حقيقة منح الحصانة للأمريكان في الأتفاقية المشؤومة

2008-11-02

 نظرة عامة:

عام 1964م قامت الحكومة ـ الغارقة في العمالة للأجانب بشكل كامل ـ بطرح قانون الحصانة القضائية من جديد والمصادقة عليه ودون أية مراعاة لمشاعر الشعب حيث قدمت الحكومة لائحة بهذا الشأن واستحصلت موافقة مجلس النواب عليها. ويقضي القانون بإعفاء المستشارين العسكريين والفنيين الأمريكيين وعوائلهم وخدمهم من شمول القانون الإيراني، كما يقضي بجعلهم في عداد الدبلوماسيين والعاملين في السفارات الأجنبية في طهران المشمولين بمفاد معاهدة فينّا القاضية بمنح الحصانة القضائية للدبلوماسيين العاملين في سفارات دولهم في البلدان الأخرى.

هذا الإجراء تم في وقت لم تكن فيه حتى الدول الأفريقية نصف المستعمرة أو التي في طريقها إلى الاستقلال ترضخ لمثل هذا القانون، ولهذا فقد أثار تصرف الحكومة الإيرانية تعجُّب الكثيرين. فقد كان لأمريكا أربعون ألف خبير، وهؤلاء يجب أن يتمتعوا بالحرية والطمأنينة والرفاه من جميع النواحي، بموجب هذا القانون، وأن يصانوا حتى من قوانين الدولة التي يقيمون فيها وينعدم احتمال تعرضهم للعقوبات، حتى في حالة انتهاك القوانين الجزائية وارتكاب الجرائم بشكل علني!!

قانون الحصانة الجديد[1] تعود جذوره إلى مرحلة حكم أسد الله علم، وفي ظل حكومة حسن علي منصور تم وضع اللمسات الأخيرة عليه، وقُدّمت مسودته إلى المجلس لتحصل على مصادقة النواب.

ولقد حاول هذان العميلان (علم ومنصور) إبقاء الموضوع محاطاً بحالة من الإبهام والتشويش للحيلولة دون اطلاع الشعب عليه ريثما يتسنى إطلاق اسم آخر عليه في المرحلة التالية. ولهذا لم تنشر الصحف خلال عامي 63 و 1964 أي شيءٍ يتعلق بهذا الموضوع، كما أنه لم ينعكس في محاضر مناقشات مجلس النواب. تُرى لماذا يُظهر أزلام النظام الضعف والخنوع والرضوخ أمام القوة الأجنبية المتسلطة على المنطقة، في حين يقفون من أبناء شعبهم موقفاً متشدداً؟ ما الذي جعلهم أذلاّء خانعين إلى هذا الحد؟ لاشك أنهم يدركون مدى قبح العمل الذي ارتكبوه، ولهذا كانوا يوحون إلى أنفسهم بأن ما فعلوه ليس عقد معاهدة منح حصانة قضائية للأجانب، كما حاولوا تجاهل صرخات الاحتجاج الشعبية وعملوا على إخماد أية معارضة لهذا الأمر.

وبالرغم من أن المجلس الوطني(مجلس النواب) كان مطيعاً للجهاز الحاكم، وجميع أعضائه قد تم تعيينهم أثناء مؤتمر النساء المتحررات والرجال الأحرار، الذي عُقد قبل الانتخابات، إلاّ أن المصادقة على لائحة قانون الحصانة القضائية للأجانب، تمت بـ(74) صوتاً مؤيداً مقابل(63) صوتاً معارضاً، وهذا يكشف عن مدى قبح هذا العمل الذي أقدم عليه منصور. فقوانين كل بلد ـ وخاصة الجزائية منها ـ يجب أن تطبق بشكل حازم داخل حدود ذلك البلد من أجل أن يكون وجود النظام والقانون ملموساً لدى الناس، فتحديد عمل المحاكم وصلاحياتها يوجِّه ضربة إلى صميم السيادة الوطنية ويشكل انتهاكاً صريحاً لاستقلال الشعب وحريته.

 ربط قانون الحصانة بمعاهدة فينا:

لجأت الحكومة الإيرانية، وبسبب خوفها من الغضب الشعبي، إلى عملية خداع جديدة، إذ جعلت من معاهدة فينا الشاملة المتَّفق عليها بالإجماع حصناً لها. ففي 5 تشرين الأول 1963م أصدرت حكومة (علم) قانوناً يقضي بإضافة ملحق إلى معاهدة فينا خلال تقديمها إلى مجلس النواب، هذا الملحق ينصُّ على منح موظفي الهيئات الإستشارية الأمريكية في إيران جميع الإمتيازات والحصانات المتعلقة بالموظفين الإداريين والفنيين الوارد ذكرهم في معاهدة فينا. هذا الملحق هو بحدّ ذاته يمثل تقنين منح الحصانة القضائية للأمريكان الذي تخشى الحكومة الإعلان عنه بصراحة.

وفي اجتماع يوم 15 حزيران 1964 الذي عقده مجلس الشيوخ تمّت المصادقة على معاهدة فينا دون أن يطرح ملحقها لمناقشته، وهذا يستدعي التساؤل حول سبب فصل الملحق عن المعاهدة أثناء طرحها في مجلس الشيوخ. ولأن المجلسين كانا معطلين فقد طلبت الحكومة عقد اجتماع طارئ، فلماذا لم يطرح الملحق في نفس ذلك الاجتماع الذي عقده مجلس الشيوخ وصادق فيه على المعاهدة بل طُرح في اجتماع طارئ بعد منتصف الليل وأخذت موافقة مجلس الشيوخ عليه؟

يبدو أن النظام لم يكن يثق حتى بأعضاء مجلس الشيوخ بالرغم من عمالتهم وطاعتهم العمياء للنظام، لذلك لم يكن يريد إطلاعهم على تفاصيل هذه الحصانة القضائية. في اجتماع المجلس، قام رئيسه بقراءة الرسالة الموجهة إلى المجلس، وفيما يخصُّ الملحق المتعلق بالمصادقة على مذكرتين وقِّعتا بين وزارة خارجة النظام وسفارة أمريكا بطهران[2] قام عباس مسعودي ـ الصحفي الموالي للنظام الشاهنشاهي والمتحدث باسم لجنة الشؤون الخارجية في المجلس ـ بتقديم تقرير يتضمن رأي اللجنة إلى المجلس. وفي الجلسة نفسها، طلب رئيس الوزراء من النواب الإسراع بالمصادقة على الملحق لأنه أمر (عادي ولا يحتاج إلى مناقشة) وهو موضوع مستعجل على حد تعبيره، فصادقت الأكثرية الساحقة على كونه مستعجلاً ويستدعي إيلاءه الأولوية وبهذا الشكل فقد وضع الموضوع في عداد اللوائح الفورية بعد الساعة الثانية عشرة. 

الحصانة والامتيازات الممنوحة:

لم يجر في المذكّرات والرسائل المتبادلة تحديد طبيعة الحصانات والامتيازات التي منحت للرعايا الأمريكان، وفي المجلسين التشريعيين (النواب والشيوخ) طُرح الموضوع بشكل مهم وجرت المصادقة عليه وأُنيطت تفصيلاته بالرجوع إلى معاهدة فينا.

وعند التدقيق في مواد معاهدة فينا والمذكرات والرسائل المتبادلة ينكشف بوضوح مدى دقة تفاصيل الحصانات الممنوحة لمن تشملهم.

ومن خلال الامتيازات التي تم منحها للجالية الأمريكية في إيران، ومع الأخذ بنظر الاعتبار كون بعض المستشارين الأمريكيين هم أعضاء في المخابرات الأمريكية، سنعرف كيف كانت إيران مسرحاً لنشاطات أمريكا وتحركاتها على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري والتجسسي لسنوات طويلة.

لقد بدأ الأمر أولاً على شكل منح الحصانة للمستشارين العسكريين الأمريكيين في إيران، وفي آخر مذكرة للسفارة الأمريكية وجهتها إلى وزارة الخارجية، ورد تفسير عجيب للحصانة، وقد قامت السفارة المذكورة بفرضه على الحكومة الإيرانية. كما طرح الأمر بهذا الشكل أيضاً على مجلس النواب وتمت المصادقة عليه. فقد ورد في مذكرة السفارة الأمريكية:

(إنّ السفارة الأمريكية ترى أن الهيئات الإستشارية العسكرية للولايات المتحدة في إيران شمل جميع الموظفين العسكريين والعاملين غير العسكريين المستخدمين في وزارة الدفاع؛ إضافة إلى أفراد عوائلهم الساكنين في إيران).

