يوم القدس العالمي والصحوة الإسلامية المعاصرة

2011-08-21

بعد اثنين وثلاثين عاما من إعلان زعيم الثورة الإسلامية ومؤسس دولتها المظفرة في إيران, الإمام الخميني (قدس سره الشريف), بيان اليوم العالمي للقدس الشريف, على خلفية الاعتداءات الجوية الصهيونية على مواقع المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان عام 1979 (أي بعد شهور قليلة من انتصار الثورة), تطفو من جديد على سطح الأحداث، جدلية دور الجماهير الإسلامية والعربية في استعادة الحقوق المغتصبة وتحرير الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1948 وحتى وقتنا هذا.

تساؤلات كثيرة راودت منذ ذلك الحين, وتراود اليوم كثيرين في العالم الإسلامي, حول أسباب سقوط فلسطين والقدس الشريف، ومن ثم سيناء مصر ومناطق مهمة وإستراتيجية من الأردن وسورية ولبنان, تحت حربة العدو الصهيوني, وسط صدمة أكثر من مليار و500 مليون مسلم, هم في أهبة الاستعداد للانتفاض على هذا الواقع المرير وتجنيد أبنائهم الغيارى في كتائب تحريرية لتطهير أرض الإسراء والمعراج، من شذاذ الآفاق الصهاينة، بعد إنزال العقاب الصارم بهم لكيلا يعودوا لمثلها, وليعتبر من هم على شاكلتهم حاليا من الغزاة الأمريكان والأوربيين وعصاباتهم المجرمة, ويدركوا معنى المساس بأي شبر من بلاد العرب والمسلمين.

بالطبع ربما يصف البعض, هذا التصور والاستنتاج, بمبالغات كلامية بعيدة المنال, بيد أن الثورات الشعبية التي انطلقت خلال الشهور القليلة الماضية في المنطقة العربية وأطاحت بأنظمة إقليمية عتيدة معروفة بتواطئها مع المشروع الأمريكي الصهيوني في الشرق الأوسط وظن كثيرون أنها باقية أبد الآبدين, عزّزت القناعة في نفوس عموم الأمة الإسلامية, بإمكانية اقتلاع هذا الشر الصهيوني من جذوره, وإزالة كيانه المصطنع بلمح البصر, شريطة أن تفرض الجماهير الحرة من أبناء الصحوة الإسلامية المعاصرة, إرادتها وسطوتها على الموقف الرسمي العربي, المتهم حتى النخاع بالتهاون والخذلان والاستسلام طيلة العقود الطويلة الماضية.

لقد أطلقت الأحداث الشعبية الغاضبة في القاهرة والإسكندرية ومناطق أخرى من مصر وفلسطين وبلدان عربية وإسلاميه مؤخرا، إشارات واضحة توحي إلى اقتراب أجل إطلاق النهضة الجماهيرية الثورية, صوب معارك التحرير والمقاومة بوجه الوجود الصهيوني المفروض على الأمة بفعل الإستراتيجية الأميركية – الأوروبية، التي كرست على مدى الفترة الطويلة الماضية, هذه المعادلة الظالمة ولم تأل أي جهد لمناصرة إسرائيل وجرائمها السافرة بشكل أعمى، وخلافا لكل قرارات ما يسمى بالشرعية الدولية, مع أن واشنطن وحليفاتها في النظام الغربي, لا تتورع عن استغلال هذه القرارات الصماء واستخدامها سيفا مصلتاً للضغط على إيران وسورية والمقاومة الباسلة في فلسطين ولبنان, وفقا لما تشتهي سياساتها التسلطية والاستغلالية هنا أو هناك.

في ضوء ذلك يمكن التكهن بأن تشهد الأيام القادمة وبخاصة الجمعة المقبلة وهي الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك, حراكا جماهيريا عربيا وإسلاميا بمناسبة إحياء يوم القدس العالمي، لن نبالغ إذا قلنا أنه سيكون استثنائيا، انطلاقا من تصاعد موجة الثورات الشعبية في العديد من دول المنطقة واستعداد أبناء الأمة الإسلامية وتهيؤهم نضاليا وتعبويا ونفسيا، للانخراط في المسيرات المليونية الهادرة رفضا لإسرائيل وأميركا والحملات العسكرية الغاشمة لقوات حلف الناتو, واحتجاجا على تطبيقات مؤامرة الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط, آخذين بالحسبان الحماقات العسكرية التي أقدم عليها الكيان الصهيوني, باستفزاز المصريين والفلسطينيين بالغارات الجوية الغادرة التي أودت بحياة العديد من الشهداء, وإصابة العشرات الآخرين, في لحظات تكشف عن حجم التخبط الذي يسيطر على إسرائيل, وهي تقترب من موعد تخليد هذه المناسبة المصيرية، وربما وهي تشعر أيضا بأنها باتت قاب قوسين أو أدنى من زمن زوالها، استنادا إلى نبوءة الإمام الخميني (قدس سره), صانع يوم القدس العالمي ومطلق الصحوة الإسلامية المباركة في عصرنا الحاضر.