يوم القدس والتحديات المعاصرة

2008-09-29

مقدم الحوار: محمود رمك

الضيف: آية الله الشيخ محمد علي تسخيري (امين عام المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية)

محمود رمك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لعله من الاعمال التي انجزت بعيد انتصار الثورة الاسلامية عام 79 والتي كانت دلالتها على اكثر من صعيد استعاد الهوية الثقافية والهوية الاسلامية للشعب الايراني من جهة وتبنى ذلك في تبني القرآن الاسلامي شرعة ومنهاجا في كل مناح الحياة، هذه الثورة اي الثورة الاسلامية في ايران ومفجرها آية الله الامام الراحل كان له ايضا خطوات لا زالت ماثلة امام اعين الجميع، هذه الخطوات سجلت باحرف من ذهب في ذاكرة التاريخ ولعل اهم خطوة فتح سفارة لفلسطين في طهران بدلا من السفارة الاسرائيلية التي كان ابان نظام البائد وايضا اعلان يوم عالمي للقدس. يسرنا ان نستضيف آية الله الشيخ محمد علي تسخيري وهو الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية وهو ايضا عضو في مجمع الفقه الاسلامي الدولي. سماحة الشيخ هذه الايام التي نعيشها هي ايام مباركة ومن جهة اخرى في العالم الاسلامي هي ايام شهادة امير المؤمنين علي عليه السلام. وكما هو معروف ان شهر رمضان المبارك يؤلف القلوب ، يحس الغني بالفقير، وصولا الى ان هذا الشهر كان شهر القرآن ربما فيه تكون الامة الاسلامية اقرب ما يكون من ربها وبالتالي هذا القرب ينعكس على علاقة المسلمين مع بعضهم البعض.

الشيخ محمد علي تسخيري: بسم الله الرحمن الرحيم. كما تفضلت الذكريات في مثل هذه الليالي تتزاحم. في ليالي العشر الاواخر من هذا الشهر الفضيل الذي هو افضل الشهور اعتبار ما نزل فيه من القرآن الكريم الذي هو المنهج الخالد للبشرية الذي يرسم لها طريق تكاملها. فهذا المعنى يبعث في الانسان شعورا بشيء جديد، بعالم جديد، بزمن جديد ، انفاسه فيه تسبيح. نومه فيه عبادة. وكذلك كون هذه الليلة من ليالي القدر ايضا يبعث في الانسان شعورا اضافيا بانه يجب ان يستفيد من هذه الفرصة الكبيرة التي يمر بها وقد روي عن الامام علي عليه السلام قوله من اعظم الغصص عدم اغتنام الفرص، او تضييع الفرص، هذه الفرصة يجب ان نستفيد جميعا منها لكي نرقى بانفسنا ونخزن نفوسنا بالطاقة المعنوية. كذلك هناك ذكرى وفاة الامام الكبير الشهيد الامام علي عليه السلام في مثل هذه الليلة رحل هذا الامام العظيم عن الدنيا بعد عن عممه ابن ملجم بالسيف. هذا الرجل كان بطل الحق وبطل السيف وبطل المنبر وبطل وحدة هذه الامة. وتلميذ رسول الله الصادق ، المجسد لتعاليم الرسول وتعاليم القرآن. انا اعتقد ان عليا كان قرآنا مجسدا يمشي على الارض علينا ان نتأمل في حياته في هذه الذكرى ونستلهم تلك الحياة العطرة التي يسميها بعض المسيحيين بانها صوت العدالة الانسانية. فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.

محمود رمك: سماحة الشيخ يوم القدس العالمي هو عنوان هذه الحلقة وبالطبع كان هناك نداء من مفجر الثورة الاسلامية وبعد بضعة اشهر من انتصار الثورة الاسلامية. وكان هناك تركيز ان النداء كان موجها الى مسلمي العالم، بل ان النداء كان أعم يعني في بعض مواقعه لكل المستضعفين في العالم. يقول الامام الخميني ادعو جميع مسلمي العالم الى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك التي هي من ايام القدر ويمكن ان تكون حاسمة ايضا في تعيين مصير الشعب الفلسطيني يوما للقدس وان يعلنوا من خلال مراسم اتحادهم العالمية دفاعا عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم. يعني يبدو من خلال هذا النداء ان هناك دعوة للوحدة، وللدفاع عن المقدسات.