إذن، وبناءً على هذا التفسير فإن كل من تريد أمريكا جلبه إلى إيران سواء كان مستشاراً أم غير مستشار سيتمتع بهذه الامتيازات والحصانة القضائية الممنوحة له، حتى لو كان مدنياً.

والآن لنلاحظ أنواع الحصانات الممنوحة لهؤلاء:

* إنهم مصانون من التوقيف. فلا يحقُّ لأحد اعتقالهم مهما كانت الأسباب.

* تجب معاملتهم بلطف لئلا تُمَسّ حريتهم وكرامتهم. ولهذا كان النظام قد خصَّص عدداً كبيراً من قوات الشرطة للمحافظة على الأمريكان وحراستهم، فكانوا يحرسون منازلهم مثلما يحرسون السفارة! كما كانت مستمسكاتهم وممتلكاتهم وأموالهم تتمتع بحراسة خاصة.

* وهم مصانون من إجراءات الدعاوى المدنية، كما يتم وقف جميع الدعاوى والأحكام الصادرة بحقهم.

* ولم يكونوا يدفعون الضرائب خاصة في عمليات التصدير والاستيراد، فهؤلاء يقومون بإدخال البضائع إلى إيران عدة مرات في السنة دون أن يدفعوا رسوم الجمارك. إضافة إلى أنهم يستوردون السلع الممنوعة دون أية معارضة من أحد، كالمشروبات الكحولية والسجائر الأمريكية وعشرات الأنواع من السلع التي أدّت إلى مفاسد كبيرة في البلاد.

لقد فاقت الامتيازات التي مُنحت للأمريكان في إطار قانون الحصانة ما نصَّت عليه معاهدة (تركمن چاى) التي عُقدت سابقاً مع الروس. فحكومة منصور كانت تدافع عن قانون الحصانة وتدعي أن حكومة علم كانت قد صادقت عليه قبل ستة أشهر.

أما علم فقد ادعى أن حكومته ـ بالرغم من مصادقتها على القانون ـ لم تكن موافقة عليه والدليل على ذلك أنها لم تقدمه إلى مجلس النواب للمصادقة عليه بعد تشكيله، كما قدمت اللوائح الستمئة التي كانت قد سنتها في فترة غياب المجلس كي يصادق المجلس دفعةً واحدة.

أحد النواب الذين أفرزتهم (الثورة البيضاء) ومؤتمر(النساء المتحررات والرجال الأحرار)! قال في أحد اجتماعات مجلس النواب: (إنه لخطرٌ كبيرٌ، وستقومون بتكرار حادثة (السقاخانه) ـ لا سمح الله ـ فعندما، أرى ابني تدهسه سيارة يقودها أمريكي، ولا أجد مرجعاً قضائياً ألجأ إليه، فماذا سأفعل؟ سأقوم بقتل الأمريكي، وهكذا فإن هذا القانون لن يكون في صالح الأمريكان.. أتركوا هذا الأمر ولا تقدموا عليه).

والطريف أن هذا النائب المعارض إنما عارض الأمر حفاظاً على المصالح الأمريكية.

وفي مجلس النواب تمت المصادقة على هذا القانون في ظروف خاصة وغير عادية مطلقاً، حيث كانت المصادقة بأكثرية قليلة. ووفقاً للنظام الداخلي للمجلس، فإن الجلسة إذا استمرت(4) ساعات يعلن انتهاؤها، لكن الجلسة في ذلك اليوم ظلت معقودة بالرغم من مضي (4) ساعات على انعقادها، بهدف إتمام المناقشة، واستغرقت المناقشات ضعف عدد الساعات التي تستغرقها اجتماعات المجلس، وكلما اقترح النواب إنهاء الجلسة أصرت هيئة رئاسة المجلس على استمرار انعقادها، بل لم يُسمح للنواب حتى بتناول طعام الغداء، مما دعا أحد النواب إلى تشبيه هذه الظاهرة(بالاستشارة المقرونة بالتعذيب). وهكذا لم تتم مناقشة اللائحة بالشكل المطلوب، وصودق عليها بأغلبية قليلة. كما لم يقدِّم ممثل الحكومة الجواب المقنع عن الاعتراضات المطروحة أما ممثل وزارة الخارجية فقد اكتفى بالدفاع عن اللائحة بقوله:

(أرسلت سفارة أمريكا في طهران المذكرة المرقمة 423 والمؤرخة في شهر آذار 1962م طالبةً فيها منح العسكريين الأمريكيين في إيران جميع الامتيازات والحصانات الممنوحة لأعضاء البعثات والممثليات الدبلوماسية التي تنصُّ عليها معاهدة فينا. وقد استمرت المحادثات والمراسلات بيننا وبين السفارة فترة طويلة حتى جرت المصادقة على ذلك في مجلس الوزراء بتاريخ 5/ تشرين الأول/ 1963م، بعدها تم تقديم مسودة (لائحة) القانون التي أعدت بهذا الشأن إلى مجلس الشيوخ بتاريخ (15/كانون الثاني/1964م) وفي 25/حزيران/1964م تمت المصادقة عليها في مجلس الشيوخ ثم أرسلت إلى مجلس الشورى الوطني ليقوم السادة بأداء واجبهم حيالها)!

وبالطبع فإن المجلس أدى (واجبه) فهذه المجالس إنما أسست لتقوم بإنجاز مثل هذه المهام والمصادقة على مثل هذا النوع من القوانين.

وقد كان الإمام الخميني (قدس سره) هو العالم الديني والمعارض القوي الوحيد الذي وقف في وجه هذا القانون، وفضح خيانة النظام في هذا المجال.

 ــــــــــــــــــــــ

[1] قانون الحصانة القديم تعرض للإلغاء في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بأشكال وطرق مختلفة.

فقد طرح رئيس الوزراء العثماني عام 1856م موضوع إلغاء هذا القانون، وفي عام 1914م طلب من الدول الأوروبية وقف العمل به وقام بإلغائه من جانب واحد. أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد اعتبرت بقاء القانون من جانب واحد أمراً لا فائدة فيه.

وفي عام 1919 تخلت الدول الأوروبية عن تطبيق هذا القانون في تركيا، وفي عام 1923م تخلصت تركيا من هذه الاتفاقية من خلال اتفاقية لوزان، أما اليابان فقد أعلنت وفي عام 1899م إلغاء قانون الحصانة، وألغته اليونان في عام 1914م، والمغرب في عام 1920م، وتايلند عام 1927م، والعراق عام 1931م، وأثيوبيا عام 1936م، ومصر عام 1937م، والصين عام 1926، ولكن بشكل مشروط، ثم قامت الصين بإلغائه تماماً في عام 1949م، أما حكومتا إنجلترا وأمريكا فقد ظلتا تعملان بهذا القانون حتى عام 1949م. وبعد هذا التاريخ يتمتع الأجانب بمزايا هذا القانون بشكل رسمي إلا في البحرين ومسقط.

[2] كان التقرير يشير إلى أن لائحة الحكومة المتعلقة بتمتع المستشارين العسكريين الأمريكيين بالحصانات الواردة في الاتفاقية، قد تمت المصادقة عليها في لجنتي الدفاع والخارجية للمجلس.

**********

مقاومة الإمام ومواجهته لقانون الحصانة

2008-11-02

لقد وقف الإمام في وجه قانون الحصانة القضائية للأمريكان, مما أوصل هذا الأمر الى ذروته, ووضع الشاه في طرق مسدود.

ونظرا للأهمية التاريخية لخطاب الإمام الخميني (قدس سره) في 26 تشرين الأول 1964م سنورد النص الكامل له, حيث هاجم فيه ـ وبعنف ـ الشاه وإسرائيل وأمريكا, وفضح ممارسات الحكومة وخطط أسيادها, وشرح تفاصيل وأبعاد قانون الحصانة القضائية للأمريكان, بأسلوب تفهمه كل فئات الشعب, وهكذا شكل هذا الخطاب ـ الذي القاه الإمام في تجمع جماهيري حاشد ـ تهديدا جديا للنظام أوصله الى حافة السقوط فقد قال الإمام:

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إنّا لله وإنّا إليه راجعون﴾.

