أمام المخاطر والتهديدات، لينعم الشعب الإيراني بالأمن والأمان ويواصل نهضته العلمية التي يتربص بها الأعداء، خوفا من أن تتحول إلى نموذج يحتذى من قبل الشعوب الأخرى التواقة للتحرر من الهيمنة الاستكبارية.

 

فسلام على اللواء المهندس حسن طهراني مقدم يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعث حيا.