الشيخ محمد علي التسخيري: انتم تعلمون ان الامام الخميني عجل لحب القضية الفلسطينية والدفاع عنها ونذر لهذا المعنى حياته وربما جعل قضية الدفاع عن فلسطين وتحرير فلسطين وقهر الصهاينة المجرمين جعل هذا اساسا في مطالباته الحياتية ورب تلاميذه على هذا الحب وعلى هذه القضية. وهذا المعنى لاحظناه قبل نجاح الثورة كما لاحظناه بعد نجاحها. الامام الخميني كان اكبر اعتراض له على الشاه الطاغية هو انك تقف الى جانب العدو الصهيوني وانك سوف تلقى مصير الاسود لوقوفك امام هذه الامة المسلمة الى جانب هذا العدو الغادر. تصريحات الامام كثيرة في هذا المعنى. بعد نجاح الثورة كان هناك تحويل مقر اسرائيل الى السفارة الفلسطينية. الامام تابع هذه القضية بجدية وانا اريد ان اقول لكم بصراحة ان هذه الثورة ان ارادت ان تبقى امينة على تراث هذا الامام العظيم، فيجب ان تبقى على خط الدفاع عن القضية الفلسطينية ورفض العدو الصهيوني بكل الاساليب ورفض الاعتراف الضمني باسرائيل. ويوم تنحرف الثورة عن هذه المسيرة فانها سوف تنحرف عن خط امامها وقائدها. الامام بطرح يوم القدس اراد لهذه القضية ان تكون محورا للحق والباطل ، فرقانا بين فريقين. بين فريق المتراجعين، المتساومين، المستسلمين وفريق الثوار ، الثابتين على حقهم، المدافعين حتى آخر قطرة من دمائهم عن القضية الفلسطينية وعن سلامتها. يوم القدس في تصور الامام هو يوم الاسلام. يعني اذا اردنا ان نكون مسلمين حقيقيين علينا ان نكون مخلصين لهذه القضية تمام الاخلاص. يوم القدس هو يوم الحماس الاسلامي المتأجج لتحرير فلسطين. هذه الامام يجب ان نؤجج فيها الحماس والامة التي لايتأجج فيها الحماس امة ميتة ومستضعفة. هذا اليوم يوم رفض كل مشاريع التسوية ، يوم دعم الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية الداعمة لها، انه يوم بث الرعب في قلوب الصهاينة المجرمين.

محمود رمك: هناك مظاهرات تخرج حتى في الدول الاوروبية، ما المطلوب من الشرائح العلمائية. هناك في اكثر من مواقع الكترونية تقوم بعملية التفرقة بين المسلمين حول القضية الفلسطينية؟

الشيخ محمد علي التسخيري: صحيح العدو يحاول ان يبعث فينا الفرقة وان يمزق هذا الصف. هو مزق هذه الامة وقسم المقسم وفرق المفرق. والشيء الثاني ركز الاستعمار على قضية التخلف ، هذه الامة يجب ان تبقى في رأي الاستعمار متخلفة، حتى لاتستطيع ان تقف امامه وامام جوره وامام خططه. وانا اعتقد زرع اسرائيل في هذه المنطقة اسفين في قلب هذه الامة ليمزق هذه الامة وليبقي هذه الامة بعيدا عن النهضة لان سوف يشغلها بالحروب وبالعدوان هنا وهناك ويشغلها بالتسليح، ويشغلها باللجوء الى الغرب باعتبار الغرب ربما يستطيع ان يمولها بسلاح ما وربما يحميها من جور اسرائيل والصهاينة. هناك عملية التخلف في جميع المجالات، علمي، ثقافي، اقتصادي، ركزها الاستعمار تماما والامة الاسلامية بوحدتها قادرة على كسر هيمنة العدو عليها.