اليوم أعجز عن التعبير عن مكنونات قلبي، وما يختلجه من ألم شديد, حتى إنّي أعجز عن النوم؛ بل وأعدّ أيام عمري, وأتمنّى الموت؛ لشدّة تأثّري بما يجري هذه الأيام في إيران (تصاعَدَ بكاء شديد من الحاضرين).

اليوم لا عيد في إيران، لقد حوّلوا العيد إلى عزاء، وزيّنوا الشوارع فرحاً، فرحوا ورقصوا في عزائنا، باعونا وباعوا استقلالنا وعادوا لتزيين الشوارع، بل رقصوا الدبكة وطبلوا فرحاً.

ولو إنّي كنت مكانهم لمنعت الفرح وتزيين الشوارع، ولأمرت برفع السواد على الأبواب وفوق البيوت حزناً وعزاءاً، فقد أذلّونا وأزالوا عظمتنا وأهانوا عظمة جيشنا.

لقد طرحوا قانوناً في المجلس، ينصّ, أولاً: على إلحاق البلاد بمعاهدة ڤينّا، وثانياً: إنّ تطبيق هذه المعاهدة! سيمنح الأمريكيين الحصانة القانونية في إيران، أي أنّ جميع الأمريكيين من مستشارين عسكريين مع عوائلهم وموظفيهم وإداريّهم وخدّامهم وكل من يرتبط بهم، يصبحون بموجب هذه المعاهدة مصونين من الملاحقة القانونية، أي لو أقدم خادم أمريكي أو طباخ أمريكي على اغتيال مرجع تقليدكم وسط المدينة، فلا يحق للشرطة حينها منعه أو القبض عليه، ولا يحق للمحاكم الإيرانية التحقيق معه أو محاسبته؛ بل يجب أن يرسل إلى أمريكا ليحاكم في محاكمها, ويُعيّن أسيادنا مصيره!.

لقد صوّبت الحكومة السابقة على المعاهدة سرّاً، وأرسلته الحكومة الحالية قبل عدة أيام إلى المجلس, ولم يَدُم الأمر طويلاً حتى تمت المصادقة عليه من خلال مسرحية مفتعلة, ولم يحركوا ساكناً.

وقبل عدة أيام أرسلوا نصّ المعاهدة إلى مجلس الشورى، فحدث جدال حوله واعترض عليه بعض النواب، لكنهم وبكل وقاحة مرّروا هذا القانون المُذل سيّئ الصيت وأيّدته الحكومة.

لقد حقّروا الشعب الإيراني وجعلوه أدنى من كلاب أمريكا، إذ بموجب هذه المعاهدة سيحاسبون كل من يتعرض أو يدهس كلباً أمريكياً حتى لو كان ملك إيران، لكن على العكس لن يتعرض أحد لأي أمريكي حتى لو كان طباخاً إذا ما دهس ملك إيران أو دهس مرجع تقليد أو دهس أعلى مسؤول في الحكومة، ولا يحق لأحد محاسبته، لماذا؟ لأنهم بحاجة إلى الاقتراض من أمريكا، فقد اشترطت أمريكا هذه المعاهدة عليهم؛ حتى يَقدّموا بعد ثلاثة أيام طلباً إلى الحكومة الأمريكية لاقتراض مبلغ 200 مليون دولار، وقد وافقت الحكومة الأمريكية على دفع هذا المبلغ قرضاً للحكومة الإيرانية خلال 5 سنوات، تستعيده 300 مليون دولار خلال 10 سنوات، فماذا يعني هذا؟

يعني يمنحون الحكومة الإيرانية قرضاً مع الفائدة مقداره 200 مليون دولار خلال 5 سنوات، يحققون منه فائدة مقدارها100 مليون دولار أي ما يعادل 800 مليون دولار بعد 10 سنوات؛ لكنهم مع ذلك وافقوا على بيع إيران واستقلال ايران مقابل هذه الدولارات، وجعلوا البلاد مستعمرة أمريكية، وجعلوا الشعب الإيراني أحقر من الوحوش، مقابل قرض مقداره 200 مليون دولار تعاد 300 مليون دولار بعد فترة، فيا للمصيبة وماذا يفعل رجال الدين معها؟

إلى أين يلجؤون؟ والى من يشتكون؟.

إنّ هذه المعاهدة تخالف رأي الشعب الإيراني، لكن شعوب العالم تعتقد أنّ الشعب الإيراني هو الذي حقّر نفسه إلى هذه الدرجة، ولم يعلموا أنها الحكومة، والمجلس الذي لا يرتبط بالشعب الإيراني؛ لأن الشعب لم ينتخبه، فقد قاطع الانتخابات معظم العلماء ورجال الدين في البلاد، وتبعهم الشعب فلم يصوّتوا لهذا المجلس، لكنهم شكّلوا هذا المجلس بالقهر والقوة.

إنّ تأثير رجال الدين يضرّ أعداء الشعب لا الشعب نفسه.

إنّ إحدى الكتب التاريخية المطبوعة هذه السنة، والتي تُدرّس للتلاميذ، يذكر في آخره ـ بعد أن يسرد مجموعة من الأكاذيب ـ أنّ إنهاء تأثير رجال الدين يصبّ في النهاية بمصلحة الشعب!

أي أنّ مصلحة الشعب تكمن في القضاء على تأثير العلماء ورجال الدين! نعم، لأن وجودهم يمنع وقوع الشعب أسيراً لإنجلترا حيناً ولأمريكا حيناً آخر؛ ولأن وجود علماء يمنع إسرائيل من السيطرة على اقتصاد إيران، ويمنع بيع البضائع الإسرائيلية في إيران بدون الرسوم الجمركية، ولأن وجود العلماء يمنع الحكومة من تحميل الشعب مشاكل اقتراض هذا المبلغ الضخم، ولأن وجود العلماء يمنع هذه الفوضى في بيت المال، ولأن وجود العلماء يمنع الحكومة من تنفيذ كل ما يحلو لها حتى لو كان مضرّاً تماماً بمصلحة الشعب، ولأن وجود العلماء يمنع هذه الصورة المبتذلة للمجلس، ولأن وجود العلماء يمنع تشكيل المجلس بالقهر والقوة ليرتكب مثل هذه الفضائح.

ولأن وجود العلماء يمنع اختلاط الفتيات والفتيان في الرياضة كما حصل في شيراز، ولأن وجود العلماء يمنع ما يحصل من فساد نتيجة قبول الرجال في مدارس النساء وقبول النساء في مدارس الرجال، ولأن وجود العلماء يقف حائلاً بوجه هذه الحكومة وهذا المجلس، ويقيل نواب المجلس، ولأن وجود العلماء يمنع تحكّم مجموعة من النواب بمصير الشعب، ولأن وجود العلماء يمنع عملاء أمريكا من القيام بهذا الفضائح ويطردونهم من إيران.

فهل تأثير الإيراني وتأثير العلماء يضرّ بمصلحة الشعب؟ كلا، بل يضرّ بمصالحكم أيها الخونة لا بمصالح الشعب.

لقد أدركتم أنّ وجود العلماء سيحول بينكم وبين ارتكابكم الفضائح والجرائم بحق الشعب، لهذا تحاولون القضاء على وجود العلماء وتأثيرهم.

هل تظنون أنّ بإمكانكم إيقاع الفرقة والاختلاف بين العلماء؟ كلا، لن يحدث هذا أبداً، ولن تحققوا مبتغاكم، فالعلماء متّحدون مع بعضهم، وإنّي أقف إجلالاً لجميع العلماء، أُقبّل أيديهم، وإذا كنت سابقاً أُقبّل أيدي المراجع العظام، فإنّي اليوم أُقبّل أيدي الطلاب أيضاً (بكاء الحاضرين)؛ بل أقبل اليوم يدي البقال أيضاً.

إنّي اليوم أحذّر جميع شرائح الشعب الإيراني من هذا الخطر، أيها الجيش الإيراني! إنّي أحذّر من هذا الخطر، أيها السياسيون في إيران! إنّي أحذّر من هذا الخطر، أيها التجار! إنّي أحذّر من هذا الخطر، يا علماء إيران! يا مراجع الإسلام! أيها السادة! يا نجف ! يا قم! يا مشهد! يا طهران! يا شيراز؟ إنّي أحذّر من هذا الخطر.

