بشارة الفجر

2007-08-22

بقلم: الشهيد السيد مرتضى آويني/ ترجمة: احمد اصغرپور

أدركنا أنا نعرفه، وكانت صورته في بالنا من قبل.. من رسم تلك الصورة الأزلية على هذا اللوح القديم؟

كنا نرى عينيه فانِيَتَين ولكن نظراته خالدة. كنا نرى شفتيه فانيتين ولكن كلماته باقية عيناه محل عناية أزلية وفمه معبر فيض ابدي ويداه..

ماذا أقول؟ يا ليت آذان الغرباء لم تكن تسمع.

أدركنا أنا نعرفه. هو الذي نرى طلعته في المياه والنسائم والنار المتأجّجة؛ في الشمس عندما تشرف؛ في الغيوم عندما تمطر؛ وفي المطر عندما يبحث عند الغدران والوديان؛ في شفق الصبح؛ في رابعة النهار؛ في حزن غروب البساتين؛ في انشقاق الحبوب؛ في تفتح البراعم؛ في عشق الفراشات وفي بكاء الشموع..

أدركنا أنا نعرفه ونحبّه كعشق عباد الشمسِ الشمسَ وحبّ البحر القمرَ، وهو أيضاً يحبّنا كحب المعاني اللفظَ.

أدركنا أنا نعرفه من ذلك الانشداد الذي يحرّك الأجنحة إليه ومن تلك العباءة المنقوعة بالدموع التي كان يرتديها.

غمضت عيناه ولكن نظراته ستظلّ خالدة، سكنتْ شفتاه ولكن كلماته باقية.

الأرض مهبط عابر وليست منظر الوصل.. هنا يولد النور من النار وخلود في الفناء وطمأنينة في القلق.. الأرض معبر وليس بمقر ولقد كنا نعرف ذلك.

فراشة مزّقت خيوطها وحلّقت.. وهوت شرنقتها من فوق الأغصان كلفظ دون معنى.

انقطع الوحي فبقينا نحن وعقولنا.. انتهى عصرٌ الحقائق، ولم يزل الليل ممتداً.. نشرنا الستائر حتى لا تقع نظراتنا على جثة الأرض الهامدة.. وانسحبنا إلى أعماقنا وبكينا يتماً.. ثم سرعان ما طلع القمر ورأى نفسه في البحيرة.. وكانت الفراشات تضرب بأجنحتها الزجاجةَ لتكشف عن دربِ في الوديان الفسيحة السابحة في القمر...