محمود رمك: سماحة الشيخ حبذ لو نسمع منك باهمية هذا اليوم؟

الشيخ محمد علي التسخيري: انا اعتقد ان الامام اصاب كبد الحقيقة في تعبيراته حول هذا اليوم. وعبر عنه بانه يوم الاسلام وقال يوم المستضعفين، يوم الحق، والحق ضد الباطل وهذه القضايا لا تخص دولة او شعب معين ، او منطقة معينة او لون خاص، هذه القضايا انسانية وقضايا اسلامية ، ويوم القدس يستمد اهميته من نفس اهمية القضية الفلسطينية وموقع هذه القضية في وجدان الانسان المسلم بل الانسان الواعي المستضعف. القدس هي بنفسها، موقعها التاريخي والجغرافي، موقعها الديني موقع متميز، بالنسبة للمسلمين هي ثالث الاماكن التي تشد اليه الرحال، هي اولى القبلتين، هي الارض المقدسة للانبياء الذين حملوا للبشرية نورها وهداها، موقعها اذن موقع في وجدان المسلم، موقع فريد متميز، ثم الفاجعة التي حدثت هناك اضافت اهمية كبرى للامر. يعني الاجرام الذي صنعه الصهاينة لاتجد له مثيلا في التاريخ، اجرام لمدة ستين عام فاقد كل انماط الاجرام في التاريخ والصيغ التي اعدتها انجلترا كما رأينا من خلال وعد بالفور، اعطى الحركة الصهيونة قوة آنذاك لتتحرك لاهداف استعمارية بريطانية واضحة، تخلص من اليهود ، ايجاد زرع اسفين في المنطقة ودعت وجمعت كل قطائع العالم ، جمعت كل هؤلاء المرتزقة من انحاء العالم و15 مليون جمعتهم على هذه الارض الطاهرة واخرجت شعبها منها. يعني كانهم يقولون نحن صنعنا دولة في ارض لاشعب لها، وهذا الشعب الفلسطيني المقهور الان متفرغ في الشتات. اريد ان اقول هؤلاء صنعوا هذه الجريمة واعلنوا منذ اليوم الاول اعلانات عجيبة، على انه اسرائيل دولتها من الفرات الى النيل، وبعد ذلك رؤوا ان هذا الاعلان لن يتحقق، هناك مقاومة ورفض الشعب الفسلطيني والشعب المسلم وفي الفترة الاخيرة رأينا ان اولمرت الذي سقط رأسه اليوم بعد ان استقال يعلن ان هذه خرافة، وان هذا وهم، سقط وهم اسرائيل الكبرى، قبل ايام اعلن المجاهد الكبير السيد حسن نصرالله ان العلامة الرئيسية لهذا هو يوم انسحبت اسرائيل من الشريط الحدودي بين لبنان واسرائيل، يعني اعلنت اني لا استطيع ان احتفظ بشريط حدودي، فكيف استطيع ان احتفظ باسرائيل الكبرى. ان اهمية يوم القدس تنبع من اهمية فلسطين وقضية فلسطين هي قضية الضمير العالمي، قضية العدل في الانسانية، هي قضية رد الاجرام. الامام قال ان هذا اليوم لايختص بايران بل هو يوم المستضعفين في الارض ومن هنا فيجب ان ندرك عظمة هذه القضية وان لانفرط بها. انا اعتقد ان الشعوب الاسلامية مدعوة لاحياء يوم القدس، مدعوة لاعلان اكرامها ليوم القدس ورفضها لكل مشاريع الاستسلام.

محمود رمك: سماحة الشيخ في الوقت الراهن ما المطلوب من كل المسلمين، فيما يتعلق بالقدس تحديدا؟

الشيخ محمد علي التسخيري: انا اعتقد يجب ان تعبأ كل الطاقات الاسلامية ، الرسمية والشعبية للوقوف خلف المقاومة، المقاومة هي روح القضية الفلسطينية، المقاومة هي دفاع عن كرامتنا، يجب ان نرفض حلول المساومة السخيفة التي لم نستفد منها شيءا والتي يشهد حتى المساومون لم يحصلوا منها على شيء، يجب ان ندعم المقاومة بكل اساليب الدعم، حتى الدعم الدبلوماسي، حتى الدعم السياسي والدعم المادي، فاذن هذه الامة مدعوة لدعم المقاومة بشكل كامل ولتعبئة طاقاتها للمواجهة الشاملة ولا اقول في قضية صراع حضارات، لا، للدفاع عن نفسها اذا هوجمت من قبل اعدائها، نحن من انصار حوار الحضارات ونحن من انصار السلام. الامة الاسلامية يجب ان تقف الى جانب هذه المقاومة الاسلامية الشريفة ويجب ان نحفظ للمقاومة صفتها الشعبية وصفتها الاسلامية.

محمود رمك: في الختام نتقدم بالشكر الجزيل لسماحة الشيخ محمد علي التسخيري والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.