من الواضح أنّ أشياء تجري خلف الستار لا نعلمها، لقد طلبوا في المجلس عدم الكشف عنها، لا ندري ماذا يدبّرون لنا في الظلام، فماذا يفعلون أسوأ من هذا؟

لا أعلم شيئاً أسوأ من الأسر؟ ماذا يريدون أن يفعلوا بنا؟ ماذا يرومون؟ وماذا فعل هذا القرض بالشعب الإيراني؟

إنّ هذا الشعب الفقير سيدفع 100 مليون دولار أو 800 مليون تومان إلى أمريكا؟! ومع ذلك يبيعوننا لمثل هذا العمل؟!

ما فائدة الجنود الأمريكان وما فائدة المستشارين العسكريين الأمريكيين؟

إذا كانت إيران مستعمرة أمريكية فلماذا تعربدون علينا دائماً، ولماذا تتبجّحون باستمرار بالتطور والرقي؟ ولو كان هؤلاء المستشارون خدماً عندكم، فلماذا تجعلونهم أعلى من أسيادكم؟ لماذا تجعلونهم أعلى حتى من الملك؟ فإذا كانوا خدماً، فلم لا تعاملونهم كسائر الخدم، وإذا كانوا موظفين عندكم، فلم لا تعاملوهم كما تُعامِل سائر الشعوب موظفيها؟

وإذا كانت بلدنا مستعمرة أمريكية، إذاً أخبرونا، إذاً أرمونا خارج البلاد، ماذا يريدون أن يفعلوا بنا؟ ماذا تقول هذه الحكومة لنا؟ ماذا فعل هذا المجلس بنا؟

إنّ هذا المجلس غير قانوني، إنّ الاشتراك في هذا المجلس حرام بفتوى وبحكم مراجع التقليد، إنّ نواب هذا المجلس لا يمثلّون الشعب، إنّ هذا المجلس يدّعي أننا جئنا من الثورة البيضاء، فأي ثورة بيضاء؟

لقد جلبتم الويلات للشعب، أنا أعلم بما يجري، الله يعلم مقدار ما يعتريني من ألم، فأنا على علم بما يجري في القرى والمدن النائية، وبما يجري في مدينة قم البائسة، وأنا على علم بما يعانيه الشعب من جوع، وما تعانيه الزراعة في البلاد.

إنّ السكوت على الطغاة من الكبائر.

فكّروا بمصلحة هذه البلاد، فكّروا بمصلحة هذا الشعب، لماذا تحمّلون الشعب هذه الديون؟! لماذا تصبحون خدماً للآخَرين!!

نعم، إنّ للدولارات خدم أيضاً، أنتم تستفيدون من الدولارات ونصبح نحن خدماً للآخرين، وإذا ما دهسنا أمريكي بسيارته لا يحق لأحد محاسبته أو التحقيق معه، لكنكم تستفيدون من دولاراتهم، أليس الأمر كذلك، ألا يجب توضيح هذه الأمور؟ أولئك الذين يقولون يجب كَتْم الأفواه، أقول هنا يجب كَتْم الأفواه؟ هنا نكتم أفواهنا أيضاً؟ يبيعوننا ونكتم أفواهنا؟ يبيعون قرآننا ونكتم أفواهنا، والله مذنب من يلتزم الصمت، والله يرتكب كبيرة من لا يرفع صوت الاعتراض (تعالت أصوات الحاضرين بالبكاء).

انقذوا الإسلام

يا حكام الإسلام انقذوا الإسلام، يا علماء النجف انقذوا الإسلام، يا علماء قم انقذوا الإسلام، لقد انتهى الإسلام (تعالت أصوات الحاضرين بالبكاء)، يا دول الإسلام! يا حكام الدول الإسلامية! يا رؤساء الدول الإسلامية؟ يا سلاطين الدول الإسلامية! أيها الملك أنقذ نفسك، أنقذنا جميعاً.

أنُسحق بالحذاء الأمريكي؛ لأننا شعب ضعيف؟! لأننا لا نملك الدولارات؟! إنّ أمريكا أسوأ من إنجلترا، وإنجلترا أسوأ من أمريكا، والإتحاد السوفيتي أسوأ منهما، أحدهم أسوأ من الآخر، أحدهم أحقر من الآخر.

إنّ أمريكا اليوم أكره الدول إلى قلوبنا.

أما اليوم فإننا نواجه هؤلاء الخبثاء، نواجه أمريكا، ليعلم رئيس جمهورية أمريكا أنه أصبح أكره الناس عند شعبنا، اليوم أكره الناس عند شعبنا من ارتكب مثل هذا الظلم في دولتنا الإسلامية، اليوم أصبح القرآن خصمه، أصبح الشعب الإيراني خصمه، ولتعلم أمريكا أنه قد أساء إلى مكانتها في إيران، وأساء إلى سمعتها في إيران.

لقد باعونا إلى أمريكا، ويمنحون الحصانة للمستشارين؟ وحتى بعض النواب المساكين اعترضوا وقالوا: اطلبوا من اصدقائنا عدم تحميل البلاد أكثر من طاقتها، لا تبيعونا، لا تحوّلوا البلاد إلى مستعمرة أمريكية، لكن لم يصغ أحد لكلامهم.

لقد أخفوا عنّا مادة من معاهدة ڤينّا هي المادة 32، أنا لا أعلم ما هذه المادة، ورئيس المجلس لا يعلم أيضاً، ولا النواب يعلمون ما هي؛ حتى لا يعلمون أنهم وافقوا على القانون، لقد صوّتوا على القانون في المجلس, والبعض يعترف أنهم لم يعلموا أصلاً بماهية القانون، ولعلهم لم يوقعوا على القانون أيضاً) وهؤلاء أسوأ من الآخَرين؛ لأنهم جهّال.

أبدأ اليوم بإقالة سياسيّنا، والمسؤولين في بلادنا، واحد بعد الآخر، حتى لم يبق شيء من المناصب المهمة بِيَد السياسيين الوطنيين.

وليعلم الجيش أيضاً أنهم سيُقيلون قادته واحداً بعد الآخر، فهل حفظوا ذرة من الكرامة لكم؟ وهل حفظوا كرامة لنظامك بأن يقدّموا الجندي الأمريكي على قائدكم العسكري؟ بل وجعلوا الطباخ الأمريكي مقدّم على قائدكم العسكري؟ فهل من كرامة بقيت عندكم؟

لو كنت مكانكم لاستقلت من منصبي، لو كنت عسكرياً لاستقلت من منصبي؛ لأنّي لا أقبل الذل، ولو كنت نائباً في المجلس لاستقلت أيضاً.

إنّ قطع تأثير العلماء قطع ليد رسول الله، أتريدون قطع تأثير الإيرانيين؟! تريدون منح الحصانة للطباخين والميكانيكيين الأمريكان، للموظفين والإداريين والعسكريين وللفنيين الأمريكان ولعوائلهم، لكنكم ترمون قُضاتنا في السجن! تكبّلون المتديّنين بالقيود والخطباء في السجون، وترمون المدافعين عن الإسلام في سجون بندر عباس؛ لأنهم مؤيّدون لرجال الدين والعلماء، فهم إما رجال دين أو مؤيدون لرجال الدين.

لقد سجّلوا جرائمهم بحق الشعب في تاريخ إيران، وأثبتوا بالدليل ادّعاءهم أنّ مصلحة الشعب تكمن في قطع تأثير رجال الدين فيه، فما معنى هذا الادعاء؟ وهل إنّ مصلحة الشعب تكمن في قطع يد رسول الله عنه؟!

إنّ كل ما عند رجال الدين من عند رسول الله، إنهم يريدون قطع يد رسول الله عن هذا الشعب! حتى يفسحوا المجال لإسرائيل أن تفعل ما تشاء، ويفسحوا المجال لأمريكا أن تفعل ما تشاء في بلادنا.

إنّ أمريكا هي السبب في كل ما نعانيه اليوم.

نعم, كل ما نعانيه اليوم بسبب أمريكا، كل ما نعانيه اليوم بسبب إسرائيل، إنّ إسرائيل لأسوأ من أمريكا، النواب أيضاً من أمريكا، الوزراء كذلك من أمريكا، إنّ أمريكا هي التي عيّنتهم جميعاً، وإلا فلماذا لا يعترضون عليها؟

إنّ رجال الدين سد منيع بوجه أطماع المستعمرين.

إنّي الآن مشوّش الذهن، وفي حالة من الغليان، لا أتمكّن فيها من فَهْم هذا الموضوع جيداً.

في المجلس السابق الذي كان السيد حسن المدرس نائباً فيه، أرسلت روسيا إنذاراً إلى إيران حول قضية معيّنة (لا أتذكرها الآن) وإذا لم تنفّذ إيران هذه القضية ستدخل روسيا الى إيران من جهة قزوين وتحتل طهران، فضغطت الحكومة الإيرانية في ذلك الوقت على المجلس حتى يصوتوا على هذه القضية.

أحد المؤرخين الأمريكان ذكر: أنّ أحد رجال الدين وقف في المجلس ويديه ترتجف؛ لِكِبَر سنّه فقال: أيها السادة إذا كان علينا الموت فلماذا نقتل أنفسنا بأيدينا، فانتفض المجلس وتجرّأ على رفض هذه القضية، ولم تتمكن روسيا بعدها من فعل أي شيء ضد إيران.

هذا هو رجل الدين، لقد كان رجل الدين الوحيد في المجلس وتمكّن بجرأته على رغم ضعفه وكِبَر سنّه من الوقوف ضد انذار روسيا بكل قوّتها السابقة.

اليوم أيضاً يريدون منع رجال الدين، وإنهاء تأثيرهم في الشعب؛ حتى يتمكّنوا من تحقيق آمالهم وأمانيّهم، فماذا أقول؟

يجب على الشعب أن يصرخ معترضاً لماذا بعتمونا.

إنّ المواضيع كثيرة، والمفاسد في هذه البلاد كثيرة إلى درجة أنّي لا أتحمّل طرحها أمامكم لسوء حالتي الصحية، وأعجز عن كشف كل ما أعرفه لكم؛ لكي يجب عليكم كشف هذه الحقائق ونقلها للآخرين، فأنتم مكلّفون بكشف الحقائق للشعب، والعلماء مكلّفون أيضاً بكشفها للشعب، وعلى الشعب الاعتراض بالطرق السلمية على هذه المفاسد، عليهم الاعتراض على المجلس، والاعتراض على الحكومة، وسؤالهم لماذا قمتم بمثل هذا العمل؟ لماذا بعتمونا؟ أنحن عبيدكم؟

إنّ هذه الحكومة والمجلس غير شرعيين؛ لأنهم خانوا الإسلام والشعب، وأنتم أيها النواب لا تمثّلوننا، وحتى لو كنتم ممثّلينا في المجلس فهذا التمثيل والوكالة تسقط عنكم تلقائياً؛ بخيانتكم للوطن، وعملكم هذا هو خيانة للوطن.

إلهي، لقد خانوا الوطن، والحكومة خانت الوطن، وخانت الإسلام والقرآن، والنواب في المجلسين خونة، أولئك الذين وافقوا على هذا الأمر، والنواب في مجلس الأعيان خونة، ونواب مجلس الشورى الذين صوّتوا لهذا القانون خونة أيضاً، إنهم لا يمثلوننا، ليعلم العالم كله أنهم لا يمثلون إيران، وحتى لو كانوا كذلك فإنّي أعزلهم جميعاً من الوكالة، وأرفض جميع القوانين والقرارات التي أصدروها حتى الآن؛ لأنها قوانين باطلة حسب نص القانون، إذا كانوا يؤمنون بالقانون، لأن القانون ومنذ قيام الحركة الدستورية (المشروطة) وحتى الآن ينص طِبقاً للأصل الثاني الملحق بالدستور بوجوب إشراف المجتهدين على المجلس، فأي مجتهد أشرف على المجلس؟ فلو كان في المجلس خمسة من رجال الدين أو حتى رجل دين واحد، لأقحم هذا المجلس ولَمَا سمح بتمرير هذا القانون.

أما أولئك الذين اعترضوا ظاهراً على هذا القانون، فإنّي أقول لهم: إذاً لماذا لم تضعوا حلاًّ لهذا الأمر؟ لماذا لم توقفوا هذا الرجل عند حدّه؟ فهل إنّ الاعتراض يعني مجرد رفض القانون ثم تستمروا بهذا التملّق والتزلّف للحكومة؟

يجب أن ترفعوا أصواتكم بالاعتراض، وتعطّلوا المجلس، يجب أن تثيروا الصخب والفوضى حتى تمنعوا هذا القانون؛ لأن مجرد الاعتراض لا يحل المشكلة؟ وإذا رأيتم أنهم مرّروا القانون، فلا تسمحوا بوجود مثل هذا القانون، واطردوهم من المجلس، أنا أرفض هذا القانون ولا أعترف به، أنا لا أعترف بهذا المجلس، ولا أعترف بهذه الحكومة؛ لأنهم خانوا هذا الوطن.

اللهم أصلح أمور المسلمين، وأعزّ الإسلام، اللهم أذل كل من يخون هذا الوطن، وأذل كل من يخون الإسلام، وكل من يخون القرآن.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تاريخ 4/8/1343(1964م)

**********

بيان الإمام الخميني حول التصويت على قانون الحصانة

2008-11-02

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ولَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ سورة النساء: الآية 141.

أيعلم الشعب الإيراني بما يجري هذه الأيام في المجلس؟ أيعلم بشاعة الجريمة التي حدثت فيه سرّاً؟ أيعلم أنّ المجلس وباقتراح الحكومة قد وقّع على وثيقة استعباد الشعب الإيراني؟ وقبل باستعمار إيران، وأقرّ لأمريكا بوحشية الشعب الإيراني المسلم، وأساء الى جميع افتخاراتنا الإسلامية والوطنية، وأيّد كل ما تبجّح به هؤلاء الحكّام لسنوات طويلة، وجعل من إيران أدنى من أشدّ الدول تخلّفاً؟ وأهان الجيش الإيراني وجميع ضباطه وقادته؟ وأهان مكانة القضاء الإيراني؟ وصوّت سرّاً ـ بعد ساعات قليلة من النقاش السرّي ـ على أسوأ قانون في تاريخ إيران كان قد أقرّته الحكومة السابقة وقدّمته الحكومة الحالية الى المجلس؟ لقد جعل الشعب الإيراني أسيراً لدى أمريكا؟ فقد أصبح المستشارون العسكريون وغير العسكريين الأمريكان وعوائلهم وخدامهم أحراراً في ارتكاب أبشع الجرائم، ولا يحق للشرطة الإيرانية القبض عليهم، كما لا يحق للقضاء الإيراني محاسبتهم أو التحقيق معهم، لماذا؟ لأن أمريكا بلد الدولار وإيران تحتاج الى الدولار.

طِبقاً لهذا القانون المشين، لا يحق للشرطة الإيرانية القبض على أي مستشار أمريكي ولا حتى على خادمه إذا ما أساء الى أحد مراجع التقليد في إيران أو الى مواطن إيراني شريف، أو الى أحد المسؤولين المهمّين في البلاد، كما لا يحق للقضاء الإيراني محاسبته أو التحقيق معه حتى لو ارتكب أبشع الجرائم، لكن يجب على الشرطة والقضاء التدخّل إذا ما تعرّض أحد بسوء لكلبهم.

اليوم وفي الوقت الذي تجاهد فيه الشعوب والدول المُستَعْمَرة الواحدة تلو الأخرى لتحرير نفسها وتحطيم قيود الأسر بكل شجاعة وشهامة، يقوم المجلس في إيران رغم ما يدّعيه من رُقي وعمق في تاريخنا الحضاري لألفين وخمسمئة سنة، وتبجّحه بالرقي الى مصاف الدول المتقدمة، بالتصويت على أسوأ قانون جلب الذل والعار للشعب الإيراني, ويجعله أحقر الشعوب وأشدّها تخلّفاً في العالم، لكن ورغم ذلك تدافع الحكومة وبكل وقاحة عن هذا القانون الخاطئ ويصوّت عليه المجلس.

لقد علمتُ من مصادر مطّلعة، أنّ هذا القانون قد تمّ طرحه على دول أخرى مثل باكستان وأندونيسيا وتركيا وألمانيا الغربية، لكنها رفضت جميعاً ولم تقبل به سوى الحكومة الإيرانية التي تستهين الى هذه الدرجة بكرامة شعبنا وعظمة ديننا الإسلامي.

صمت النواب يعود لضعف قواعدهم الشعبية

إنّ العلماء ورجال الدين إذ يؤكدون على ضرورة عدم تدخّل القوة القاهرة بشؤون البلاد، وضرورة أن يحظى النواب بتأييد الشعب، وضرورة أن تدافع الحكومات عن مصالح الوطن، وضرورة رفع الرقابة الحكومية عن الصحف والمطبوعات، وعدم سلب حرية شعبنا المسلم، فلكي يجنّبوا هذا الشعب مثل هذا الذل والاحتقار وعدم تعرّضه لمثل هذه المصائب.

فلماذا التزم النواب الصمت إزاء مثل هذا القانون المشين رغم مخالفته لأبسط قواعد الإنسانية والوطنية، ولم يعترض عليه سوى نائبين أو ثلاثة تكلّموا باضطراب وخوف؟ لأنهم لا يستندون الى قواعد شعبية قوية، فهم عملاء لا يتجرّؤون على الاعتراض, وإذا ما اعترضوا فإنهم وبإشارة واحدة سيطردون من المجلس ويزجّون في السجون.

سعي النظام الملكي لمحو اسم القرآن

أيعلم الشعب الإيراني أنّ قادة الجيش بدلاً من قَسَمِهم بالقرآن المجيد يقسمون بعبارة (اُقسم بالكتاب السماوي الذي أعتقد به)، وهو ذات الخطر الذي طالما حذّرتُ الشعب منه، الخطر على القرآن المجيد، الخطر على الإسلام العزيز، الخطر على الدول الإسلامية، الخطر على استقلال البلاد.

إنّي لا أعلم ما السوء الذي جلبه القرآن الكريم لهذا النظام، وما الضرر الذي سببه العيش في ظل الإسلام والقرآن، حتى يُصرّ بهذا الشكل على محو اسم القرآن. فلو أنكم لجأتم الى الإسلام والقرآن لَمَا تجرّأ الأجنبي على إجباركم تأييد وثيقة استعبادكم، ولَمَا سمح لأحد إهانة افتخاراتكم الوطنية والإسلامية.

إنّ ما تتعرّض إليه البلاد من مصائب وويلات إنما بسبب ابتعاد الشعب عن الحكومة وعدم استنادها لحماية الشعب.

قانون الحصانة (كابيتولاسيون) يخالف الإسلام والقرآن

إنّي أعلن أنّ رأي المجلسين غير قانوني، يخالف الإسلام والقرآن، ويخالف رأي الشعب الإيراني المسلم.. وأعلن أنّ نواب المجلسين لا يمثلّون الشعب، بل عُينّوا بالقهر والقوة، فلا قيمة لرأيهم في قِبال رأي الشعب والإسلام والقرآن، وإذا ما حاول الأجانب استغلال هذا الرأي المشين، فسيعلن الشعب موقفه منهم.

التدخّل الأجنبي هو السبب فيما تعانيه الدول الإسلامية

ليعلم العالم أنّ الأجانب وأمريكا هما السبب في كل ما يعانيه الشعب الإيراني وتعانيه الشعوب الإسلامية

إنّ الشعوب الإسلامية تعلن اليوم إنزجارها من الأجانب عامة وأمريكا خاصة؛ لِمَا سبّبه التدخّل الأجنبي في شؤونها من مصائب وويلات لها.

فالأجانب هم الذين نهبوا ومازالوا ينهبون ثرواتنا المعدنية، والإنجليز لا زالوا يستغلّون ولسنوات طويلة ثرواتنا النفطية وبأسعار زهيدة، والأجانب هم الذين احتلّوا بلادنا وهاجموها من ثلاث محاور وقتلوا جنودنا وشبابنا.

بالأمس كانت الدول الإسلامية ترزح تحت وطأة سيطرة إنجلترا وعملائها، وهي اليوم ترزح تحت وطأة سيطرة أمريكا وعملائها. فأمريكا مَنْ يحمي إسرائيل وعملاءها، وأمريكا مَنْ يمدّ إسرائيل بكل مستلزمات القوة؛ حتى تتمكّن من تشريد المسلمين والعرب، وأمريكا مَنْ فرض هؤلاء النواب على الشعب الإيراني بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأمريكا مَنْ يعادي الإسلام والقرآن؛ لأنها ترى فيهما ضرراً على مصالحها، وأمريكا مَنْ يسعى للقضاء على العلماء ورجال الدين بالسجن والزجر والتحقير؛ لأنها تعتبرهم شوكاً في طريق الاستعمار، وأمريكا مَنْ فرضت على المجلس والحكومة في إيران التصويت على مثل هذا القانون المُهين لكل افتخاراتنا الإسلامية والوطنية، وأمريكا مَنْ يعامل الشعوب الإسلامية بوحشية, بل وأسوأ من ذلك.

رفض قانون الحصانة المشين واجب على كافة طبقات الشعب

يجب على الشعب الإيراني الذي حطّم كل هذه القيود، ويجب على الجيش الإيراني الذي يمنع حدوث مثل هذه الأعمال المذلّة في إيران، أن يطلبوا من مسؤوليهم وبكافة الوسائل الممكنة رفض هذا القانون الاستعماري وإسقاط هذه الحكومة، وطرد النواب الذين صوّتوا عليه من المجلس.

وعلى الشعب الطلب من علمائه عدم الصمت على هذا الأمر، وعلى العلماء الطلب من مراجع الإسلام كسر هذا الصمت، وعلى الطلاب الطلب من مدرّسيهم عدم الغفلة عن هذا القانون، وعلى الشعب المسلم الطلب من المُبلّغين والخطباء تبيين هذه المصيبة العظمى لهم، وعلى المُبلّغين والخطباء توعية الشعب والاعتراض بشجاعة ومنطق قوي على هذا القانون المشين، وعلى أساتذة الجامعات كشف ما هو مخفي عن الطلاب، وعلى الطلاب الجامعيين المعارضين بشدّة لهذا القانون المشين أن يبيّنوا للعالم أجمع اعتراضهم على القانون بالطرق السلمية، وبما يطرحوه من شعارات دقيقة حول القانون، وعلى الجامعيين الأجانب عدم الصمت على الخطر المحدق بالمذهب والشعب، وعلى قادة الدول الإسلامية إيصال استغاثتنا الى العالم ونقل آهات هذا الشعب المظلوم عن طريق وسائل الإعلام، وعلى علماء المسلمين وخطبائهم إزالة هذا العار عن جباه أخوتهم في الدين من أبناء الشعب الإيراني المسلم، وعلى جميع طبقات الشعب الابتعاد عن المناقشات الموسمية العقيمة, والسعي الجاد لتحقيق هدفهم المقدس في الاستقلال والتحرر من قيود الأسر، وعلى السياسيين الشرفاء أن يكشفوا لنا ما يجري في الخفاء في أروقة المجلس، وعلى الأحزاب السياسية الاتفاق على مواجهة هذا الخطر المشترك.

اتحاد كلمة العلماء في الدفاع عن القرآن وحماية المسلمين

إنّ المراجع العظام ورجال الدين أينما كانوا يتّحدون جميعاً لتحقيق هدف واحد هو الدفاع عن الإسلام والقرآن المجيد وحماية المسلمين، فلا نجد بينهم خلافاً حول هذا الهدف المقدس، إذ إنّ اختلافهم في الاجتهاد وفي بعض الأمور الجزئية هو كالاختلاف في الفروع الذي لا يمنع من اتفاقهم في الأصول، وتخطئ المؤسسات الحكومية إذا ظنّت أنّ بإمكانها، وبما تبثّه من سموم أن تحرفنا عن هدفنا المقدس.

وفي هذا الوضع الخطير وخدمة لمصالح الإسلام العظمى، أعلن أنّي خادم لعلمائنا الأعلام وخادم للشعب الإيراني المسلم، وإنّي مستعد للتواضع والتنازل لأقل الأفراد شأناً, فكيف بعلمائنا الأعلام ومراجعنا العظام (كثّر الله أمثالهم).

إنّ على الشباب المتحمّس والطلاب الجدد، العمل على تحقيق أهداف الإسلام والقرآن وتجنّب الخوض والكتابة في كل ما يؤدي الى التشتت والفرقة، وعلى علمائنا الأعلام وضع حد لهذه الفوضى الفكرية والعمل على إصلاح أوضاعنا الداخلية، إذا ما أعطتنا الحكومات المتعاقبة والمشاكل التي تثيرها أمامنا فرصة للتفكير بهذه الأمور؛ لأن هذه المشاكل هي التي تمنعنا من الاستمرار في مسيرتنا نحو تنقية أجواء الحوزات العلمية وإصلاح الأوضاع الداخلية في جميع المجالات. فالإحساس بالخطر الذي يهدّد الإسلام والقرآن لم يدع مجالاً للشعب للتفكير في بقية الأمور، كما أنّ أهمية هذا الموضوع قد شغلنا عن الاهتمام بمشاكلنا الخاصة.

الأعمال الإجرامية للنظام الملكي

أيعلم الشعب الإيراني المسلم أنّ عدداً من العلماء والخطباء والطلاب والكثير من المسلمين الأبرياء يقبعون الآن في السجون، فقد تمّ القاؤهم في هذه السجون لسنوات طويلة خلافاً للقانون ومن دون إجراء تحقيق معهم، ولا يوجد من ينقذهم من هذا الوضع المؤسف وينهي هذه الفوضى العارمة التي تعيدنا الى حقبة القرون الوسطى!

إنّ هذا النظام هو السبب في مجزرة الخامس عشر من خرداد (الثاني عشر من محرم) وما سببّته من جرح عميق في قلب الشعب الإيراني لن يندمل أبداً، وبدلاً من التفكير بوضع الحلول المناسبة لتحسين الاقتصاد الإيراني والحيلولة دون إفلاس التجار ومنع خسارتهم وتوفير الماء والغذاء للفقراء والمحتاجين, وتوفير الملجأ المناسب للمشرّدين يقيهم من برد الشتاء القارس، وتوفير فرص العمل للعاطلين من المتخرّجين الجدد وسائر طبقات الشعب، تقوم الحكومة بالأعمال الإجرامية نظير ما أشرنا إليه، ومن قبيل تعيين النساء في مدارس البنين والرجال في مدارس البنات، والإصرار على عمل النساء في المؤسسات الحكومية، ولا يخفى على الجميع ما يمكن أن تسبّبه هذه الأمور من نشر الفساد في المجتمع.

فاليوم أصبح الاقتصاد الإيراني تحت سيطرة الأمريكان وإسرائيل، وخرجت الأسواق الإيرانية عن سيطرة الإيرانيين والمسلمين، وعمّ الفقر والإفلاس التجار والمزارعين، وأنشأت إصلاحات الحكومة سوقاً سوداء لأمريكا وإسرائيل ولكن لا يوجد أحد يسمع صرخة هذا الشعب الفقير.

على الشعب مساعدة الفقراء

إنّي لأتألّم كثيراً عندما أفكر في الشتاء القادم؛ لأنّي أتوقّع ـ لا سمح الله ـ موت الكثير من الفقراء والمحتاجين من شدّة الجوع؛ لذا يجب أن ينهض الشعب بنفسه لمساعدة هؤلاء الفقراء، والاستعداد من الآن لمواجهة هذا الشتاء حتى لا تتكرر فجائع السنة الماضية، وعلى علمائنا الأعلام دعوة الناس الى تنفيذ هذا الأمر المهم.

أسأل الله تعالى أن يزيد الإسلام والمسلمين عزّةً وعظمة، وينقذ الدول الإسلامية من شر الأجانب, خذلهم الله تعالى.

والسلام على من اتبع الهدى

روح الله الموسوي الخميني

التاريخ: شهر دي 1343(1964م).

ــــــــــــــــــ

[*] قانون الحصانة (كابيتولاسيون): التوقيع على وثيقة استعباد الشعب الإيراني.

**********

هكذا أبعد الإمام الخميني عن وطنه

2008-11-02

بعد إقرار معاهدة الحصانة الأمنية والقضائية للأمريكيين في إيران من قبل مجلس الشورى الوطني انبرى الإمام الخميني (رحمه الله) لمواجهة هذا الأمر قاصداً إسقاطه حيث كان يرى في ذلك إهانة كبيرة بحق الشعب المسلم في إيران. وقد ركز (رحمه الله) في خطابه الذي ألقاه يوم الرابع من آبان على الذلة التي سيجلبها هذا الأمر للشعب.

وقد كان خطابه ذلك خطاباً مؤثراً في الجماهير التي تجاوبت تحت قيادة الحوزات العلمية وبأشكال مختلفة لمضمون الخطاب حيث رأت فيه المشروع الذي يمكن أن يعيد لها شخصيتها التي أصبحت بحكم العدم, فأعلى محكمة إيرانية لا يمكنها محاكمة أحقر أمريكي فيما لو أهان أعظم شخصية إيرانية.

بعد ذلك الخطاب التاريخي بعدة أيام وتحديداً فجر اليوم الثالث عشر من آبان 1343هـ.ش حاصر المئات من المظليين والقوات الخاصة منزل الإمام في مدينة قم واقتحموه من خلال تسلق الجدران والصعود على سطح المنزل وأخذوا يبحثون عن الإمام, في تلك اللحظة كان الإمام مشغولاً بالنوافل والأذكار في إحدى غرف المنزل الداخلية. فبادر إلى ارتداء ملابسه قاصداً فتح باب الغرفة التي كان المهاجمون يضربونه بعنف لفتحه فناداهم الإمام (لا تتوحشوا فأنا سأفتح الباب) إلا أنهم استطاعوا كسر الباب ودخول الغرفة.

أعطى الإمام ختم توقيعه إلى زوجته قائلاً أستودعكم الله.

لقد كان عدد المسلحين المهاجمين حوالي 400 شخص حيث ملأوا الزقاق الذي يقع فيه بيت الإمام.

وضع الإمام في سيارة فولكس وبعد الوصول إلى الشارع العام وضع في سيارة أخرى كانت تنتظره.

أثناء نزوله من السيارة الأولى شاهد الإمام الخميني الأعداد الكبيرة من العسكر والتي جاءت لاعتقاله فتوجه نحو مسؤولهم مبتسماً (لم يكن الأمر يستدعي كل هذه القوات).

اتجهت السيارة بسرعة عالية نحو طهران وقطعت المسافة بين قم وطهران (140كم) في تسعين دقيقة فقط ولم تتوقف إلا مرة واحدة عندما أراد الإمام أداء صلاة الصبح. بعد ذلك اتجهت نحو مطار مهرآباد. ومن ثمّ أُصعد الإمام إلى طائرة C-130 عسكرية, حيث كانت تنتظره, وسلمه أحد رجال الأمن جوازه في المطار قائلاً: إنك ذاهب الآن إلى تركيا وستلحق بك عائلتك قريباً.

بعد أن صعد الإمام (رحمه الله) إلى الطائرة بمعية الضابط أفضلي والذي كان مكلفاً بمرافقة الإمام جلس على الكرسي الذي خصصوه له وبجانبه نفس الضابط بالإضافة إلى سبعة من الضباط برتب أخرى كانوا في الطائرة.

أقلعت الطائرة سريعاً وقبل طلوع الشمس متوجهة إلى تركيا.

توجه الإمام نحو أفضلي قائلاً:

(هل تعلم أن إبعادي عن وطني كان بسبب دفاعي عن جيش بلادي واستقلالها).

لعل الإمام كان يدرك بأن السلطة ستعلن أن سبب الإبعاد هو المس باستقلال البلاد وأمنه.

بعد كلامه الموجه إلى أفضلي قام الثاني بتغيير مكان جلوسه ورد قائلاً (ما دام البلد بحاجة إلى أمريكا فلابد من تقديم بعض الخدمات لهم).

فقال له الإمام الخميني (رحمه الله) (يعني حتى أعراض الوطن نقدمها لهم؟).

بعد ذلك جاء أحد خدمة الطائرة وسأل الإمام, هل أحضر لك شاياً؟

فسأل الإمام أفضلي هل هذا الشخص مسلم؟

فقال النادل نعم أنا مسلم ومن عائلة علمائية وذكر اسم جده الأكبر الذي كان من العلماء. فوافق الإمام على شرب الشاي.

بعد شرب الشاي اقترح الضابط أفضلي على الإمام التوجه إلى مقصورة الطائرة والجلوس مع الطاقم حتى يشاهد تحركات الطائرة عن قرب.

وافق الإمام على الاقتراح وجلس إلى نهاية الرحلة في المقصورة يتحدث مع الطاقم حول عمل أجهزة الطائرة.

في الساعة الحادية عشرة والنصف من نفس اليوم هبطت الطائرة في أنقرة.

كان الأتراك قد أعدوا مجموعة أمنية لإكمال المهمة حيث أخذوا الإمام مع مرافقه أفضلي إلى إحدى السيارات وانطلقوا إلى مدينة أنقرة حيث أسكنوا الإمام الخميني في الغرفة (514) الطابق الرابع في فندق بلوار بالاس.

وبما أن الفندق يقع وسط المدينة سارعوا في اليوم الثاني إلى تغيير مكان السكن حتى لا يحتك الإمام بأحد وفي الساعة الثانية بعد الظهر من يوم 14 آبان قام فريق أمني تركي بنقل الإمام (رحمه الله) إلى بناية جانبية في شارع أتاتورك.

**********

الياس حضرتي: مشروع الحصانة الأمريكي في العراق يقدم ذروة خصائصها السبعية

2008-11-05

طهران ـ وكالة الأنباء القرآنية العالمية (IQNA): قال «الياس حضرتي»: الأمريكين من خلال تقديمهم لمشروع «الحصانة (كابيتو لاسيون)» في العراق وإقرارهم لتحديدات للشعب المظلوم في هذا البلد من خلال السلوك الوحشي لبعض الجنود الأمريكين قدموا ذروة خصائصهم الذئبية والإستكبارية.

وقال الياس حضرتي المدير المسؤول لصحيفة «اعتماد» في حوار مع وكالة (ايكنا) مباركا ًحلول الثالث عشر من آبان اليوم الوطني لمكافحة الإستكبار والسيطرة على وكر التجسس متحدثا ً عن مجال العلاقات بين الشعوب ودول كأميركا التي لديها طابع استكباري وصرّح قائلاً : أن المسار التاريخي للثورة الإسلامية هو درس ٌ يعطي العزة.

وأشار حضرتي الى يأس اميركا في فرض قانون «كابيتو لاسيون» على الشعب الإيراني في حقبة نظام الشاه البائد وقال: عندما كان شعبنا لا يبدي أية حساسية من قِبله وكان غافلا ً عن أمره كان الحكام في إيران يخضعون أمام السلطات الأميريكية وكانت البلاد تحت التصرف الكامل للمخططين الأميركيين.

***********

حسين مظفر: على علماء الإسلام أن ينهضوا في وجه مؤامرة الحصانة في العراق

2008-11-05

أكد «حسين مظفر» أنه على علماء الإسلام أن ينهضوا في وجه مؤامرة «الحصانة» في العراق، بالرغم من أن الشعب العراقي أيضا ً من خلال استلهامه لتعاليم القرآن والتجارب العملية يعرف بأن الحضور المدمر لأميركا في الدول أصبح مصدرا ً للخيانة والجرائم , لذلك سوف لن يخضعوا لهذه الإتفاقية المذلة.

وقال حسين مظفر عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام في حوار مع وكالة (ايكنا) مشيرا ً الى كلمة الإمام الخميني (رحمه الله) حيال «الحصانة (كابيتو لاسيون) حيث إعتبرها إقرارا ً لوثيقة العبودية لشعب ٍ ما» وقال: إن «الحصانة» تعطي ضمانة إلى العناصر الأجنبية في دولة ما وهذه التجربة تدين عزة وشرف شعب في حال المبادرة فيها وتضع هوية وأصاله هذا الشعب على المحك وهذا الأمر يؤدي الى السيطرة من دون منازع للقوات الأجنبية على بلد ما وتدمير عقيدة الشعب وسرقة مصادر ثروة الشعب وجعل استعدادات الشعب خامدة.

وأضاف مظفر من خلال الإشارة الى أننا على مشارف الذكرى السنوية للسيطرة على وكر التجسس الأمريكي واليوم الوطني لمكافحة الإستكبار العالمي: أن جيلنا الشاب بالحق بشكل فطري ويتبع للحق ويفكر بحرية ومن الطبيعي أن اي نظام وأي حكومة تستطيع من خلال هذا الإستعداد والأرضية المساعدة عند جيل الشباب أن تزدهر هذه المواهب من خلال التخطيط.

إسماعيل كوثري: دراسة تاريخ الثورة تساعد على تعزيز روحية مكافحة الإستكبار

2008-11-05

قال «كوثري»: على جيل الشباب ان يدرس التاريخ الماضي للبلاد أكثر لكي يستطيعوا أن يقفوا في وجه ضغوطات الأعداء بسهولة مثل وقفة الجيلين الأول والثاني للثورة الإسلامية وأن يعززوا روح مكافحة الإستكبار في أنفسهم وأن يقودوا البلاد نحو الأمام بشكل يكون لمصلحتهم ومصلحة الأجيال القادمة.

وأشار إسماعيل كوثري النائب الأول لرئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في حوار مع وكالة الأنباء القرآنية العالمية ( ايكنا ) الى جهود النظام الإستكباري من أجل فرض اتفاقية امنية على الشعب العراقي والتي عبروا عنها تحت اسم «الكابيتو لاسيون» الجديد معتبرا ً أن وجود المراجع الدينية و ارتفاع مستوى الوعي عند الناس وإستقامة المسؤولين العراقيين هي من أهم العوائق لعدم الوصول الى التوقيع على هذه الإتفاقية.

وأضاف قائلاً: إن المراجع و الشعب والمسؤولين العراقيين من خلال أخذهم العبرة من تجارب باقي الدول في هذه الحالات والتي كانت ضمن المواضيع الأكثر مرارة في التاريخ والتي لم يكن لها سوى العار لتلك الأجيال والبلاد لا يمكن أن يخضعوا بأي شكل من الأشكال للتوقيع على هذه الإتفاقية.

**********

علي جوادي: الخطاب القرآني المستلهم من المضمون الثوري له نظرة شمولية تجاه أحداث العالم

2008-11-05

إن الشعارات وخطابات الثورة كانت منذ البداية بإعتبارها مستلهمة من مضمون المفاهيم الدينية والقرآنية تحتوي على نظرة عالمية وشمولية تجاه الحوادث والوقائع العالمية.

أشار علي جوادي أمين عام الرابطة الإسلامية للطلبة الجامعيين في حوار مع وكالة (ايكنا) الى الجهد الأميركي لفرض اتفاقية أمنية على الشعب العراقي وأيضا ً قارنها مع قانون «الحصانة (الكابيتو لاسيون)» الأمريكي في ايران الذي اعترض عليه الإمام الخميني (رحمه الله) قبل نصف قرن وقال أن هذه الجهود تدل على نوع من الحماقة والعناد في السياسات التي كانت موجودة في السياسات الأمريكية العامة في النصف الأخير من القرن الماضي.

وأضاف قائلاً : إن الأميريكين يظنون أن بإستطاعتهم أن يفرضوا طابعهم الإستكباري والظالم من خلال تغطيات خبرية وظواهر مختلفة حيث يكون هذا التصور خاطئاً.

***********

أنبار لوئي: الغضب العالمي من الأمبريالية هو نتيجة الإقتداء بحركة الإمام الخميني

2008-11-05

أكد «أنبار لوئي» على أن الغضب الذي نشاهده حاليا ً تجاه الأمبريالية بين شعوب العالم الإسلامي وغير الإسلامي هو نتيجة أخذ القدوة من حركة الإمام الخميني وتعرف الشعوب على حقوقهم. وقال محمد كاظم أنبار لوئي رئيس تحرير صحيفة «رسالت» في حوار مع وكالة (ايكنا): أن اميركا تسعى لفرض اتفاقية أمنية على الشعب العراقي وأضاف , تظن أميركا بأنها تعيش في أواخر القرن التاسع عشر بينما نحن الآن في القرن العشرين والألفية الثالثة والشعوب اليوم أطلعت على القوانين والسلوكيات المعتمدة ضد حقوق الإنسان من قِبل اميركا. وأشار الى أن مقاومة الإمام قبل خمسين سنة استطاعت أن تلغي قانون «الحصانة (الكابيتو لاسيون)» في ايران. وصرح: أن الشعب العراقي والزعماء العراقيين والنخب الواعية للشعب العراقي يقفون في وجه فرض قانون «كابيتو لاسيون» وأميركا ستضطر الى التراجع عن طابعها الإستكباري.